اتكأ على بندقيته المحشوة شارد الذهن فتراءى له
كل ما مر به من تجاعيد الهموم و مرارة الخيبة و الفشل
حينا و فرحة النصر احيانا فعدوه عصي و ماكر كثعلب
و خبيث كجرذ يلوذ بالجحور.. و في غفلة منه داعبت جفناه
غفوة استسلم لها فهو لم ينعم بنوم هنيئ منذ شهور..
فسريره كان ساحات القتال و غطاءه كان رائحة الموت الذي
يحاصره من كل صوب و اتجاه أما الجوع فقد اصبح رفيقه الدائم
يحثه و صحبه على الثبات و التقدم اكثر و الاستمرار في الذود
عن الوطن الجريح الذي مزقته مخالب أيادي أعتقد أنها تحميه.
بعزيمة مشدودة انطلقوا نحوى الهدف بجسارة و قلوب لا تخشى
الموت أليس هذا ما يصنعه الرجال؟ فما الحياة إن عاش المرء جبانا؟!.
استيقظ من غفوته فزعا فقد ارتفعت الأصوات و اختلطت بين صياح
و قذائف مدافع و رشاشات كانت تسلب حياة كل من اعترضها بكل قسوة.
قفز من مخبئه و اخذ يرد الصاع صاعين و دون خوف تقدم نحو العدو
لكن القدر لم يمهله فقد استقرت رصاصة في صدره أنهت رحلة كفاحه
و اوقفت قرصات الجوع لكنها لم تنه الحرب..