** قال لي صديقي الفيلسوف و قلت له ** (( الحلقة الثانية ))

[عطر الملكة]

قال لي صديقي الفيلسوف عما علمته الحياة









عادت مشغوفة الفلسفة كعادتها..
لزيارة منبر العلم في حياتها..
طرقت الباب.. واستأذنت... والآن...
هي جالسة قرب صديقها الفيلسوف..
يدور بينهما هااااذا الحديث...

- ما عندك اليوم.. يا صديقي الفيلسوف..؟

- عندي كل ما تأملين بمعرفته..
فقد علّمتني الحياةُ يا صغيرتي..
أن الاستقامةَ طريقٌ أوّلها الكرامة..
وأوسطها السلامة..
وآخرها كسبُ حبّ الناس.....

- نعم.. وماذا بعد؟؟

- وكذا علّمتني الحياةُ..
أن النجاح ليس لمن سبق.. بل..
لمن استمرّ وصدق.... وأنها- أي الحياة-
كالماء المالح.. كلّما ازددتُ منه شرباً..
كلما أحسستُ بالعطش..
. وأخيراً تعلمتُ من منهل الحياة هذه..
أن أجعل من قلبي مدينة.. بيوتها..
الحب والبذل والعطاء الصادق.........

- هاااه... وماذا بعد يا فيلسوفي العزيز..
لماذا توقّفت..؟!؟

فقال والابتسامة تغزو نواجذه :
أردتُ إختباركِ.. لأرى إن كنت
حاضرةَ الفكرِ.. أم سرحتِ؟

- إذن... ما زال هناك بقيّةٌ للحديث..!

- نعم... فما زال في جعبتي الكثير يا صديقتي...

فضحكت بسعادةٍ غامرة..
وقد إطمأنّت على بقاء مساحةٍ من الوقت
لإجتماعها معه.. في حلقة العلم والفلسفة
هذه.. التي كلما خرجت منها..
عاشت على أمل الدخول اليها في
مرة أخرى قادمة.... ثم قالت:

- إنّي مجنونة ُ أحاديثك
يا صديقي الفيلسوف.....

- نعم.. أعلمُ هذا....
ولكنّك عصبيةٌ في طلب العلم يا ينيّتي..
وأنا قلقٌ على أعصابك أيتها الطالبة النجيبة..!!
وأريدك أن تستمعي لي بهدوء..
وتسألي عما تريدين بهدوء..
ولك كلّ ما تريدين...
- معك حقّ يا فيلسوف..
أعدك بهذا....



- إذن لنكمل حديثنا....

- نعم.. لنكمل حديثنا يا صديقي....
( قالتها وتنهيدةٌ تُنبأ عن خبرٍ مخبّئِ
في قلبها الصغير...)

- علّمتني الحياة يا صغرتي..
بأن وقودها المرأة.. وشعلتها الرجل..
وتعلّمتُ من منهل الحياة هذه..
أنَّ قلب المرأة صندوق.. مفتاحه عقل الرجل..
وحلاوة لسانه.. وعلّمتني الحياة أيضاً..
أن أصعب ليالي الفراق.. الليلة الأولى..
وأن الاشتياقُ لشخص ما..
هو إدمان لا يحاسب عليه القانون...

- نعم.. فما للقانون ومشاعر الناس..
اذا ما اتّقد الشوق في قلب أحدهم تجاه
أحدهم الآخر.. اذا ما طال غيابه؟؟

- هذا صحيحٌ إي بنيّة..
وشوق الانسان لهذا الانسان الغائب
مع غلاوته على القلب..
هو الإدمان على صحبته.. وتفضيلها
على غيرها من صحبة البشر....

- نعم... تابع يا صديقي قبل أن تملَّ
صحبتي لكثرة أسئلتي.. فتتوقّفُ مُنزعجاً..
عن إفادتي....

- نعم.. ولكن لا تقولي
" تملَّ صحبتي" بل قولي "
يصيبك الاعياء.. فتتوقّف مضطراً
عن الكلام" ههههههه..!!

- هههه ! ..
إذن هات ما تبقى قبل أن يحدث
هذا يا فيلسوفي العزيز...

( قالتها وهي تضحك بشقاوةٍ طفوليّة..
مما جعله يضحك هو الآخر
على طريقتها في قول تلك الجملة..)

- بنيّتي.. لقد همست لي الحياة ذاتَ يومٍ وقالت:
إن أضعف الناس من قال أنّه عَلِمْ....
( قالها وهو يتثاءب..)

- هل أصابك النعاس يا صديقي الفيلسوف؟

فقال والارهاق بدأ يثقل الكلمات
أثناء نُطقه لها:

نعم بنيّتي..
فهلا عفوت عني الآن..
فقد أصابني من الإعياء ما ترينه بعينيك..
فقد طال بي السّهر الليلة الماضية...

- عافاك الله يا فيلسوف..

- يحفظك الله ويرعاك..

- أتركك الآن لترتاح على أن نلتقي
غداً باذن الله....

- إلى الغد يا بنيّتي...
- إلى الغد يا فيلسووووف....



* * *


نقلا عن احد البرامج الاذاعية المصرية