اوغلو يحلق نصف شنبه
اكثر ما كان يؤرقني نظرات الحزن والالم في عيون مؤيدي النظام في سوريا واكثر ما يضحكني وما زال ثقة من يسمون انفسهم معارضون له . كنت سابقا اتفهم تماما مشاعر الغضب التي شعر بها كل سوري شريف وهو يستمع لاحقر وانذل خلق الله يهاجمون اشرف نظام عربي ويتهمونه بكل ما يحملونه هم من صفات خبيثة ودنيئة ، من منا لم تختنق العبارات في فمه وهو يشاهد رعاع يحطمون تمثال رمز من رموز سوريا الكبار شهد له العدو قبل الصديق بوطنيته وذكائه وبعد نظره وحنكته السياسية من منا لم يرتفع ضغطه وهو يشاهد بام العين دجل وكذب ونفاق المحطات التلفزيونية في تشويه الحقائق كاد صمتنا يقتلنا وكاد صبرنا ينفذ كنت دائما اتذكر قصة الامرأتين التين ادعيتا امومة طفل فكان حكم الامام علي ان يقسم الولد الى نصفين لكل واحدة نصفا صرخت احداهن واشارت للاخرى انه ولدها خوفا عليه لانها امه الحقيقية هكذا كنا نحن نصبر ونصابر ونلتزم الهدوء وعدم الانجرار لردود فعل ارادها اعداء سوريا وانفقوا المليارات من اجل ان يتقاتل ابناء البلد مذهبيا وعرقيا كان كل فرد منا من مؤيدي الرئيس يتذكر اعز صديق له من طائفة اخرى ليبعد عنه شبح الحقد الطائفي فكان السني يتذكر صديقه المسحيي الذي درس واياه في مدرسة واحدة ومشى معه في مسيرة واحدة وشاركه خدمته الالزامية او تقاسم واياه السكن الجامعي وهكذا فعل العلوي والدرزي والاسماعيلي وكل اطياف الموازييك السوري الرائع لكي لاتتشوه ذاكرتنا بتلك المفاهيم القذرة قذارة ذلك المذهب الشيطاني الذي ما دخل بلدا الا وجعل من دماء ابنائه انهارا لا تنضب ابدا .
يوما بعد يوم كان جيشنا الباسل وقوانا الامنية تفكك هذه الشبكات الارهابية اللعينة وتطهر سوريا من نجاستهم وكان كل نجاح على الارض يترافق مع تصعيد في الحملات الاعلامية ضد سوريا تصريحات ونصائح بالجملة ( من يلي بيسوى وما بيسواش ) وهدفها التحريض على الثورة ضد النظام بحجة ان النصر اصبح قريب جدا (عضة كوساية ) تشاركت جميع الدول في الحرب النفسية على الشعب السوري عبر الايحاء ان الدولة تترنح والفوضى تعم لذلك بادروا بدعوة رعاياهم لمغادرة الاراضي السورية فورا حتى الفليبين صرحت بانها جاهزة لنقل كل رعاياها وعلى نفقتها فورا (اسى فتحوا القوس -حطوا مية اشارة استفهام على كلمة فورا - سكروا القوس )
انتشرت على السن الناس اخبار طريفة وسخيفة من شاكلة ان اردوغان سيرسل جيشه لنصرة الثورة فحمل الثوار صوره واعلامه . سعد الحريري هو الاخر من على ظهر سفينته السياحية في فرنسا وفوق ظهره مدلك بعضلات فول اوبشن تأوه بانه لم يعد يستطيع الصمت بعد الآن ( أخخخخخخ) ثم خبر عاجل جدا جدا خادم الحرمين سيوجه رسالة تاريخية للشعب السوري جن جنون الثوار فرحا ورفعوا صور الملك عبدالله الوحش المنقذ وترقبوا سماع زمجرة الاواكس السعودية في السماء السورية ثم خبر عاجل آخر على الخنزيرة يقول ان الناتو قرر توجيه ضربات جوية على سوريا خلال 48 ساعة جن جنون الثوار في الرمل الجنوبي ورموا كل ما في جعبتهم من ديناميت على القوى الامنية في اللاذقية فما الحاجة لها امام التوما هوك والشبح ولكن هذه الصواريخ لم تصب احد غيري فكان رنين هاتفي ليلا يقلبني من فراشي لاسمع صراخ اختي المرتعبة والخائفة على سوريا التي ستُدمر وان كل ما قلته لها من تطمينات ليس صحيحا .......
ايام ثقيلة مرت ونحن نحاول ان نفهم تاثير هذه الحملة النفسية على الشعب السوري على معنوياته ثقته بجيشه بقيادته بوطنية ابناءه بقدرته على فهم ابعاد المؤامرة الخبيثة وصموده امام هذا التهويل المبرمج الذي كان بطله بغل قطر واحمق انقره اردوغان وثعلبه الخبيث اوغلو انذارات متتالية وصبر ينفذ ولقاءات مع ضباط الجيش التركي المستعد ليكون تحت امرة العرعور لان الاتراك وعدوهم بالفزعة عليهم كنا نسخر من تلك السخافات لثقتنا التامة بان من يجرؤ على دخول الارض السورية ومحاولة فرض نفوذه عليها سيدفع ثمنا كبيرا جدا اكثر بكثير مما يتصور البعض المشكلة هي دائما في عدم فهم القيمة الاستراتيجية والعسكرية لسوريا الدولة الصامتة الهادئة التي لا يعرف احدا قدراتها العسكرية جرب الاسرائيليون بعضا من نماذج اسلحتها في حرب تموز وما زالوا منذ تاريخ ذلك اليوم المشؤوم بالنسبة لهم وهم لا يهدأون من مناورة الى اخرى وسؤال واحد لا يجدون جوابا عليه كيف سيكون الرد السوري انتقاما من اي هجوم عليها .
الرئيس حافظ الاسد قالها منذ زمن بعيد ان اي اعتداء على سوريا لن تجد الطائرات المعتدية مكانا تحط فيه عند عودتها لم يزد حرف على هذه الكلمة وما زال هذا الالتزام قائما حتى يومنا هذا سوريا الرقم الصعب والمعقد والدولة القادرة والاهم انها الدولة الصامتة والتي لا يعلم غير الله وقادة جيشها حقيقة ما تستطيع ان تفعله .
لذلك بدأ كل من هدد وتوعد سوريا بالتنصل والطلب من الاخر ان يقوم عنه بالمهمة المستحيلة السعوديون تبرعوا بالمال كعادتهم والاتراك سال لعابهم ولكنهم يريدون الناتو ان يغطيهم ويحميهم من اي رد ايراني والناتو يا حبة عيني مشغول بزنكات الاخ معمر تفتق ذهنهم على حل سحري انها ماما امريكا ما غيرها ولكن امريكا هي الاخرى تتنصل من المهمة المستحيلة وتطلب كلينتون صراحة من الملك عبدالله وكردوغان ان يتولوا المهمة باقناع الاسد بالتنحي لانه ليس لهم تاثير عليه مثلهم ......
(على مبدا انفخه وشوف ما اجحشه ) .
كان هذا التصريح بمثابة القشة التي قصمت ظهر الكر فصرخ اوغلو طالبا من مساعده ان يحضر له مقص الشوارب ليقص نصف شاربه فما حكاية نصف الشارب التركي هذا؟؟؟
يحكى ان اردوغان وعد المعارضة السورية بانه سيسقط نظام الاسد لا محالة صفق المعارضون طويلا للبطل العثماني ولكن احدهم ممن يُعرف عنه التشاؤم الدائم سال بلطف شديد السيد التركي عما سيفعله ان لم يستطع اسقاط الاسد ضحك احمق تركيا والتفت الى وزير خارجيته اوغلو طالبا منه ان يجيب على سؤال المعارض البريء وقف اوغلو بثقة وبنظرته العميقة قائلا انه سيقص نصف شاربه ان لم يستطع فعل ذلك ادمعت عيون المعارضون الاشاوس فرحا واستبشروا خيرا وبدأوا باقتسام المناصب والغنائم .
رحم الله محمد الماغوط ............