حقظ الاربعين النووية....... ونأتي بشرح الشيخ العثيمين بعد حفظ الحديث - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

حقظ الاربعين النووية....... ونأتي بشرح الشيخ العثيمين بعد حفظ الحديث

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-04-11, 20:21   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
التوحيد الخالص
عضو محترف
 
الصورة الرمزية التوحيد الخالص
 

 

 
إحصائية العضو










B2 حقظ الاربعين النووية....... ونأتي بشرح الشيخ العثيمين بعد حفظ الحديث

ترجمة الإمام النووى رحمه الله تعالى

نسَبُه ومَوْلده :
*********
هو الإِمام الحافظ شيخ الإسلام محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مُرِّي بن حسن بن حسين بن محمد بن جمعة بن حِزَام، النووي نسبة إلى نوى، وهي قرية من قرى حَوْران في سورية، ثم الدمشقي الشافعي، شيخ المذاهب وكبير الفقهاء في زمانه.

ولد النووي رحمه اللّه تعالى في المحرم 631 هـ في قرية نوى من أبوين صالحين، ولما بلغ العاشرة من عمره بدأ في حفظ القرآن وقراءة الفقه على بعض أهل العلم هناك، وصادف أن مرَّ بتلك القرية الشيخ ياسين بن يوسف المراكشي، فرأى الصبيانَ يُكرِهونه على اللعب وهو يهربُ منهم ويبكي لإِكراههم ويقرأ القرآن، فذهب إلى والده ونصحَه أن يفرّغه لطلب العلم، فاستجاب له.

وفي سنة 649 هـ قَدِمَ مع أبيه إلى دمشق لاستكمال تحصيله العلمي في مدرسة دار الحديث، وسكنَ المدرسة الرواحية، وهي ملاصقة للمسجد الأموي من جهة الشرق.

وفي عام 651 هـ حجَّ مع أبيه ثم رجع إلى دمشق.
* الزهد :
********
تفرَّغَ الإِمام النووي من شهوة الطعام واللباس والزواج، ووجد في لذّة العلم التعويض الكافي عن كل ذلك. والذي يلفت النظر أنه انتقل من بيئة بسيطة إلى دمشق حيث الخيرات والنعيم، وكان في سن الشباب حيث قوة الغرائز، ومع ذلك فقد أعرض عن جميع المتع والشهوات وبالغ في التقشف وشظف العيش.
******

* مُناصحَتُه الحُكّام :
****************
لقد توفرت في النووي صفات العالم الناصح الذي يُجاهد في سبيل اللّه بلسانه، ويقوم بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهو مخلصٌ في مناصحته وليس له أيّ غرض خاص أو مصلحة شخصية، وشجاعٌ لا يخشى في اللَّه لومة لائم، وكان يملك البيان والحجة لتأييد دعواه.

وكان الناسُ يرجعون إليه في الملمّات والخطوب ويستفتونه، فكان يُقبل عليهم ويسعى لحلّ مشكلاتهم، كما في قضية الحوطة على بساتين الشام:

لما ورد دمشقَ من مصرَ السلطانُ الملكُ الظاهرُ بيبرسُ بعد قتال التتار وإجلائهم عن البلاد، زعم له وكيل بيت المال أن كثيراً من بساتين الشام من أملاك الدولة، فأمر الملك بالحوطة عليها، أي بحجزها وتكليف واضعي اليد على شيءٍ منها إثبات ملكيته وإبراز وثائقه، فلجأ الناس إلى الشيخ في دار الحديث، فكتب إلى الملك كتاباً جاء فيه "وقد لحق المسلمين بسبب هذه الحوطة على أملاكهم أنواعٌ من الضرر لا يمكن التعبير عنها، وطُلب منهم إثباتٌ لا يلزمهم، فهذه الحوطة لا تحلّ عند أحد من علماء المسلمين، بل مَن في يده شيء فهو ملكه لا يحلّ الاعتراض عليه ولايُكلَّفُ إثباته" فغضب السلطان من هذه الجرأة عليه وأمر بقطع رواتبه وعزله عن مناصبه، فقالوا له: إنه ليس للشيخ راتب وليس له منصب. لما رأى الشيخ أن الكتاب لم يفِدْ، مشى بنفسه إليه وقابله وكلَّمه كلاماً شديداً، وأراد السلطان أن يبطشَ به فصرف اللَّه قلبَه عن ذلك وحمى الشيخَ منه، وأبطلَ السلطانُ أمرَ الحوطة وخلَّصَ اللَّه الناس من شرّها.

* ومن أهم كتبه :
****************
"شرح صحيح مسلم" و"المجموع" شرح المهذب، و"رياض الصالحين" و"تهذيب الأسماء واللغات"، والروضة روضة الطالبين وعمدة المفتين"، و"المنهاج في الفقه" و"الأربعين النووية" و"التبيان في آداب حَمَلة القرآن" و"الأذكار "حلية الأبرار وشعار الأخيار في تلخيص الدعوات والأذكار المستحبّة في الليل والنهار"، و"الإِيضاح" في المناسك.

شيوخه

من شيوخه في الفقه:

عبد الرحمن بن إبراهيم بن سباع الفزاري، تاج الدين، عُرف بالفِرْكاح، توفي سنة 690 هـ. 3. إسحاق بن أحمد المغربي، الكمال أبو إبراهيم، محدّث المدرسة الرواحيّة، توفي سنة 650 هـ. 4. عبد الرحمن بن نوح بن محمد بن إبراهيم بن موسى المقدسي ثم الدمشقي، أبو محمد، مفتي دمشق، توفي سنة 654 هـ. 5. سلاَّر بن الحسن الإِربلي، ثم الحلبي، ثم الدمشقي، إمام المذهب الشافعي في عصره، توفي سنة 670 هـ.
ومن شيوخه في الحديث:

إبراهيم بن عيسى المرادي، الأندلسي، ثم المصري، ثم الدمشقي، الإِمام الحافظ، توفي سنة 668 هـ. 2. خالد بن يوسف بن سعد النابلسي، أبو البقاء، زين الدين، الإِمام المفيد المحدّث الحافظ، توفي سنة 663 هـ. 3. عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن الأنصاري، الحموي، الشافعي، شيخ الشيوخ، توفي سنة 662 هـ. 4. عبد الرحمن بن أبي عمر محمد بن أحمد بن محمد بن قُدامة المقدسي، أبو الفرج، من أئمة الحديث في عصره، توفي سنة 682 هـ. 5. عبد الكريم بن عبد الصمد بن محمد الحرستاني، أبو الفضائل، عماد الدين، قاضي القضاة، وخطيب دمشق. توفي سنة 662 هـ. 6. إسماعيل بن أبي إسحاق إبراهيم بن أبي اليُسْر التنوخي، أبو محمد تقي الدين، كبير المحدّثين ومسندهم، توفي سنة 672 هـ. 7. عبد الرحمن بن سالم بن يحيى الأنباري، ثم الدمشقي الحنبلي، المفتي، جمال الدين. توفي سنة 661 هـ. 8. ومنهم: الرضي بن البرهان، وزين الدين أبو العباس بن عبد الدائم المقدسي، وجمال الدين أبو زكريا يحيى بن أبي الفتح الصيرفي الحرّاني، وأبو الفضل محمد بن محمد بن محمد البكري الحافظ، والضياء بن تمام الحنفي، وشمس الدين بن أبي عمرو، وغيرهم من هذه الطبقة.
ومن شيوخه في علم الأصول

أما علم الأصول، فقرأه على جماعة، أشهرهم: عمر بن بندار بن عمر بن علي بن محمد التفليسي الشافعي، أبو الفتح. توفي سنة 672 هـ.

* شيوخه في النحو واللغة :
***********************
وأما في النحو واللغة، فقرأه على: الشيخ أحمد بن سالم المصري النحوي اللغوي، أبي العباس، توفي سنة 664 هـ.والفخر المالكي.والشيخ أحمد بن سالم المصري.
* وَفَاته :
********
وفي سنة 676 هـ رجع إلى نوى بعد أن ردّ الكتب المستعارة من الأوقاف، وزار مقبرة شيوخه، فدعا لهم وبكى، وزار أصحابه الأحياء وودّعهم، وبعد أن زار والده زار بيت المقدس والخليل، وعاد إلى نوى فمرض بها وتوفي في 24 رجب. ولما بلغ نعيه إلى دمشق ارتجّت هي وما حولها بالبكاء، وتأسف عليه المسلمون أسفاً شديداً، وتوجّه قاضي القضاة عزّ الدين محمد بن الصائغ وجماعة من أصحابه إلى نوى للصلاة عليه في قبره، ورثاه جماعة، منهم محمد بن أحمد بن عمر الحنفي الإِربلي، وقد اخترت هذه الأبيات من قصيدة بلغت ثلاثة وثلاثين بيتاً:

عزَّ العزاءُ وعمَّ الحــادث الجلــل *** وخاب بالموت في تعميرك الأمل

واستوحشت بعدما كنت الأنيـس لهـا *** وساءَها فقدك الأسحارُ والأصـلُ

وكنت للدين نوراً يُستضاء به مسـدَّد *** منـك فيــه القولُ والعمــلُ

زهدتَ في هــذه الدنيا وزخرفـها *** عزماً وحزماً ومضروب بك المثل

أعرضت عنها احتقاراً غير محتفل *** وأنت بالسعـي في أخـراك محتفل

وهكذا انطوت صفحة من صفحات عَلَمٍ من أعلاَم المسلمين، بعد جهاد في طلب العلم، ترك للمسلمين كنوزاً من العلم، لا زال العالم الإسلامي يذكره بخير، ويرجو له من اللَّه تعالى أن تناله رحماته ورضوانه.

رحم اللّه الإِمام النووي رحمة واسعة، وحشره مع الذين أنعم اللّه عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وجمعنا به تحت لواء سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم.










 


رد مع اقتباس
قديم 2012-04-11, 20:23   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
التوحيد الخالص
عضو محترف
 
الصورة الرمزية التوحيد الخالص
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحديث الاول ::


متن الحديث
عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل امريء مانوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ، فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها ، أو امرأة ينكحها ، فهجرته إلى ما هاجر إليه ) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما .










رد مع اقتباس
قديم 2012-04-12, 11:16   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
Abdellah M
عضو متألق
 
الصورة الرمزية Abdellah M
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيراااااااااااااااااااا










رد مع اقتباس
قديم 2012-04-14, 09:55   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
التوحيد الخالص
عضو محترف
 
الصورة الرمزية التوحيد الخالص
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

واياك وثبتنا على الحق










رد مع اقتباس
قديم 2012-04-28, 17:10   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
العنبلي الأصيل
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

نعم الفكرة فكرتك .
جزاك الله خيرا.
ملاحظة :العنوان "حفظ" بدل " حقظ "










رد مع اقتباس
قديم 2012-04-28, 18:46   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
التوحيد الخالص
عضو محترف
 
الصورة الرمزية التوحيد الخالص
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله وجزاك الله خيرا على التنبيه










رد مع اقتباس
قديم 2012-05-02, 11:11   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
aymenreal
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

الف شكر فانا احتاج هذا الموضوع بذات










رد مع اقتباس
قديم 2012-05-02, 11:14   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
التوحيد الخالص
عضو محترف
 
الصورة الرمزية التوحيد الخالص
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وفيكم بارك الله










رد مع اقتباس
قديم 2012-05-02, 11:17   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
التوحيد الخالص
عضو محترف
 
الصورة الرمزية التوحيد الخالص
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شرح الأربعين النووية

للشيخ محمد بن صالح بن العثيمين

الحديث الأول

(عَنْ أَمِيرِ المُؤمِنينَ أَبي حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ تعالى عنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلى اللهِ وَرَسُوله فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسُوله، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُهَا، أَو امْرأَة يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)[3]


رواه إماما المحدثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزْبَهْ البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجَّاج بن مسلم القشيري النيسابوري، في صحيحيهما اللَذين هما أصح الكتب المصنفة.


الشرح

عَنْ أَمِيرِ المُؤمِنينَ وهو أبو حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه،آلت إليه الخلافة بتعيين أبي بكر الصديق رضي الله عنه له، فهو حسنة من حسنات أبي بكر، ونصبه في الخلافة شرعي، لأن الذي عينه أبو بكر، وأبو بكر تعين بمبايعة الصحابة له في السقيفة، فخلافته شرعية كخلافة أبي بكر، ولقد أحسن أبو بكر اختياراً حيث اختار عمر بن الخطاب رضي الله عنه . وفي قوله سَمِعْتُ دليل على أنه أخذه من النبي بلا واسطة. والعجب أن هذا الحديث لم يروه عن رسول الله إلا عمر رضي الله عنه مع أهميته، لكن له شواهد في القرآن والسنة. ففي القرآن يقول الله تعالى: (وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ )(البقرة: الآية272) فهذه نية، وقوله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً )(الفتح: الآية29) وهذه نيّة.

وقال النبي لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: وَاعْلَمْ أَنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِيْ بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلا أُجِرْتَ عَلَيْهَا حَتَّى مَا تَجْعَلَهُ فِي فِيّ امْرَأَتِك[4] فقوله: تَبْتَغِي بِها وَجْهَ اللهِ فهذه نية، فالمهم أن معنى الحديث ثابت بالقرآن والسنة. ولفظ الحديث انفرد به عمر رضي الله عنه، لكن تلقته الأمة بالقبول التام، حتى إن البخاري رحمه الله صدر كتابه الصحيح بهذا الحديث.


قوله : إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى لهذه الجملة من حيث البحث جهتان: نتكلم أولاً على مافيه من البلاغة:
فقوله: إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ فيه من أوجه البلاغة الحصر، وهو:إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما سواه،وطريق الحصر: إِنَّمَا لأن (إنما) تفيد الحصر، فإذا قلت: زيد قائم فهذا ليس فيه حصر، وإذا قلت: إنما زيد قائم، فهذا فيه حصر وأنه ليس إلا قائماً. وكذلك قوله : وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى .

وفي قوله : وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُهَا أو امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيهِ من البلاغة:
إخفاء نية من هاجر للدنيا، لقوله: فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ ولم يقل: إلى دنيا يصيبها، والفائدة البلاغية في ذلك هي: تحقير ماهاجر إليه هذا الرجل، أي ليس أهلاً لأن يُذكر، بل يُكنّى عنه بقوله: إلى ماهاجر إليه.

وقوله: مَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ الجواب:
فَهِجْرَتُهُ إلَى اللهِ وَرَسُولِهِ فذكره تنويهاً بفضله، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُهَا أو امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيهِ ولم يقل:إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، لأن فيه تحقيراً لشأن ما هاجر إليه وهي: الدنياأو المرأة.


* أما من جهة الإعراب، وهو البحث الثاني:

فقوله : إِنَّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ مبتدأ وخبر، الأعمال: مبتدأ، والنيات: خبره.
وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى أيضاً مبتدأ وخبر، لكن قُدِّم الخبر علىالمبتدأ؛ لأن المبتدأ في قوله: وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى هو: مانوى متأخر.
فمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللهِ وَرَسُولِهِ هذه جملة شرطية، أداة الشرط فيها: مَنْ، وفعل الشرط: كانت، وجواب الشرط: فهجرته إلى الله ورسوله.
وهكذا نقول في إعراب قوله: وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُهَا .


أما في اللغة فنقول:
الأعمال جمع عمل، ويشمل أعمال القلوب وأعمال النطق، وأعمال الجوارح، فتشمل هذه الجملة الأعمال بأنواعها:

فالأعمال القلبية: مافي القلب من الأعمال: كالتوكل على الله، والإنابة إليه، والخشية منه وما أشبه ذلك.
والأعمال النطقية: ماينطق به اللسان، وما أكثر أقوال اللسان، ولاأعلم شيئاً من الجوارح أكثر عملاً من اللسان، اللهم إلا أن تكون العين أو الأذن.
والأعمال الجوارحية: أعمال اليدين والرجلين وما أشبه ذلك.


الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ النيات: جمع نية وهي: القصد. وشرعاً: العزم على فعل العبادة تقرّباً إلى الله تعالى، ومحلها القلب، فهي عمل قلبي ولاتعلق للجوارح بها.
وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ أي لكل إنسانٍ مَا نَوَى أي ما نواه.

وهنا مسألة: هل هاتان الجملتان بمعنى واحد، أو مختلفتان؟

الجواب: يجب أن نعلم أن الأصل في الكلام التأسيس دون التوكيد، ومعنى التأسيس: أن الثانية لها معنى مستقل. ومعنى التوكيد: أن الثانية بمعنى الأولى. وللعلماء رحمهم الله في هذه المسألة رأيان،

يقول أولهما: إن الجملتان بمعنى واحد، فقد قال النبي إِنَّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ وأكد ذلك بقوله: وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى .
والرأي الثاني يقول: إن الثانية غير الأولى، فالكلام من باب التأسيس لامن باب التوكيد.

* والقاعدة: أنه إذا دار الأمر بين كون الكلام تأسيساً أو توكيداً فإننا نجعله تأسيساً، وأن نجعل الثاني غير الأول، لأنك لو جعلت الثاني هو الأول صار في ذلك تكرار يحتاج إلى أن نعرف السبب.

* والصواب: أن الثانية غير الأولى، فالأولى باعتبار المنوي وهو العمل. والثانية باعتبار المنوي له وهو المعمول له، هل أنت عملت لله أو عملت للدنيا. ويدل لهذا مافرعه عليه النبي في قوله: فمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللهِ وَرَسُولِهِ وعلى هذه فيبقى الكلام لاتكرار فيه.

والمقصود من هذه النية تمييز العادات من العبادات، وتمييز العبادات بعضها من بعض.

* وتمييز العادات من العبادات مثاله:

- أولاً:الرجل يأكل الطعام شهوة فقط، والرجل الآخر يأكل الطعام امتثالاً لأمر الله عزّ وجل في قوله: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا )(الأعراف:الآية31) فصار أكل الثاني عبادة، وأكل الأول عادة

- ثانياً: الرجل يغتسل بالماء تبرداً، والثاني يغتسل بالماء من الجنابة، فالأول عادة، والثاني: عبادة، ولهذا لوكان على الإنسان جنابة ثم انغمس في البحر للتبرد ثم صلى فلا يجزئه ذلك، لأنه لابد من النية،وهو لم ينو التعبّد وإنما نوى التبرّد.


ولهذا قال بعض أهل العلم: عبادات أهل الغفلة عادات، وعادات أهل اليقظة عبادات.

عبادات أهل الغفلة عادات مثاله: من يقوم ويتوضأ ويصلي ويذهب على العادة. وعادات أهل اليقظة عبادات مثاله: من يأكل امتثالاً لأمر الله، يريد إبقاء نفسه، ويريد التكفف عن الناس، فيكون ذلك عبادة. ورجل آخر لبس ثوباً جديداً يريد أن يترفّع بثيابه، فهذا لايؤجر، وآخرلبس ثوباً جديداً يريد أن يعرف الناس قدر نعمة الله عليه وأنه غني، فهذا يؤجر. ورجل آخر لبس يوم الجمعة أحسن ثيابه لأنه يوم جمعة، والثاني لبس أحسن ثيابه تأسياً بالنبي ، فهو عبادة.

* تمييز العبادات بعضها من بعض مثاله:

رجل يصلي ركعتين ينوي بذلك التطوع، وآخر يصلي ركعتين ينوي بذلك الفريضة، فالعملان تميزا بالنية، هذا نفل وهذا واجب، وعلى هذا فَقِسْ.

*إذاً المقصود بالنيّة: تمييز العبادات بعضها من بعض كالنفل مع الفريضة، أوتمييز العبادات عن العادات.

واعلم أن النية محلها القلب، ولايُنْطَقُ بها إطلاقاً،لأنك تتعبّد لمن يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، والله تعالى عليم بما في قلوب عباده، ولست تريد أن تقوم بين يدي من لايعلم حتى تقول أتكلم بما أنوي ليعلم به، إنما تريد أن تقف بين يدي من يعلم ماتوسوس به نفسك ويعلم متقلّبك وماضيك، وحاضرك. ولهذا لم يَرِدْ عن رسول الله ولاعن أصحابه رضوان الله عليهم أنهم كانوا يتلفّظون بالنيّة ولهذا فالنّطق بها بدعة يُنهى عنه سرّاً أو جهراً، خلافاً لمن قال من أهل العلم: إنه ينطق بها جهراً، وبعضهم قال: ينطق بها سرّاً ، وعللوا ذلك من أجل أن يطابق القلب اللسان.

ياسبحان الله، أين رسول الله عن هذا ؟ لوكان هذا من شرع الرسول لفعله هو وبيّنه للناس، يُذكر أن عاميّاً من أهل نجد كان في المسجد الحرام أراد أن يصلي صلاة الظهر وإلى جانبه رجل لايعرف إلاالجهر بالنيّة، ولما أقيمت صلاة الظهر قال الرجل الذي كان ينطق بالنية: اللهم إني نويت أن أصلي صلاة الظهر، أربع ركعات لله تعالى، خلف إمام المسجد الحرام، ولما أراد أن يكبّر قال له العامي: اصبر يارجل، بقي عليك التاريخ واليوم والشهر والسنة، فتعجّب الرجل.

وهنا مسألة: إذا قال قائل: قول المُلَبِّي: لبّيك اللهم عمرة، ولبيك حجّاً، ولبّيك اللهم عمرة وحجّاً، أليس هذا نطقاً بالنّية؟

فالجواب: لا، هذا من إظهار شعيرة النُّسك، ولهذا قال بعض العلماء: إن التلبية في النسك كتكبيرة الإحرام في الصلاة، فإذا لم تلبِّ لم ينعقد الإحرام، كما أنه لولم تكبر تكبيرة الإحرام للصلاة ما انعقدت صلاتك. ولهذا ليس من السنّة أن نقول ما قاله بعضهم: اللهم إني أريد نسك العمرة، أو أريد الحج فيسّره لي، لأن هذا ذكر يحتاج إلى دليل ولادليل. إذاً أنكر على من نطق بها، ولكن بهدوء بأن أقول له: يا أخي هذه ما قالها النبي ولا أصحابه، فدعْها.
فإذا قال: قالها فلانٌ في كتابهِ الفلاني؟ .
فقل له: القول ما قال الله تعالى ورسوله .

وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى هذه هي نيّة المعمول له، والناس يتفاوتون فيها تفاوتاً عظيماً، حيث تجد رجلين يصلّيان بينهما أبعد مما بين المشرق والمغرب أو مما بين السماء والأرض في الثواب، لأن أحدهما مخلص والثاني غير مخلص.

وتجد شخصين يطلبان العلم في التّوحيد، أو الفقه، أو التّفسير، أو الحديث، أحدهما بعيد من الجنّة والثاني قريب منها، وهما يقرآن في كتاب واحد وعلى مدرّسٍ واحد. فهذا رجل طلب دراسة الفقه من أجل أن يكون قاضياً والقاضي له راتبٌ رفيعٌ ومرتبة ٌرفيعة،والثاني درس الفقه من أجل أن يكون عالماً معلّماً لأمة محمدٍ ، فبينهما فرق عظيم. قال النبي مَنْ طَلَبَ عِلْمَاً وَهُوَ مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ لا يُرِيْدُ إِلاِّ أَنْ يَنَالَ عَرَضَاً مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ [5]، أخلص النية لله عزّ وجل .

* ثم ضرب النبي مثلاً بالمهاجر فقال:

فَمَنْ كَانَتْ هِجرَتُهُ الهجرة في اللغة: مأخوذة من الهجر وهو التّرك.
وأما في الشرع فهي: الانتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام.

وهنا مسألة: هل الهجرة واجبة أو سنة؟

والجواب: أن الهجرة واجبة على كل مؤمن لايستطيع إظهار دينه في بلد الكفر، فلايتم إسلامه إذا كان لايستطيع إظهاره إلا بالهجرة، وما لايتم الواجب إلا به فهوواجب. كهجرة المسلمين من مكّة إلى الحبشة، أو من مكّة إلى المدينة.

فمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ فَهِجْرَتُهُ إلَى اللهِ وَرَسُولِهِ كرجل انتقل من مكة قبل الفتح إلى المدينة يريد الله ورسوله،أي: يريد ثواب الله، ويريد الوصول إلى الله كقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)(الأحزاب: الآية29) إذاً يريد الله: أي يريد وجه الله ونصرة دين الله، وهذه إرادة حسنة.

ويريد رسول الله: ليفوز بصحبته ويعمل بسنته ويدافع عنها ويدعو إليها والذبّ عنه،ونشر دينه، فهذا هجرته إلى الله ورسوله، والله تعالى يقول في الحديث القدسي مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرَاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعَاً [6] فإذا أراد الله،فإن الله تعالى يكافئه على ذلك بأعظم مما عمل.


*وهنا مسألة: بعد موت الرسول هل يمكن أن نهاجر إليه عليه الصلاة والسلام؟

والجواب: أما إلى شخصه فلا، ولذلك لايُهاجر إلى المدينة من أجل شخص الرسول ، لأنه تحت الثرى، وأما الهجرة إلى سنّته وشرعه فهذا مما جاء الحث عليه وذلك مثل: الذهاب إلى بلدٍ لنصرة شريعة الرسول والذود عنها. فالهجرة إلى الله في كل وقت وحين، والهجرة إلى رسول الله لشخصه وشريعته حال حياته، وبعد مماته إلى شريعته فقط.

نظير هذا قوله تعالى: ( فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرسول ِ)(النساء: الآية59) إلى الله دائماً، وإلى الرسول نفسه في حياته، وإلى سنّته بعد وفاته.

فمن ذهب من بلدٍ إلى بلد ليتعلم الحديث، فهذا هجرته إلى الله ورسوله، ومن هاجر من بلد إلى بلد لامرأة يتزوّجها، بأن خطبها وقالت لاأتزوجك إلا إذا حضرت إلى بلدي فهجرته إلى ماهاجر إليه. فمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُهَا بأن علم أن في البلد الفلاني تجارة رابحة فذهب إليها من أجل أن يربح، فهذا هجرته إلى دنيا يصيبها، وليس له إلا ما أراد. وإذا أراد الله عزّ وجل ألا يحصل على شيء لم يحصل على شيء.

قوله رحمه الله: (رواه إماما المحدّثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري من بخارى وهو إمام المحدّثين ومسلم بن الحجّاج بن مسلم القشيري النيسابوري في صحيحيهما اللذين هما أصحّ الكتب المصنّفة أي صحيح البخاري وصحيح مسلم وهما أصحّ الكتب المصنّفة في علم الحديث، ولهذا قال بعض المحدّثين: إن ما اتفقا عليه لايفيد الظن فقط بل يفيد العلم.


وصحيح البخاري أصحّ من صحيح مسلم، لأن البخاري - رحمه الله - يشترط في الرواية أن يكون الراوي قد لقي من روى عنه، وأما مسلم- رحمه الله - فيكتفي بمطلق المعاصرة مع إمكان اللقيّ وإن لم يثبت لقيه، وقد أنكر على من يشترط اللقاء في أول الصحيح إنكاراً عجيباً، فالصواب ما ذكره البخاري - رحمه الله - أنه لابد من ثبوت اللقي.

لكن ذكر العلماء أن سياق مسلم - رحمه الله - أحسن من سياق البخاري، لأنه - رحمه الله- يذكر الحديث ثم يذكر شواهده وتوابعه في مكان واحد، والبخاري - رحمه الله - يفرِّق، ففي الصناعة صحيح مسلم أفضل، وأما في الرواية والصحة فصحيح البخاري أفضل.

تشاجر قومٌ في البخاري ومسلم
وقالوا: أيّ زين تقدّم
فقلت: لقد فاق البخاري صحة لديّ
كما فاق في حسن الصناعة مسلم

قال بعض أهل العلم: ولولا البخاري ما ذهب مسلم ولا راح، لأنه شيخه.

فالحديث إذاً صحيح يفيد العلم اليقيني، لكنه ليس يقينياً بالعقل وإنما هو يقيني بالنظر لثبوته عن النبي










رد مع اقتباس
قديم 2012-05-02, 11:18   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
التوحيد الخالص
عضو محترف
 
الصورة الرمزية التوحيد الخالص
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

من فوائد هذا الحديث:

.1هذا الحديث أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، ولهذا قال العلماء:مدار الإسلام على حديثين: هما هذا الحديث، وحديث عائشة: مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلِيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدّ [7] فهذا الحديث عمدة أعمال القلوب، فهو ميزان الأعمال الباطنة، وحديث عائشة: عمدة أعمال الجوارح، مثاله:

رجل مخلص غاية الإخلاص، يريد ثواب الله عزّ وجل ودار كرامته، لكنه وقع في بدع كثيرة. فبالنظر إلى نيّته:نجد أنها نيّة حسنة. وبالنظر إلى عمله: نجد أنه عمل سيء مردود، لعدم موافقة الشريعة.

ومثال آخر: رجلٌ قام يصلّي على أتمّ وجه، لكن يرائي والده خشية منه، فهذا فقد الإخلاص، فلا يُثاب على ذلك إلا إذا كان أراد أن يصلي خوفاً أن يضربه على ترك الصلاة فيكون متعبّداً لله تعالى بالصلاة.

.2من فوائد الحديث: أنه يجب تمييز العبادات بعضها عن بعض، والعبادات عن المعاملات لقول النبي : إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ولنضرب مثلاً بالصلاة، رجل أراد أن يصلي الظهر، فيجب أن ينوي الظهر حتى تتميز عن غيرها. وإذا كان عليه ظُهْرَان، فيجب أن يميز ظهر أمس عن ظهر اليوم، لأن كل صلاة لها نية.

ولوخرج شخصٌ بعد زوال الشمس من بيته متطهراً ودخل المسجد وليس في قلبه أنها صلاة الظهر، ولاصلاة العصر، ولا صلاة العشاء، ولكن نوى بذلك فرض الوقت، فهل تجزئ أو لاتجزئ؟
الجواب: على القاعدة التي ذكرناها سابقاً:لاتجزئ؛ لأنه لم يعين الظهر، وهذا مذهب الحنابلة.

وقيل تجزئ: ولايشترط تعيين المعيّنة، فيكفي أن ينوي الصلاة وتتعين الصلاة بتعيين الوقت. وهذه رواية عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- فإذا نوى فرض الوقت كفى، وهذا القول هو الصحيح الذي لايسع الناس العمل إلا به، لأنه أحياناً يأتي إنسان مع العجلة فيكبر ويدخل مع الإمام بدون أن يقع في ذهنه أنها صلاة الظهر، لكن قد وقع في ذهنه أنها هي فرض الوقت ولم يأتِ من بيته إلا لهذا، فعلى المذهب نقول: أعدها، وعلى القول الصحيح نقول: لاتعدها، وهذا يريح القلب، لأن هذا يقع كثيراً، حتى الإمام أحياناً يسهو ويكبر على أن هذا فرض الوقت، فهذا على المذهب لابد أن يعيد الصلاة، وعلى القول الرّاجح لايعيد.

.3من فوائد الحديث:الحثّ على الإخلاص لله عزّ وجل، لأن النبي قسّم الناس إلى قسمين:
قسم: أراد بعمله وجه الله والدار الآخرة.
وقسم: بالعكس، وهذا يعني الحث على الإخلاص لله عزّ وجل .

والإخلاص يجب العناية به والحث عليه، لأنه هو الركيزة الأولى الهامة التي خلق الناس من أجلها، قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات:56)

.4ومن فوائد الحديث: حسن تعليم النبي وذلك بتنويع الكلام وتقسيم الكلام، لأنه قال: إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وهذا للعمل وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى وهذا للمعمول له.

ثانيهما: تقسيم الهجرة إلى قسمين: شرعية وغير شرعية، وهذا من حسن التعليم، ولذلك ينبغي للمعلم أن لايسرد المسائل على الطالب سرداً لأن هذا يُنْسِي، بل يجعل أصولاً، وقواعد وتقييدات، لأن ذلك أقرب لثبوت العلم في قلبه، أما أن تسرد عليه المسائل فما أسرع أن ينساها.

.5من فوائد الحديث: قرن الرسول مع الله تعالى بالواو حيث قال: إلى الله ورسوله ولم يقل: ثم رسوله، مع أن رجلاً قال للرسول :مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ، فَقَالَ: بَلْ مَاشَاءَ اللهُ وَحْدَه [8]فما الفرق؟

والجواب: أما ما يتعلّق بالشريعة فيعبر عنه بالواو، لأن ماصدر عن النبي من الشرع كالذي صدر من الله تعالى كما قال: (مَنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ )(النساء: الآية80)

وأما الأمور الكونية: فلا يجوز أن يُقرن مع الله أحدٌ بالواو أبداً، لأن كل شيئ تحت إرادة الله تعالى ومشيئته.

فإذا قال قائلٌ: هل ينزل المطر غداً ؟
فقيل: الله ورسوله أعلم، فهذا خطأ، لأن الرسول ليس عنده علم بهذا.

مسألة: وإذا قال: هل هذا حرامٌ أم حلال ؟
قيل في الجواب: الله ورسوله أعلم، فهذا صحيح، لأن حكم الرسول في الأمور الشرعية حكم الله تعالى كما قال عزّ وجل: (مَنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ )(النساء: الآية80)

مسألة: أيهما أفضل العلم أم الجهاد في سبيل الله ؟
والجواب: العلم من حيث هو علم أفضل من الجهاد في سبيل الله، لأن الناس كلهم محتاجون إلى العلم، وقد قال الإمام أحمد: العلم لايعدله شيئ لمن صحّت نيّته . ولايمكن أبداً أن يكون الجهاد فرض عين لقول الله تعالى: ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً) (التوبة:122)
فلوكان فرض عين لوجب على جميع المسلمين: (فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ)[التوبة:122] أي وقعدت طائفة : (لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) [التوبة:122] ولكن باختلاف الفاعل واختلاف الزمن، فقد نقول لشخص: الأفضل في حقّك الجهاد، والآخر الأفضل في حقك العلم، فإذا كان شجاعاً قوياً نشيطاً وليس بذاك الذكي فالأفضل له الجهاد؛ لأنه أليَق به، وإذا كان ذكيّاً حافظاً قوي الحجة فالأفضل له العلم وهذا باعتبار الفاعل. أما باعتبار الزمن فإننا إذا كنّا في زمن كثر فيه العلماء واحتاجت الثغور إلى مرابطين فالأفضل الجهاد، وإن كنّا في زمن تفشّى فيه الجهل وبدأت البدع تظهر في المجتمع وتنتشر فالعلم أفضل،

وهناك ثلاثة أمور تحتّم على طلب العلم:
.1بدع بدأت تظهر شرورها.
.2الإفتاء بغير علم .
.3جدل كثير في مسائل بغير علم .
وإذا لم يكن مرجّحاً فالأفضل العلم

.6ومن فوائد الحديث: أن الهجرة هي من الأعمال الصالحة لأنها يقصد بها الله ورسوله، وكل عمل يقصد به الله ورسوله فإنه من الأعمال الصالحة لأنك قصدت التقرّب إلى الله والتقرب إلى الله هو العبادة.

مسألة: هل الهجرة واجبة أم مستحبة ؟
الجواب: فيه تفصيل ،إذا كان الإنسان يستطيع أن يظهر دينه وأن يعلنه ولايجد من يمنعه في ذلك، فالهجرة هنا مستحبة. وإن كان لايستطيع فالهجرة واجبة وهذا هو الضابط للمستحبّ والواجب. وهذا يكون في البلاد الكافرة، أما في البلاد الفاسقة -وهي التي تعلن الفسق وتظهره- فإنا نقول: إن خاف الإنسان على نفسه من أن ينزلق فيما انزلق فيه أهل البلد فهنا الهجرة واجبة، وإن لا،فتكون غير واجبة.

بل نقول إن كان في بقائه إصلاح، فبقاؤه واجب لحاجة البلد إليه في الإصلاح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والغريب أن بعضهم يهاجر من بلد الإسلام إلى بلد الكفر لأنه إذا هاجر أهل الإصلاح من هذا البلد، من الذي يبقى لأهل الفساد، وربما تنحدر البلاد أكثر بسبب قلة أهل الإصلاح وكثرة أهل الفساد والفسق. لكن إذا بقي ودعا إلى الله بحسب الحال فسوف يصلح غيره، وغيره، يصلح غيره حتى يكون هؤلاء على أيديهم صلاح البلد، وإذا صلح عامة الناس فإن الغالب أن من بيده الحكم سيصلح، ولو عن طريق الضغط، ولكن الذي يفسد هذا - للأسف - الصالحون أنفسهم، فتجد هؤلاء الصالحين يتحزبون ويتفرقون وتختلف كلمتهم من أجل الخلاف في مسألة من مسائل الدين التي يغتفر فيها الخلاف، هذا هو الواقع، لاسيما في البلاد التي لم يثبت فيها الإسلام تماماً، فربما يتعادون ويتباغضون ويتناحرون من أجل مسألة رفع اليدين في الصلاة،

وأقرأ عليكم قصة وقعت لي شخصياً في منى، في يوم من الأيام أتى لي مدير التوعية بطائفتين من إفريقيا تكفّر إحداهما الأخرى، على ماذا ؟؟ قال: إحداهما تقول: السنة في القيام أن يضع المصلي يديه على صدره، والأخرى تقول السنة أن يُطلق اليدين، وهذه المسألة فرعية سهلة ليست من الأصول والفروع، قالوا: لا، النبي يقول مَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِيْ فَلَيْسَ مِنِّيْ [9] وهذا كفر تبرّأ منه الرسول فبناء على هذا الفهم الفاسد كفّرت إحداهما الأخرى.

فالمهم: أن بعض أهل الإصلاح في البلاد التي ليست مما قوي فيها الإسلام يبدع ويفسق بعضهم بعضاً، ولو أنهم اتفقوا وإذا اختلفوا اتسعت صدورهم في الخلاف الذي يسوغ فيه الخلاف وكانوا يداً واحدة، لصلحت الأمة، ولكن إذا رأت الأمة أن أهل الصلاح والاستقامة بينهم هذا الحقد والخلاف في مسائل الدين، فستضرب صفحاً عنهم وعما عندهم من خير وهدى، بل يمكن أن يحدث ركوس ونكوس وهذا ماحدث والعياذ بالله، فترى الشاب يدخل في الاستقامة على أن الدين خير وهدى وانشراح صدر وقلب مطمئن ثم يرى مايرى من المستقيمين من خلاف حاد وشحناء وبغضاء فيترك الاستقامة لأنه ماوجد ماطلبه، والحاصل أن الهجرة من بلاد الكفر ليست كالهجرة من بلاد الفسق،فيقال للإنسان: اصبر واحتسب ولاسيما إن كنت مصلحاً،بل قد يقال: إن الهجرة في حقك حرام.

=========================
[3] رواه البخاري: كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله حديث (1). ومسلم: كتاب الإمارة، باب قوله إنما الأعمال بالنية وأنه يدخل فيه الغزو وغيره من الأعمال، حديث (1907) (155).

[4] رواه البخاري: كتاب الإيمان، باب ما جاء أن الأعمال بالنية والحسبة، ولكل امرئ ما نوى، حديث (56). ومسلم: كتاب الوصية، باب الوصية بالثلث، حديث (1628) (59).

[5] رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة، حديث رقم (8438). بلفظ (من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة) وابن ماجه: كتاب العلم، باب الانتفاع بالعلم والعمل به، حديث(252). وأبو داود – كتاب: العلم، باب: في طلب العلم لغير الله تعالى، (3664).

[6] رواه الأمام أحمد في المكثرين عن أبي هريرة، (2/413) حديث رقم (9340).

[7] رواه البخاري: كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، حديث (2697)، ومسلم: كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور، حديث (1718) (17).

[8] رواه الإمام أحمد في مسند آل العباس عن عبدالله بن عباس، حديث ( 1964). وأبو داود – كتاب: الأدب، باب: لا يقال خبثت نفسي، (4980)، والنسائي في سننه الكبرى- كتاب: عمل اليوم والليلة، باب النهي أن يقال ما شاء الله وشاء فلان، (10821)، والدارمي في سننه – كتاب: الاستئذان، باب: في النهي عن أن يقول: ما شاء الله وشاء فلان، (2699).

[9] رواه البخاري: كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، (5063). ومسلم (باختلاف): كتاب النكاحن باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه. (1401)









رد مع اقتباس
قديم 2012-05-02, 12:10   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
mouradka
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك وجزاك خيرا.










رد مع اقتباس
قديم 2012-05-02, 12:17   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
التوحيد الخالص
عضو محترف
 
الصورة الرمزية التوحيد الخالص
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وفيك بارك الله احسن الله اليك










رد مع اقتباس
قديم 2012-05-02, 18:15   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
عآشقة غزه
عضو محترف
 
الصورة الرمزية عآشقة غزه
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك اله فيك على موضوعك انا لدي اشكالية في حفظ صاحب الحديث كما اتمنى منك لو تضع اسم الحديث مثلا الحديث الاول لا عمل الا بالنيات لان المتون غير صحيحة العناوين










رد مع اقتباس
قديم 2012-05-02, 18:38   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
التوحيد الخالص
عضو محترف
 
الصورة الرمزية التوحيد الخالص
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

وفيك بارك الله سنحاول










رد مع اقتباس
قديم 2012-05-03, 19:13   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
التوحيد الخالص
عضو محترف
 
الصورة الرمزية التوحيد الخالص
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحديث الثاني

عن عمر أيضاً قال : ( بينما نحن جلوس عند رسول الله ذات يوم ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد . حتى جلس إلى النبي ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه ، وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام . فقال رسول الله : ” الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً “ . قال : صدقت . فعجبنا له يسأله ويصدقه !
قال : فأخبرني عن الإيمان .
قال : ” أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره “ .
قال : صدقت .
قال : فأخبرني عن الإحسان .
قال : ” أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك “ .
قال : فأخبرني عن الساعة .
قال : ” ما المسؤول عنها بأعلم من السائل “ .
قال : فأخبرني عن أماراتها .
قال : ” أن تلد الأمة ربتها ، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان “ .
ثم انطلق ، فلبثت ملياً ، ثم قال : ” يا عمر أتدري من السائل ؟ “ .
قلت : الله ورسوله أعلم .
قال : ” فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم “ . رواه مسلم












رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
النووى


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 06:09

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc