- كتب ابن رئيس البلدية الفقرة التالية: “يقولون إن أبي كان ولا يزال راشيا ومرتشيا, سألته عن معنى ذلك فلم يجبني وأخبرني أن هذه العبارة لا محل لها من الإعراب إلا لدى ذوي العيون الضيقة,
فتحت كتاب النحو والصرف فوجدت أن لها محل من الإعراب, ولكن: من هم ذوو العيون الضيقة يا أستاذ؟ هل هم شعوب شرق آسيا كما أخبرنا أستاذ التاريخ والجغرافيا؟
- كتب ابن البخيل الملقب بـ”شايلوك” في البلدة: “شاهدت والدي يكنز الذهب والفضة ويمنح الناس دراهم قليلة فتعود له ألوفا.
إن والدي يحرمني من بضعة دراهم لشراء السكاكر والألعاب كما أنه يحرمنا من مشاهدة الرسوم المتحركة في التلفاز-والتي هي مصدر سعادتي الوحيدة-..
وغالباً ما يتذرع بفاتورة الكهرباء.
- كتب ابن متعاطي المخدرات قائلاً: السعادة –كما لمستها من والدي- هي أن أراه شاردا ومبتسما بلا سبب كلما تعاطى من تلك المادة التي تسميها أمي “بالسم الهاري”.. أما النقود فلا تصنع لنا
السعادة لأن أبي يمنعها عنا ليبيحها لنفسه.. ولأجل سعادته..
- كتب ابن مطرب الملاهي الليلية الفقرة التالية: “المال يصنع السعادة لوالدي, ذلك أني رأيته يبتسم لجمهور الحاضرين ويحييهم كلما انهالت عليه النقود في المربع الليلي, ثم يأتي إلى البيت فيعبس في وجوهنا ووجه أمي..
- كتب ابن مهرّج السيرك الفقرة التالية: “كان والدي يتمرن في البيت على تلك البهلوانيات التي تضحك الناس وتبهجهم.. كان يقوم بها في البيت بمنتهى الصرامة والجدية والعبوس.. إلى أن وقع من فوق حبل عال وأصبح غير قادر على الحركة.. الآن صرنا نضحكه أنا وإخوتي في البيت كي نخفف من آلامه ودموعه التي كانت غالباً ما تختفي تحت قناعه الذي رسم عليه ابتسامة عريضة.
- كتب ابن موظف البنك الفقرة التالية: “كان أبي يكره النقود لأن أصابعه صارت تتحسس من لمسها قبل اختراع العدادات الإلكترونية.. ويقول لنا في البيت: “إن سعادتي تكمن في التخلص من عد النقود لغيري, أما لي, فلا أبالي حتى وإن آلمتني أصابعي -أو احترقت-.. كل ذلك لأجل سعادتكم يا أطفالي.. ويا سر سعادتي.
- كتب ابن عامل تنظيف الفقرة التالية: “أغلب الظن أن والدي لا يعرف لا السعادة ولا المال كي يجيبني عن هذا السؤال.. لكني غالبا ما أراه كئيبا حين يشاهد الشوارع متسخة بعد أن ينظفها في
الليل.. أعتقد يا أستاذ أن السعادة هي النظافة في الشوارع والضمائر.. وحتى الجيوب.
- كتب ابن خياطة في حي شعبي: “سعادة أمي, تصنعها النقود القليلة التي يأتي بها دولاب ماكينة الخياطة, أما سعادة الآخرين فتصنعها أثواب أمي التي تفصلها وتخيطها..
بينما ألبس أنا وإخوتي من بقايا الأقمشة التي ترميها أمي تحت الدولاب.. إنه دولاب يا سيدي..
كتب ابن رجل يمتهن الكتابة الفقرة التالية: قال أبي: لم تصنعني الأموال ولا أهل السطوة والنفوذ وإنما صنعتني هذه السطور التي تصنع البهجة والسعادة لدى من يحبها.. يكفي أن أقول لهم يوماً -وبثقة عالية- هذا أبي.. تلك سعادتي الأبدية