بسم الله
بعد غياب طويل عن صفحات المنتدى الغالي ارتأيت ان تكون عودتي بموضوع يهمنا جميعا...
بينما يتجول الواحد منا في أزقة وشوارع مدينته يلاحظ شبابا باختلاف أعمارهم في المقاهي على حواف الطرقات بجوار الثانويات...ينظرون إليك وكأنهم يرسمون هويتهم من خلالك أو يبحثون عنها...يبحثون عن معنى لحياة رسمتها أنامل البطالة...رسمتها أفكار التمزق والانحلال الأسري ...التصدعات التي تطال هوية المجتمع الجزائري باختلافها...شباب لا طائل لهم غير التجول الضحك واللعب...والله بت أبكي لحال هذه الشبيبة...لا ماضي لا حاضر ولا مستقبل...من بعيد ترستم ملامح امل تتدلى من خيوط فقر...ولكن كما يقال بالعامية :"العين بصيرة واليد قصيرة"...عقلية شاب طغت عليها برك من الأوحال...ينهض صباحا ينتظر الوالدة لتعد له طعام الإفطار...يلبس التبييشة المعتادة...ويفتح علبة "الجال" حتى يبدو في أفضل هيئة...يرتشف قهوة مرة رغم أنها حلوة...يسرع خارج البيت حتى يدخن أولى سجائر هذا اليوم...إنه الروتين المعتاد...يجلس على أحد كراسي المقهى الذي ألفه جيدا يحاول جاهدا العثور على سيجارة أخرى من أي كان...يرسم ملامح ذلك الشخص الصلب القادر على الوقوف أما محن الحياة...يلبس نظارة فرنسية ربما يحاول من خلالها إخفاء قسمات وجه متعب منهك...او عينين غائريتين سئمتا الشرود بعيد عن واقع الحال...يضحك ضحكة مردها نفس عميق...يخرج من رئة سئمت هي الأخرى رائحة "الريم" إنه منتصف النهار يا ترى ماذا أعدت "الحاجة"للغداء؟؟؟ يعود مسرعا للبيت لأن بطنه الخاوي يدفعه لذلك...قيلولة وراء قيلولة والوقت يلهث...تمر الدقائاق الساعات الشهور والسنوات...وهو لا يزال على تلك الهيئة لعل التجاعيد قد طغت على وجهه...والهموم طفت على قلبه...لكن أين المفر من شبحخ البطالة الذي مافتئ ينهش جسده الضئيل رويدا رويدا...بعيدا عن الشاب البطال وفي الطاولة المقابلة يجلس خريج جامعة غنه مهندس معماري..مل التخطيط...مل تكاليف الحياة...بل وملت البطالة منه....لا عمل...لا مصروف...إذن لا سعادة ...إنها علاقة استقراء واستنتاج ...كلمتان ألفت سماعهما من أستاذ الفلسفة ولكني لم أرى مردودهما إلا عند دخولي المقهى الصغير...شاب أخر ينتظر نتيجة الباكلوريا المزيفة...تلك الباكلوريا التي فقدت مصداقيتها تماما وصارت شماعة يعلق عليها بن بوزيد أخطاءه...تسريب أسئلة...كيتمان...زوم...بلوتوث...مصغرات تقليدية...نتائج باهرة...وتحصيل علمي ضعيف جدا إن لم نقل منعدم...أيها الشاب لعلك لا تعلم أن أكبر ما يمكن ان تنتجه الجامعة الجزائرية هو أستاذ تعليم ثانوي فاشل...ولعلك لا تعلم أيضا إننا إن كرمنا النجباء في بلادنا فقد أحلناهم إلى التقاعد...لعلك لا تعلم أيضا ان مصيرك معلق بين خيطين احدهما مدرجات جامعة جزائرية لا تصنيف لها عالميا...وبين وزارة الدفاع...التي تصنع لك مجدا زائفا اما أعين سكان قريتك الصغيرة...بت أنتظر يوما يخرج علينا فيه الوزير ليقول بأن نسبة النجاح تعدت ال120 بالمئة أي أن عمي الكامل صاحب الككشك الصغير المحاذي للثانوية قد أفلح أيضا في الحصول على الشهادة الورقة وان أكبر معدل قدر ب22 من 20 وأقل معدل هو 12 من 20 لا تستغربو من كلامي لأن ذلك اليوم ليس ببعيد...بين مقابلات الكلاسيكو...بين خيوط لونساج...تترامى أحلام شاب جزائري مغبون على أمره...والتي لا تعدو أن تكون محظ زبد سرعان ما يضيع هباء .
أخوكم:مباركة تقي الدين:متحصل على الشهادة الورقة