الفصل الثاني: ال OMC
المقدمة:
ياتي إنشاء ال OMC في ضوء إستكمال النظام الإقتصادي العالمي الجديد لأركانه الرئيسية حيث تمثل ال OMC ثالث هذه الأركان إلى جانب ال FMI و BM و يعمل على إقرار معالم النظام الجديد الذي أصبح يميز بوحدة السوق العالمية و يخضع لإدارة و إشراف مؤسسات إقتصادية عالمية تعمل بصورة متناسقة.
و يرجع الفضل في إنشاء ال OMC إلى النجاح المبهر الذي حققته الأوروقواي و مع بداية عمل الـ OMC حُولت إتفاقية الـ GATT التي كانت تنظمها من مجرد إتفاق متعدد الأطراف تجرى مفاوضات تحرير التجارة إلى منظمة عالمية, تطبق الإتفاقات الـ 28 التي أقرتها الأوروقواي و بالتالي أصبحت تقف على قدم المساواة مع FMIو BMفي مجال تنظيم الإقتصاد العالمي و إدارته للوصول إلى تحقيق كفاءة أفضل في الأداء الإقتصادي رغبة في زيادة الناتج المحلي العالمي و الرفاهية الإقتصادية عالميا و من هنا وجب علينا التعرف على الـ OMC.
المبحث الأول: ماهية الـ OMC
المطلب الأول: المفهوم
الـ OMC إختصار لـOrganisation Mondiale Du Commerce * * و من أهم تعريفاتها:
ـ منظمة ذات صفة قانونية مستقلة , تمثل الإطارالتنظيمي والمؤسسي الذي يحتوي كافة إتفاقيات التي أسفرت عنها مفاوضات جولة الأوروقواي,وتعمل ضمن منظومة النظام الإقتصادي العالمي على إدارة وإقامة دعائم النظام التجاري الدولي وتقويته في مجال التجارة.
ـ مؤسسة دولية مستقلة من الناحيتين المالية و الإدارية و غير خاضعة لمنظمة الأمم المتحدة.
ـمنظمة دولية تعنى بتنظيم التجارة بين الدول الأعضاء و تشكل منتدى للمفاوضات متعددة الأطراف.
و من خلال هذه التعاريف يتضح لنا أن الـOMC منظمة دولية كغيرها من المنظمات الدولية الأخرى, لكنها تختلف عن منظمتي الـ FMI و BM ففي الـ OMC تتخذ القرارات بمشاركة كل الأعضاء من وزاراء أو مسؤولين عادة ما تصدر القرارات بإتفاق الأراء.
المطلب الثاني: الإنضمام و الإنسحاب
1ـ الإنضمام:
لأية دولة أو إقليم جمركي مستقل أن ينظم الإتفاقية بالشروط التي تتفق عليها بينه و بين المنظمة و سيرى الإنضمام إلى الـ OMC على الإتفاقية التجارية الأخرى و الملحقة بها زفقا للقبول الكلي أو عدمه.
ويتخذ المؤتمر الوزاري قرارات الإنضمام و يوافق على شروط الإنضمام بأغلبية ثلثي أعضاء المنظمة و يتطلب الإنضمام تقديم طلب مرفق بدراسة وافية عن الأوضاع الإقتصادية و التجارية الوطنية مع تقديم تعهدات بلإلتزام بأحكام إتفاقية الـ GATT جميعها و بلإلتزام بإجراء تعديلات هيكلية على أوضاع الدول الإقتصادية و مطابقة لوائحا و قوانينها مع الإلتزامات المنصوص عليها في إتفاقيات الـ GATT و في جميع الأحوال الدولة الطالبة للإنضمام أن تثنت في طلبها فيما إذا كانت ترغب في عدم تطبيق أحكام الإتفاقيات على أي من الدول الأعضاء لأنه لا يحق لها ذلك بعد صدور قرار المؤتمر الوزاري بقبول عضويتها. ـ الإنسحاب:
لأي عضو أن ينسحب من الجات و يسري هذا الإنسحاب على جميع الإتفاقيات متعددة
الأطراف و يبدأ مفعوله لدى إنتهاء فترة 6 أشهر من التاريخ الذي تلقى فيه المدير العام للمنظمة إخطار كتابي بالإنسحاب(1).
المطلب الثالث: الإختلاف
تتمثل أهم الإختلافات بين الـ OMCو GATT من حيث:
1ـ الجانب القانوني: تُعتبر الـ GATT كمجموعة من القواعد مخصصة لغرض محدد و مؤقتة بينما الـ OMC إتفاقياتها دائمة و بإعتبارها منظمة عالمية تتمتع بالأساس القانوني, كما أن الـ OMC تضم أعضاء بينما الـGATT تضم الأطراف المتعاقدة و بالتالي فالـ GATT هي معاهدة دولية و ليست منظمة عالمية كالـOMC .
2ـ الجانب المنهجي: لقد كانت الإتفاقية عبارة عن أداة متعددة الأطراف, حيث تمت الموافقة على سلسلة من الإتفاقيات على أساس أنها متعددة الجوانب, بينما الـ OMC فقد حظيت بموافقة و قبول أعضائها ككيان موحد, لذلك فإن جميع الإتفاقيات التي تشكل هذه المنظمة هي إتفاقيات متعددة الأطراف و تشمل إلتزامات لعضوية المنظمة بمعنى أنه لا يمكن للدول الأعضاء أن تقبل قرار و ترفض آخر بل يجب تقبلها كلها كحزمة واحدة.
3ـ الجانب الشمولي: لقد كانت قواعد الإتفاقية الـ GATT تشمل التجارة في السلع فقط بينما الـ OMC تشمل التجارة و السلع و التجارة في الخدمات بالإضافة إلى حقوق الملكية الفكرية, وعليه فإن المنظمة كانت أكثر شمولا بجوانب التجارة العالمية(2).
(1) الـ GATTو آليات الـ OMC ـ الدار الجامعية للنشر ـ 2005 ـ
(2) إعداد الطالبة * فوناس جميلة * تحت إشراف الأستاذة *حمداوي وسيلة
- مذكرة تخرج : المنظمة العالمية للتجارة - دفعة جوان 2002 -
المبحث الثاثي: مهام أجهزة الـ OMC و أهدافها
المطلب الأول: الهيكل التنظيمي
إن الغرض الرئيسي من إنشاء منظمة التجارة العالمية هو وضع تنظيم قانوني لقطاعات التجارة الدولية المختلفة, حيث يتواجد بجوار التنظيم الشامل للتجارة الدولية و الذي تظطلع به الأجهزة العامة للمنظمة, أجهزة أخرى متخصصة يقوم كل منها بمباشرة إختصاصه في مجال من مجالات التجارة الدولية. و سوف نتعرض من خلال بحث الهيكل التنظيمي للـ OMC لدراسة الأجهزة العامة و الأجهزة المتخصصة و نبرز دور كل من هذه الأجهزة.
أولاـ الأجهزة العامة: هي تلك المنصوص عليها في إتفاقية مراكش التي تشمل كلا من المؤتمر الوزاري, المجلس العام, الأمانة, جهاز تسوية المنازعات¸و أخيراً آلية إستعراض السياسة التجارية.
1ـ المؤتمر الوزاري: يأتي المؤتمر الوزاري لمنظمة التجارية العالمية في مقدمة أجهزة هذه المنظمة و تتضح أهمية هذا الجهاز من خلال التشكيل و الإختصاص.
ـ التشكيل: يتكون المؤتمر الوزاري من ممثلي جميع الأعضاء و هكذا يكون قد تم تطبيق مبدأ المساواة و لا يقتصر هذا الأخير على التشكيل فقط بل يتعداه إلى عملية التصويت فلكل عضو من أعضاء الـ OMC في إجتماعات المؤتمر الوزاري صوت واحد.
ـ الإختصاص: يرغم أن إجتماعات المؤتمر الوزاري دورية فهو يعقد مرة على الأقل كل سنتين, فإن المؤتمر الوزاري يتمتع بخاصية أساسية تتمثل في أن إختصاصه عام و شامل فهذا الجهاز يظطلع بالمهام الرئيسية للمنظمة أي بكل ما يتصل بأداء وظائف المنظمة من مسائل و سلطة إتخاذ القرارات وقد حدد مؤتمر مراكش نطاق إختصاصه, و تشمل تلك المسائل:
ـ منح العضوية أي إتخاذ قرار إنضمام الدول للـ OMC و يتم ذلك بأغلبية ثلثي الأعضاء.
ـ ينفرد وحده دون غيره من أجهزة الـ OMCبمسألة تعديل إتفاقية أو إعفاء أحد الأعضاء
من تطبيق الإتفاقيات التجارية متعددة الأطراف.
أما فيما يخص المشاكل التنظيمية فـ
ـ له الحق في إنشاء لجان محددة كلجان التجارة و التنمية و قيود ميزان المدفوعات و الميزانية و المالية و الإدارة ...... وله أيضا حق إنشاء أي لجان إضافية لأداء ما يراه مناسباً.
ـ كما له الحق في تعيين المدير العام الذي يرأس أمانة المنظمة و إعتماد الأنظمة التي تحدد سلطاته و واجباته و شروط خدمته و فترة شغل المنصب.
2ـ المجلس العام: يعد المجلس العام الجهاز المحوري للـOMC حيثيتألف من ممثلي جميع الدول الأعضاء و الذي يظطلع و يباشر بمهام المؤتمر الوزاري في الفترات التي تفصل بين إجتماعاته أي له صفة الإستمرارية و يقصد بذلك قابلية الجهاز للإنعقاد في أي وقت يتم تحديده وللمجلس العام إختصاصات متعددة تختلف طبيعتها فهي:
ـ الإختصاص الإداري: يتمثل في إعتماد الأنظمة المالية و تقديرات الميزانية السنوية.
ـ الإختصاص الرقابي: لقد منحته الفقرة الرابعة من المادة الرابعة من إنفاقية مراكش الحق في الإنعقاد حسبما يكون ذلك مناسباً للإضطلاع بمسؤوليات جهاز مراجعة السياسة التجارية.
ـ الإختصاص القضائي: فالمجلس العام ينعقد للإضطلاع بمسؤوليات جهاز تسوية المنازعات المشار إليها في وثيقة التفاهم الخاصة بتسوية المنازعات.
كما أن للمجلس العام علاقة مع الأجهزة الأخرى للمنظمة فهو يقوم بالإشراف العام على المجالس النوعية كمجلس التجارة في السلع و مجلس شؤون التجارة في الخدمات و مجلس شؤون جوانب حقوق الملكية الفكرية, كما يقوم بإعتماد قواعد الإجراءات للمجلس المذكورة. أما فيما يخص علاقته مع المنظمات الدولية فيملك وحدة الحق في وضع ترتيبات إقامة التعاون مع كل المنظمات الدولية الحكومية الأخرى التي لها مسؤوليات تتصل بمسؤوليات منظمة التجارة العالمية.
3ـ الأمانة: يتم إنشاء الأمانة من خلال المؤتمر الوزاري و التي يرأسها الموظف الإداري ألأكبر و الذي يطلق عليه المدير العام و يحدد المؤتمر الوزاري سلطته و واجباته و شروط خدمته و فترة شغل منصبه كما يسبق الذكر, و يقوم المدير العام للأمانة بتعيين موظفي الأمانة وفقاً للقواعد التي يعتمدها المؤتمر الوزاري, و تتولى الأمانة :
ـ مسؤولية التحكم في فرق التحكيم بوجهة خاصة في الجوانب القانونية و الإجرائية للأمور المعروضة و تقديم الدعم الكتابي و الفني.
ـ تساعد الأعضاء فيما يتصل بتسوية المنازعات بناءاً على طلب الأعضاء(1).
4 ـ جهاز تسوية المنازعات: يتولى المجلس العام للـ OMC مهمة فض النزاعات التجارية بين الدول الأعضاء ففي حالة حدوث النزاع يتم تشكيل لجنة للتحقيق في الموضوع و إقتراح الحكم المناسب, و عند صدور الحكم من قبل المجلس العام لا يمكن للطرف المتضرر إتخاذ أي إجراء عقابي بناءا على قرار ذاتي كما أنه ال يمكن للعضو المتهم خرق القواعد و عرقلة حكم هيئة فض النزاعات.
و في حالة رفض العضو المتهم تعديل تصرفاته التجارية تفوض المنظمة إلى الطرف الآخر المتضرر توقيع العقوبة.
و تشير بعض الإحصائيات أن حالات تسوية المنازعات التي أصدرتها أمانة الـ OMC منذ إنشائها سنة 1959 و حتى شهر ماي سنة 2000 بلغ عددها حوالي 200 حالة وكان نصيب الدول النامية أكثر من الربع(2).
(1) الكاتب *مصطفى سلامة * ـ قواعد الجات ـ المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر التوزيعي ـ طبعة أولى 1998ـ ص 48, 54.
(2) من إعداد الطالبة *فوناس جميلة* ـ تحت إشراف الأستاذة *حمداوي وسيلة* ـ مذكرة تخرج: الجزائر والمنظمة العالمية للتجارة ـ دفعة جوان 2002 ـ ص67 ـ 68.
5 ـ جهاز إستعراض السياسة التجارية: يعتبر هذا من أهم أجهزة الـ OMC إلى جانب جهاز تسوية النزاعات, و قد أُنشأت لتكرس مبدأ الشفافية عن طريق المراجعة الدولية للسياسات التجارية لمختلف الدول الأعضاء, و الهدف من إنشاء هذا الجهاز يتمثل في القيام بتقويم عام و شامل للعلاقة بين السياسات و الممارسات من ناحية و نظام الدولة من ناحية أخرى فالجهاز يهدف إلى القيام بعملية التقويم من أجل بحث كل من الآثار الإيجابية و الآثار السلبية لسريان قواعد النظام الدولي التجاري.
ثانياًـ الأجهزة المتخصصة:تنقسم الأجهزة المتخصصة في إتفاقية مراكش إلى نوعين, النوع ألأول يتعلق بقطاع من القطاعات محل التنظيم و يُسمى بالمجالس و النوع الثاني من هذه الأجهزة يختص بمسائل محددة وردت في إنفاقية مراكش أو ملاحقها و يطلق عليه اللجان.
1 ـ المجالس: لقد نصت الفقرة الخامسة من المادة الرابعة من إتفاقية مراكش تنص على إنشاء المجالس الثلاثة التالية:
ـ مجلس شؤون التجارة في السلع و الذي يشرف على سير إتفاقيات التجارة متعددة الأطراف.
ـ مجلس شؤون التجارة في الخدمات يشرف على سير الإتفاقيات العامة للتجارة في الخدمات.
ـ مجلس شؤون الجوانب المتصلة بالتجارة لحقوق الملكية الفكرية و يطلق عليه مجلس الفكرية, و يقوم هذا المجلس بالإشرتف على سير إتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية(1).
(1) الكاتب *مصطفى سلامة * ـ قواعد الجات ـ المؤسسة الجامعية للدراسات و النشر التوزيعي ـ طبعة أولى 1998ـ
2 ـ اللجان: هناك أربة لجان تتمثل في:
ـ لجنة التجارة و البيئة تهتم بدراسة ثأثير التجارة على البيئة.
ـ لجنة التجارة والتنمية فهي تركزعلى الإهتمام بدول العالم الثالث وخاصة الدول الأقل نمواً.
ـ لجنة القيود الخاصة بميزان المدفوعات تقدم الإستثمارات بالقيود التي ترد على التجارة لأهداف ترتبط بميزان المدفوعات.
ـ لجنة الميزانية و المالية تشرف على المسائل الداخلية للمنظمة و الخاصة بالميزانية, حيث إن حصة كل عضو في المساهمة تكون بالتناسب مع أهمية تجارته الخارجية, فقد باغت حصة الو م أ 15.7% من ميزانية الـ OMC في حين تبلغ مساهمة الدول الإسلامية 5.5% من ميزانية المنظمة, للإشارة فقد بلغت مساهمات أعضاء المنظمة حوالي 74 مليون دولار في سنة 2000(1).
(1) من إعداد الطالبة *فوناس جميلة* ـ تحت إشراف الأستاذة *حمداوي وسيلة* ـ مذكرة