المنحوس ..................

[الغزالي]

في واحدة من القصص المشهورة في تراثنا ....... يحكى أن أخوين أحدهما شديد الثراء والآخر شديد الفقر ... كانا يعيشان في البادية ولا يفصل بينهما سوى تل صغير ..... ولقد ضاق الناس باختلاف معيشتهما وتناقض أوضاعهما وهما أخوان من رحم واحدة ... فكان أن اجتمع كبراء القوم وقرروا أن يذهبوا إلى أغناهما ... ويعاتبانه عن وضع أخيه من أمه وأبيه الذي لم تشفع له حقوق الرحم والجيرة عند أخيه ... وعندما نزلوا عند الرجل استقبلهم وأكرمهم ... فبادره أكبر القوم سنا وأرفعهم مكانة وأدراهم بمفاصل الحديث فقال ...... يا فلان عرفناك رجل سخيا شهما صافي السريرة رطب اللسان لا يهان لك جوار ولا تداس لك حرمة .... غير أننا يا فلان نرى أخاك ...... سيء الحال يعاني شظف العيش وأنت ما شاء الله في خير ونعمة .... طأطأ الرجل رأسه ثم قال والله لا تصدقوا حتى تروا بأنفسكم .... ثم قام إلى الداخل وعاد ومعه كيس كبير فيه ثروة من النقود وقال لابنه والقوم يسمعون اذهب لعمك وقل له أن القوم يريدونه وقبل ذلك ضع هذا الكيس في الطريق بحيث يراه ولا تخبره به .... وانتظر القوم سويعة وإذا بالرجل يدخل عليهم وبعد أن سلم على الجميع وبادلهم التحية بادره أخوه بالكلام .... يا فلان أما من جديد اليوم فرد بسرعة لا جديد .... فتبادل القوم نظرات وسط ذهول .... فأردف ألم تجد في طريقك إلى هنا شيءً ما .... قال لا .... قال أبدا ... قال والله لا .... فاستغرب القوم ذلك ثم سأله كبيرهم ..... ألم تر أي شيء في طريقك ... فقال الحقيقة أنني سرت خطوات ثم تساءلت في نفسي ألا يجدر بي أن أكون قد حفظت هذه الطريق وقد سرت فيها آلاف المرات .... فحلفت أن أسيرها مغمض العينين حتى دخلت عليكم فانفجر القوم ضحكا وقال أخفهم روحا .... المنحوس ... منحوس

ربما هذه القصة تحكي واقع بعض الناس ... الذين نعرفهم أو قد نكون سمعنا عنهم ... فما لديك عنهم ؟