المشروع العام : الحقيقة و المجاز

[محمد بن فرحي]

المشروع العام : الحقيقة و المجاز ..

--------------------------------------------------------------------------------


بسم الله الرحمن الرحيم ..
و به نستعين ..أما بعد:

زملائي الأعزاء ...إن أول درس لنا في البلاغة العام المقبل بإذن الله سيكون بعنوان : بلاغة المجاز العقلي و المجاز المرسل ..
لذلك ارتأيت إلى وضع هاته المراجعة البسيطة حول الحقيقة و المجاز ..

إذا استعملنا كلمة ما في نفس المعنى الذي وضعت له في اللغة فتلك هي الحقيقة ..و إذا خالفنا ذلك فهو مجاز....
و المجاز في البلاغة هو استعمال اللفظ في غير ما وضع له لعلاقة ، مع وجود قرينة تمنع من إرادة المعنى الظاهري ...

نشرح هذا التعريف من خلال الأمثلة :
1ـ قال شاعر :
و إذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع

تأمل الشطر الأول ...
هل للموت أظفار يغرزها في جسد ضحيته ؟؟؟لا ..فالمعنى الظاهري لهذا الكلام فاسد و غير صحيح ..و لا يمكن أن يكون هو المراد أو المقصودج ..و هذه هي القرينة المانعة ـوسواء فهمناها من لفظ بذاته أو من المعنى العام فهي ضرورية في المجاز ..
نتساءل الآن : ماهذا الذي له أظفار يغرزها في جسم فريسته ؟؟؟لاشك أنه حيوان متوحش مفترس ..
فنحن إذن أمام لفظين : أحدهما مذكور في الجملة و هو المنية و الآخر محذوف متصور وهو الوحش ...
و لكي يكون الكلام معقولا مستقيما فلابد من وجود علاقة ما بين هذين اللفظين ...
و عندما نفكر نجدها علاقة تشابه ..
فالموت يتمكن من الانسان و يصرعه تماما كما يفعل الوحش مع فريسته ..>و هذا المجاز علاقته المشابهة و يسمى: استعارة ..
2ـ قال الله تعالى على لسان السجين المرافق لسيدنا يوسف عليه السلام : " إني أراني أعصر خمرا " ..
فنتبع الخطوات السابقة و نقول : أمعقول أن الخمر تعصر ؟؟؟
الجواب لا ..وهذه هي القرينة المانعة التي دلتنا على أن المعنى الظاهري فاسد و ليس هو المقصود ...
و ما الذي يعصر و له علاقة ما بالخمر ؟؟؟طبعا أنه العنب
فهنا نحن ثانيا أمام لفظين ..أحدهما مذكور و هو الخمر و الآخر محذوف وهو العنب ..
ولكن ..ما العلاقة بينهما ..؟؟؟؟
لا يمكن بالطبع أن تكون المشابهة ..فهذا إذن مجاز مرسل ..و علاقته إعتبار ما سيكون ..
فإذا كانت الاستعارة مقيدة بنوع وحيد من العلاقة و هو المشابهة ..فالمجاز المرسل متعدد العلاقات ...بل إن معنى الارسال هو الاطلاق و عدم التقيد ..
و الخلاصة نجملها في النقاط التالية :
1ـ موضع المجاز هو العبارة التي لا يعقل معناها الظاهري ..
2ـ عند محاولة تقويم هذه العبارة و جعلها معقولة ، نتوقف أمام لفظين ..أحدهما مذكور و الآخر محذوف ..
3ـ إذا كانت العلاقة بين هذين اللفظين هي المشابهة فنحن أما استعارة ..
و إذا لم تكن العلاقة هي المشابهة فنحن أمام مجاز مرسل ....
دمتم في رعاية الله و حفظه ...
سأعود لأقوم بإذراج تمرين تطبيق قصد تبسيط الفهم أكثر ...