![]() |
|
قسم أرشيف منتديات الجامعة القسم مغلق بحيث يحوي مواضيع الاستفسارات و الطلبات المجاب عنها ..... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() الشورى تنوية : اود الاشارة الى انه من خلال بحثي فان افضل ما وجدت بخصوص الشورى " كتاب فضيلة الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق ( الشورى في ظل نظام الحكم الإسلامي ). لشموليتة وتناولة للشورى من جميع جوانبها , ارجو الله عز وجل ان اكون مصيبا في اجتهادي بهذا الاختيار وان يتجاوز عني و يغفر لي القصور و الزلل.وعلى بركة الله مراقب سياسي4 الشورى في ظل نظام الحكم الإسلامي المعنى لكلمة الشورى هو: استطلاع الرأي من ذوي الخبرة فيه للتوصل إلى أقرب الأمور للحق. حسب التعريف السابق ندرك الحقائق التالية 1- لا بد لتحقيق الشورى من تصفح الآراء والأفكار في الأمر المشار فيه من كل صاحب رأي وفكرة. 2- الأمور المقطوع بأنها حق ليست مجالاً للشورى، ولا هي داخلة فيها. فالحقائق الثابتة في أمور الدين والدنيا ليست مجال نقاش وآراء لأنه مجمع على أنها حق ولا مجال للاختلاف فيها. حسب ما مضى ندرك -نحن المسلمون- أن حقائق الإسلام الثابتة ليست من مجالات الشورى عندنا: فكون الإسلام حق الصلاة واجبة والجهاد فرض والخمر حرام والزنا حرام أمور قد سلمنا بها بشهادتنا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وعرض هذه الأمور وأمثالها على الشورى كفر بالإسلام وخروج من دائرته. ليس بقبيح لو اجتمع من غير المسلمين ليتشاوروا أدين الإسلام حق أم لا؟ بل يجب عليهم أن يتشاوروا ويذكر بعضهم بعضاً بذلك كما وعظهم الله عز وجل بهذا عندما قال تعالى: {قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد}. لا نستنكر اجتماع غير المسلمين للتشاور في شأن دين الإسلام ولكننا نرى أن المسلم يكفر إذا ما دعا الناس للتشاور في شأن القصاص هل هو عدل أم لا، وفي قطع يد السارق هل هو حق أم لا، وفي شأن الخمر هل نحرمها أم لا؟ لأنه بذلك يهدم إسلامه السابق إذ من مقتضى الإيمان الإقرار بحكمة الله وعلمه والإيمان بتشريعه كله سبحانه وتعالى.. 3- الأمور التي تدخل في إطار الشورى غالباً ما يكون الحق والمصلحة فيها مظنون من الجميع ولا يستطيع أحد أن يجزم به، وقد يعلم الحق في بعض أمور الشورى إذا كان عند أحد المستشارين نص واضح جلي من الكتاب أو نص صحيح صريح من السنة وسأضرب لكل نوع مما سبق أمثلة يتضح بها المقام إن شاء الله: مثال الأمر الأول وهو الذي يظن الحق فيه ولا يقطع به: أمور الحرب والسلام والمعاهدات، فكم من دول دخلت حروباً وهي تظن أن النصر معها والمصلحة في خوضها ثم باءت بالخيبة. وكم من دول أخرى أبرمت معاهدات وعقدت صلحاً وهي تظن الخير لها في ذلك وكان العكس هو الصحيح. هذا الأمر يعم كل الأمم ولا يخص دولة دون دولة، فقد أبرم رسول الله صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية وهو مسلم لأمر الله تبارك وتعالى غير عالم بنتائجه إلا أنه قال: [إنه ربي، ولن أخالف أمره، ولن يضيعني]. فقد كان منفذاً لأمر الله تبارك وتعالى مؤمناً بأن العاقبة ستكون له بمشيئة الله سبحانه وتعالى وقد أنكر صحابته غالبيتهم أمر هذا الصلح إنكاراً شديداً، ولكن كانت عاقبته أن كان أعظم فتح في الإسلام. وقد أشار بعض المسلمين على الرسول صلى الله عليه وسلم بالبقاء في المدينة في غزوة أحد، وألح عليهم آخرون بالخروج، والكل يقدر جانب المصلحة في ذلك لم يكن أحد منهم يقطع أين يكون الخير، قد كان احتمال النصر مع الخروج وارداً بل محققاً لولا مخالفة الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. أن أمور الحرب والسلم والسياسة والمعاهدات أمور لا يقطع عند المشاورة فيها بالحق والخير والصواب، وإنما بترجيح جانب المصلحة، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي قواده الذين يرسلهم في الغزو قائلاً: [وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم علي حكمك، فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا]. فيستفاد من قول الرسول صلى الله عليه وسلم [فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا] أن حكم الله في هذه الأمور مظنون وليس بمقطوع به. ألم تر أن الله عاتب رسوله والمؤمنين لقبولهم فداء الأسرى في بدر، وأخبرهم أن الحكمة والمصلحة كانت تقتضي قتل الأسرى في هذه الغزوة وذلك حتى تخضد شوكة الكفار فلا تقوم لهم قائمة بعد. وليس أمام أمير مسلم يحاصر أهل حصن وينزلوا على حكمه احتمال واحد لإبرام الصلح على أساسه بل أمامه عشرات الاحتمالات والشروط وكلها يستند إلى نصوص من الكتاب والسنة، فهل يقتل مقاتلتهم ويسبي نساءهم وذراريهم كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ببني النضير وبني قينقاع. أم يمن عليهم جميعاً، أو يفادي برجالهم أسارى المسلمين ببلاد الكفار كما قال تعالى: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما مناً بعد وإما فداءاً حتى تضع الحرب أوزارها} وهل يترك لهم معابدهم ويسمح لهم باستحداث شيء جديد، أم يترك لهم الموجود منها فقط أم يصالحهم على هدم البعض وتحويله إلى مساجد؟ وهل يصالحهم على ترك أرضهم لهم أم يأخذها منهم؟.. كل هذه احتمالات واردة وكل منها قد فعله المسلمون في حروبهم وكلها في شأن أمر جزئي وهو: استنزال قوم من الكفار من حصن من حصونهم، أي قبول بلدة. ما مصلحة المسلمين، والنزول على حكمهم بعد حصارهم؟ من يستطيع اليوم أن يقطع بالحق والخير والمصلحة للمسلمين في شأن يهود فلسطين عندما ينصر الله المسلمين وهذا آت لا محالة بإذن الله! هل يجلون من فلسطين إلى الديار التي أتوا منها، أم تقتل مقاتلتهم وتسبى نساؤهم وذراريهم كما فعل بيهود بني قريظة، أم يمن عليهم ويعيشون كمعاهدين وأهل ذمة؟ وإذا كان ذلك فما هي نوع الحريات التي تعطى لهم والتي تمنع منهم؟ أم يجلى من هاجر بعد عام 1948 ويترك من هاجر منهم قبل ذلك؟ وهل تعود الأرض إلى أربابها الذين تركوها وهاجروا من أهل فلسطين، أم تكون غنيمة للمحاربين؟ وهل توزع أم تكون أرضاً خراجية؟ وأملاك اليهود التي أحدثوها هل تصبح ملكاً للدولة أم للمحاربين؟ إحتمالات كثيرة وآراء مختلفة متباينة، ويستطيع كل صاحب رأي من الآراء السابقة أن يدعم أقواله بآية من كتاب الله أو حديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن من زعم أن الحق والصواب والمصلحة في رأيه هو فقد أخطأ خطأ بيناً وتحكم في دين الله عز وجل ولا يستطيع أحد أن يجزم بالصواب والمصلحة في مثل هذه الأمور إلا بعد وقوعها ومعرفة نتائجها وعلى قياس هذه النتائج يكون تقدير الرأي والحكم عليه بالمصلحة أو المفسدة. ذلك أن بعض الناس ممن يزعم العلم الديني يفتي في مثل هذه الأمور ويجزم بأن الحق معه ويرم بالجهل والفسق بل والكفر أحياناً من خالفه الرأي. لكن هناك أموراً أخرى من أمور الشورى قد يعرضها إمام المسلمين للمشاورة ويكون الحق فيها معلوماً بالنص عند بعض الناس، وهذا مثاله الحادثة المشهورة في مشاورة عمر بن الخطاب للمسلمين في دخوله ومن معه أرض الشام بعد أن وقع بها الطاعون، فإن أبا عبيدة بن الجراح قال لعمر: ما أرى أن ترجع بل أنت قادم لأمر لا بد من نفاذه ثم أنفر من قضاء الله!؟ ولكن آخرين وجدوا المصلحة في غير ذلك وقالوا: يا أمير المؤمنين، ارجع بمن معك، ولا تقدمهم على هذا الوباء فتعرض نفسك ومن معك للخطر. فشاور عمر المهاجرين الأول ثم الأنصار فلم يختلف عليه اثنان أن يجب عليه الرجوع فقال لأبي عبيدة: يا أبا عبيدة، نفر من قضاء الله إلى قضاء الله! ثم جاء عبدالرحمن بن عوف -وكان غائباً- فلما علم بذلك قال: عندي في ذلك علم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله: [إذا وقع الطاعون بأرض فلا تدخلوها ولا تخرجوا منها] فانحسم الأمر وعرف الحق المقطوع به وليس المظنون لأن مستنده نص ظاهر جلي، ولو علمه عمر أولاً ما استشار الناس في هذا الأمر، ولو علمه أبو عبيدة قبل هذا ما قال لعمر: كيف تفر من قضاء الله؟ المقصود بهذه الأمثلة بيان أن بعض أمور الشورى قد يتوصل إلى الحق فيها إذا كان هناك دليل ظاهر جلي وليس هناك دليل مخالف له أو معارض، والبعض الآخر لا يمكن القطع فيه بالحق والخير والمصلحة قبل حدوثه. الحق في أمور الشورى وعلى مقدار تقوى الله عز وجل والعلم بشريعته والتمسك بها يكون الوصول إلى الحق في أمور الخلاف ومعرفة الصواب في أمور الشورى والاجتهاد. مما يدل على ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاصر بني قريظة قرابة شهر في حصونهم وصياصيهم ثم قبلوا النزول من حصونهم ولكن على حكم سعد بن معاذ الذي كان حليفاً لهم في الجاهلية ظناً منهم أنه سيكون رحيماً بهم، وقبل الرسول صلى الله عليه وسلم عرضهم هذا، ثم دعي سعد من المدينة حيث كان يمرض فيها من سهم أصابه في الخندق. فقال سعد بعد أن جلس للحكم: حكمي نافذ على الجميع؟ فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن نعم، وكذا فعل رؤساء اليهود، فقال سعد: فإني أحكم بأن تقتل مقاتلتهم وتسبى نساؤهم وذراريهم. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: [لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات] وهذا هو الشاهد من سوقي لهذه القصة، فإن سعداً رضي الله عنه باجتهاد الصادق وخوفه وتقواه وعلمه حكم هذا الحكم في الذين خانوا العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنى قول الرسول السابق [لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات] أي هذا حكم الله فيهم، ومعنى ذلك أنه لو أنزلت آيات فيهم لكان مضمونها هو الذي حكم به سعد بن معاذ رضي الله عنه. فإذا كانت الشورى هي اشتراك مجموعة من الناس في الاجتهاد للتوصل إلى ما يرضي الله في الأمور التي تعرض للمسلمين ويطلبون حلها فإن أقرب الناس إلى الحق في ذلك هم الذين يتجردون لله عز وجل ويقولون الحق ولا يخافون في الله لومة لائم. فنسأل الله أن يجعلنا منهم بمنه وإحسانه. الفروق الأساسية بين الإمامة العامة والجماعات الخاصة في الفصل السابق عرفنا أن الشورى: استطلاع الرأي من ذوي الخبرة للوصول إلى أقرب الأمور للحق، فإنها لا تكون إلا حيث يجهل الحق فإن علم فلا شورى، وأن الأمور التي لا تعرف نتائجها كشئون الحرب، وسياسة الدولة، هي أهم ميدان للشورى وسيأتي تفصيل هذا الأمر والأقوال فيه في مجالات الشورى إن شاء الله تعالى. وعرفنا أيضاً أن أسعد الناس حظاً بالوصول إلى الحق في أمور الاجتهاد والشورى هو الذي يخلص دينه لله سبحانه وتعالى، ويقول الحق لا يخاف فيه لومة لائم. ورأيت قبل استكمال بحث الشورى أن أضع أمام القارئ الفروق الأساسية بين الإمام العامة وهي الولاية أو الخلافة، وبين الإمارات الخاصة وأعني بها الجماعات التي يؤلفها المسلمون لتنظيمهم شأن من شئون دينهم أو دنياهم وذلك أن الناس في وقتنا أصبحوا يخلطون بين الإمامة العامة التي هي خلافة الإسلام الكبرى التي يقيمها المسلمون لتطبيق شريعة الله عز وجل، وتنظيمهم شئون حياتهم ومعاشهم، وبين الجماعات التي يؤلفونها للدعوة إلى دين الله عز وجل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويعطون أحياناً لأمير جماعة الدعوة ما لا يجوز أن يعطي إلا لإمام المسلمين العام ويقع الناس بسبب ذلك في حيرة وإرباك. وتبلغ هذه الحيرة أقصاها في وسائل الطاعة، والخروج من الجماعة، والشورى. ولذلك أحببت قبل أن أستطرد في بحث الشورى أن أفرق بين هاتين الجماعتين، حتى لا ينزل كلامي في الشورى في غير منازله. وسيكون بحث موضوع الشورى متعلقاً بكونه أحد قواعد الشريعة وعزائم الأحكام في الحكم الإسلامي وكونه نظاماً واجب الاتباع في سياسة جماعات الدعوة إلى الله تبارك وتعالى. تعريف -أولاً- الإمامة العامة فالإمامة العامة أو الخلافة هي التي يناط بها إقامة شرع الله عز وجل، وتحكيم كتابه، والقيام على شئون المسلمين، وإصلاح أمرهم، وجهاد عدوهم. ولا خلاف بين المسلمين على وجوبها ولزومها، وإثمهم جميعاً إذا قعدوا عن إقامتها وإن كان هناك خلاف فيمن هو أحق بها؛ والشروط التي يجب توافرها فيمن يتولاها ولا خلاف بينهم أيضاً - كما أوجبت ذلك نصوص الكتاب والسنة وسيأتي بيان لهذا: إن الطاعة واجبة لولي الأمر المسلم ما لم يأمر بمعصية، وإن الخروج عن الجماعة والشذوذ موجب للعقوبة الأخروية والميتة الجاهلية. وقد اتفق أهل السنة على ما دلت عليه النصوص الواضحة من وجوب النصح للإمام المسلم وأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر ولو أدى ذلك إلى قتل الآمر، وإن ذلك أيضاً أفضل الجهاد، وكذلك اتفقوا على أنه لا يجوز الخروج على ولي الأمر المسلم، ودفعه بالقوة ما لم يروا كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان، وأما المعتزلة فإنهم رأوا الخروج عليهم بالقوة إذا فعلوا منكراً، وجعلوا هذا داخلاً في قوله صلى الله عليه وسلم: [من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان]. فجعلوا الإنكار باليد عاماً في تغيير منكر الإمام وغيره، ورأى أهل السنة أن هذا العام مخصوص بالأحاديث الآمرة بتغيير مناكر الإمامة -غير الكفر- باللسان والقلب فقط. ثانياً: الجماعات الخاصة أما الجماعات الخاصة التي تستلزم الإمارة فإنها متعددة وذلك بحسب مصالح الدين والدنيا التي تناط بها، وأشهر هذه الجماعات ثلاث هي: جماعة الدعوة، وجماعة السفر، وجماعة الغربة. فأما جماعة الدعوة إلى الله تبارك وتعالى فقد استلزم وجودها إهمال أولياء أمور المسلمين الحكم بشريعة الله، وتحكيم كتابه ومجاهدة أعداء دينه، مما أطمع في المسلمين أعداءهم، وأذهب شوكتهم وساعد على نشوء أجيال من أبناء المسلمين تجهل الإسلام وتعادي رسالته، ولذا كان تأليف الجماعات للدعوة لله تبارك وتعالى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمته، وتحكيم شريعته، وتربية ناشئة المسلمين على الإسلام فرضاً لازماً، ومن قال بغير ذلك فقد جهل دين الله تبارك وتعالى. وذلك أن الفرد لا يستطيع وحده أن يسهم كثيراً في سد هذه الثغرات. والقيام بهذه التكاليف، ولذلك كان التعاون لازماً مفروضاً كما قال تبارك وتعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} ومن ألزم التقوى والبر: الجهاد في سبيل الله، والعمل لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى وتربية ناشئة المسلمين في عصورنا هذه، فتعين أن يقوم بها المسلمون أنفسهم، ولن يستطيع الأفراد أن يقوموا بها، فلذا لزم تأليف الجماعات والهيئات لسد هذه الثغرات. أما إمارة السفر فالأصل فيها قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: [إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم] رواه أحمد، والحكمة في إمارة السفر هو تنظيم شأن الجماعة المسافرة، وإبعادها عن التنافر والخلافة وتعاونها، على الخير والمنافع العامة وكذلك الشأن لجماعة العزلة والغربة، فاتحادات الطلاب والمغتربين المسلمين في ديار الغرب ضرورة لازمة للمحافظة على إسلامهم وإيمانهم وتعاونهم على البر والتقوى ولا يتأتى هذا إلا بتنظيم الجماعة وتعيين الأمراء. الفروق الأساسية وبهذا التعريف العام لجماعة المسلمين وإمامهم، وجماعات الدعوة والسفر والغربة وإماراتها والوظائف والغايات المنوطة بكل منها نستطيع إجمال الفروق فيما يلي: 1- المستند الشرعي المستند الشرعي للإمامة العامة هو إجماع المسلمين على وجوب القيام بها، قال الماوردي في الأحكام السلطانية: "الإمامة موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا، وعقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع"، وكذلك الأوامر الشرعية التي لا تحصى كثيرة التي تلزمنا وجوب تطبيق شريعة الله وأحكامه ومعلوم -عقلاً- أنه يستحيل تطبيق شريعة الله كاملة، وأحكامه تامة إلا بحكم إسلامي شرعي، ولم يخالف في هذا قديماً إلا الأصم من المعتزلة، وتلامذة الغرب في العصر الحاضر كما قال علي عبدالرازق في كتابه: "الإسلام وأصول الحكم" بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقم بتأسيس دولة بالمعنى المفهوم في عصرنا وما كان إلا رسولاً فقط، وما كانت أعماله التي تبدو -كما زعم- من سياسة الملك والرئاسة إلا وسيلة لتثبيت الدين وتأييد الدعوة، وقد أخذ هذا الفكر الخبيث ينتشر في أوساط المسلمين حتى أصبحت هذه القضية المسلمة المجمع عليها تحتاج إلى إثبات وبيان، وإذا لم يكن أمر الإمامة واقعاً فلا أقل من اعتقاد وجوبه على المسلم لأن نفي الاعتقاد بوجوب الواجب والمعلوم من الدين ضرورة كفر بإجماع المسلمين. أما جماعات الدعوة فمستندها الشرعي هو الأوامر الصريحة الواضحة من كتاب الله تبارك وتعالى بوجوب تغيير المنكر ونشر المعروف وقد جعل سبحانه وتعالى هذا صفة لازمة من صفات الأمة حيث قال: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله} ومعلوم أن هذا التغيير الآن لا يكفي فيه الأفراد بعد أن تخلت الحكومات عن فعله بل قد تلبست بضده من نشر الفاحشة وترويجها وإشاعة المنكر عن قتل المعروف فتعاون الأفراد هنا لازم واجب. فقول الله تبارك وتعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} يصبح واجباً لازماً إذا كان الأمر الذي يجب أن نتعاون عليه واجباً لازماً، وهذا شأن فروض الكفايات التي لا تؤدى بفرد واحد، والدعوة إلى الله تبارك وتعالى من ألزم هذه الفروض بل هي ألزمها. والجماعة من لوازم الدعوة، فمصالح الأمة التي أهملها من يتولون أمور المسلمين الآن لا تحصى كثرة فالجهاد في سبيل الله، ولا أعني به القتال فقط بل الجهاد بمعناه العام الشامل معطل كله وها هو الإسلام يرمى من كل صوب بسهم، فسهام إلى عقائده، وسهام إلى شرائعه، وسهام إلى آدابه وأخلاقه، ولا راد ولا مدافع إلا القليل القليل. ولذلك تتراكم الشبهات وتكثر وتنشأ ناشئة المسلمين فتتشرب هذه الشبهات وتشربها قلوبهم فينشئون على بغض الإسلام وأهله ورسالته، فمن لهذا الجهاد غير الجماعات؟! وهذا الفسق يعلو كل يوم والفضيلة تختفي ولا يكفي في علاج هذا الطوفان فعل الأفراد بل لا بد من التعاون والتعاضد. ولذلك يجب أن يعلم الناس أن الإسلام الآن ليس نشاطاً محظوراً، بل هو نشاط واجب ولازم والقوة والسلطان الذي يقف في وجه هذا النشاط -ما دام أنه ملتزم بأدب الإسلام- قوة أو سلطان كافر، وقد أوضحت هذا بحول الله وقوته في رسالتي : "الحد الفاصل بين الإيمان والكفر" ب- الطاعة والالتزام أما الفرق الثاني بين الإمامة العامة والجماعات الخاصة ففي الطاعة فهي في الإمامة العامة مطلقة لا يقيدها إلا المعصية فقط، وهذه الطاعة ثابتة للإمام العام في عنق المسلمين حتى مع جوره وظلمه يدل على ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [السمع والطاعة على المرء المسلم فيما أحب وكره ما لم يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة] متفق عليه. كذلك حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: [بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى أثره علينا، وعلى أن لا ننازع الأمر أهله، وعلى أن نقول للحق أينما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم]، وفي رواية: [وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان]. متفق عليه. فقوله رضي الله عنه: [وعلى أثره علينا] معناه أننا نطيع الإمام ولو آثر غيرنا علينا، وكذلك قوله: [وعلى أن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً] أي لا يجوز الخروج على الإمام بالفسق الذي لا يبلغ حد الكفر وطاعته مع هذا الفسق أيضاً واجبة. لا يعني هذا بالطبع عدم نصحه بل هو واجب كما قلت في صدر هذا البحث، بل جعل الرسول القيام للإمام الظالم الفاسق ونصحه أفضل الجهاد كما قال صلى الله عليه وسلم: [أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر] وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم من يقتله هذا الإمام الجائر عند نصحه من سادات الشهداء كما قال صلى الله عليه وسلم: [سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله]. هذه الطاعة المبينة آنفاً غير الطاعة الثابتة لأمير جماعة الدعوة أو أمير جماعة الغربة أو السفر فالطاعة في كل الجماعات السابقة طاعة عرفية مشروطة، وأعني بقولي عرفية أنها بحسب ما تتعارف عليه الجماعة وبحسب ما تشترطه، وبالطبع لا يلزم الطاعة مع الفسق والجور، فقد أوجب الرسول الطاعة للإمام العام مع فسقه وجوره للفساد الحاصل من عصيانه والخروج عليه، ولا يتأتى فساد من عصيان أمير جماعة السفر والغربة والدعوة كفساد الحاصل هناك. فالطاعة والالتزام في هذه الجماعات مشروط ببقائها في النظام الموضوع وشروطها المنصوص والمتعارف عليها. ج- الوحدة والتعدد وهناك اتفاق على أن ولاية أمور المسلمين يجب أن تكون بيد واحدة هي الخلافة أو الإمامة الكبرى، ولكن بعض المقررين للأمور الواقعة في عصور خلت من تاريخ الإسلام قالوا بجواز تعدد الإمامات العامة. ولا يخفى ما في قولهم من البعد والشطط. هذه الأقوال انطبعت أيضاً على العاملين في حقول جماعات الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، فرأى البعض أن تعدد الجماعات غير جائز، واشتط البعض فزعم أن من انضم إلى جماعة ما هم المسلمون وحدهم وما عدا ذلك فليسوا بمسلمين، وكان من أسباب هذه الأقوال الظن الخاطئ بأن جماعة الدعوة إلى الله تبارك وتعالى هي الجماعة المسلمة فقط وأن أمير جماعة الدعوة يقوم مقام الإمام العام والخليفة، ولذلك أعطى مفارق جماعة الدعوة حكم مفارق بيعة الإمام العام، وليس هذا بسديد، بل مفارق جماعة الدعوة مخل بعهد وبيعة خاصة ولا تنطبق عليه أحاديث مفارق الإمامة العامة ومنها قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: [من رأى من أميره شيئاً يكرهه فليصبر، فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبراً فيموت إلا مات ميتة الجاهلية] متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. أما حكم التعدد للجماعات الإسلامية فالحق أنه راجع لطبيعة الجماعات وأعمالها وظروف المجتمعات التي تعيش فيها. فالمصلحة الشرعية تحتم أحياناً التعدد في المجتمع الواحد وتحتم أحياناً التوحد والاجتماع وتجيزه أحياناً أخرى، ويحدد الحكم في هذا النظر الشرعي الصحيح المبني على دراسة وافية للنصوص الشرعية، وطبيعة المجتمعات، والدعوات القائمة والمهمات المنوطة بها وهذا كلام فيه إجمال كثير ولتفصيله مجال آخر إن شاء الله تعالى. والمهم في هذا الصدد بيان أن القول بحرمة تعدد جماعات الدعوة في المجتمع الواحد أو البلد الذي تحده حدود سياسية واحدة قول متعجل. وكذلك القول بالجواز مطلقاً تنقصه الرؤية الواضحة لأحوال الدعوات ومشاكلها. ذكرالشيخ داود أحمد فيصل الداعية المسلم في نيويورك وصاحب جماعة الدعوة إلى الإسلام قال: "في نيويورك وحدها أكثر من أربعين جماعة تدعو إلى الإسلام، ولكن كل جماعة تدعو إلى إسلام غير إسلام الجماعة الأخرى". فمن يقول بجواز التعدد إذا كان على هذا النحو من الفساد والبلبلة والصد عن سبيل الله. لكن إذا تعددت مصالح الأمة التي أهملها كثير من الحكام كبناء المساجد وتربية النشء على أساس الإسلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودفع شبه الضالين، وتنقية عقائد المسلمين فقامت لكل مصلحة من هذه المصالح وواجب من هذه الواجبات جماعة تفرغ جهدها فيها فهل يقال هنا بحرمة التعدد؟ كلا إن التعدد هنا واجب حيث أنه يجب سد هذه الثغرات جميعاً، والقيام بهذه الواجبات جميعاً. يتبع >
|
||||
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() ولكن ما يحز في القلب أن يرى المسلم -في أيامنا هذه- أن همّ جماعات الدعوة إلى الله تبارك وتعالى -إلا من رحم الله منهم- قد انصرف إلى هدم بعضهم البعض، وأنهم ينفقون من أوقاتهم وأعمالهم في هذا الهدم أكثر مما ينفقون في البناء! |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() مجالات الشورى |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() ثم علل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقوع بيعة أبي بكر الصديق على هذا الأمر الذي ينهى عنه بأن ظروف تلك البيعة كانت ملجئة وقاهرة، فقد اجتمع الأنصار لمبايعة أمير منهم ولو تم ذلك ما كان للمهاجرين أن يخالفوهم وإلا حدث شر كبير، وما كانت لتجتمع العرب بأسرها على رجل من أهل المدينة الذين كانت لهم ثارات وحروب قديمة مع بعضهم البعض، فالأوسي لا يرضى عن الخزرجي وكذلك العكس فكيف بسائر العرب، وكانت لقريش منزلة خاصة عند سائر العرب حيث كانت تحترم وتقدم في الجاهلية وتقول العرب أهل بيت الله فلا نؤذيهم ولا نتعرض لهم. ولذلك قال أبو بكر للأنصار في خطبة السقيفة: "ما ذكرتم من خير فأنتم له أهل، ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش" ويعني بالأمر الخلافة. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() < تابع > |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() 2- وأما الأمور الخاصة فيستشار فيها أهل هذه الخصوصية وأهل العلم والدراية بها. ففي تنفيذ الأعمال العسكرية يستشار أهل الرأي في ذلك وفي الأعمال الصناعية أهل الخبرة فيها وهكذا. |
|||
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||
|
![]() < تابع > المصدر :
المكتبة الاسلامية |
|||
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc