المرأة في عيدها هل هي أسطورة أم حقيقة
الثامن من مارس اليوم العالمي للمرأة , وبهذه المناسبة كثيرة هي الأسئلة التي تفرض نفسها وبقوة على هذا الحدث ومنها : هل المرأة تحتاج ليوم ما للاحتفال بها ؟ أما كل الأيام لها ؟ ولماذا ليس هناك للرجل عيد ؟ هل لأن المرأة لازالت تطالب بحقوقها والرجل يتحكم بتلك الحقوق ؟ ولكن هل الرجل يملك حقوقه أصلا في الشرق وهل هو سيد نفسه وسيد كرامته وسيد أسرته ؟ وهل في 8 آذار من كل عام نستذكر انتصارات المرأة فقط أم نجعلها انطلاقة لتحررها أكثر و أكثر من قيود الرجل والمجتمع !؟ وهل المرأة إنسان كالرجل أم آلة بشرية وحسب ؟؟وهل المرأة في مجتمعاتنا أسطورة أم حقيقة ؟ولابد أن قائمة الأسئلة تطول أكثر من هذا بالتأكيد !! أما الأجوبة فإما تكون علامات ترقيم كالنقطة في بداية الجملة بدلا من نهايتها !! أو إشارات تعجب واستفهام في مجتمع يغتال ويوأد فيه كل مقدس وكل جميل وكل نقي وكل الكل بدءاً من بعضه .إن المقارنة بين المرأة في الشرق والغرب واستلهام النتائج الموضوعية من هذه المقارنة يتجلى في قصة يوم المرأة العالمي نفسه و وسنسرد هذه القصة بشيء من الاختصار : حيث في خمسينيات القرن التاسع عشر , وبالتحديد في عام 1857 م , شهدت مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية مظاهرة للنساء العاملات في قطاع النسيج والتي صادفت في 8 آذار من ذلك العام , وذلك احتجاجا على ظروف عملهن السيئة , حيث طالبن بتخفيض ساعات العمل وزيادة أجورهن وإعطاءهن فترة الأمومة وما إلى ذلك من المطالب المتعلقة بعملهن و واستمرت هذه المظاهرات بين مد وجزر حتى عام 1909 م , حيث شارك وفد من أولاء النسوة في المؤتمر النسائي العالمي الذي عقد في كوبنهاغن عاصمة الدانمارك عام 1910م , وطالبن من المؤتمر تخليد التجربة الأمريكية , وتحقيق يوم عالمي للاحتفال بالمرأة تقديرا لنضالها في جميع أنحاء العالم , وقد تمت الموافقة على ذلك , وتم الاحتفال باليوم العالمي للمرأة في العام الذي تلاه و واعتمد فيما بعد من قبل الأمم المتحدة , ولازال معمولا به حتى الآن .إن المفارقة تكمن في انه ومنذ 150 عاما كانت المرأة في الغرب تطالب بزيادة أجورها وتخفيض ساعات عملها , والمرأة في الشرق لا تزال تطالب بحق العمل وحق الحرية وحق التعلم و.......!! ألا يبدو الأمر صعبا وقاسيا بحق المرأة ذاتها , ويظهر الفجوة الكبيرة بين مفاهيم الشرق والغرب حول المرأة , ولكن هذه نتيجة طبيعية لمجتمعات تستهلك كل شي حتى الأفكار منها ,فالمرأة في مجتمعاتنا لازالت أسيرة الشعارات البراقة حول حقوقها وواجباتها وما إلى ذلك و ولكن لابد لها أن تتحرر من كل هذا وتتحول من طور القول إلى طور الفعل , ولا يمكن للمرأة أن تعمل بهذا وان تتقدم وتتحرر من كل سلبي ما لم تضع يدها في يد الرجل الذي يعاني مثلها من أزمات عدة ابتداءً من أزمة الوجود وانتهاءً بأزمة الحريات , لذا نحن بحاجة إلى خلق خطاب نسوي فعال مدعم بآليات عمل قوية . فالمرأة في الحقيقة ليست نصف المجتمع , حيث لا يمكن تصور المجتمع بدونها , وبالتالي فهي كل المجتمع , كما أن الرجل أيضا هو كل المجتمع , فالمرأة والرجل هما كلٌ لا يمكن تجزئته أبدا , وحقوقهما وواجباتهما واحدة على اختلاف الزمان والمكان . ولا يمكن للمرأة أن تبقى أسيرة هذه الشعارات والمانشيتات العريضة التي تتحدث – مجرد حديث – عن حقوقها والتي جعلت منها أسطورة عبر التاريخ , لأن المرأة في الحقيقة هي حقيقة وعلى الرجل أن يتقبل هذه الحقيقة برقتها وأنوثتها وإنسانيتها .