الجمهوريةالجزائريةالديمقراطيةالشعبية
وزارةالتعليم العالي والبحث العلمي
المركز الجامعي زيان عــاشور
-الجلفة-
معهد اللغة العربية وآدابها
الموضوع:
مقدمــة في السيميائيات
أو السيميولوجيا
(بحث في مقياس علم الدلالــة) إعداد وتقديم الطالب عيـسى بـــــونـوه
السنة الثانية آداب 2003/2004
ديسمبر2003
================================================
_ مقدمـــة
_ فصل تمهيدي / تعريف لفظ سيميولوجيا و نشأتها
1_ التعريف اللغـــوي .
2_ التعريف الاصطلاحي .
الباب الأول / أهم المدارس السيميولوجيا و اتجاهات علمائها
فصل 1 / اتجاهين رئيسيين
اتجاه 1 _ سيميولوجية الإتصال _ عند اريك بويسانس
اتجاه 2 _ سيميولوجية الدلالـة _ عند رولان بارت
فصل 2/ السيميولوجية الثقافية _ عند يوري لاتمان و غيره
فصل 3 / السيميولوجية الأمريكية
الباب الثانـي / تعريف المؤشر و الإشارة
الباب الثالث : أنــواع العلامــــات
عنصر 1_ علامة دالــة
عنصر 2_ علامـة تطابق
عنصر 3_ علامة اتصـال
الباب الرابـع : لغــة الحيــوان
مميزاتها / أ_ إشارات مشخصــة .
ب_ منعدمـة الوعــي .
ج_ غير مكتملة الجملـة .
د _ منعدمـة الحــوار .
هـ_ منعدم التقطيع الثنـائي .
_ خاتمــــة .
_ قائمــة المراجـــع .
بسـم الله الرحمن الرحيـم
مقدمــة
ما أدى بي الى التطرق لهذا الموضوع هو أهميته العلمية كون علم العلامات حديث النشأة و إن كان في الأصل لفظا مخفيا ضمن علوم أخرى ، منها القديم كما ورد في تعريف لإبن خلدون بأنّ السيمياء (اللفظ) هو البحث في أسرر الحروف و الطقوس السحرية ، أو لفظا مستعملا في علوم حديثة كعلم الأجتماع و علم النفس ، و لكن فضل نشأة علم السيميائيات (السيميولوجيا) يعود الى التنبيه الذي ورد عن عالم الألسنة " فرديناند دو صوسير "FERDINAND DE SAUSSURE (1) بأنّه يستوجب الإلتفات الى العلامات و دراستها مستقلة كعلم قائم بذاته في إطار ما يسمى بعلم الدلالة ، و هو الذي أرسى دعائم هذا العلم و افترض نشأته ضمن الكتاب الذي جمع دروسه و المعروف بـ "دروس في اللسانيات العامة " بسعي من طلبته في 1916 و ذلك منذ حوالي قرن من الزمن ، أمّا الذي نحت المصطلح "علم السسيميائيات " فهو معاصره " شارل بيرس " (2)
وعليه فإنّه لا يخفى على أحد أنّ لكل شيء أثر في الوجود ،والأثـر يـدل على المؤثر،ومرادف هذا المعنى الدليل ، و الدلالة على الشيء و وجوده ، و الدليل يتطلب إشارة تدل عليه و علامات ترشد إليه .
و في تطبيق ذلك ينبغي الالتفات الى علم الدلالة و منه الى علم الإشارات و العلامات في المجتمعات الحيوانية (الحياتية) فيتعيّن القول أولا أنّ جهاز النطق أو التصويت الموجود لدى الانسان يحدث نفس الأصوات التي تحدثها الطبيعة لو بقي على شاكلته الأولى .لكن الانسان تفرد عن الحيوانات باستغلال صوته لإحداث مقاطع صوتية جد مختلفة و متنوعة بهدف الاتصال والتبليغ و التفاهم مع غيره .
حقا أنّ كل شيء يتكلم على الطبيعة إذا كنا نعني بذلك نقل معلومات ما ، فأغصان الأشجار المائلة دليل على أنّ ثمّة ريحا هوجاء ، و السحاب الداكن نذير عاصفة ، و غليان الماء ينبئ بوجود قد فوق النار ، و الحرارة المرتفعة في جسم الانسان علامة دالة على مرض ما ، لكن الطبيعة لا تخاطب كائنا بعينه : فالسحاب لا يقصد التحذير من وقوع عاصفة و الأغصان المائلة لا تريد أن تخبر بشيء عن هبوب الريح . و لهذا ، فإنّ الطبيعة قد تدلنا على شيء معيّن ، دون أن تتحدث معنا . و بالتالي ، فليس هناك أي اتصال _ أو ما يشبهه _ بينها و بين الإنسان .
و هذه الإشارات الطبيعية أو الموضوعة من طرف الانسان تعرف بالعلامات و هي سمات دالة على مصدرها أو مآلها ، و العلامة أو السّيمة ، تعرف في الإغريقية القديمة بعبارة "سيميو"
" simio " ، و منها ركّبت كلمة سيميو/ لوجيا أي علم العلامات .
ـــــــــــــــــ
1_ فرديناند دو صوسور / لساني سويسري _ ولد بجنيف في 1857 و توفي في فولفنز (سويسرا ) في 1913 .
2_ شارل ساندرس بيرس / فيلسوف و منطقي Logicien أمريكي ولد في كمبريدج (ماساشوساتس) في 1839
و توفي في ميلفورد (بنسيلفانيا) في 1914 .
فصــل تمهيـــدي
تعريف لفـظ " سيميولوجيا " ونشأتها/
1) التعريف اللغــوي/
أ_ ( منجد اللغة و الأعلام ط 29 _ ط 1988 /مادة سام _ )
هي نظرية أو علم عام للعلامات .
السيمة _ السّومة _السيما = السيمياء = العلامة
السيماء _ السيمى = العلامة و الهيئة .
يقال سيمته = علامته .
==============================
ب_ في منجد لاروس لفظ معروف منذ 1741 استعمل منذ 1910
لغويا ، أنّه دراسة تطور و دور العلامات الثقافية في حياة الجماعات Etudes du developpement et du role des signes
Culturels dans la vie des groupes.
_ مرادفها سيميوتيك . semiotique
=============================
ج_ لاروس الصغير المصوّر ط 1990 . = semiologie
مرادفها semiotique
و هي علم طرق انتاج ، و طريقة استقبال مختلف أنظمة الإتصال بين الأفراد أو المجموعات .
semio = ومعناها/الإشارة (يوناني) .
ملاحظـــة :
و أورد أبو العباس محمد بن يزيد المعروف بالمبرد النحوي المتوفي في 285 هـ في كتاب الكامل في اللغة و الأدب تحقيق "نعيم زرزور" و" تغاريد بيطون "_ طبعة بيروت 1987 .
إنّ لفظ سيما الواردة في عدّة مواضع من القرآن الكريم هي العلامة والإرسال.
قوله سبحانه / " يُعرَفُ المُجرمونَ بسيماهم " (سورة الرحمن 41) " يسومونكم سوء العذاب " (سورة البقرة 49) " و الخيل المسوّمة و الأنعام" (سورة آل عمران 14)" حجارة من سجيل منضود مسوّمةً عند ربّك " (سورة هود 83 )
و في هذا المعنى قول الشاعر :
غلام رماه الله بالحسن يافعا له سيمياء لا تشق على البصر
(كأنّ الثرياء علقت في جبينه وفي أنفه الشعرى جيده القمر )
ولكن جذر الكلمة سيما أو سيميو اليونانية يلتقي في أنّها لفظ يدل على " العلامة" سواء استعمل اللفظ في البحث في أسرار الحروف و الطقوس السحرية كما ذهب إليه " ابن خلدون " أو استعمل في التعبير الأدبي اللغوي كما جاء في القرآن الكريم في سورة الفتح الآية الأخيرة " سيماهم في
وجوههم من أثر السجود " و هو ما يفسّره قاموس اللغة العربية في مادة / سام : بأنّها العلامة و الهيئة (منجد الأعلام ) .
2) التعريف الإصطلاحي /
السيميولوجيا هي علم العلامات و قد جاء في قاموس هاشيت طبعة 1989 بأنّها :
" العلم الذي يبحث في الدلالات اللغوية و غير اللغوية " و هو التعريف الذي توسع فيه هذا القاموس نقلا عن الموسوعة الفرنسية بأنّه :"هو العلم الذي يهتم بدراسة الإشارات في الحياة الاجتماعية (لغات طبيعية ، رموز، نظام إشارات أو علامات ) . و ف/ دي سوسير الذي أدخل لفظ سيميولوجيا في اللسانيات المعاصرة ، يعطي نموذجا عن مثل هذه الأنظمة للعلامات لطقوس رمزية ، أبجدية الصم البكم (إشاراتها) علامات التأدب ، الإشارات العسكرية ، واللغة في حد ذاتها .
و في هذا الاتجاه، تكون اللسانيات الجانب الممتاز في علم السيميولوجيا لأنّ اللغة هي أهمّ هذه الأنظمة .
و من جانبه ، فإنّ عالم المنطق/ أ.كاسيرير (1) ، كان يرى في مقدرة "التأشير"(التشفير) أنّه فطري في الانسان و أنّ الأشكال الرمزية لا تستعمل لتسمية أو تقليد حقيقة موجودة مسبقا و لكن تعمل على تنظيم أو هيكلة تلك الحقيقة و تركيبها و دراسة الأنظمة الرمزية (الخرافة _ الفن _ العلوم _ الكلام ... ) و القوانين التي تنظمها .
و جاء من بعده لسانيون مثل جاكبسون ، يامسلاف _ و بنفيتستي فحاولوا تحديد المكانة التي يحتلها الكلام في وسط أنظمة الإشارات الأخرى.
و هناك سيميائيون مثل رولان بارت (2) وباحثين في الأجناس مثل " ليفي شتروس" درسوا ظواهر وتركيبات اجتماعية (خرافات _ نظام قرابة _ موضة _ عادات ... ) تعمل كلغات ".اهـ.
نشأتهــا/ من المعروف أنّ الوقائع الكلامية في واقع الأمر لم تحظ بالإهتمام العلمي الكبير من قبل .
كما كان عليه الحال بالنسبة للغة لأنّ السيمياء تبحث في اللغة و في غير اللغة .
إذا كنا نعرف الدليل و العلامة فيجب أن يحدث التواصل ، يتكلم دي سوسير عن الدليل و وظيفته في المجتمع و هي التواصل و يحدث هذا الأخير بواسطة اللغة .و باقي الأدلة هو ما نراه و ما نسمعه و ما نتذوقه و يتلقاه الإنسان بكل حواسه حتى الإشارات تعتبر دليلا و مفهوم الدليل لا يقتصر فقط على التواصل و إنمّا يقوم على ما يرى و يشاهد .
يقول دي صوسير : "{ ... اللغة نظام من الأدلة يعبر عمّا في الانسان من أفكار ... يمكن مقارنته بالأنظمة الأخرى كالألفبائية الصم و البكم و الطقوس الرمزية و صور و آداب و السلوك و الامتيازات الحربية و غيرها ... إذن فإنه يمكن أن نتصور علما يدرس حياة الأدلّة في كنف المجتمع و قد يكون قسما من علم النفس و الاجتماع و بالتالي قسما من علم النفس العام و نقترح تسميته بسيميولوجيا/ (3) .
=============================================
1_ كاسيرير إرنست ،Ernest Cassirer _ فيلسوف ألماني (برسلو (ألمانيا) 1874 _ نيويورك 1945 ) حلّل الخرافات ، الديانات ، و الرموز ، له (فلسفة الشكال الرمزية (1923_ 1929 )
philosophies des formes symboliques .
2_ رولان بارت _ كاتب فرنسي يستلهم دراساته النقدية من علم اللسانيات و التحليل النفسي و الأنثربولوجيا المعاصرة . ولد في 1915 _ توفي 1980 ، له الكتابة في الدرجة صفر (1953) _ طبيعة الموضة (1967) وامبراطورية العلامات (1970 ) .
3_ من محاضرات أذ / ب . لطرش 2003 .
================================================== ==
وليس غريبا و لا بدعة إذا قلنا في حق "دي. سوسير" أنّه أوّل من نبّه على إنشاء العلم الجديد
و لقد فعل ذلك حين خصّص فصلا صغيرا " لمكانة اللغة بين الحوادث الإنسانية "(1) و سمّاها "السيميولوجيا" . و لئن اقتبس المصطلح من الكلمة الإغريقية Semeio التي تدل على العلامة
فإنّ تفكيره حول اللغة أدى به الى استنتاجين هامين :
أولهما : " أنّ اللغة ما هي إلا نظام علامات تعبر عن أفكاره و من ثمّ فإنّ هذا النظام يشبه النظم
الأخرى مثل الكتابة ، و لغة الصم البكم ، و الشعائر الرمزية ، و عبارات المجاملة
والإشارات البحرية ، إلخ ... " . أما أهمية اللغة الإنسانية ، فإنها راجعة الى كثرة شيوعها و استعمالها بين الناس .
و ثانيهما : أنّ اللسانيات _ التي هي دراسة اللغة الإنسانية بمعناها العادي _ " ليست سوى جزءاً من هذا العلم العام " الذي يختص بدراسة كل أنظمة العلامات (اللسانية وغير اللسانية ) بحيث أنّ القوانين التي قد تكشف عنها السيميولوجيا أو تتوصل إليها هي صالحة و قابلة للتطبيق على اللغة نفسها .لكن د/ سوسير لم يذهب الى أبعد من هذا ، أي أنّه لم يتجاوز تحديد موضوع علم السيميولوجيا الجديد و علاقته باللسانيات علاقة احتواء لنظام خاص في نظام عام . و السبب في ذلك راجع الى اهتمامه الأصلي بتعريف اللسانيات العامة و ضبط ميادين بحثها .
الباب الأول/ اهم مدارس السيميولوجيا أو اتجاهات علمائها /
فصل 1/إتجاهين رئيسيين
ممّا لا ريب فيه أنّ هذه الإرهاصات السوسيرية الأولى هي التي سوف تفتح أبواب البحث و آفاق التفكير في كل ما يتعلق بالسيميولوجيا وبأنظمة العلامات على اختلاف أنواعها ، و سوف ينشأ عنها اتجاهان سيميولوجيان :
الإتجاه الأول هو اتجاه سيميولوجيا الإتصال ) Sémiologie de la communication) عـنـــــد اريك بويسنس السويسري
وهو اتجاه يقوده اريك بويسنس السويسري (2) بمناصرة كل من جورج مونان ، لويس بريتووجان مارتنه . فهؤلاء كلهم ضيّقوا كثيرا من مفهوم علم السيميولوجيا و اشترطوا في عملية سيميولوجية وجوب اتفاق مسبق بين المرسل و المستقبل ، أي لابد من وجود نيّة الاتصال لدى المتكلم و نيّة إدراك الرسالة من طرف السامع أو المستقبل . أما الوسائل أو العلامات الأخرى فهي لا تدخل في إطار السيميولوجيا لأنّها تفتقد الى أهم عنصر : ألا و هو الاتصال اللساني .
و على هذا الأساس ، فإنّ بويسنس يعرّف السيميولوجيا كالآتي : " .. يمكن تعريفها كدراسة الوسائل الاتصالية ، أي الوسائل المستعملة للتأثير في الغير و التي يشعر بها الغير على
أنّها كذلك (3) . و بمعنى آخر ، فإنّ السيميولوجيا تهتم بالحوادث المرتبطة بحالات الوعي لدى
المستقبل و المرسل معا . و لا عجب في ذلك ، لأن وظيفة اللغة الأساسية هي الاتصال و التبليغ و التأثير في الغير . و انطلاقا من وجوب فكرة الاتصال – بين المرسل و المرسل إليه – فقد تمّ التوصل الى التمييز بين الوحدات المبنية على أساس الاتصال ، و تسمى العلامات (Signes ) و الوحدات الخالية منها و تسمى المؤشرات (Indices ) .
ـــــــــــــ
1_ من" الدروس" ص 32_35
2_ راجع كتابه اللغات و الخطابات . محاولة في اللسانيات الوظيفية في اطار السسيميولوجيا _ طبع سنة 1943 تمّ نقحه ونشر مرة ثانية في عام 1967 تحت عنوان" الاتصال و النطق اللساني ".
3_ المصدر نفسه ، ص 11 .
================================================== ====
الإتجاه الثاني هو اتجاه سيميولوجية الدلالـة (Sémiologie de la signification )عندرولان بارت/ROLAND BARTHES
و هو اتجاه يتزعمه رولان بارت بأبحاث قيمّة نشرت في كتب عديدة منها :درجة الصفر في الكتابة (1972) و مبادئ السيميولوجيا التي ظهرت في مجلة التبليغ (العدد الرابع) .
و الحق أنّ هذا الاتجاه ، و بخلاف الأوّل ، يوسّع من مفهوم السيميولوجيا بحيث لا يميّز أصحابه بين الـ signe و الـindice من جهة ، و يأخذون بعين الاعتبار في كل دراسة لنظام العلامات ظاهرة الدلالة السياقية ( connotation ) من جهة أخرى .
فإذا ما رأينا –مثلا- عاملا يحمل قيمة معيّنة ، يعني أن تلك القيمة هي مؤشر لحالة إجتماعية معيّنة ، لكن قد يحملها البورجوازي ليبلغ شيئا ما ، و نفس الأمر ينطبق على الكلمات أيضا . فهي في نظر" كالفيه" قد تحمل دلالات أكثر ممّا منحتها القواميس و الجماعات اللغوية معا و خير مثال على ذلك هي كلمة Indigène . فتعريفها في القواميس الفرنسية يعني كل ما هو "أهلي " او "بلدي" أي شيء عاد للغاية . ثم لحقت بها ، مع مجيء الاستعمار دلالات ذات الصبغة العنصرية حتى صار الفرنسي المتوسط لا يقبل بتاتا أن يُنعت بهذه الصفة : صفة الجهوية العادية
فنتيجة هذا كله أنّ المعنى الممنوح من طرف المعاجم اللغوية ليس هو المعنى الوحيد ، بل أنّه يخضع دائما للتحول طبقا للتعامل الإجتماعي بواسطة العلامات اللسانية التي هي اجتماعية بالطبع .و من ثمّة ، فإنّ كل علامة تحتوي على مستويين :
_ مستوى المعنى المكتسب و المقبول كما تنصّ عليه القواميس . و يُطلق على هذا النوع من المعاني الدلالة المعجمية (dénotation) .
_مستوى المعنى الإضافي أو الطفيلي لأنّه ينضاف ضمنيا الى المعنى الرسمي و يُطلق عليه الدلالة السياقية (connotation ) .
و بصورة أخرى ، فإن العلامة هي دائما مؤشر و أنّ الاتصال تصحبه دائما الدلالة السياقية
يتضح ممّا تقدم أنّ سيميولوجية الدلالة تهتم بدراسة كل أنظمة العلامات التي توجد فيها ظاهرة الدلالات السياقية . و دراسة مثل هذه الدلالات هي هامة جدا لأنّ اللغة تعتمد عليها كثيرا
إن لم تستمد قوتها و ايحائيتها منها .(1)
فصـل2/ السيميولوجية الثقافية عند يوري لاتمان وغيره/
هذا الإتجاه يمثله جزء من العلماء الروس أمثال يوري لاتمان _ إيفانوف و العلماء الإيطاليين أمثال أنبرتو إيكو .
منطلقه عبارة على أنّ التواصل ما هو إلاّ ثقافة و انساق دلالية و التواصل بيننا محكوم بثقافة هذا المجتمع _ و الأنساق الدلالية هي شبكة العلاقات التي تتحكم في المضامين المتداولة من خلال القوانين ، فالإنسان يتواجد و يتفاعل مع الطبيعة من خلال أنّها تشكل عناصر في نسق دلالي في ثقافة و الواحد ما هو إلا كائن ثقافي و يمثل الأنساق الدلالية و يتكلم "أنبرتو إيكو" عن شروط إنشاء الثقافة ،التي تنشأ حينما يسند كائن مفكر وظيفة لشيء طبيعي .
-------------------------------
1/حسب تحليل .أذ/زبير دراقي في محاضرات في اللسانيات التاريخية والعامة
=============================================
وهذه الشروط هي /
1_ لابد من إسناد لكل شيء وظيفة .
2_ عليه تسميتها (التسمية : إعطاء تصور ذهني ) .
3_ التعرف على وظيفة ذلك الشيء من خلال تسميته .
4_ النقل : إذ يكون قادرا على نقل ذلك الشيء أو تلك التسمية و لابد هنا من دخول عناصر الذاكرة إذ تعتبر جوهرة الثقافة .
_ إن فعلت هذا صار الشيء جزءا ثقافيا .
و الحاصل أنّ الثقافة بهذا المفهوم هي الفكر و هي اللغة . و الحاصل أنّ الفكر هو اللغة .
فسيميولوجية الثقافة كما هي ما بين الفكر و اللغة ، و بالتالي فالسيميولوجيا هي علم خطير من شأنه أن يفسر كل آليات الفكر و كل الأنساق الدلالية .
فصـل 3/السيميولوجيا الأمريكية
ومرجعها التعريف الذي ظهرعلى يد شــارل بيـرس.Peirce CH(1839 _ 1914)
فلقد كانت بحوث بيرس بعيدة كل البعد عن بحوث دي سوسير و يسميه علم الأنفلولوجي و هذا نصه
( الدليل أو الممثل هو شيء موجود هنا من أجل شخص ما لفرض ما و ذلك على نحو من الدليل الأول و هذا الدليل المحدث اسماه مؤول الدليل الأول و الدليل موجود هنا من أجل شيء ما هو موضوعه و هو موجود هنا من أجل هذا الموضوع لا من حيث علاقاته .بل من حيث إحالته على نوع الفكرة التي أسميتها أحيانا قاعدة الوحدة الممثلة "عمادة " ركيزة .
شرح نص بيرس /
شارل بيرس له تصور خاص لمفهوم الدليل و العلامة فهذه الأخيرة بمفهومها العام هي التي تحقق مفهوم التواصل و فهم بيرس للدليل يضم ثلاث أجزاء هو :
- الدليل في حد ذاته .
-الدليل لدى الشخص المتواصل معه .
-الدليل ما يفيه المرجع .
فهو يؤسس تعريف الدليل على مقدمات فلسفية، فحينما تأمل الوجود وحده ثلاث مستويات وعوالم
1_ وجود الشيء لذاته (بمعزل عن الإنسان) .
_ استمداد الشيء وجوده لذاته من دون واسطة بالنظر الى الشيء باعتباره هو هو بمثابة الأفكار أو الممكنات .
_ الفكر في إمكاناته و إبهامه هو المستوى الأول منه الوجود .
2_ مستوى وجود الشيء باعتبار علاقة مع الشيء الآخر و هذا الذي بمثابة الموضوعات العمدة صارت في علاقة ثانية مع ذلك التي تجسّدت في شيء .
وكل موضوعات العالم الخارجي ما عدا الإنسان تشكل الموجودات بأعيانها .
3_ وجود باعتباره علاقتين اثنتين .
دخل من عالم الموجودات الى عالم الأدلة و العلامات .
نفهم أنّه كل شيء يعرفه الإنسان و يدركه و هو جزء من وعيه و فكره و هو مجسّد في العالم الثالث.
العلامة في نظر بيرس
العلامة هي فكر الإنسان و الشيء الذي تقدمه اللغة هو ضروري و العالم الثالث هو عالم اللغة و كيان الإنسان و هو عالم العلامة الدليل علاقته بالموضوع و أول بالتي ألقيت إليه العلامة و هو المؤول .
يرى بيرس أنّ الحياة و الوجود و كينونة الإنسان علامة الممثل 1
يمكن أن نجد كثير من المصطلحات لشيء
واحد و هو المشكل و العلامة هي أنّه
في حد ذاته مثلا : قلـم
ا ق ا . ا ل ا . ا م ا و التي يقابلها
مفهوم الدال هو الممثل الموضوع2
و هو الحقيقة الصوتية الدال
و العلم في العالم الخارجي هو الموضوع . المؤول3
و المؤول و هو ما ينطبع في ذهني من تطور عن العلم .
بيرس يقول بأنّ الدليل بعناصره الثلاث عبارة عن انشغال للدلالة فلا تحصل إلا بالعناصر الثلاث
لكنّها ليست بهذا الشكل فقط ، إنّما الأمر يتم من خلال سيرورة لا تكاد تنتهي حينما يتعلق الأمر بالمؤول .
_ كل العلامات المستقبلة تستقبل على الحقيقة .
المؤول في اللغة و ذهننا لا يكاد تنتهي العلمية الدلالية ليست قضية دال و مدلول و أينما سيرورة إشتغال للمؤولات إلاّ إذا غيّرت سيرورة التواصل فإنّ المؤولات ستنتهي .
و الموضوع موضوعان شيئين اثنين .
لوقلنا أنّ هذا العلم الصوت قلم أو الدليل له مؤول في أذهاننا .
1_ موضوع ديناميكي .
2_ موضوع مباشر .
حقيقة القلم ليست حقيقة واحدة و نفس الشيء بالنسبة لكل الوجود القلم كوجود مادي أي شيء هو موضوع ديناميكي .
أما القلم و قد أدخلناه في الدليل أو العلامة صار موضوع مباشر .
مثلا : أقول : فلان فنحن لا نقصد وجهه أو شعره أو يده إذ هو يستعصي الإحاطة به و الكلام عنه في دليل واحد .
هذا الوجود الذي يبني على هذه الحيثية يستعصي الإحاطة به ، فنحن نتعامل مع جهة واحدة و بسيطة و هي التحدث عن الشخص في حد ذاته .
كل شيء تحيل عليه العلامة ما هو إلا احتمال واحد من الاحتمالات الواحدة في أذهان الجميع
الاشتغال الممثل مع المؤول .
و تسمى هذه الصيرورة بصيرورة الدلالة (1)
-----------------------------------
1/عن محاضرات أذ/ ب .لطرش/نوفمبر 2003 س 2.آداب معهد الأدب العربي –الجلفة. .../... يتبع ان شاء الله.
================================================== ===