الفصل الأول : مفهوم التمويل الدولي وعناصره
المبحث الأول : ماهية التمويل الدولي
يشير فجوة بين العرض مفهوم التمويل الدولي إلى انتقال رؤوس الأموال بكافة أشكالها بين دول العالم المختلفة, ويتكون المصطلح من كلمتين, حيث تشير كلمة التمويل إلى ندرة المعروض من رأس المال في دولة ما مقارنا بالقدر المطلوب منه, ونتيجة ذلك هو حدوث والطلب من رأس المال, ويستدعي ذلك سد هذه الفجوة وهذا ينطبق على الوحدة الاقتصادية أي على المستوى الجزئي (Micro) أو مجموع الوحدات الاقتصادية في دولة معينة (Macro) أي على المستوى الكلي.
ولهذا فإن الكلمة الأولى تعني عمومية التحليل في مسألة انتقال رؤوس الأموال من حيث أماكن وفرتها (أصحاب الفائض) إلى حيث أماكن ندرتها (أصحاب العجز), ويتم هذا الإنتقال عبر مجموعة من الوسطاء الماليين سواء كان ذلك في شكل بنوك أو شركات تأمين أو صناديق ادخار أو أسواق المال إلى غير ذلك من مؤسسات الوساطة المالية, فضلا عن انتقال رؤوس الأموال عن هذا النحو التي تكون من أهدافها الأساسية الحصول على أكبر عائد ممكن على هذه الأموال.
أما الكلمة الثانية من مصطلح التمويل الدولي تشير إلى الصفة التي تحكم عملية التمويل من حيث كونه دوليا, وهذا يعني أن تحرك رأس المال في هذا الإطار سيكون خارج الحدود السياسية لدول العالم.
كما أن الطبيعة الدولية في التمويل تبين مدى اختلاف الدول في مجال الفائض والعجز في عنصر رأس المال, والعامل الحاسم في تحديد الاتجاه الذي يسلكه رأس المال من دولة إلى أخرى أو من سوق إلى أخرى هو شكل العلاقة بين الادخار و الاستثمار على مستوى الوطني, والجدير بالذكر أن ندرة رأس المال بالنسبة للطلب عليه في دولة تؤدي إلى ارتفاع عائده في هذه الدولة, ومن ثم فإن رأس المال سيتدفق داخل هذه الدولة.
وليس المقصود بتحركات رؤوس الأموال انتقال رؤوس الأموال العينية في شكل آلات ومعدات وأصول مختلفة, فهذا يدخل في مجال التجارة الدولية للسلع, ولكن المقصود بهذه التحركات هو انتقال رؤوس الأموال في شكل عمليات اقراض واقتراض بين الدول المختلفة, ويشير الأمر الأخير إلى تأثير هذه التحركات الرأسمالية في تغير الحقوق والالتزامات المترتبة عليها .
فإذا قام أحد المستثمرين أو إحدى المؤسسات أو إحدى الحكومات بطرح سندات للبيع في أسواق المال بألمانيا, وقامت المؤسسات بنوك ومواطنون في ألمانيا بشراء هذه السندات فإن ذلك يعتبر انتقالا لرأس المال على المستوى الدولي ويحدث بذلك حقوقا لهؤلاء الذين اشتروا السندات والتزامات أجنبية لهؤلاء الذين قاموا بطرح هذه السندات للبيع, غير أن استخدام حصيلة بيع هذه السندات في دفع فاتورة الواردات من السلع الإستثمارية سيدخل ضمن التجارة الدولية في السلع والخدمات.
ولكن المستثمر الذي يقبل على شراء السندات المطروحة للبيع لن يقدم على شرائها إلا إذا كان معدل العائد على هذه السندات أكبر من العائد الذي يمكن تحقيقه من الفرص الاستثمارية الأخرى داخل ألمانيا, وهذا