المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الهامل الهامل
-iii الاقتصاد الجزائري و العولمة: (1)
لازال الاقتصاد الجزائري يعيش واقعا متدهورا من جميع الجوانب (الفلاحة, الصناعة, الإدارة, التجارة...), فقد عاش و لمدة طويلـة تحت رحمة القرارات و المراسيم عن طريق التخطيط المركزي, حيث البيروقراطية الإداريـة, و العقود و الصفقات السياسة, بعيدة عن السوق أي عن العرض و الطلب و المنـافسة. جاءت الصدمة البترولية عام 1986 كشفت عن هشاشة و ضعف المنظومة الاقتصادية, حيث وصل حجم التضخم إلى %42 و إنخفظت طاقة المصانع إلى ما دون %50, و قلة المداخيل و ضعف الاستثمارات و إنخفظت قيمة العملة, و بهذا أصبح الإقتصاد الجزائري يمر بمرحلة انتقالية ظهرت سلبياتها في الميدان الصناعي و الاجتماعي في 1994-04-12, كانت المحطة الأولى في مسيرة الاقتصاد الوطني, و ذلك بالتوقيع على (رسالة رغبة) مع المؤسسات المالية الدولية ثم القبول بشروط صندوق النقد الدولي, و نادي باريس, و من هذه الشروط:
- تقليص مصاريف الدولة و الخاصة بالشؤون الاجتماعية؛
- الحرية الشاملة الأسعار؛
- تخلي الدولة عن دعم الشركات و تطبيق الخصخصة و تشجيعها؛
- الحرية المطلقة للتجارة الخارجية و الرفع من الضرائب لدعم تمويل الخزينة؛
- مراقبة شديدة لتعديل ميزان المدفوعات؛
- تجميد الأجور و التخفيض من استثمارات القطاع العام؛
هذه التوصيات يتم تسييرها من طرف نادي باريس في حالة الجزائر, و السؤال المطروح في هذا السياق هو: لـماذا لـم يستطـع الاقتصاد الجزائـري من تحقيق القفزة ؟
- لابد من استراتيجية شاملة (أي التنسيق بين كل القطاعات) في الجزائر؛
- إرادة الجزائر إلى الدخول إلى اقتصاد السوق بقطاع عام مريض و مفكك و بمؤسسات لا تملك الفعالية و لا الخبرة في آليات السوق,
- لم تستطع مؤسسات الاقتصاد الوطني الزيادة في العرض, و بالتالي المزيد من الاستيراد, الشيء الذي أدى إلى ارتفاع فاتورة المواد الغذائية؛
- قطاع الفلاحة لازال يعاني من بعض الأمراض المزمنة منها الملكية العقارية, فحسب قانون 19/87 يعطي حق الملكية لكل المنشآت و التجهيزات و المخازن للمستفيدين, و يعطي حق الملكية لفوق الأرض و الانتفاع و الاستفادة منها, فأصبح الفلاح المستثمر غير مطمئنين للاستثمار, و كذلك عدم وجود بنوك للتمويل و أصبح المستثمر يستأجر الأرض لأناس آخريـن.
- وسائل الإنتاج و منذ عام 1994 أصبحت السوق حرة.
فكيف نتعامل مع العولمة بقطاع فلاحي, لم يستطع توفير المواد الغذائية الاستراتيجية (سكر, سميد, حليب, أدوية...), و أن وجود أخصب الأراضي تتقلص نتيجة زحف الإسمنت, و من جانب آخر هناك زحف الصحراء على المناطق الرطبة و شبه الرطبة, و التي هددت الملايين من الهكتارات منها الجلفة, كما أصبحت تهدد 04 ملايين ساكن في السهوب بماشيتهم.
في الصنـاعـة:
عرف هذا القطاع تدهور بعد أن دخل الخصخصة, و لم يعرف القفزة المنتظرة منه, بل عرف تراجعا كبيراً, فقد دخل اقتصاد السوق بعملية قيصرية, بهياكل قديمة ذات إنتاج ضعيف, و يفتقر لشروط المنافسة, و من الصعب أن نطلب و نزعم قطاع عام صناعي كان سياسيا أكثر منه اقتصادي, يسير بالقرارات للدخول في اقتصاد السوق, المبني على المنافسة و التحرير.
فرغم الإجراءات التي اتخذت مع المؤسسات العمومية (إعادة هيكلة, استقلالية المؤسسات, التطهير المالي) لم يستطع هذا القطاع أن يستجيب للأهداف التي رسمت له, فهناك أرقام تتحدث عن 900 مليار دينار للتطهير المالي, و ذلك لإنعاشه و توفير مليونان منصب شغل, لكن المؤسسات القديمة و عدم التنسيق بين الميكانيزمات الاقتصادية عرقلت المخطط ( فلا النظام البنكي, و لا النظام التجاري, و لا التسيير الإداري) استجابت لآليات السوق, ضف إلى ذلك عدم وجود تأهيل العمال و الذهنيات السابقة كلها أدت إلى تدهور هذا القطاع.
القطـاع الخـاص:
لا بد من تشجيع هذا القطاع, و على الدولة أن ترفع احتكارها على بعض القطاعات كالنقل الذي عرف تحسناً كبيراً, و المشكل الكبير هو أنه كيف يمكن لمؤسسة غارقة في الديون الدخول إلى اقتصاد السوق, و من المشاكل التي تعرقل مسيرة الاقتصاد لوطني مشكل المديونية التي انعكست نتائجها على التوازنات الاقتصادية.
التجـارة:
إن الجزائر عضواً في المنظمة العالمية للتجارة الحرة, فقد بدأت كعضو ملاحظ في الجات سنة 1987 لتصبح عضواً في المنظمة التجارية الحرة, و في عام 1996 دخلت رسميا في المنظمة. و المنظمة العلمية للتجارة هي إحدى آليات العولمة بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي و البنك الدولي, و بالتالي كيف يمكن للتجارة الجزائرية مجابهة المؤسسات الأجنبية و تمركز رأس المال لدى الدول الكبرى, و شروط الانضمام إلى المنظمة العلمية للتجارة قياسية, كفتح السواق, تسهيلات جمركية, تحويلات للعملة, تسهيلات في النظام الضريبي, حقوق الملكية الفكرية... و الدخول في المنظمة العالمية للتجارة يتطلب الكفاءة, التحكم في تكنولوجيا المعلومات, الجودة, الخدمات.
الخاتمة:
من خلال بحثنا هذا توصلنا إلى أنه لا يوجد تعريف متفق عليه لظاهرة العولمة, حيث:
1- العولمة تعني إزالة الحواجز السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية حتى تتحرك رؤوس الأموال و الأفكار و السلع و الخدمات بحريـة.
2- العولمة هي الوجه الحديث للاستعمار, و الموجة الجديدة ن سيطرة الغرب الأوروبي و الأمريكي على مقدرات العالم الثالث.
3- العولمة هي المرادف للأمركة و الهيمنة الأمريكية و لسيادة نمط الأفكار الأمريكية و الثقافة الأمريكية.
4- العولمة ليست إلا ستاراً تتحرك تحته الشركات العملاقة متعددة الجنسيات و عابرة القارات, و التي ترفع شعار العولمة كي تفسح لنفسها طريق التوغل, و ترفع شعار العولمة كي تزيل التشريعات المحلية و المنافسات المحلية, فتنتشر دون أي عائق, بغض النظر عما إذا كانت مصالح هذه الشركات تضر بمصالح الدول الفقيرة في العالم الثالث.
5- العولمة ليست ظاهرة تلقائية, بل فرضتها وقائع تاريخية معينة و أسهمت في تفعيلها و سرعة انتشارها.
و في الواقع ليس صحيحاً أن العولمة في حدّ ذاتها تضمن الخير لكل الناس, و ليس صحيحا كذلك أن العولمة في حدّ ذاتها شراً مطلقاً, و لكن العولمة لها إيجابياتها و لها سلبياتها التي يمكن تفاديها بأساليب معينة.
و الحقيقة الواضحة بشأن العولمة, هي أنّ هناك دولا استفادت بصورة فعلية من العولمة, بينما هناك دول تندفع نحو المزيد من التهميش, على الرغم من أنها مندمجة في تيار العولمة. و بمرور السنوات, فإن التأثير المتراكم لهذه الظاهرة بدأ يعكس نفسه بصورة ملحوظة في معادلة واضحة, طرفها الأول الازدهار المتواصل و الشامل في كل مجالات الاقتصاد الأمريكي, و طرفهـا الثاني تراجع الاقتصاديات الأخرى, بدءاً من اقتصاديات الدول المتقدمة نفسها, و التي تنتقل و تهاجر منها رؤوس الأموال التي تحلم بالاستقرار في السوق الأمريكية المنتعشة إلى غيرها من الاقتصاديات.
منذ بدأت دول الجنوب أو ما يسمى بدول العالم الثالث النامية في الحصول على استقلالها بعد الحرب العالمية الثانية, و الهاجس الرئيسي الذي يشغل جميع الأذهان في هذه الدول هو: كيـف يمكن تحقيق التنمية ؟ أو بعبارة أخرى: كيف يمكن لهذه الشعوب التي تحررت من ربقة الاستعمار أن تتحرر من ربقة التخلف و الجهل, الذي ران على صدورها عقوداً بل قروناً من الزمـن.
و لا بد من الاعتراف بأن ما تم إنجازه في العالم الثالث بشأن التنمية و التقدم, يعد ضئيلاً بالقياس إلى فترة الاستقلال التي تقرب من نصف قرن, و يعد هامشيا إذا ما قورن بالقفزات الهائلة و المتسارعة التي يتحرك بها العالم المتقدم, مما زاد من اتساعه الفجوة بين الشمال و الجنوب, أو بين الدول الاستعمارية سابقا و مستعمراتها, التي حصلت على استقلالها لاحقاً, و لا خلاف كذلك حول النتائج و حصيلة عمليات التنمية التي جرت في الكثير من دول العالم الثالث, و الواقع أن دول العالم الجنوب و شعوبها في حاجة إلى استراتيجية سليمة تمكنها من تفادي مخاطر العولمة و تمكنها من الاستفادة مما تحمله من فرص إيجابية.
|