تفسير الطبري صفحة 38
القول في تأويل قوله تعالى : { قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين } يقول تعالى ذكره : { قال } الله لإبليس , إذ لم يسجد لآدم , وخالف أمره : { يا إبليس ما منعك أن تسجد } يقول : أي شيء منعك من السجود { لما خلقت بيدي } يقول : لخلق يدي ; يخبر تعالى ذكره بذلك أنه خلق آدم بيديه , كما : 23102 - حدثنا ابن المثنى , قال : ثنا محمد بن جعفر , قال : ثنا شعبة , قال : أخبرني عبيد المكتب , قال : سمعت مجاهدا يحدث عن ابن عمر , قال : خلق الله أربعة بيده : العرش , وعدن , والقلم , وآدم , ثم قال لكل شيء كن فكان . وقوله : { أستكبرت } يقول لإبليس : تعظمت عن السجود لآدم , فتركت السجود له استكبارا عليه , ولم تكن من المتكبرين العالين قبل ذلك { أم كنت من العالين } يقول : أم كنت كذلك من قبل ذا علو وتكبر على ربك .
وأن تخصيص آدم بخلقه بيده دليل على أنها اليد التي هي صفة من صفات الله -تعالى-، وأنه لوكان المراد: خلقت بقدرتي لم يكن لآدم خصوصية، فإن إبليس خلق بقدرة الله وكذلك الشياطين والجن والمخلوقات كلها، والملائكة والسماوات والأرض كلها خلقت بقدرة الله فلا يكون لآدم ميزة على هذه المخلوقات، فلما خصه بقوله: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ