أولوية الصناعة التحويلية
اقتصاديات
الثلاثاء 20/5/2008
ˆ د. حيان أحمد سلمان
أيام قليلة تفصلنا عن المؤتمر النوعي الثاني للصناعة الذي يأتي بعد ثلاث سنوات من انعقاد المؤتمر الصناعي الاول في دمشق وبرعاية كريمة من السيد رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد عام .2005وتحت شعار ( قلمك أخضر- اصنع قرارك) ,
وتم تنفيذ اكثر من 90% مما طلبه الصناعيون ,وبعد ذلك حدثت تغيّرات في الاقتصاد السوري من خلال اعتماد نهج اقتصاد السوق الاجتماعي والخطة الخمسية العاشرة (2005- 2009) على مبدأ التخطيط الاستشرافي والتركيز على الاستثمارات باعتبارها الحامل الاساسي لتحقيق معدلات النمو المخططة والتي يجب ألا تقل عن 7%, وفي الصناعة التحويلية عن 15% وسطيا ولذلك يجب التركيز على هذه الصناعة باعتبارها المحرك الاساسي للصناعات الاخرى .وتساهم في تعظيم القيمة المضافة في الاقتصاد الوطني وتشغيل اليد العاملة والانتقال من تصدير المواد الاولية الى المواد المصنعة ذات المحتوى التكنولوجي والمعرفي المرتفع والاحلال محل المستوردات وزيادة الصادرات بما يضمن تعديل الميزان التجاري...الخ . ان اهمية الصناعة التحويلية يأتي ايضا من خلال علاقتها التشابكية مع القطاعات الاخرى سواء الزراعة أم الخدمات. وبرأينا ان تفعيل هذه الصناعة يؤدي الى تنشيط وتفعيل وتثوير كل القطاعات الاخرى . وخاصة اذا ترافقت مع زيادة القدرة التنافسية والاهتمام بالارتقاء التكنولوجي وجذب الاموال السورية المهاجرة واصلاح القطاع العام الصناعي والانتقال من الشركات الفردية والعائلية الى الشركات المساهمة القادرة على الصمود امام تدفق السلع والخدمات في السوقين الداخلية والخارجية. وخاصة أن السوق بآلية عملها القائمة على مبدأ ( العرض والطلب) تميل نحو السلعة الافضل بالسعر الاقل. وللوصول الى ذلك لابد من التركيز على تحويل المزايا النسبية الى تنافسية وبما ينسجم مع المبادئ الاساسية الثلاثة (المعيارية- الانتاجية- الديناميكية) . فالمعيارية تعني الالتزام بالمواصفات المطلوبة والالتزام بالعقود الموقعة. ومن هنا نتفهم كيف ان اليابان في بدء انطلاقتها لم تسمح لاي منتج بتصدير انتاجه إلا بعد ان تثبت هذه السلع جودتها في السوق اليابانية الداخلية. لأن السمعة السيئة لأي سلعة تنعكس على الاقتصاد الوطني بأكمله أما الانتاجية فهي القدرة على انتاج كميات اكبر وافضل بتكاليف اقل من خلال تقليل نصيب السلعة من التكاليف المتغيرة. اي الاستغلال الامثل لمدخلات العملية الانتاجية وزيادة مردودية الليرة السورية الواحدة ,سواء من خلال زيادة كمية المنتجات العائدة للعامل الواحد بسبب ارتفاع مهاراته وكفاءته او باستخدام تقنية متطورة ومناسبة لمواردنا المتاحة.ولذلك فإن الانتاجية هي جوهر ومؤشر ومعيار فعالية الانتاج والكفاءة الانتاجية. اما الديناميكية فتتجلى في زيادة معدل نمو السلع التصديرية التنافسية الرابحة اكثر من غيرها. وهنا يكمن جوهر الصناعة التحويلية والتي يجب ان تكون مساهمتها في الناتج المحلي الاجمالي بحدود 20% مبدئياً . ولاسيما اننا نملك القاعدة التحتية اللازمة لذلك من (مواد أولية متنوعة وكافية- خبرة صناعية وتمركز مهني- موقع جغرافي مناسب - تحسين مستمر في المناخ الاستثماري - يد عاملة خبيرة ... الخ) . لذلك يجب ان يكون الاهتمام بها في رأس الاولويات لكن من خلال المقارنة بين ما نحن عليه وما يجب ان نكون عليه. وجدنا الملاحظات التالية التي تعبر عن هذه الصناعة ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
1- انها زادت بالقيمة المطلقة للسنوات الثلاث( 2004 ولغاية 2006) وبلغ صافي ناتجها بتكلفة عوامل الانتاج وعلى التتالي ( 114310- 121678- 123745) مليون ليرة سورية.
2- شكلت ولنفس الفترة من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي وبتكلفة عوامل الانتاج نسبة ( 8,9%- 7,6%- 6,4%) . والسبب هو زيادة معدلات النمو للقطاعات الاخرى.
3- يجب تفعيل هذه الصناعة من خلال قيام المشاريع الصناعية الزراعية المشتركة والعناقيد الصناعية . وان تتوجه الاستثمارات نحو مواردنا الزراعية المتجددة بجانبيها النباتي والحيواني وتصنيع كل هذه الموارد لأنها تضمن زيادة القوة الانتاجية والتسويقية والتفاوضية في الاسواق الداخلية والخارجية التي تعكس حرارة المجتمع واشبه بميزان الحرارة ومقياس ضغط ونبض المجتمع الاقتصادي. فهل تلقى الصناعة التحويلية الاهمية التي تستحقها..? وهنا نحب ان نشير الى ملاحظتين اثنتين وهما الأولى أن نشاط القطاع الخاص الصناعي يتركزفيها بنسبة 98,3%من نشاط الصناعي والثانية هي تراجع صافي ناتجها المحلي في القطاع العام وهذا يؤكد اهمية التوسع الافقي في القطاعي العام وزيادة فعاليته في هذا المؤتمر. لان تطوير هذه الصناعة تتطلب مساهمة كل القطاعات الاقتصادية تحت الخيمة الوطنية