السلام عليكم اخواني هذه بعض المعلومات المتعلقة بالاقتصاد النقدي والبنكي اتمنى ان تفيدكم
- مسار السياسة النقدية:
إذا أردنا تقييم مسار السياسة النقدية في الجزائر فإن ذلك لابد وأن يتم عبر مراحل مختلفة، ويمكننا أن نقسمها إلى مرحلتين أساسيتين هما:
2-1 السياسة النقدية قبل الإصلاحات الأساسية –قبل 1990: وهذه يمكننا أن نلخصها في الفترات التالية:
2-1-1 الفترة الأولى:1962-1970: إن الحديث على سياسة نقدية خلال هذه الفترة فيه الكثير من التجني لعدة أسباب منها:
- حداثة استقلال البلد؛
- عدم اكتمال البناء المالي والمصرفي؛
- التبعية للمؤسسات المالية والاقتصادية للمحتل.
تميزت هذه الفترة بأنها كرست لبناء الأجهزة المالية بدءا بالبنك المركزي سنة 1962، كما لعبت الخزينة في هذه الفترة دورا مباشرا في تمويل القطاع الفلاحي إلى حدود 1964، وكذا القطاع الصناعي عن طريق الأموال التي سيسيرها الصندوق الجزائري للتنمية، خاصة وأن هذه الفترة تميزت بضعف موارد التمويل.
لقد كان للخزينة الدور الأساسي في تمويل الاقتصاد الوطني بواسطة القروض المتوسطة والطويلة الأجل وبقي للجهاز البنكي دور التمويل بواسطة القروض القصيرة الأجل.
2-1-2 الفترة الثانية: 1971-1985 : عرفت هذه الفترة إصلاحا ماليا سنة 1971، والذي عد منعرجا حاسما لبداية بوادر لعب السياسة النقدية دورا في عملية تمويل الاقتصاد الوطني، و هذا لا يعني أننا سوف نرى الجهاز المصرفي يلعب كامل صلاحياته في إدارة النقد لان تقييم مسار هذه الفترة يمكن أن يظهر لنا ما يلي:
- تمويل الاستثمارات عن طريق الخزينة العمومية؛
- إعطاء الجهاز المصرفي دورا في عملية التمويل ؛
- الاعتماد على الإصدار النقدي في تمويل الاستثمارات ؛
- ضعف عملية تعبئة الادخار الوطني ؛
- الخزينة كمحور لعملية تمويل الاقتصاد الوطني واقتصار الجهاز البنكي على تغطية عجز الميزانية؛
- لم يكن سعر الصرف يلعب دوره نتيجة تحديده إداريا.
إن الحكم على أن السياسة النقدية لم تكن تلعب دورا أساسيا في هذه الفترة يمكن أن نعززه بما يلي:
لم تجد المؤسسات الوطنية صعوبة للحصول على القروض ، بل كانت العملية آلية دون النظر إلى الجوانب المالية وقدرة السداد وغيرها من الحسابات الاقتصادية، إذ يكفي أن يعتمد المشروع ضمن ما عرف بالمخطط الوطني للاستثمارات ليتحصل على القروض اللازمة لإنجازه وهو ما افقد البنوك دورها، إضافة إلى أنها كانت تخضع إلى تعليمات وزارة المالية. أي أن البنك المركزي منح له هامش ضيق تمثل في تلبية احتياجات الخزينة العمومية من خلال التسبيقات التي يقدمها، أضف إلى مختلف القروض التي كانت تمنحها البنوك غير مؤكدة الاسترجاع وهو ما يدعم غياب سياسة قرضية بالمعنى الحقيقي. وفي هذه الفترة حددت السلطة النقدية من خلال ما يسمى بـمجلس النقد والقرض،وتمثلت مهامه :
- دراسة طبيعة،حجم وكلفة القروض في إطار المخططات وبرامج التنمية الاقتصادية؛
- مراقبة تطور الكتلة النقدية من خلال مراقبة تطور القرض وتوازن الجهاز المصرفي.
إن هذه الصلاحيات هي من صميم المهام التقليدية لأي بنك مركزي و هو ما جعله ينحسر في المهام الإدارية ولم يعد معها يلعب غير وظيفة الإصدار والمطلوبة من الاقتصاد الوطني عن طريق الخزينة العمومية، أي أن هذه العملية أصبحت آلية دون تدخل وتوظيف أدوات السياسة النقدية لتسيير الكتلة النقدية وضبط تمويل الاقتصاد الوطني حسب المعايير الاقتصادية وما يعزز ذلك :
- إلزام البنك المركزي بتقديم تسبيقات للحسابات الجارية لتمويل قروض البنوك القصيرة المدى الموجهة للاستغلال؛
- إعادة الخصم الآلية لدى بنك الجزائر لتمويل القروض المتوسطة المدى و قد حدد سعر الخصم إداريا عند مستوى ضعيف قدر بـ: 2.75% وهذا عمل على تكثيف العملية لإعادة تمويل البنوك وجعل عملية إصدار البنوك دون معنى و بلا حدود؛
- غياب السوق النقدية والمالية لإعادة تمويل البنوك؛
- ضعف معدلات الفائدة المدينة عند مستوياي تتراوح ما بين 3,14% و4,12% وهو ما اضعف عملية تعبئة الادخار .
إن النقد و نتيجة لما سبق ابتعد عن لعب أدواره الاقتصادية و اكتفى فقط بلعب دور الوسيط للمبادلة من خلال التحديد الإداري للأسعار، الذي أنتج الاكتناز وضعف الادخار وانتشار المضاربة والسواق السوداء التي لعبت دور الجهاز المصرفي في عمليات الصرف، حتى أصبحت السوق الموازية مصدر الحصول على السيولة للقطاع الخاص و الأفراد لتمويل عمليات الاستيراد.
إن الاكتناز الشبه منعدم في بداية الاستقلال انتقل إلى 950 مليون دج سنة 1969، ليصل سنة 1984 إلى 33 مليار دج، فمعدل الاكتناز انتقل من 39% سنة 1970 إلى 49% سنة 1985 من حجم الكتلة النقدية السائلة وهو ما يعني عدم قدرة الجهاز المصرفي على أداء دوره في عملية الضبط النقدي و تأكيدا على لعب الخزينة الدور الأساسي كوسيط مالي .
2-1-3 الفترة الثالثة:1986-1989: تميزت هذه الفترة بـ:
- مواصلة ضعف الجهاز البنكي من خلال عدم إمكانيته تعبئة الادخار والموارد اللازمة لتمويل الاقتصاد الوطني و قد بلغ مستوى النقدية خارج الجهاز المصرفي سنة 1990 معدل 49,7% من m 1 ، وهذا كله أدى إلى الاعتماد كلية على البنك المركزي في تمويل القروض؛
- نقص السيولة الكافية لدى البنوك للقيام بعمليات التمويل وكثر استخدام التمويل بالسحب على المكشوف كشكل من أشكال القرض الرئيسية .
- عرف الدينار الجزائري خلال هذه الفترة تخفيضات متواصلة، ففي سنة 1986 كان بمعدل 6.5% إلى سنة 1990 بمعدل 22% ، وقد أدى ذلك إلى انخفاض معدلات الاستثمار من 36,5% من الناتج الوطني مابين 80/89 إلى 29,7% ما بين 85/89 إضافة إلى المديونية التي امتصت الفائض المحقق في الميزان التجاري .
سنتكلم لاحقا وفي نقطة أخرى عن واقع السياسة النقدية واستقلالية البنك المركزي الجزائري من خلال تعديل القانون 90-10 بالأمر 03-11 المؤرخ في 26 أوت 2003 المتعلق بالنقد و القرض.
2-2 السياسة النقدية بعد الإصلاحات الأساسية و إشكالية الاستقلالية:
يمكن اعتبار أن القانون 90-10 الصادر في 14 ابريل 1990 مرحلة فاصلة بين حقبتين مر بهما مجمل الاقتصاد الجزائري بالانتقال من مرحلة الاقتصاد المركزي إلى مرحلة اقتصاد السوق، مما يستدعي استعمال أدوات أداء جديدة على مستوى كل السياسات ومنها السياسة النقدية التي تميزت بـ: