السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد مرت بنا في الأيام القليلة الماضية ذكرى أليمة وأليمة جدا، هذه الذكرى هي الزلزال الذي وقع ببومرداس يوم 21/05/2003م، والذي كانت خسائره جد جسيمة، ولا أظن أنها تخفى على أحد منكم.
كلما مر بنا هذا اليوم المشئوم، أتذكر ردود الأفعال، التي جاءت بعده مباشرة من جهات رسمية، وأخرى تعرف بالمجتمع المدني، أعني التفسيرات التي أعطيت للكارثة التي وقعت، والتي تلخصت في ثلاث وجهات نظر.
أولها: أن هذا الأمر ليس أكثر من كارثة طبيعية، والكوارث الطبيعية موجودة في كل مكان، وليس لأي واحد أن يواجه الطبيعة، و أن القول بغير هذا يدخل ضمن الاعتراض على مراد الله سبحانه وتعالى - أستغفر الله – وليس للمرء المؤمن إلا التسليم والرضى، وله أن يقول: "قدر الله وما شاء فعل، إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"، ولقد سارعت وسائل الإعلام الثقيلة إلى تأييد هذا الرأي فراحت تتحدث عن البلدان الزلزالية والتي من بينها الجزائر، ولا غرابة في الأمر لأن هذا الرأي هو رأي السلطة، وقد عبرت عنه وزارة الشؤون الدينية.
ثانيها: أن هذا الأمر كان نتيجة الارتماء في أحضان الفواحش والمنكرات، والتشهير بالانحلال الخلقي والدعوة إليه، وذلك بالاستعمال غير العقلاني للتكنولوجيا الحديثة، وأنه عبارة عن عقاب، أو على الأقل إنذار وتحذير منه سبحانه وتعالى، لعل الناس يعودون إلى جادة صوابهم، ويقلعون عما هم فيه من الذنوب والآثام، وإلى هذا الرأي ذهب كثير من الأئمة والدعاة، وهو الأمر الذي لمسناه في كثير من دروس الوعظ والإرشاد.
ثالثها: أن هذا الأمر كان حصيلة اللامسؤولية (الاحترافية في الغش) التي أصبح كثير من الناس يتميزون بها، فلا المهندس الذي قام بدراسة الأرض، لينظر مدى صلاحيتها للبناء قام بواجبه كاملا، ولا المهندس الذي أعد المخططات، ووضع المعايير التي يعتمد عليها في البناء قام بواجبه كاملا، ولا المهندس الذي تابع عملية البناء، وأشرف عليها قام بواجبه كاملا، ولا المقاول الذي أعطيت له المشاريع، وأسندت إليه مهمة البناء قام بواجبه كاملا.
ولي أن أقول في الأخير: كما يمكن أن يكون ما حدث ببومرداس كارثة طبيعية، أو عقاب من الله سبحانه وتعالى، يمكن أيضا أن يكون كارثة إنسانية، إذ لو كان كل واحد منا يقوم بواجبه كاملا غير منقوص، لما كانت الخسائر بتلك العشوائية. ولقد صدق أحدهم عندما قال: المسلم اليوم يقصر في واجبه وعندما تحل به الكارثة "يحصلها في ربي".
هذا رأيي، ولكل واحد منكم أن يبدي رأيه، وليتأكد أنني أحترم رأيه، وإن كنت ربما لا آخذ به.
المعذرة، سلام.