نواع الحق
للحق أنواع كثيرة يمكن حصرها وبيانها في النقاط التالية:
الحقوق التامة و الحقوق الناقصة.
الحقوق المطلقة و الحقوق النسبية.
الحقوق الأصلية و الحقوق التبعية.
الحقوق السياسية و الحقوق المدنية.
الحقوق التامة والحقوق الناقصة
الحق التام:
هو الحق الذي يعترف به القانون و يحميه عن طريق رفع دعوة للقضاء و استصدار حكم به.
أما الحق الناقص:
فهو الحق الذي يعترف به القانون ، و لكن لا يحميه فلا يعطي لصاحبه وسيلة لقهر المدين على الوفاء به، و لا يجبره على تنفيذه، فإذا وفاه المدين باختياره و هو على بينة من أمره كان وفاؤه صحيحا.
مثال ذلك:
دين سقط بالتقادم، فإنه يتحول إلى دين ناقص لا يمكن الدائن وسيلة لإجبار المدين على الوفاء به، فإذا وفى به المدين اختيارا يعتبر أنه وفى التزاما واجبا عليه.
وهناك من فقهاء القانون من لا يعترف بالحقوق الناقصة، لأنها تعتبر في نظرهم فاقدة لأحد عناصرها و هو الحماية، لأن الحق لا يقوم إلا بها، و تتمثل هذه الحماية في قدرة صاحب الحق على إجبار الغير على تنفيذ القانون و احترامه. و الأصل في الحقوق أن تكون تامة، أما الحقوق الناقصة فهي استثناء.
الحقوق المطلقة و الحقوق النسبية
الحق المطلق:
هو الحق الذي يكون للشخص في مواجهة الناس كافة، كحق الملكية، و كل ما يتعلق بالحقوق العينية، و حقوق الشخصية التي يطلق عليها أيضا الحقوق العامة أو الحريات العامة، أو الحقوق الطبيعية.
الحق النسبي:
هو الحق الذي يكون للشخص في مواجهة شخص آخر معين أو أشخاص معينين كحق الدائنية ( Droit de créance).
فحق الدائن إنما في مواجهة مدنية أو مدينية و يسمى حق الدائنية أيضا بالالتزام (Obligation).
الحقوق الأصلية و الحقوق التبعية (Les droits principaux et les droits accessoires)
ل هو الحق الذي يكون تابعا إلى آخر، كحق الملكية، و حق الدائنية.
أما الحق التبعي:
فهو الحق الذي يكون تابعا إلى حق آخر، الغاية من الحق التبعي هي ضمان الوفاء بالحق الأصلي، كحق الرهن، فهو لا يوجد مستقبلا، و إنما يتبع حق آخر هو حق الدائنية. و كحق الدائن في مواجهة الكفيل، فهو حق تابع للدين المكفول.
إذن فالحقوق التبعية قد تكون عينية و قد تكون شخصية، و هذه هي التأمينات العينية و الشخصية.
الحقوق السياسية والحقوق المدنية
الحق السياسي:
هو حق الشخص باعتباره عضوا في جماعة سياسية في الإسهام في حكم هذه الجماعة و إدارتها، كحق تلقد الوظائف العامة، و حق الانتخاب، و حق التمثيل النيابي.
وقد نص عليها الدستور الجزائري الصادر في:1996.12.07
في المواد: من (42-43-44-45-46-47-48-49- إلى غاية 57) والحق السياسي ليس لازما لحياة الفرد، و هو مقرر لمصلحة الشخص و الوطن معا. و لذلك فإن بعض الدساتر يتجه إلى اعتبار الحقوق السياسية حقا للمواطن. و واجبا وطنيا معا.
وتكون الحقوق السياسية للمواطنين فقط دون الأجانب و للبالغ الراشد دون الصغير أو المجنون.
أما الحق المدني:
فهو الحق الذي يثبت للشخص باعتباره عضوا في الجماعة لكي يتمكن من أن يعيش في جو من الحرية و الأمن بما لا يتعارض نع مصلحة الجماعة و غيره من الأفراد، و هي لازمة لحياة الفرد المدنية، فهي للجميع على السواء دون تفرقة في السن أو الجنس أو الجنسية.
وتشمل الحقوق المدنية، الحقوق التالية:
الحقوق الغير المالية
الحقوق المالية
الحقـوق غيـر الماليــة:
وهي نوعــان:
أ- حقوق الشخصية
ب- حقوق الأسرة
أ- حقــوق الشخصيـة:
و تسمى أيضا بالحقوق العامة أو الحريات العامة و قد أوردها الدستور الجزائري في المادة.
وهي الحقوق التي تثبت للشخص بمولده بصفته إنسانا و تلازمه و تظل تحميه حتى يموت. وهي لكل الناس تفرقة في السن أو الجنس أو الدين أو الجنسية.
و تشمل هذه الحقوق الحرية الشخصية المتمثلة في:
حق الإنسان في الحياة و سلامة بدنه و شرفه.
و حقه في العمل، الزواج، التنقل، الإقامة، و حرية الرأي و العقيدة و حرمة المال و حرمة المسكن و عدم انتهاك إسراره الشخصية.
وحق الشخص في اسمه.
وحقه على أفكاره أو الحق المعنوي للمؤلف.
وحقه في الالتجاء إلى القضاء.
و هذه الحقوق كلها حقوق أساسية لا يمكن أن يعيش الإنسان بدونها، و لا التنازل عنها. و تنص المادة (46) من القانون المدني الجزائري على أنه:
" ليس لأحد التنازل عن حريته الشخصية."
و لهذا فإن القانون يحميها بأقوى أنواع الحماية، و يقرر عقوبات على الاعتداء عليها، فضلا عن التعويضات المدنية، إذا وقع عليها اعتداء غير مشروع.
ب- حقـوق الأسـرة:
هي الحقوق التي تثبت للشخص بصفته عضوا في أسرة لتنظيم علاقته بهذه الأسرة.
كحق الزوج على زوجته في أن تطيعه.
وحق الزوجة على زوجها في توفير وسائل العيش لها، و أن يكون أمينا عليها.
وحق الابن على أبيه في تربيته.
وهذه الحقوق مقررة لصالح الأسرة، و صالح الشخص معا مثلها مثل الحقوق السياسية المقررة لصالح المواطن معا.
مثلا:
نجد أن قانون العقوبات الجزائري: يعاقب بالحبس و بالغرامة أحد الوالدين على جريمة ترك الأسرة، و وفقا للمادة (330).
ما يعاقب بالحبس و بالغرامة من يتمنع عمدا على تقديم النفقة المحكوم بها لا عالة أسرته.
ويلاحظ من هذه الفقرة السابقة الذكر، أن الحقوق غير المالية، قد تترتب عليها حقوق مالية ، كما في حالة الاعتداء عليها إذ ينشأ لصاحب الحق المتعدي عليه حق مالي في التعويض، كحقوق النفقة للزوجة و الولد، كما ذكرنا أنفا.
الحقــوق الماليــة:
و تسمى أيضا حقوق الذمة أو الأموال:
و هي التي تستهدف المتعة بالمال، و تقوم بالنقود، و تنتقل من صاحبها إلى غيره، و يمكن أن تكتسب أو تسقط بالتقادم، و يمكن الحجز عليها وفاء لديون صاحبها، و هي ثلاثة أنواع:
أ- الحقوق العينية.
ب- الحقوق الشخصية.
ج- و الحقوق الذهنية.
أ- الحقــوق العينيــة:
الحق العينــي:
هو سلطة مباشرة يقررها القانون لصاحب الحق على شيء معين سواء كان منقولا أو عقارا كحق الملكية.
عناصــره:
للحق العيني ثلاثة عناصر هي:
1- الشخص صاحب الحق.
2- الشيء موضوع الحق.
3- السلطة مضمون الحق.
صفاته:
صفات الحق العيني هي:
- أنه مطلق و دائم: أي أنه ما بقي ذلك الشيء فهو حق دائم ما عدا حق الانتفاع و حق السكني و حق الاستعمال فهي حقوق مؤقتة، إذ تنهي بانتهاء الأجل المعين لها، و بوفاة المنتفع حتى قبل انقضاء الأجل المعين.
وهذا ما نصت عليها المادة (852) من القانون المدني الجزائري. كذلك ينقضي الحق العيني التبعي بانقضاء الحق الشخصي المضمون به كالرهن الرسمي ينقضي بانقضاء الدين وذلك وفقا للمادة (933) من القانون المدني الجزائري.
- و لصاحب الحق العيني حق التنازل عنه بإرادته دون أن يتوقف ذلك على إرادة غيره.
- و له أيضا حق التتبع أي أن ساسر سلطته على الشيء موضوع الحق تحت يد أي شخص، و أن يسترده من يد أي شخص يكون قد اغتصبه أو اشتراه من غاضبه.
و يظهر حق التتبع بوضوح في الحقوق العينية التبعية كحق الرهن، فيسمح للمرتهن بأن يحجز على المال المرهون و يبيعه و يستوفي حقه من ثمنه تحت يد أي شخص يكون قد اكتسب ملكيته من الراهن.
- و له أيضا حق الأولوية أو التقدم أو الأفضلية:
و مؤدى ذلك أن يكون لصاحب الحق العيني الأفضلية على من يزاحمه في الإفادة من الشيء موضوع الحق.
و يظهر حق الأفضلية بوضوح في الحقوق العينية التبعية كحق الرهن، فإذا باع الراهن المال المرهون كان للمرتهن أن ينفذ عليه بطرق التنفيذ القانونية تحت يد المشتري، و أن يأخذ حقه من الثمن بالأولوية على غيره، و لو لم يتبق من ثمنه شيء لغيره من الدائنين.
وحق التقدم موجود في الحقوق العينية الأصلية. و مثال ذلك إذا أودعت سيارتك لدى شخص فلا يستطيع دائنو ه مزاحمتك فيها، و لك أن تستردها و تستأثر بها من دونهم جميعا.
أنواع الحق العيني:
للحق العيني نوعان:
1- الحق العيني الأصلي.
2- الحق العيني التبعي.
1- الحق العيني الأصلـي:
هو الحق الذي لا يستند في وجوده إلى حقوق أخرى.
2- أما الحق العيني التبعي:
فهو الحق الذي يستند في وجوده إلى حق شخصي يكون تابعا له، لضمان الوفاء به.
و يتضمن الحق العيني الأصلي الحقوق التالية:
حق الملكية. ( Le droit de propriété)
حق الانتفاع. (L'usufruit)
حق الاستعمال و حق السكني. (L'usage et l'habitation)
حق الارتفاق. (Les servitudes)
حق الاستغلال الأرضي التي تمنحها الدولة. (L'usage des terres allouées par l'état)
حق استغلال الأراضي الممنوحة لأعضاء المجموعات. (L'usage des terres allouées aux membres des collectifs)
أما الحق التبعي فيتضمن الحقوق التاليـة:
حق الرهن التأميني (أو الرهن الرسمي). (L'hypothèque)
حق التخصيص (أو الرهن الاختصاص). (L'affectation)
حق الرهن الحيازي. (Le nantissement, le gage)
حق الامتياز. (Le privilège)
الحق الحبس. (Le droit de rétention)
ب- الحقوق الشخصيـة:
الحقوق الشخصية و يطلق عليها أيضا حق الدائنية أو الالتزام ، فالحق الشخصي يعرفه فقهاء القانون بأنه علاقة قانونية بين شخصين بمقتضاها يحق لأحدهما أن يلزم الآخر بأن يؤدي له عملا أو يتمتع لصالحه عن أداء عمل و يؤخذ على هذا التعريف أن الحق ليس هو العلاقة، و إنما ينظم القانون هذه العلاقة بتقرير الحق لأحد طرفيها، و الواجب على الطرف الآخر.
وعلى هذا الأساس فالحق الشخصي هو السلطة التي يقررها القانون لشخص يسمى " الدائن" قبل شخص آخر يسمى " المدين " تمكنه من إلزامه بأداء عمل أو الامتناع عنه تحقيقا لمصلحة مشروعة للدائن.
أما موضوع الالتزام فهو عمل أو الامتناع عن عمل أي هو عمل إيجابي أو سلبي.
فالعمل الايجابي:
يكون مثلا: كحق المشتري في استلام المبيع و حق البائع في قبض الثمن.
أما العمل السلبي:
فيكون مثلا: كالحق الذي يكون لمشتري المحل التجاري ( Les fonds de commerces) في أن يمتنع بائع هذا المتجر عن أن يباشر تجارة مماثلة في نفس المكان لمدة معينة.
ج- الحقوق الذهنية:
الحقوق الذهنية و يطلق عليها أيضا الحقوق الفكرية، و هي ما تسمى بالملكية الأدبية و الفنية و الصناعية، على إثرائها يكون للمؤلف الحق على تأليفه الأدبي أو الفني و حق المخترع على اختراعه... الخ.
وللحق الذهني جانبـان:
- أولهما أدبي أو معنوي.
- و ثانيهما مادي أو مالي.
فالجانب الأدبي أو المعنوي:
وثيق الصلة بالشخص، إذ أن للشخص وحده حق إطلاع الناس على أفكاره أو حبسها عنهم و تعديلها و أن تنسب إليه دون غيره.
و يعتبر الجانب الأدبي من حقوق الشخصية كحق الإنسان في سلامة جسمه و شرفه، لأنه لا يقوم بمال و لا يقبل التصرف فيه و لا الحجز عليه.
أما الجانب المادي أو المالي:
هو حق الشخص في الإفادة ماليا مما يجيء ثمرة أفكاره أو حقه في احتكار استغلالها.
ويعتبر الجانب المادي حقا ماليا لأنه يقبل التقويم بالنقود و التصرف فيه، و ينتقل من شخص إلى آخر. مثال ذلك: أن يعهد المؤلف إلى ناشر ينشر كتابه، أو يعهد المؤلف الموسيقي إلى عازف يعزف أنغامه مقابل مبلغ من المال، كما ينتقل هذا الحق من صاحبه بعد موته إلى ورثته.
أركان الحق الأساسية
يمكن القول بأن للحق ثلاثة أركان أساسية و هي:
الركن الأول: صاحب الحق (أو أشخاصه).
الركن الثاني: محل الحق (أو موضوعه).
الركن الثالث: سبب الحق (أو المصدر المنشئ للحق)
الركن الأول: صاحب الحق
يقصد بصاحب الحق كل شخص سواء كان شخصا طبيعيا و هو " الإنسان " ، أم شخصا معنويا (أي اعتباريا) و هو ليس شخصا حقيقيا، و إنما مجرد كيان معنوي يعترف به القانون لجماعة من الأشخاص أو مجموعة من الأموال، و يتمتع هذا الكيان، مثل الإنسان بشخصية قانونية تجعله صالحا لاكتساب الحقوق والتحمل بالالتزامات.
إذن فالشخص قانونا هو من يكون صالحا لأن يصير صاحب حق، و أن يتحمل بالالتزام و يحيا حياة قانونية، و تلك هي الشخصية القانونية.
كما أن نسمي صاحب الحق الطرف الموجب، و الملتزم به الطرف السالب، كما يمكن أن نقسم الشخص "صاحب الحق " إلى شخصين قانونيين هما:
الشخص الطبيعي.
الشخص المعنوي (أو الشخص الاعتباري).
الشخص الطبيعي:
هو الإنسان بوصفه كائنا له قيمة اجتماعية تكسبه الصلاحية لأن يكون صاحب حق أو لأن يكلف بالتزام.
وتبدأ الشخصية القانونية للشخص الطبيعي بولادته حيا ، و تنتهي بموته.
بداية الشخصية القانونية و نهايتها:
بداية الشخصية القانونية:
يتمتع الشخص الطبيعي بشخصية قانونية فترة وجوده (أي مدة حياته)، و تبدأ هذه الفترة بالولادة و تنتهي بالوفاة، فالولادة و الوفاة واقعتان قانونيتان هامتان.
وقبل ولادة الإنسان يكون جنينا في بطن أمه، و للجنين مركز قانوني خاص به، كما أن الإنسان في حياته قد يتغيب غيبة طويلة عن موطنه، و لكن احتمال حياته يكون غالبا، فيعتبر غائبا و له حكم خاص.
وقد يتغيب الإنسان غيبة منقطعة و طويلة، و يكون احتمال موته غالبا، فيعتبر مفقودا، و يجوز استصدار حكم قضائي باعتباره ميتا. و المفقود المحكوم بموته له أحكام خاصة.
و لقد نصت المادة (25) من القانون المدني الجزائري على ما يلي: " تبدأ شخصية الإنسان مهام ولادته حيا، و تنتهي بموته "
ويشترط لإثبات واقعة الولادة تسجيلها في السجلات الرسمية المعدة لهذا الغرض، أو بالطرق و الإجراءات التي ينص عليها قانونا الحالة المدنية.
و لقد نصت المادة (6) من القانون رقم: 70/20 المتعلق بالحالة المدنية في الجزائر على :
" أن تسجيل عقود الحالة المدنية في كل بلدية في ثلاثة سجلات هي:
- سجل عقود الميلاد.
- و سجل عقود الزواج.
- و سجل عقود الوفيات.
كما تنص المادة (26) من القانون المدني الجزائري على:
" أنه تثبت الولادة و الوفاة بالسجلات المعدة لذلك ".
انتهاء الشخصية القانونية:
إذا مات الإنسان انتهت شخصيته القانونية، و يجب إثبات واقعة في السجلات الرسمية المعدة لهذا الغرض كالولادة، كما أنه ليست للسجلات بالنسبة لهذه الواقعة أيضا، حجية مطلقة، إذ يمكن إثبات الوفاة بطريقة أخرى، كما يمكن إثبات ما يحالف ما ورد بالسجلات طبقا للإجراءات التي بينها قانون الحالة المدنية.
خصائص الشخصية الطبيعية:
نقصد بخصائص الشخص الطبيعي أو الإنسان تلك المميزات التي تعتبر العناصر المكونة للشخصية القانونية للإنسان، و التي تميز كل فرد عن غيره من أفراد المجتمع، و هذه الخصائص هي:
الحـالة.
الاسـم.
الموطـن.
الذمة المالية.
الأهلية: - أهلية الوجوب - أهليــة الأداء.
الشخص المعنوي (أو الاعتباري):
الشخص المعنـوي:
هو كل شخص تثبت له الشخصية القانونية دون أن يكون له وجود حسي أو كيان مادي.
و ترجع أهمية الشخص المعنوي إلى اعتبارين هما:
حاجة الأفراد إلى توحيد جهودهم بالتجمع.
إنشاء أعمال تظل باقية رغم فناء الأفراد.
و يعرف معظم فقهاء القانون الشخص المعنوي بأنه:
" مجموعة من الأشخاص أو الأموال ترمي إلى تحقيق هدف معين بواسطة أداة خاصة، و يعترف القانون لها بالشخصية القانونية بالقدر اللازم لتحقيق ذلك الهدف".
و لهذا يطلق عليها بعض الفقهاء " بالأشخاص القانونية " ، لأن القانون هو مصدر وجودها و قيامها.
كما يطلق عليها البعض الآخر منهم " بالأشخاص المعنوية ".
لأنها ليس لها كيان مادي ملموس، و إنما هي معان غير محسوسة و لكن يمكن قيامها في الذهن و تصور وجودها معنويا، و الاعتراف بأنها يمكنها القيام بأعمال و مسروعات بعيدة المدى لآجال طويلة تفوق آجال الشخص الطبيعي مهما طال عمره، و تتجاوز إمكانيات الإنسان مهما تملأ قدرة أو امتد ثراؤه.
عناصـر الشخص المعنوي:
من التعريف السالف الذكر نلاحظ أن الشخص المعنوي يقوم على ثلاثة عناصر هي:
1- أن الشخص المعنوي يتكون من مجموعة أموال أومن الأشخاص و الأموال.
2- أنه يتمتع بشخصية قانونية مستقلة عن المجموعات المكونة له بناء على نص في القانون.
3- أن يكون قيام الشخص المعنوي لتحقيق هدف اجتماعي يتحدد في قانون إنشائه.
الطبيعة القانونية للشخص المعنوي:
ليس للشخص المعنوي وجود مادي كالإنسان، فكيف نفسر منحه الشخصية القانونية، فتكون له أهلية كسب الحقوق و التحمل بالالتزامات؟
انقسم فقهاء القانون إزاء هذا الموضوع إلى اتجاهين:
الاتجاه الأول:
ينكر الشخصية القانونية على غير الإنسان و يستعيض عنها بنظريات قانونية، كنظرية ذمة التخصيص، و نظرية ملكية الجماعة.
والاتجاه الثاني:
يقر الشخصية القانونية لجماعات الأشخاص، و مجموعات الأموال، و هو اتجاه الأغلبية العظمى من رجال الفقه و التشريعات.
و تحت لواء هذا الاتجاه الذي يقر الشخصية القانونية، قامت نظريتان:
النظرية الأولى:
تقر بالشخصية المعنوية على أساس أنها مجرد حيلة أو افتراض أو مجاز قانوني.
النظرية الثانية:
تقر بالشخصية المعنوية على أساس أنها كيان حقيقي معنوي في عالم القانون.
بداية الشخصية المعنوية و نهايتها:
أ- بداية الشخصية المعنوية:
تبدأ شخصية الإنسان بالميلاد الطبيعي، و تبدأ شخصية الشخص المعنوي بالميلاد القانوني، أي بناء على اعتراف من القانون بالشخصية المعنوية كجماعة من الأشخاص أو مجموعة من الأموال.
ويكون هذا الاعتراف:
- إما خاصا.
- و إما عاما.
الاعتراف الخاص:
هو الذي يصدر في صورة إذن خاص أو ترخيص من المشرع لشخص معنوي معين.
و في هذه الحالة يتحدد بداية الشخص بتاريخ صدور هذا الإذن أو الترخيص.
الاعتـراف العـام:
و هو ما يعرف بالتنظيم القانوني العام، و هو لا يصدر بالنسبة لشخص معنوي معين، و إنما يتمثل في تحديد شروط و مقومات معينة لاكتساب أية جماعة من الأشخاص أو مجموعة من الأموال تتوفر فيها هذه الشروط، بناء على هذا الاعتراف العام.
و في هذه الحالة يتحدد بداية الشخصية المعنوية بتاريخ استكمال الشروط و المقومات المطلوبة.
و لتوضيح هذه الفكرة، نذكر الأمثلة التالية:
بالنسبة للدولة:
تبدأ شخصيتها المعنوية من يوم تكامل عناصرها الثلاثة المتكونة من :
(شعب، إقليم، و حكومة) ذات سيادة، و اعتراف الدولة بها كعضو في المجتمع الدولي، و فرد من أشخاص الدولي العام.
بالنسبة للولاية:
تبدأ شخصيتها المعنوية من تاريخ صدور قانون إنشائها الذي يحدد اسمها و مركزها و استقلالها المالي و شخصيتها القانونية.
بالنسبة للبلدية:
تبدأ شخصيتها المعنوية بصدور قانون إنشائها الذي يحدد شخصيتها القانونية أو بقرار من وزير الداخلية إذا كانت البلدية يحدد تضم احراء من ولايتين أو أكثر أو من الوالي إذا كانت داخلية في نطاق ولايته.
بالنسبة للمؤسسات و الشركات و الدواوين و الجمعيـات العامة و التعاونيات، تبدأ حياتها القانونية بصدور قانون إنشائها.
أما بالنسبة للجمعيـات و الشركـات والمؤسسـات الخاصـة، فإن القانون يشترط بمجرد صدور قانون إنشائها القيام بشهرها عن طريق تسجيلها في السجلات الخاصة بالتوثيق في الشهر العقاري. و كذلك نشر قانون إنشائها، و تسجيلها بالصحف الوطنية اليومية حتى يتمكن الاحتجاج بها في مواجهة الغير.
ب- نهاية الشخصية المعنوية:
تنتهي حياة الشخص المعنوي على النحو الآتي:
بالنسبة للدولـة:
تزول شخصيتها المعنوية بزوال أحد عناصرها الثلاثة:
(شعب، إقليم، و حكومة ذات سيادة).
وبالنسبة للولاية و الدائرة و البلدية:
تزول شخصيتها بصدور قانون إلغائها أو إدماجها في وحدة إدارية أخرى، و تصدر قوانين الإلغاء و الإدماج من السلطة المختصة بالإنشاء.
بالنسبـة للمؤسسات العامة و ما حكمها تنقضي شخصيتها القانونية بإدماجها في مؤسسة عامة أخرى أو بإلغائها بقانون تصدره السلطة التي أنشأتها.
بالنسبة للشركات و الجمعيات و المؤسسات الخاصة:
تنتهي حياتها بأحد الأسباب التالية:
- بانقضاء الأجل المحدد للشخص المعنوي و ذلك طبقا للمادة (437) من القانون المدني الجزائري.
- بتحقيق الهدف الذي قام من أجله الشخص المعنوي.
- باتفاق الأعضاء الداخلين في تكوين الشخص المعنوي على حله.
- باستحالة تحقيق الهدف الذي قام من أجله الشخص المعنوي أي إشهار إفلاسه و ذلك طبقا للمادة (438 ) من القانون المدني الجزائري.
- بوفاة جميع أعضاء الشخص المعنوي و ذلك طبقا للمادة (439) من القانون المدني الجزائري، و المادة (562) من القانون التجاري الجزائري.
- بصدور حكم قضائي بحل الشخص المعنوي.
- بصدور قانون بإلغاء الشخص المعنوي من السلطة التي أصدرت قانون إنشائها.
أنواع الأشخاص المعنوية:
تنقسم الأشخاص المعنوية إلى قسمين هما:
- أشخاص معنوية عامة.
- أشخاص معنوية خاصة.
أ- أشخـاص معنوية عامة:
حددت المادة (49) من القانون المدني الجزائري الأشخاص المعنوية العامة بأنها:
" الدولة و الولاية و البلدية، و المؤسسات و الدواوين العامة ضمن الشروط التي يقررها القانون، و المؤسسات الاشتراكية و التعاونيات و الجمعيات، و كل مجموعة يمنحها القانون شخصية اعتبارية ".
و يمكن رد هذه الأشخاص المعنوية العامة إلى نوعين أساسيين هما:
- الأشخاص المعنوية العامة الإقليمية
- الأشخاص المعنوية العامة المصلحية أو المرفقية.
الأشخاص المعنوية العامة الإقليمية:
الدولـة:
هي أول الأشخاص العامة الإقليمية، تمارس اختصاصها على جميع إقليمها.
الولاية:
هي ثاني الأشخاص العامة الإقليمية بعد الدولة، و قد اعترف لها القانون بشخصية معنوية مستقلة عن شخصية الدولة و هي تمارس اختصاصها في حدود إقليمية معينة، وبديرها وال.
البلدية:
هي ثالث الأشخاص من العامة الإقليمية بعد الدولة و الولاية، و قد اعترف لها القانون بشخصية معنوية مستقلة عن شخصية الدولة و الولاية، و يمثلها رئيس البلدية و المجلس الشعبي البلدي.
الأشخاص المعنوية العامة المصلحية أو المرفقية:
و يسميها فقهاء القانون بالمؤسسات العامة، و هي مرفق عام يتمتع بالشخصية المعنوية و يقصد بها:
1- المؤسسات.
2- الدواوين العامة.
3- الجمعيات.
4- التعاونيات.
5- و الشركات...
خصائص الشخص المعنوي:
تنص المادة (50) من القانون المدني في الجزائري بأن:
" يتمتع الشخص الاعتباري بجميع الحقوق، إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان، و ذلك في الحدود التي يقررها القانون، فيكون لها بصفة ذمة مالية و أهلية في الحدود التي يعينها عقد إنشائها أو التي يقررها القانون، و موطن و هو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارتها، و إن الشركات التي يكون مركزها الرئيسي في الخارج و لها نشاط في الجزائر يعتبر مركزها في نظر القانون الداخلي في الجزائر."
وتقضي هذه المادة أيضا بأن يكون للشخص الاعتباري نائب يعبر عن إرادته و أن يكون له حق التقاضي."
وتطبيقا لهذه المادة يكون للشخص المعنوي الخصائص التالية:
- الاسـم.
- الحالة (الجنسية).
- الأهلية:
أهلية الوجوب.
و أهلية الأداء.
- الذمة المالية.
- الموطن.
الركن الثاني: محل الحق
لكل حق صاحب و هو الأشخاص، و هذا ما عرفنا في الركن الأول للحق و لكل حق محل أو موضوع و هو الركن الثاني للحق الذي سنتناوله بالدراسة في هذا الموضوع.
و قد يكون محل الحق أو موضوعه:
إما عملا:
سواء كان إيجابيا أو سلبيا و يكون في الحقوق الشخصية أي حقوق الدائنية.
وإما شيئا:
سواء كان ماديا أو معنويا و يكون في الحقوق العينية و الحقوق الذهنية.
كـون محـل الحـق عمـلا:
لقد بينا آنفا أن الحق الشخصي هو وسلطة تثبت للدائن و تخوله إلزام المدين بأداء عمل معين أو الامتناع عن أدائه، تحقيقا لمصلحة مشروعة له.
وعلى هذا الأساس يتبين لنا أن موضوع الحق الشخصي هو عمل أو امتناع عن عمل.
ومن أمثلة الحق الشخصي الذي يتضمن أداء عمل معين:
حق المشتري في استلام المبيع.
حق البائع في قبض الثمن.
حق المستأجر في أن يمكنه المؤجر من الانتفاع بالعين المؤجرة.
حق المؤجر في قبض الأجرة.
و من أمثلة الحق الشخصي الذي يتضمن الامتناع عن عمل:
حق الشركة السينمائية في أن تمنع ممثلا معينا عن الاشتراك في أفلام غيرها من الشركات الأخرى طوال مدة عقده معها.
و يستوفي في العمل بوصفه محلا للحق أن يكون إيجابيا أو سلبيا و لكن يجب أن تتوفر ثلاثة شروط رئيسية و هي:
1- أن يكون العمل ممكنا، يعني أن يكون غير مستحيل في ذاته، فلا التزام بالمستحيل، و ذلك طبقا للمادة (93) من القانون المدني الجزائري التي نصت على ما يلي: " إذا كان محل الالتزام مستحيلا في ذاته كان العقد باطلا بطلانا مطلقا ".
2- أن يكون العمل معينا أو قابلا للتعيين حتى يتحدد أو يكون قابلا لتحديد الحق الوارد عليه، فالتعهد مثلا باماقة بناء يجب فيه تعيين مواصفاته. فلقد نصت المادة (94) على أنه: " إذا لم يكن محل الالتزام معينا بذاته، وجب أن يكون معينا بنوعه و مقداره، و إلا كان العقد باطلا".
3- يجب أن يكون العمل محل الالتزام مشروعا، أي غير مخالف للقواعد القانونية الآمرة أو النظام العام و حسن الآداب، فلقد نصت المادة (96) من القانون المدني الجزائري على أنه :" إذا كان محل الالتزام مخالفا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلا".
ومن أمثلة العمل غير المشروع المبطل للتعهد به:
- الالتزام بارتكاب جريمة معنية، أو بيع كمية من المخدرات .....الخ.
كون محل الحق شيئا:
يقصد بالشيء كل ما لا يعد شخصا، و يكون له كيان ذاتي منفصل عن الإنسان سواء كان هذا الكيان ماديا أو معنويا. فإذا كان ماديا فهو موضوع الحق العيني. و إذا كان معنويا فهو موضوع الحق الذهبي.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأشياء قد عرفت تقسيمات عديدة و متنوعة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر نوعين:
1- الأشياء المادية.
2 - الأشياء المعنوية.
1- الأشياء المادية:
وهي التي يكون لها كيان ملموس أو محسوس سواء كانت عقارا أو منقولا.
2- الأشياء المعنوية:
فهي التي لها كيان ملموس، فهي محسوسة ماديا مثل:
- الأفكار.
- الابتكارات و الاختراعات.
- والألحان الموسيقية.
- و الرسم الفني ... الخ.
الركن الثالث: سبب الحق
لأسباب الحق نوعان:
أسباب منشئة للحق ابتداء في ذمة الشخص، و نعرف بالأسباب المكتسبة للحق ابتداء.
أسباب ناقلة للحق من ذمة شخص إلى ذمة شخص آخر، و تعرف بالأسباب الناقلة للحق.
الأسباب المكتسبة للحق ابتداء:
إن الأسباب المكتسبة للحق ابتداء هي الأسباب الوحيدة لكسب الحقوق في مجال الحقوق غير المالية، لأن حقوق الشخصية و الحقوق غير المالية ليست قابلة للانتقال، و لا تدخل في الذمة المالية.
ونجد أن الأسباب المكتسبة للحق ابتداء، هي الغالبة في مجال الحقوق الشخصية الذهبية كحق المؤلف، و في مجال الحقوق الشخصية أو الالتزامات كما في في عقد القرض.
و كذلك الحقوق العينية يمكن اكتسابها بالأسباب المكتسبة الناقلة للملكية.
وقد أورد القانون المدني الجزائري طرق اكتساب الملكية في المواد من المادة (773) إلى المادة (843).
والأسباب المكتسبة للملكية و الحقوق العينية هي:
- الاستيلاء – الميراث – الوصية – الالتصاق – العقد – الحيازة – و التقادم المكسب.
الأسباب الناقلة للحق:
إن الأسباب الناقلة للحق مشتركة بين الحقوق الشخصية أو الالتزامات و الحقوق العينية و الحقوق الذهنية معا.
و تنقسم الأسباب الناقلة للحق إلى :
أسباب عامة.
أسباب خاصة.
فالأسباب العامة:
هي التي يقع النقل فيها على الذمة المالية في مجموعها، إما كلها و إما بعضها أو جزء منها.
و الأسباب الخاصة:
هي التي يقع فيها النقل على حق معين أو حقوق معينة.
وعلى العموم فإن النقل لا يكون إلا بوفاة صاحب الحق، لأن الشخص لا يتخلى عن ذمته، ولا على جزء منها و هو على قيد الحياة.
ولا يستطيع الشخص أن ينقل لغيره من الحقوق إلا ما كان في ذمته، غير أن القانون رأي حماية للغير إذا كان حسن النية، أن يكسب هذا الغير الملكية في المنقول بالحيازة أي من وقع وضع يده عليه، و ذلك طبقا للمادة (835) من القانون المدني الجزائري
التي تنص على ما يلي:
" من حاز بسند صحيح منقولا أو حقا عينيا على المنقول أو سندا لحامله، فإنه يصبح مالكا له إذا كان حسن النية وقت حيازته".
حماية الحق
المسؤولية المدنية في حالة التعدي على الحق
الحق إلا إنشاء قانوني بحيث يكون له وجود خارج نطاق القانون والحماية هي ذلك الجزاء الوضعي الذي لا يتم وجود الحق إلا به.
سواء أكانت هذه الحماية ركنا في الحق أو أثرا له، فإن الشخص الذي يسبب ضررا للغير نتيجة للتعدي على حق هذا الغير يلتزم بإصلاح الضرر الذي وقع ، و هذه هي المسؤولية المدنية.
وقد يكون مصدر هذا :
القانون.
أوالعقد.
ففي الحالة الأولى (مصدره القانون)، تسمى المسؤولية المدنية تقصيرية.
وفي الحالة الثانية (مصدر العقد) تسمى المسؤولية المدنية مسؤولية عقدية.
وتقوم المسؤولية المدنية في الحالتين المذكورتين أعلاه، كقاعدة عامة على اجتماع ثلاثة شروط هي:
الخطأ.
الضرر.
والعلاقة السببية بينهما.
وسائل حماية الحق
حماية الحق في القانون المدني:
لقد نص القانون المدني على أغلب الحقوق العينية و الشخصية، سواء ما تعلق منها بالأشياء العقارية و المنقولة، كما نصت بعض القوانين الخاصة على الحقوق الأدبية و المعنوية.
كما ينص القانون المدني أيضا على وسائل حماية الحق عن طريق القواعد الآمرة التي تقضي بضرورة التعويض عما يلحق تلك الحقوق من ضرر.
و من المعلوم أن وسيلة حماية الحق هي إمكانية المطالبة به عن طريق القضاء، أي يرفع الدعاوى المدنية و مباشرتها أما م المحاكم و المجالس القضائية المدنية، طبقا للنصوص التي تضمنها قانون الإجراءات المدنية و التجارية.
ويمكن القول في هذا الصدد، بأن الحماية القانونية للحق تتبلور في تنفيذ الجزاء الذي يقضى به القانون نهائيا و هو:
إما البطلان.
إما التعويض المدني.
البطلان:
تكون حماية الحقوق في بعض الحالات عن طريق البطلان، و هو نوعان:
بطلان نسبي.
بطلان مطلق.
التعويض المدني:
لقد نصت المادة (124) من القانون المدني على ما يأتي:
" كل عمل أيا كان ، ارتكبه المرء و يسبب ضررا للغير، يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض ".
و معنى ذلك أن كل عمل من شأنه المساس بحق يعترف به القانون يكون عملا غير مشروع، و يترتب عليه أن يكون لصاحب الحق أن يطالب الفاعل بتعويض ذلك الضرر.
كما أن المشروع الجزائري اعتبر عدم أداء الحق العيني سببا مبررا للمطالبة بالتنفيذ عن طريق التعويض حيث نصت المادة (176) من القانون المدني الجزائري على أنه:
" إذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينا حكم عليه بتعويض الضرر الناجم عن عدم تنفيذ التزامه، ما لم يثبت أن استحالة التنفيذ نشأت عن سبب لا يدله فيه، و يكون الحكم كذلك إذا تأخر المدين في تنفيذ التزامه".
فإذا لم يكن مبلغ التعويض محددا سلفا في العقد فإن القاضي هو الذي يقدر مبلغ التعويض.
حماية الحق في القانون الجنائي:
إن وقائع الاعتداء على الحقوق الثابتة قانونا، تعتبر إخلالا بالأمن و النظام العام في المجتمع زيادة على كونها تمثل اعتداء على حقوق خاصة ببعض الأفراد.
و لذلك نجد المشروع ينص في قوانين العقوبات على تجريم و عقاب الاعتداء على الحقوق المالية سواء أكانت متعلقة بمنقول أو بعقار.
و قد خصص المشروع الجزائري في قانون العقوبات عدة مواد، ففي المادة (350) من قانون العقوبات و ما بعدها، تعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، و بغرامة مالية من 1000 دج إلى 2000 دج على جرائم السرقة التي تقع على المنقول :
كالتبديد .
خيانة الأمانة.
النصب و الاحتيال.
إعطاء صك بدون رصيد.
إخفاء الأشياء المسروقة .. الخ.
أما فيما يتعلق بالحقوق العقارية فقد جرم المشروع الاعتداء على:
حيازة العقارات.
أو انتزاعها بالغش و التدليس.
وعاقب على ذلك:
بالحبس من سنة إلى خمس سنوات و بغرامة مالية من 2000دج إلى 20000دج.
وذلك طبقا للفقرة الأولى من المادة (386) من قانون العقوبات ، و ضاعف العقوبة في الفقرة الثانية من نفس المادة، إذا وقعت تلك الاعتداءات على الحقوق العقارية بطريقة العنف أو التهديد.
ومجمل القول، فإن حماية الحق مقدرة قانونا عن طريق مباشرة الدعاوى العمومية التي ترفقها و تباشرها النيابة العامة أمام المحاكم و المجالس القضائية الجنائية سواء أكانت هذه الحقوق خاصة متعلقة بمنقول أو بعقار.
كما أن القانون الجنائي يجرم و يعاقب على أي اعتداء أو مساس بالحقوق العامة للأفراد كحق الحياة، و حق سلامة الجسم، و حق التنقل، و غيرها من الحقوق.
انقضـاء الحق
يمكن القول في هذه النقطة أن كل الحقوق تزول عن صاحبها بموته، و تنتقل إلى ورثته أو الموصى لهم، فيكون لها أصحاب جدد هم هؤلاء أو الموصى لهم، ماعدا حق الانتفاع فلا يورث، و إنما ينقضي بوفاة صاحبه و لا ينتقل إلى ورثته.
أسباب انقضاء الحقوق
أما أسباب انقضاء الحقوق كأسباب كسبها أو انتقالها، فيرجع إلى سببين رئيسيين هما:
الواقعة القانونية.
التصرف القانوني.
الواقعة القانونية:
هي أمر يحدث فيترتب عليه أثر قانوني دون أن يكون للإرادة دخل فيه، فإذا كان هذا الأثر القانوني هو
" إنشاء الحق ".
فقد يكون انقضاء الحق في هلاك الشيء محل الحق. كذلك فإن مضي المدة القانونية هو واقعة يرتب عليها القانون سقوط الحق الشخصي إذا لم يطالب به الدائن في خلالها.
التصرف القانوني:
أما التصرف القانوني فهو عمل إداري اتجه لإحداث أثر قانوني معين. فإذا كان هذا الأثر القانوني هو
" إنشاء حق "
فقد تنصرف الإرادة إلى إنهاء حق قائم فينقضي ، و الانقضاء هنا أثر قانوني يرتبه القانون إعمالا للإرادة، مثال ذلك:
الوفـاة:
وهو قيام المدين بسداد الدين.
ومثله أيضا:
الإبـراء من الدين.
وقد يوصف الحق بأجل فاسخ أو شرط فاسخ فيكون الأجل الفاسخ منهيا للحق، كما ينقضي الحق أيضا بأثر رجعي إذا تحقق الشرط الفاسخ.
ونتطرق بإيجاز إلى انقضاء الحق في:
1- الحقوق العينية.
2- الحقوق الشخصية.
3- الحقوق الذهنية.
انقضاء الحقوق العينية
ينقضي الحق العيني إذا انقضت الأسباب الناقلة له، و هي أسباب انقضاء بالنسبة للسلف، و أسباب اكتساب بالنسبة للخلف.
وينقضي الحق العيني التبعي، تبعا لانقضاء الحق الشخصي الضامنة له، و قد تنقضي بصفة أصلية كما في حالة هلاك الشيء المرهون.
حسب ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة (965) من القانون المدني الجزائري.
انقضـاء الحقوق الشخصية
ينقضي الحق الشخصي إذا كان من نوع التصرفات القانونية، و توفرت الأسباب التالية:
الوفـاء (Le paiement).
الوفـاء بمقابل (La dation de paiement).
التجديـد (La novation).
الإبـراد (La remise de l'obligation).
أما أسباب انقضاء الحق الشخصي إذا كان من نوع الوقائع القانونية فهي:
- اتحاد الذمة (La confusion)
- استحالة التنفيذ (L'impossibilité d'exécution)
التقادم المسقط (La prescription extinctive)
المقاصة (La compensation)
انقضاء الحقوق الذهنية
تنقضي الحقوق الذهنية بانقضاء مدة معينة تختلف من دولة أخرى، بحيث يصبح بعدها هذا الحق جزءا من الثروة الفكرية العامة، فيمتلكه المجتمع، و لا تعود له صفة الحق الخاص، لأن الجانب المالي من الحقوق الذهنية هو حق مؤقت بإجماع القوانين الحديثة، و لقد نصت المادة (68) من قانون حق المؤلف على أنه:
" توضع المؤلفات التي أصبحت ملكا للجمهور تحت حماية الدولة".
و لقد حدد المشروع الجزائري مدة انقضاء الحق الذهني بخمس وعشرين (25) سنة من وفاة المؤلف وذلك طبقا للمادة (60) من الأمر رقم 73/14 ، و هو الأجل الذي نصت عليه اتفاقية جنيف سنة 1952.
فلصاحب الحق أن يستغل ماليا ثمرة فكرة طوال حياته، و تؤول من بعده إلى ورثته، و بعد مضي مدة (25) سنة يسقط الجانب المالي للحقوق الذهنية بالنسبة للورثة، غير أن المشروع الجزائري نص في المادة (68) من قانون حق المؤلف أن المؤلفات التي أصبحت ملكا الجمهور توضع تحت حماية الدولة.
و من ثمة فلابد من الحصول على ترخيص من وزارة الثقافة و الاتصال في هذا الشأن، و يكون لأي كقاعدة عامة أن يستفيد ماليا منه دون أن يلتزم بأي مقابل نحو الورثة .