يقول الشيخ البشير الإبراهيمي رحمه الله : * وكأنه الآن حي بين ظهرانينا*
النفوس حزينة ، واليوم يوم الزينة ، فمذا نصنع ؟
إخواننا مشردون ، فهل نحن من الرحمة والعطف مجردون ؟
تتقاضانا العادة أن نفرح في العيد ونبتهج ، وأن نتبادل التهاني ، وأن نطرح الهموم ، وأن نتهادى البشائر .
وتتقاضانا فلسطين أن نحزن لمحنتها ونغتم ، ونعنى بقضيتها ونهتم .
ويتقاضانا إخواننا المشردون في الفيافي ، أبدانهم للسوافي ، وأشلاؤهم للعوافي ، أن لا ننعم حتى ينعموا ، وأن لا نطعم حتى يطعموا .
ليت شعري ! ...هل أتى عبّاد الفلس والطين ، ما حل ببني أبيهم في فلسطين ؟
أيها العرب : لا عيد ، حتى تنفذوا في صهيون الوعيد ، وتنجزوا لفلسطين المواعيد ، ولا نحر ، حتى تقذفوا بصهيون في البحر .
ولا أضحى ، حتى يظمأصهيون في أرض فلسطين ويضحى .
أيها العرب : حرام أن تنعموا وإخوانكم بؤساء ، وحرام أن تطعموا وإخوانكم جياع ، وحرام أن تطمئن بكم المضاجع وإخوانكم يفترشون الغبراء .
أيها المسلمون : افهموا ما في هذا العيد من رموز الفداء والتضحية والمعاناة ، لا ما فيه من معاني الزينة والدعة والمطاعم .ذاك حق الله على الروح ، وهذا حق الجسد عليكم .
إن بين جنبي ألما يتنزّى ، وإن في جوانحي نارا تتلظّى ، وإن بين أناملي قلما سمته أن يجري فجمح ، وأن يسمح فما سمح ، وإن في ذهني معاني أنحى عليها الهم فتهافتت ، وإن على لساني كلمات حبسها الغم فتخافتت.
فلو أن قومي أنطقتني رماحهم...نطقت ولكن الرماح أجرّت.
....................................
نشرت في العدد53 من جريدة البصائر ،18 أكتوبر سنة 1948