السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
قرات هذا الموضوع وأعجبني كثيرا، فنقلته إليكم كما هودون أدنى تغيير، فأرجو أن يعجبكم..
المهاجر إلى الله
يضرب الناس أمثلة كثيرة في التضحية والبذل، ويبذلون من أجله أغراض كثيرة، وأهداف شتى، بعضها هابط كأدنى درجات الهبوط والتردي، وبعضها سام سمو قمم الجبال!!
ونحن الآن أمام شاب من شباب عصرنا، ومن دولة "بنغلاديش" التي استغرب مقدمه الدكتور "محمد الشهراني" بأن كان "هندوسياً"، لأنه لم يسمع من قبل بأن هذه الدولة المسلمة فيها من لا يدين بدين الإسلام.
وهذا الشاب أيضاً وجد نفسه غريباً عن البيئة، بل غريباً عن الحياة كلها، كيف لا يدخل في الإسلام، وهو الدين الذي قامت عليه السموات والأرض، وخضعت لمنزله الشمس والقمر، والنجوم والجبال، والشجر والدواب، وكثير من الناس؟!
يقول هذا الأخ "بروكاش": (فكرت في الإسلام منذ عشر سنوات) فما الذي حال بينه وبين الدخول في هذا الدين، في بلد نسبة المسلمين فيه 98% من تعداد السكان العام؟
لقد شعر أقرباؤه وذووه بتأثر "بروكاش" بتعاليم الدين الحنيف، وأحسوا بأن صاحبهم مفارقهم لا محالة، فوقفوا في وجهه سداً منيعاً، وضغطوا على والديه حتى لا يدخل في الإسلام، وينبذ معتقداتهم الباطلة، وسلكوا إلى ذلك كل طريق، واستخدموا كل وسيلة، وأذعن صاحبنا للعاصفة وطأطأ رأسه أمام الموج العاتي، والرياح الهوجاء، ثم مضت على ذلك سنوات، تناسى الناس قصة صاحبهم وموقفه، وتناسى هو الموقف، حتى كاد أن ينساه، ثم حانت فرصة الذهاب إلى المملكة العربية السعودية للعمل، لتحقيق الربح ورغد العيش، وسد الحاجة والفاقة، فاستيقظ في نفسه الحس، وعاد يمني نفسه باسم جديد، يزين قلبه وعقله، وهي فرصته أن يعلن الدخول في الإسلام في رحاب بلاد الحرمين الشريفين، حيث جاء "بروكاش" مزارعاً في مزرعة من مزارع أبها الجميلة، يعمل ويكد، ويزرع ويحصد، وهيأ الله له بعض "البنغال" المسلمين الحريصين على الدعوة، وسلكوا معه سبيل الهداية، ودعوه إلى الله تعالى واعتناق الإسلام، فاستجاب سريعاً، ولم يتردد، وانتهج منهج أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ الذي قال فيه الحبيب المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "ما دعوت أحداً إلى الإسلام إلا كانت له كبوة، إلا أبا بكر".
وهـــكذا لبى صاحبنا نداء ربه، وأتى إلى الإسلام طائعاً مختاراً، محباً لرسالة التوحيد ومعتنقاً لها، جاء جاهزاً كما قال، ولا يريد أن يتأخر دقيقة واحدة، وهب ليلقي لوالديه النبأ، وليخبرهما بما حدث وكتب لهما رسالة يشرح لهما فيها ما أصبح فيه، ويدعوهما إلى الله تعالى، فأرسلوا إليه: "ما لك عندنا شيء، ولا نساعدك بشيء" فأجابهم: "هذا غير مشكل، بل أنا أساعدكم إن دخلتم في الإسلام" إن الإسلام الذي ربى صهيباً، فضحى بماله ونجا بنفسه، هو الدين الذي هذب هذا الأخ، وعرض ماله، وما يكسب في السعودية من أجل اعتناق والديه الإسلام، ألا ما أعظم هذا الدين، وما أعز مبادئه وتعاليمه!
ويزداد ضغط الأبوين على الشاب الفتي، فما يزيده ذلك إلا إصراراً وتمسكاً ويقول لهما: "أنا لا أبالي بكما ما دام الله راض عني" إنها صورة مؤثرة، وموقف ينير القلب والعقل ويشرح الصدر.
يعلق الدكتور "سالم داوود" الذي أسلم منذ سنة تقريباً، وكان اسمه "كولن ديفيد" يقول: "يا لها من قصة جميلة ومؤثرة لإنسان ترك الأسرة والبلاد، ليهتدي بنور الإسلام" ثم يستمر الدكتور سالم يسترسل ليشرح لنا مفهوم التضحية باللغة الانجليزية، وأنها مكونة من كلمتين (...) بمعنى مقدس و(...) بمعنى يعطي، وأن هذا الأخ اتخذ قراراً مقدساً لهذا الدين العظيم.
ثم تابع الدكتور سالم قوله: "وعندما نتكلم عن التضحية، فإننا نتكلم عنها من جهتين: الأولى من جهة الذين عرفوا واجبهم تجاه الأخ الجديد، ليقطفوا ثمرة اليوم، والثانية من الشخص نفسه الذي تخلى عن كل شيء مقابل الدين وقال لأهله: لكم كل ما سأكسبه في هذا البلد، وأما العقل والقلب فأوجهه إلى الله باعتناقي للإسلام" ثم ختم الدكتور سالم كلمته بقوله: "إن موقف أخينا جمع مفهوم القديم والحديث لكلمة التضحية وهي: الهداية الربانية، ثم التخلي عن كل ما في الدنيا لأنه لا يبقى أبداً".
أما الدكتور علي العطار، فقد علق على إسلام هذا الأخ بسرده لقصة صهيب الرومي ـ رضي الله عنه ـ وكيف تخلى عن المال كله ونجا بنفسه مهاجراً إلى الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
وهــكذا أصبح اسم صاحبنا منذ يوم الجمعة (8) من شهر ذي القعدة عام 1421هـ (محمد حسن) بدل اسمه السابق "بروكاش" وهو الحلم الذي كان يراوده منذ عشر سنوات ورآه اليوم حقيقة ماثلة أمام جمع غفير في مكتب دعوة وتوعية الجاليات بأبها، وبين أهل خير من أهله، أهلاً بك أيها الأخ الحبيب، وهنيئاً لك توجهك إلى ملة إبراهيم: {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}.