حتراق الأشواق وبصيص الأمل - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > قسم الإبداع > قسم القصة ، الرّواية والمقامات الأدبية

قسم القصة ، الرّواية والمقامات الأدبية قسمٌ مُخصّصٌ لإبداعات الأعضاء في كتابة القصص والرّوايات والمقامات الأدبية.

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

حتراق الأشواق وبصيص الأمل

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-12-10, 09:23   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
sellaw
عضو مجتهـد
 
الصورة الرمزية sellaw
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي حتراق الأشواق وبصيص الأمل

احتراق الأشواق وبصيص الأمل

وقف يقلّبُ بصره ذات الشِّمال وذات اليمين ، والخوف بعينيه والوحشة والحنينُ يملآن المكان الذي يحيط به.. يتأمل تارة شجرة الزيتون التي تقبع بجانبه ، وقد هرمت أغصانها وتشقق جذعها .. وبعض آثار البناء التي وكأنها بقايا من قصر سليمان.
المكان هو المكان ..لكن الزمان طبَع عليه وشْم الوحْشة ، وظلمة الفراق..وهجر الأحبة..تنهَّد تنْهيدة طويلة كأنها خرجت من أعماق الأرض ،لتخرج معها شُواظا من ألم السنين.. وحُرْقة الاغتراب..
الشمس تجري لمُستقر لها ،وراء السحب صفراء عاصبة الجبين ، والنهار يسْحبُ نوره رويدا رويدا.. كأنه يودِّع هذا الزائر الغريب، الذي لم تألف طَبْعه الطيور ولا حصاة المكان... يضع يديه على رأسه ،ينظر يمينا وشمالا .. فلا يرى أثرا لإنس ولا جان ..تزداد نبرات الحزن والأسى .. ينكش المكان برجله وكأنه يبحث عن خارطة الكنز المفقود.. الذي ضاع منه عندما كان غَضَّ العود..
..... هناك في الأفق البعيد ،تلوح غمامة تجلَّلها حمرة شمْسِ المغيب .. يفتح عينيه عن آخرهما علّه يرى من يزيح عنه الغمّ ، وينير له درب الحَيْرة ..ويعيد له رُشده الذي كاد يطير. تمضي الهُنَيْهةُ آهات واللحظة ساعات – ما أصعب الانتظار- وكوكبة الخلاص ..تتباطأ وكأنها تتصَنَّع البُطْء عنادا فيه.
ترتسم على وجهه وجبينه أخاديد العُبوس ، وتجاعيد اليأس ..ويتردد في ذهنه ألف سؤال وسؤال – كانت هذه نقوش لحظة من الانتظار-
... فكيف يا ترى يكون حال القلب الذي تركه يتقلب على نار الفراق ؟؟؟ وكيف تكون صورة ذاك الملاك الطاهر الذي ودّع قطعة من كبده يوم أن ودّعه ،ورائحة احتراق الأحشاء تُعبِّق الأرجاء ، بسكون تتخلله أنّات الانكسار... وكيف يكون ذلك الوجه الممتلئ ، المدوَّرُ الذي انهمرت عليه أودية ، كانت تخبئها عينان صغيرتان ...
وكيف يكون ذلك الجسم الممشوق الذي كانت تتفجّر منه الحيوية والنشاط .. يوم أن وضع يده في يد حبيبة قلبه ..وخرج دون أن يودّع ، الحِجر الذي ترعرع فيه ..والصدر الحنون الذي طالما لثم ثديه ، وداعب دقات قلبه.. والشفتان اللتان طبعتا قبلاتهما على جبينه ، بل على كامل جسده ..و..و...
... ومَضاتُ برْق الذكريات .. وآلام النّدم ، تنْخرُ قلبه ... لتُغرِقه في بُحيْرة الدموع .. يجثو على ركبتيه ، وكأنه يطلب من الزمان أن يرجع ، ليصحح بعض أخطاء طيْش الشباب ، أو ليكفر عن عُقوق لم يكن يعرف أنها عقوقا حتى صدمته عَرْكَةُ الحياة ،وتجَرّع من نفس الكأس التي سقى بها أمّه ،، ياه .. يا للأقدار ، كيف تلفّ وتدورُ لترجع بنا دائما إلى نقطة البداية.... ....... هيهات ..هيهات .. أن ترجع ولو لحظة من لحظات الماضي .. وهيهات ..هيهات أن تغير ولو بمقدار ثقب الإبرة ،في نقشٍٍ قد رُسمْت فصول روايته على صفحات الماء.. وهيهات أن تكفر عن زفرة من زفرات قلب الأم ..حتى ولو أكلت أصابعك ندما .. أو بكيت بدل الدموع دما ..؟؟.. ولكنه قلب الأم..؟؟..

أغْرى اِمرئ يومًا غلاما جاهلا
بنقودِهِ كيْ ما ينال به ضرر
قال اِئْتِني بفؤاد أُمك يا فتى
و لك الجواهر والدراهم والدُّرر
فمضى و أَغمد خنجرا في صدرها
و القلب أَخرجه و عاد على الأُثر
لكنه من فرط سُرعته هَوى
فتدحرج القلبُ المضرَّجُ إذْ عثر
ناداه قلب الأم و هو معفَّر
ولدي حبيبي هل أصابك من ضرر
فكأن هذا الصوت رغم حُنوِّه
غضب السماء على الغلام و قد انهمر
فارتد نحو القلب يغسله بما
لم يأته أحد سواه من البشر
و اسْتل خنجره ليطعن نفسه
طعنا فيبقى عبرة لمن اعتبر
و يقول يا قلب انتقم مني ولا
تغفر فان جريمتي لا تغتفر
ناداه قلب الأم كُفَّ يدًا و لا
تذبح فؤادي مرتين على الأثر


.. يفتحُ عينه وقد مسح ظلام الليل معالم الطريق .. حتى أنه أصبح لا يفرق بين شماله من يمينه .. وتختفي تلك الغيمة التى كان يرى فيها الخلاص.. يتلمس المكان بيديه، وقد امتزجت في عينيه جميع الألوان حتى صار يراها لونا واحدا ، كما امتزج لديه الندم ،والحنين ، والشوق، والخوف حتى صار لا يفرق بينها..يلملمُ أشلاء جسده المُثْقلِ بكل أنواع الهموم ..ليسند ظهره إلى جذع الزيتونة العجوز ..
شعور غريب يحُسه ولأول مرة منذ سنوات طوال ..حتى أن النوم بدأ يداعب أجفانه ...اللعنة على التفكير ، إنه أَلَدُّ أعداء النوم .. .وهو في أمسِّ الحاجة إلى لحظة نوم..
يَخْلدُ للنوم وكأنه ينام على سرير من حرير..أو أنه على بساط ملَكِيٍ من ألف ليلة وليلة.. يغُطّ في النوم كأنّه لم ينم منذ عام .. تُرسِل خيوط الفجر نورها ليمسح حزن الليل ،وينير درْب الكائنات ، لتمضي إلى جمع قوتها .. فيلامس هذا النور عيناه ..فيفتحهما .. وإذا به ينام على ركبة عجوز كأنها مومياء فِرعونية محبكة التحنيط.. يلعن مرة أخرى التفكير ،الذي يريد أن يحرمه من غِبطة في النوم لم يشعر بها منذ زمن بعيد.. ويغمض عينينه مرة أخرى عَلَّه يختلسُ نظرة من وجه أمِّه التي تركها دون وداع منذ وأزْيَد من عشرين عاما.

-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
لكل بداية نهاية أو خاتمة وأجمل ما في القصص خواتمها .. وأحببت أن يضع كل واحد الخاتمة التي يراها مناسبة لشعوره. ولكم مني فائق الإحترام .








 


رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
الأمل, الأسواق, حتراق, وبصيص


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:30

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc