عادت العلاقة بين وزارة التربية الوطنية والنقابات المستقلّة إلى مربع التشنج الأول، وتبيّن أن كافة الإجراءات التي اتخذها الوزير، أبو بكر بن بوزيد، كانت مجرد نفخ في قربة مقطوعة، لأنها خضعت للمراوغةئ والسخرية أكثر من خضوعها لمنطق الأشياء·
لقد ظلّت نظرة الوزارة لعمال القطاع سطحية، يطبعها الاستخفاف، لأنها كانت تحكم قبضتها على من يفترض أنهم يمثلون مطالب هؤلاء، تماما مثلما تستخف بالتلاميذ، وتفرض مناهج تربوية بائسة، تجعل من التلميذ الذي لا يتجاوز وزنه 20 كلغ حاملاً لحقيبة مدرسية تتجاوز 25 كلغ، وتعطي للكمية الأولوية على النوعية·· لماذا؟
لأن مسار الإصلاحات التي مرّ بها القطاع، تجاهل العنصر الأساسي في هذه المعادلة، وظل موقع المربي والمعلم في المرتبة الأخيرة، بينما أولت الوزارة العناية الكبرى لتوصيات المتعاونين، والمستشارين الذين اختارهم بن بوزيد لتغيير المناهج الدراسية، وفق نظرة سبق وأن أفصح عن خلفياتها الوزير نفسه خلال لقاء جمعه بالسفير الأمريكي بالجزائر، وعندما يتحول دور وزارة التربية من تعميق القيم الدينية وترسيخها في المنظومة التربوية، إلى محاربتها وإبعادها تحت غطاء محاربة التطرّف، من الطبيعي أن ترتفع حدّة العنف المدرسي، وأن تزداد نسبة الاعتداءات على المعلمين، وأن يتعفّن الوسط التربوي بالمخدرات والمهدئات والأقراص المهلوسة، ومن الطبيعي أن يقتحم التلاميذ المفصولون قاعات التدريس لضرب أساتذتهم السابقين···