الوصية الذهبية: وصية الشيخ سيد أحمد البكاي بودمعة الكنتي لأبنائه

[العابدالكنتي]

وصية الشيخ سيد أحمد البكاي بودمعة الكنتي لأبنائه

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الله تعالى كلفكم أمر العامة وحمل أعباء الرياسة فاجعلوها في الله ولله تنجوا وتربحوا وتسعدوا وإياكم ثم إياكم وإتباع الهوى فيما خولكم الله وأنعم به عليكم فيكون وشيك الزوال قريب الاضمحلال مع ما تنتقلون إليه من الخيبة والحسرة و النكال فالنجاء النجاء يا بني

وأقول لكم ما قال يعقوب لبنيه يا بني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن الا وانتم مسلمون).

واعلموا ان نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال: (المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه ), هذا حيث كان إنما يتعلق بخاصة نفسه ولم يتحمل ما حملتم من إقامة أود العامة وحمل أعباء الرياسة فيكون كالسفينة إذا سلمت من الغرق نجت و أنجت وإذا غرقت هلكت وأهلكت. فأنتم إذا نصحتم العامة وقمتم فيها قيام الخازن الأمين نجيتم و نجيٌتم وإلا هلكتم وأهلكتم وأن لله تعالى قد جعل في أيديكم وصدوركم ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من العمل في خاصة أنفسهم والسيرة فيما كُلفوا به من أمر الأمة والعامة فإن اقتفيتم أثارهم حذو النعل بالنعل سلمتم وأسلمتم وإن خالفتموهم بعد العلم بما هم عليه فقد رغبتم عن سنتهم ومن رغب عن سنتهم فليس منهم ومن لم يكن منهم كان من حزب الشيطان ، وإن حزب الشيطان هم الخاسرون وأن الله تعالى أختصكم بنعمه ووجه لكم مؤنة خلقه فإن شكرتموه على ذلك وقمتم بتلك المؤنة أعانكم الله على القيام بها في الدنيا ورحمكم بها في الآخرة وأعانكم عليها في العقبى وإن تبرمتم منها وسئمتموها وتساهلتم بما حملتم سلبها الله منكم ونقلها إلى غيركم فإن نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عبادا قد أختصهم بنعمه ووجه إليهم طلابها فلايزالون كذلك ما بذلوها وتحملوا مؤونتها فإن تبرموا نقلها إلى غيرهم )

يا بني عليكم بتقوى الله فإنها سبب كل فتح والسُلم التي يُرقى بها إلى كل نجاح وعليكم بالفرار, بدينكم فإن هذا الزمان لا يسلم فيه لذي دين دينه إلا من فر بدينه من قرية من قرية ومن شاهق إلى شاهق ومن جبل إلى جبل , حتى يروغ بدينه كما يروغ الثعلب ، واقتدوا في ذلك بقول نبيكم صلى الله عليه وسلم (يوشك أن يكون خير مال المسلم غنيمة يتتبع بها شعب الجبال ومواقع القطر يفر بدينه عن الفتن). أخرجه الشيخان.

وقوله (إن هجرة عند هيجان الفتن كهجرة إلي) رواه الطبراني وغيره. فاجتهدوا في العلم فإن عبادة بلا علم تكون يوم القيامة هباءا منثورا و لا تفارقوا جماعة العلم فتفارقوا دينكم وأنتم لا تشعرون واحفظوا وصيتي، فإنكم إن حفظتموها عشتم سعداء ومتم شهداء وأعلموا يا بنى أن من قنع بما قسم الله له مات غنيا ومن مد عينيه إلى ما في أيدي الناس مات فقيرا قال الله تعالى لنبيه عليه الصلاة والسلام ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى)، ومن لم يرض بما قسم الله له فقد أتهم الله في قضائه، ومن أستصغر زلة نفسه أستعظم زلة غيره, ومن أستعظم زلة نفسه أستصغر زلة غيره ومن كشف عورات غيره انكشفت عورات نفسه ومن سل سيف البغي قُتل به ومن حفر لأخيه بئرا وقع فيه ومن خالط السفهاء أحتقر ومن خالط العلماء وقر ومن دخل مداخل السوء أتهم ولا تزدروا الرجال فتزدريكم الرجال وإياكم والدخول فيما لا يعنيكم فتذلوا بذلك وأتبعوا الحق لكم أو عليكم وكونوا لكتاب الله تالين وللسلام فاشين وبالمعروف أمرين وعن المنكر ناهين ولمن قطعكم واصلين ولمن هجركم مبتدئين ولمن سألكم مجيبين. وإياكم والنميمة فإنها تورث الشحناء بين الرجال وإياكم والتعرض لعيوب الناس.

يا بنى إن طلبتم الجود فعليكم بمعادنه، فإن للجود معادن وللمعادن أصول وللأصول فروع وللفروع ثمرا ولا يطيب ثمرا إلا بفروع ولا فرع إلا بأصل ولا أصل إلا بمعدن طيب فإذا زرتم فزوروا الأخيار ولا تزورا الفجار فإن زيارتهم لا خير فيها، وعليكم بالحرث في المعادن الطيبة فإن البلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي حيث لا يخرج إلا نكدا ، فنبيكم عليه الصلاة والسلام قال لأصحابه: (إياكم وخضراء الدمن قالوا: يا رسول الله وما خضراء الدمن .قال : المرأة الحسناء في منبث السوء )وقال أنكحوا في الحجر الصالح )

وغيره قال : لوسقي الحنظل شهدا دائما لم يلد الحنظل إلا حنظلة

وأعلموا يا بني أن العرق نزاع وأن المرأة تلد أباها وأخاها وعمها وخالها وأن أبانكم كانوا يحافظون على أنسابهم كما يحافظون على دينهم وأحسابهم ،وقال للذي استفتاء في النكاحتنكح المرأة لمالها ولجمالها وحسبها فعليك بذات الأصل والدين تربت يداك ،وروي عن ابن العباس في معنى قوله تعالى : (ربنا أتنا في الدنيا حسنة ) انها الزوجة الصالحة التي إن نظرت إليها سرتك وإن أمرتها أطاعتك وإن غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك .وأستودعكم الله فهو خليفتي عليكم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم تسليما.