لنتمعن ما أورده أبو الفرج ابن الجوزي، في كتابه ''تلبيس إبليس'' وما فصله في الفصل السابع من أوصاف ومظاهر الحكام، وما يصيبهم من حالات نفسية تبعدهم عن كل المقاصد. وهو يفصلها في اثني عشرة وجها أوردها باختصار:
الوجه الأول أن إبليس يريهم أن الله عزّ وجلّ يحبهم، ولولا ذلك ما ولاهم سلطانه ولا جعلهم نوابا عنه في عباده.
والثاني أنه يقول لهم الوِلايةُ تفتقر إلى هيْبة، فيتكبَّرُون عن طلب العلم ومُجَالسة العلماء.. فيُتلِفُون الدين والمَعلُوم.
الثالث أنه يخوِّفُهم الأعدَاء ويأمرُهم بتشديد الحُجَّاب، فلا يصل إليهم أهلُ المَظَالم.
الرابع أنهم يستعملون من لا يصلح ممن لا عِلْمَ عنده ولا تقوى، فيَجْتلِبُ الدُّعاء عليهم بظلمة الناس.
الخامس أنه يُحسن لهم العمل برأيهم، فيقطعون من لا يجوز قطعه ويقتلون من لا يحِلّ قتله ويوهمهم أن هذه سياسة.
السادس أنه يوهمهم أن الشريعة ناقصة تحتاج إلى إتمام، وأنهم يُتِمُّونها.
السابع أنه يحسن لهم الانْبِساط في المعاصي، ويُلبس عليهم أن حفظكم للسَّبِيل وأمن البلاد يمنع عنكم العقاب.
الثامن أنه يلبس على أكثـرهم بأنه قد قام بما يجب من جهة أن ظواهر الأحوال مستقيمة، ولو حقق النظر لرأى اختلالا كثـيرا.
العاشر أنه يحسن لهم التصدق بعد الغضب ويريهم أن هذا يمحو ذلك، ويقول إن درهما من الصدقة يمحو إثم عشرة من الغضب.
الحادي عشر أنه يحسن لهم مع الإصرار على المعاصي زيارة الصالحين وسؤالهم الدعاء، ويريهم أن هذا يخفف ذلك الإثم وهذا الخير لا يدفع ذلك الشر.
الثاني عشر أن من الوُلاَّة من يعمل لمَن فوقه، فيأمُره بالظلم فيظلم، ويلبس عليهم إبليس بأن الإثم على الأمير وهذا باطل
ما أشبه اليوم بالبارحة. فكيف نمنع ذلك أن يحدث؟ تلك هي الإشكالية الحقيقية، كانت وما زالت.