المعايير المحاسبية الدولية والبنوك:
تعتمد المعايير المحاسبية الدولية IAS/FRS على فلسفة خاصة ، تطرح ضرورة تغيير الذهنية التي أسست عليها المعايير المحاسبية الجزائرية ، على أصعدة عدة يمكن تلخيصها في :
1- إعطاء الأولوية للاستثمارات ، كوجهة للمعلومات المحاسبية .
وفي الجزائر فإن الدولة قد منحت لذاتها مكانة مميزة وحيوية ضمن المجال المحاسبية بوضعها للقوانين والمخططات المحاسبية ( PCN 1975 مثلا) . وهو ما جعل المحاسبة تأخذ بعين الاعتبار توفير أساس محاسبي يسمح بتطبيق القوانين الجبائية .
وبعبارة أخرى فإن الدولة كوسيط بين المصالح المتناقضة قد عملت على التوفيق بين مصالح مختلف مستخدمي المحاسبة ( المسيرين ، والدائنين ، والموردين ، والمساهمين ، والأجراء …الخ ) أما (IASB) فهي مؤسسة خاصة مستقلة عن السلطات العمومية ، تعتبر أهم الأطراف المتحاورة معها ، بالإضافة إلى المؤسسات المهنية والمكاتب المحاسبية الكبيرة للتدقيق والمراجحة ، هم منظمو أسواق البورصات ( الـ Sec الأمريكية و FSA البريطانية و AMF الفرنسية …الخ ، المتجمعة ضمن الـ (IOSCO)* إن الـ IASB لا تخفي أنها تفصل المساهمين على كل الأطراف الأخرى التي تتوجه إليها المعلومات والوثائق المحاسبية ، «لأن المستثمرين هم الذين يجلبون رؤوس الأموال إلى الشركات ويتحملون المخاطرة . فإن توفير الوثائق المحاسبية التي تلبي احتياجاتهم هو بمثابة استجابة كذلك لاحتياجات المستخدمين الآخرين ، الذين يمكن أن يقنعوا بالوثائق المالية » ( ) .
إن هذه النظرة ، قادت المعايير المحاسبية إلى إدماج عناصر خارج الميزانية الحالية (المشتقات المالية …) مع الميزانية وإلى تعزيز التزام الشركات بالإفصاح عن المعلومات المالية.
هذا التفضيل للمعلومات التي تخص المستثمرين يعني :
أولا: أولوية الواقع الاقتصادي على الشكل القانوني ( الجوهر أو المضمون على الشكل). فبينما يعتمد القانون المحاسبي الجزائري عموما على شكل العملية عند تحديد إدماجها في الحسابات ، فإن المعايير المحاسبية الدولية تهدف إلى تجاوز المظاهر الجبائية وإلى وصف الواقع الاقتصادي محل العمليات الاقتصادية .
ولذلك فإن بعض الأصول المجسدة في أوراق مالية أو المسجلة بطرق استعجالية (Ad- HOC) في مواضع منفصلة عن المؤسسة يجب إدماجها ، حسب الحالات ، في الميزانية .
وبعبارة أخرى فإن الأصول محل قرض – إيجاري ، ( أي لا تنتمي قانونا للمؤسسة ) يجب أن تعامل كما لو أنها مولت بالاقتراض .
ثانيا : التكلفــــة التاريخــــية والقيــــــمة العادلـــة :
إن مبدأ القيد وفق التكلفة التاريخية يفقد مكانته لصالح مبدأ القيمة العادلة في المعايير المحاسبية الدولية ، وهو إلى حد بعيد ، نتيجة لأولوية الجوهر على الشكل . وبمرور الزمن ، فإن التكلفة التاريخية ( المخفضة بالاهتلاكات ) يمكن أن تختلف إلى حد كبير عن القيمة الاستعمالية أو / وقيمة التنازل عن الأصل .
إن عكس الواقع الاقتصادي بكل صدق يقتضي تقييم الأصول والخصوم بقيمتها العادلة . أي قيمتها السوقية العادية ، والتي يمكن في بعض الأحيان أن تقيم اعتمادا على النماذج الاقتصادية القياسية أو القيمة المالية للتدفقات المستقبلية للخزينة التي يمكن أن يولدها الأصل. ونظرا للصعوبات التي يمكن أيفضي إليها تطبيق هذا المبدأ ، فقد وُوجه بانتقادات كبيرة ، إذ أنه ليس بالإمكان تطبيقه على كل الأصول وخصوم المؤسسات ( IASB لا تبدو متبعة لطريقة القيمة العادلة الكاملة (FUL). إلا أنه يترجم مثلا ، بالتسجيل كمقابل في حساب النتائج . القيم الذاتية أو الناقصة المتأخرة المرتبطة بسندات المساهمة أو الحقوق أو الديون المعبر عنها بالعملات الصعبة كما أنه يقتضي كذلك إجراء اختبارات للتدهور لإعادة التقييم المنتظم لقيمة الثابتات المادية .
3) أولويــــة الميزانيــــة العامــــة علـــى حســــاب النتيجـــة
بحيث أن مرجعية IAS/FRS تعتمد على منح الأولوية لتحديد مفاهيم الأصول والخصوم (تعريفها) ، وبالتالي فإن المنتوج " Le Produit" يتصور كزيادة في الأصول (أو كانخفاض في الخصوم) أما التكلفة فهي انخفاض في الأصول (أو زيادة في الخصوم) وتقاس النتيجة كتطور للأموال الخاصة المعاينة بين الإغلاق والفتح ؛ (خارج العمليات مع المساهمين).
وفيما يخص البنوك فإن الممارسات المحاسبية المتعارف عليها (GAAP) ، لم تفرض ، من الناحية التاريخية أعباءً ثقيلة على البنوك فيما يخص الإفصاح . لكن هذه الوضعية أخذت تتغير منذ تسعينات القرن الماضي مع إدخال معايير المحاسبة الدولية وخاصة المعيار(IAS30) : «الافصاحات في القوائم المالية للبنوك والمؤسسات المالية المماثلة» .
وقد نتج عن هذا المعيار اشتراط كثير من السلطات التنظيمية اعتماد منهج «الإفصاح الكامل»
وتمثل الأهداف المحورية للمعيار الدولي(IAS30) (*) في وصف متطلبات تقارير تعكس الطبيعة الخاصة للبنوك وتشجع الإدارة على التعليق على القوائم المالية . التي تبين أسلوب إدارة السيولة والملاءمة المالية والمخاطر المرتبطة بعمليات البنوك ، وإذا كانت بعض المخاطر المصرفية يمكن عكسها في القوائم المالية فإن الإيضاحات والتعليقات يمكن أن تساعد الأطراف المستخدمة للمعلومات على فهم إدارتها بصفة أفضل .
وحسب هذا المعيار الدولي فإن كلمة بنك تعني كل المؤسسات المالية التي تتمثل نشاطاتها الرئيسية في تقبل الودائع والاقتراض بهدف منح قروض والقيام بتوظيفات والتي تحكم نشاطاتها بتشريع مصرفي أو تشريع مشابه .
ولذلك فإن هذا المعيار يسري على كل النشاطات المصرفية حتى عندما تمارس هذه النشاطات من قبل مجمعات صناعية أو تجارية .
وتفرق المعايير المحاسبية الدولية بين الأصول المضاربية والأصول المالية التوظيفية . الأولى هي أوراق مالية قابلة للتداول يتم اقتناؤها والاحتفاظ بها لغرض إعادة البيع في المدى القصير ، أما الثانية فيحتفظ بها بصفة عامة إلى غاية حلول أجل الاستحقاق أملا في تحقيق عائد أو تثمين لرأس المال .
هياكل الوثائق المحاسبية :
أ) حساب النتيجة : يجب أن يظهر ح / النتيجة أهم أنواع المنتوجات والأعباء ، مصنفة حسب طبيعتها .
وأهم منتوجات النشاط المصرفي هي الفوائد والعمولات ، ومستحقات الأتعاب ، ونتائج العمليات التجارية الدولية .
أما جانب الأعباء فيضم ، أساسا ، الفوائد المدفوعة والعمولات والخسائر الناتجة عن التسبيقات والقروض ومخصصات المؤنات على التوظيفات والأعباء الإدارية العامة .
وتمنع المعايير الدولية القيام بأي مقاصة بين المنتوجات والأعباء ما عدا إذا تعلق الأمر بـ:
- عمليات التغطية .
- بالمنتوجات والأعباء الخاصة بعناصر الأصول والخصوم التي يرخص بالمقاصة بينها.
ويسمح المعيار (IAS 30)(*) بألا تقدم سوى المبالغ الصافية للربح أو الخسارة الناتجة عن أصناف العمليات التالية :
- التنازلات عن الأوراق المالية المضاربية وتغير القيمة المحاسبية لهذه الأوراق.
- التنازلات عن الأوراق المالية التوظيفية .
- العمليات على العملات الصعبة .
كما يجب أن يحتوي حساب النتيجة على الحد الأدنى من العناصر التالية :
- فوائد ومنتوجات أخرى مماثلة .
- فوائد وأعباء أخرى مماثلة .
- توزيعات حصص الأرباح.
- نفقات وعمولات – منتوجات .
- نفقات وعملات – أعباء .
- الربح الصافي الناتج عن العمليات المضاربية في الأوراق المالية .
- الربح الصافي الناتج عن عمليات التوظيف في الأوراق المالية .
- الربح الصافي الناتج عن عمليات الصرف .
- منتوجات استغلالية أخرى .
- الخسائر على القروض والتسبيقات .
- النفقات الإدارية العامة .
- نفقات استغلال أخرى .
ب ) الميزانيـــة : يجب أن تجمع عناصر الأصول والخصوم حسب الطبيعة وترتب وفق درجة سيولتها النسبية .
ويوضح المعيار أنه ليس من الضروري التفرقة بين المدى القصير والمدى الطويل ، نظرا لكون أغلب العناصر يمكن تحقيقها أو تسويتها في وقت وجيز .
وتمنع كل مقاصة ، إلا إذا كان هناك نص تشريعي يرخص بها . أو إذا كان المبلغ الذي ستصل إليه يقابل المبلغ المنتظر من تحقيق عنصر من عناصر الأصول أو تسوية العنصر من بين عناصر الخصوم .
وقد جاء المعيار (IAS 30) لتكملة هذا الجانب وهو المعيار الذي يخص الأدوات المالية.
ويجب على البنك بغية الإفصاح عن علاقته مع البنوك المماثلة ومع السوق النقدي وكذلك عن تبعيته لها أن يبين بشكل منفصل :
- رصيد عملياته مع البنك المركزي .
- توظيفاته في البنوك الأخرى .
- توظيفاته الأخرى في السوق النقدي .
- ودائع البنوك الأخرى لديه .
- ودائع قطاعات السوق النقدي الأخرى لديه .
- الودائع الأخرى المقبوضة .
وبشكل أن يتضمن الهيكل المالي للميزانية كحد أدنى :
في جانب الأصول :- الأموال الجاهزة وأرصدة العمليات مع البنك المركزي .
- سندات الخزينة والأوراق الأخرى التي يمكن إعادة خصمها من قبل البنك المركزي .
- السندات الحكومية والأوراق الأخرى المحتفظ بها لأغراض المضاربة.
- التوظيفات لدى البنوك والقروض والتسبيقات الممنوحة للبنوك الأخرى.
- التوظيفات الأخرى في السوق النقدي .
- القروض والتسبيقات للزبائن
- الأوراق المالية التوظيفية .
وفي جانب الخصوم:
- الودائع المقبوضة من البنوك الأخرى .
- الودائع المقبوضة من قطاعات السوق النقدي الأخرى .
- ديون المودعين الآخرين .
- شهادات الإيداع.
- السندات الإذنية والديون الأخرى المشفوعة بوثائق .
- أموال مقترضة أخرى .
كما يجب على البنك أن يبين القيمة السوقية للأوراق المالية المضاربية أو التوظيفية عندما تختلف عن قيمتها في الميزانية .
إن العديد من العمليات المصرفية لا تؤدي فورا إلى معاينة عناصر الأصول والخصوم لكنها تؤدي إلى احتمالات حوادث مالية أو التزامات وهذه العناصر تمثل في أغلب الأحيان جزءا هاما من نشاط البنك ويمكن أن تكون لها آثار معتبرة على المخاطرة التي يتعرض لها البنك .
ولهذا فبالإضافة إلى المعلومات التي تلتزم بتوفيها كل شركة احتراما للمعيار (IAS 10) فإن البنك ملزم بالإفصاح عن طبيعة المبالغ والحوادث المالية المحتملة الحدوث والالتزامات الخاصة بهذه العمليات خارج الميزانية .
ويجب أن تكون قائمة هذه العناصر الآن بالمعلومات التي يفرضها المعيار (32) الخاص بالأدوات المالية . والذي يشترط أن كل بنك يجب أن يضمن بعض التعادل بين آجال الأصول وآجال الخصوم . لأن هذه الآجال تتحكم في سيولة البنك وفي مقدار تعرضه لخطر سعر الفائدة وسعر الصرف . ولذلك فإنها يجب أن تكون محل إفصاح خاص .
ويشترط المعيار 32 على البنك أن يقدم تحليلا لعناصره وخصومه حسب الآماد الباقية للاستحقاق . كما يطلب من الإدارة أن تعلق على الطريقة التي تسير بها وتتحكم بها في الأخطار المرتبطة بتنوع الآجال وأسعار الفائدة .
كما يشترط الإفصاح عن تركز المخاطر سواء كانت خاصة بالزبائن أو بالمناطق الجغرافية . ولا بد من الإفصاح عن التركز حتى لو تعلق الأمر بعناصر خارج الميزانية. وقد
وضح المعيار (32) بدقة المعلومات الواجب تقديمها في هذه الحالة .
ويجب على البنوك كذلك أن تفصح عن مبالغ الأخطار الصافية الهامة الناتجة عن العمليات على العملات الصعبة .
وفي بعض البلدان فأن البنوك تجبر سواء بواسطة التشريعات أو إتباعا للعرف على الإفصاح بالأصول الضامنة لبعض الودائع .
وفي هذه الحالة فإن القيمة المحاسبية للأصول يجب أن تظهر كذلك المبالغ الإجمالية لعناصر الخصوم المضمونة .
وبعبارة أخرى فإن حسابات البنوك والمؤسسات المالية يجب أن تسمح في المقام الأول بتقدير حسن للأخطار التي تتعرض إليها .
وتتمثل مهمة المعيار (IAS 30) في أغلب ترتيباته في تسهيل قياس خطر القرض وبصفة خاصة في :
- إلزام البنوك بتصنيف الحقوق حسب طبيعة المقابلة (بنك مركزي ، بنوك أخرى ، متدخلين آخرين في السوق النقدي ، الزبائن … الخ ) .
- منع المقاصة بين الحقوق والديون .
- ضرورة ذكر مبالغ الالتزامات غير القابلة للإلغاء والتزامات الضمان الممنوحة.
- ضرورة الإفصاح عن التركزات الكبيرة للأصول والديون والعناصر خارج الميزانية.
- ضرورة الإفصاح عن المؤونات والخسائر الناتجة عن القروض والتسبيقات.
كما أن المعيار تكفل بخطر السيولة بشكل جيد بحيث أنه الزم البنوك :
- بأن تفرق بين الأوراق المالية المضاربية التي يمكن التنازل عنها في أمد قصير وأوراق التوظيف التي تكون فترة الاحتفاظ المتوقعة بها أطول.
- تقديم تسجيل بآجال استحقاقات الأصول والديون.
وإذا كان تقييم خطر سعر الفائدة وخطر سعر الصرف أصعب بكثير فإن المعيار يبين فقط أن البنوك يجب أن تقدم معلومات حول التعرض لخطر سعر الفائدة وحول الطرق المستخدمة للإدارة والتحكم في هذا الخطر. أما المعلومات حول خطر الصرف فإنها تنحصر في الإفصاح عن مبالغ الأخطار الصافية الهامة الناتجة عن علميات الصرف .
وقد جاء المعيار 32 أساسا للتخفيف من الانتقادات التي وجهت إلى المعيار (30) في هذا المجال . وقرض الإفصاح بطريقة أكثر تفصيلا عن هذين الخطرين.