بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
" الحمد لله عرفت الإسلام قبل أن أعرف المسلمين "
هي عبارة مشهورة جدا يقال أن أحد الذين دخلوا الإسلام قالها تعبيرا منه على بعد المسلمين عن دينهم وعدم التزامهم بتعاليمه السمحة، لا خلاف في أننا بعيدون جدا عما ينبغي أن نكون عليه إلا ما رحم ربي.. لكنني أطرح سؤالا على قائل هذه العبارة :
كيف أسلمت إذن ؟؟؟
أغلب الذين أسلموا إنما فعلوا ذلك بعد تعرفهم على المسلمين واختلاطهم بهم سواء في ديار الكفر أو في ديار الإسلام فأعجبوا بهم في أخلاقهم وعباداتهم ما دفعهم للسؤال عن الإسلام والتعمق في دراسته وفهم حقيقته فعرفوا أنه الدين الصحيح فأسلموا، فكيف لمن أسلم بهذه الطريقة أن يقول " الحمد لله عرفت الإسلام قبل أن أعرف المسلمين " فلولا تعرفه على المسلمين أولا لما تسنى له أن يعرف الإسلام ثم يسلم ؟؟
قد يقول قائل هو لم يعرف الإسلام عن طرق المسلمين بل تعرف عليه عن طريق القراءة والمطالعة، قراءة القرآن والإطلاع على الكتب الدينية التي سمحت له بأن يعرف أن ما في القرآن وما يدعوا إليه الإسلام هو الحق الذي يوافق فطرة الناس، وبهذا الإطلاع وهذه المعرفة أدرك أن الإسلام هو الدين الصحيح فأسلم قبل أن يعرف المسلمين ويختلط بهم. ولما خالط المسلمين وتعرف عليهم عن قرب وجدهم بعيدون عما عرفه عن الإسلام فقال . " الحمد لله عرفت الإسلام قبل أن أعرف المسلمين "
إذا كان الأمر كذلك فأنا أسأل الذي أسلم بهذه الطريقة : لقد من الله عليك وعرفت الإسلام وعرفت أن المسلمين بعيدون عن دينهم فأخبرنا أنت أين وصل بك إيمانك ؟
بعدما أسلمت هل صرت مسلما كعامة المسلمين أم أنك صرت مسلما برتبة "معصوم" أو على الأقل برتبة "صحابي" ؟؟
إن كنت قد صرت مسلما كسائر المسلمين فلا يحق لك أن تقول هذا الكلام الذي صدر منك، وكان واجبا عليك أن تكون قدوة للناس قولا وعملا بما أنك قد عرفت الإسلام حقا وعرفت انحراف المسلمين عن دينهم...
أما أن تكون معصوما أو في منزلة صحابي فالأولى مستحيلة والثانية لا أظن أنك قادر على بلوغها، وفي أحسن الأحوال قد تكون مسلما مستقيما تصلي كل الصلوات في المسجد جماعة وتصوم رمضان وتقوم الليل وتتصدق بمالك على الفقراء والمحتاجين...إلخ
إن كان حالك هكذا فنحن أصلا ما عدمنا هذه النماذج الطيبة من الناس ففي كل عصر يوجد المئات بل الآلاف من المسلمين المتمسكين بدينهم والمدافعين عنه والداعين إليه، وحتى لو جاء اسلامك باجتهاد منك في القراءة والبحث فإنه لولا ما ألفه المسلمون من كتب عن دينهم لما وجدت ما تقرأ ولما عرفت عن الإسلام شيئا..
ثم لو كنت مستقيما وملتزما فإنك بحاجة لرفقة صالحة من المسلمين تخالطهم كي تحافظ على التزامك وتتعلم منهم ما خفي عنك من أحكام الإسلام. إذن فلست بأفضل حال من بقية إخوانك المسلمين.
{ فَلَا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى }النجم32.