

مسرح الحياة
مسرح الحياة
في الحياة؛ يعاش الواقع بانهزامية أحيانا وبانتقامية أحيانا أخرى..
في مرات كثيرة تكون المقاومة في وجه الواقع مجازفة كبرى لكنها في آخر المطاف تصنف ضمن أجمل التمثيليات التي عرضت على مسرح الحياة..
مجرد تمثيلية‼
قد لا يصدق أحدنا أنه ممثل بارع إلى أن ينزل الستار ويصفق الجمهور وينفصل كليا عن الشخصية التي عاش داخلها ما شاء له الله أن يعيش...
في الحياة؛ يحيا الطفل طفولة يحبها وينكر.. تبعده عنها السنون فيحبها أكثر.. ويحاول السير في دروب الكبار.. ليكبر.. وتحمله أياد كثيرة ليقدر.. على الوقوف بثبات على المنصة في مواجهة التصفيق والإكبار..
في الحياة؛ يقف المرء مذهولا أمام جنون الأفكار.. وإعجاب العيون.. وتقلب الأقدار.. ليكتشف بعد حين أن التصفيق الذي عكر مزاج السكون له داع؛ فهو حقا مثل الدور كأحسن ما يكون.. ولم يدر ذلك إلا بعد أن ألقى ثوب تلك الشخصية إلى الأبد.. لأنها لم تعد تليق بحاضره والغد...
في الحياة؛ يعيش الزوج الحنون والأب العطوف عقودا وهو يتعب ويكد ليسعد أسرته ويرقى بها إلى أفضل ما يجد, قبل أن يصطدم بإحساس صبياني مستهتر يجتاحه ويزيل عنه قناع الشخصية الكريمة التي أداها طوال سنوات...
الصديق في كل مواقعه يكون صديقا وأكثر.. قبل أن يضع يديه على الخنجر.. فيجد سلاحه المفقود.. ويخرج شخصه الموؤود.. بين ركامات الأقنعة...
المناضل المغوار في صفوف المعارضة يكون كتلة من نار.. تشتعل في وجه الظلم والحصار.. لكنها تخمد يوما بين أياد أصحاب الفخامة والقرار, فيعانق البطل المغوار حضن قائمة الأسعار التي تتضمن ثمن كل التمثيليات والأدوار, ويلقي جانبا ثوب الشخصية العظيمة مع كل الإكسسوارات القديمة...
في الحياة؛ تتلون المرأة بكل الألوان الجميلة.. تكون مرة قاتلة وتارة قتيلة.. وعندما يصفق الجمهور لبطولاتها يكتشف فجأة أنها مجرد عميلة...
في الحياة؛ كلنا نولد على الفطرة فتنفتح عيوننا على فصول مسرحية عريقة لا يد لنا في تآليفها العميقة وإذا لم نختر الموضوع فبالتأكيد لنا حرية الأداء بأي طريقة...