الاشكالية الثالثة : في فلسفة العلوم
المشكة الثالثة : في العلوم التجريبية و البيولوجية.
الاستاذة بونيف جميلة
المستوى 3ا ف
المدة 1سا
هندسة المقال
هل يمكن دراسة الحوادث التاريخية دراسة علمية ؟
المحطات الغرض منها
طرح
الاشكالية تقديم المشكل
1- انفصلت العلوم الانسانية في القرن العشرين عن الفلسفة و اتخذت بذلك لنفسها منهجا خاصا وهي العلوم التي تدرس الإنسان وسلوكه
وأحواله دراسة منهجية منظمة اى تدرس الواقع الإنساني منفردا أو مجتمعا، كما تدرس فعاليات الإنسان النفسية و
الاجتماعية و التاريخية ، و تعتبر الحوادث التاريخية : وقائع ماضية يحدثها الانسان و يدركها من خلال
آثارها تختص بخصائص انها فريدة لانها لا تعيد نفسها ، محدودة الزمان و المكان ، وبما أن المنهج التجريبي
الاستقرائي أساس معياري للحكم على مدى علمية مختلف العلوم، فان أنصار العلوم الإنسانية حاولوا تطبيق هذا المنهج على الظاهرة
التاريخية لإعطائها الصبغة العلمية.
- فإلى أي مدى يمكن اعتبار التاريخ علم؟ وهل يمكن دراسة الحوادث التاريخية بعيدا عن المنهج العلمي ؟
وهل يستطيع المؤرخ ان يتجاوز العوائق التي تمنعه من تحقيق الموضوعية ؟ وهل تصلح الحوادث التاريخيةان تكون
بحثا علميا ؟ و اذا كانت للموضوعية في التاريخ حدود فهل يمكن أن يتحول التاريخ الى علم ؟
محاولة التحليل
الجزء
الاول
الجزء
الثاني للاجابة عن هذا السؤال المطروح انقسم علماء التاريخ الى قسمين :
-قسم الاول يرى : انه لايمكن تطبيق المنهج التجريبي على الظاهرة التاريخية ويؤكد ذلك (جون ديوي)
وحججهم على ذلك :
1- بما انا المؤرخ هو إنسان فانه لا يستطيع أن يتجرد من ذاتيته وانتماءاته وبالتالي ينعدم عنصر
الموضوعية بحيث تتدخل الافكار المسبقة والقيم.
2-تدخل الطابع الشخصي في طريقة فهم المؤرخ للحادثة التاريخية وفي أسلوب العرض.
3- بما أن الحادثة التاريخية تحدث في زمان ومكان معينين فهي لاتتكرر لان الزمن الذي حدثت فيه لا يعود
والاطار الاجتماعي لا يبقى نفسه مما يلغي أن التحكم في أسباب الظاهرة التاريخية ليس ممكنا
4- حتى وأن خضعت الحادثة التاريخية للدراسة العلمية و وصلت إلى نتائج فان هذه النتائج غير قابلة
للتعميم 5- بما أن الحادثة التاريخية حادثة فردية فهي متغيرة والعلم لايدرس كل ماهو متغير .
6-يقو ل جون ديوي:"إن تناول الباحثين للمشكلات الانسانية من ناحية الاستهجان و الاستحسان ،
و من ناحية الخبث و الطهر هي عقبة في الدراسات العلمية للظاهرة العلمية "
7- يقول عبد الرحمان الصغير :" إن النظرية العلمية تشترط ملاحظة الوقائع , فالحوادث البيولوجية
يمكن ملاحظتها، أما الحوادث التاريخية فلا يمكن بلوغها." مثالنا على ذلك ان علماء الدراسات
التاريخية في القرن 19م في بريطانيا كانو متأثرين بالنزعة الرأسمالية و مع ظهور الماركسية
ظهر ما يسمى بالتغيير المادي للتاريخ و من العوائق التي تقف امام الدراسات التاريخية غياب الملاحظة.
النقد
- مما لا شكّ فيه ان دراسة الحادثة التاريخية دراسة معقّدة استلزمت وجود عوائق ابستيمولوجية لكن
ألا نرى بأنّ للتاريخ منهج علمي خاص به يتوافق مع طبيعة حوادثه .
- يرى القسم الثاني ان الحوادث التاريخية تصلح ان تكون موضوعا للمعرفة العلمية (المنهج الاستقرائي)
باعتباره منهج تتوفّر فيه خصائص الروح العلمية و يؤكد ذلك علماء الاجتماع و على راسهم ( ابن خلدون)
و حججهم على ذلك :
1- حدّد ابن خلدون المنهج العلمي التاريخي او ما يعرف با الدراسات المقارنة انطلاقا من منهجية علمية
تبدأ بجمع المصادر ثم تحليلها و ترتيبها زمنيا و اخيرا مقارنتها بغيرها من الظواهر الاخرى.
2- تمكّن ابن خلدون من تطويع مفهوم التجريب و تهذيبه بحيث اصبح ينسجم مع طبيعة الحادثة التاريخية
3- حدد ابن خلدون منطلقات ينطلق منها المؤرخ لتحديد افتراضاته بحيث ربط بين خصوصيات الحادثة
و زمانها.
4- يجب دراسة الحادثة من خلال آثارها ووثائقها و مصادرها .
5- يجب ان يعتمد المؤرخ التحليل التاريخي اعتمادا على النقد لذلك ينبغي ان يكون المؤرخ كيميائي وعالم
آثار و جيولوجي حتى يتحقق من صدق تحليلاته.
6- يجب إعادة بناء الحادثة التاريخية عن طريق التسلسل الزمني.
7- ينصح ابن خلدون المؤرّخ بمايلي :" يحتاج صاحب هذا الفن الى العلم بقواعد السياسة و طبائع الموجودات
و اختلاف الامم و البقاع و الاعصار في السير و الاخلاق و العوائدو المذاهب وسائر الأحوال"8- يقول المؤرخ محمود قاسم في كتابه المنطق الحديث و مناهج العلم : "لقد ضاقت المسا فة التي كانت
تفصل التاريخ عن العلوم التجريبية, فقد طبّق المؤرّخون اساليب التفكير الاستقرائي على بحوثهم , و المنهج
التاريخي يعتمد على خطوات اساسية هي : جمع المصادر و الوثائق- التحليل – النقد- الترتيب.".
9- يقول احد المؤرخين :"لا وجود لتاريخ دون وثائق , وكل عصرضاعت وثائقه يظل مجهولا إلى الأبد"
10- مثالنا على ذلك ما فعله مارك بلوخ في دراسته التاريخية على الاقطاع حيث قارن بين ألمانيا و
ايطاليا و إنجلترا فوجد ان الاقطاع إرتبط بظهور الزراعة و إختفى في عصر الصناعة.
النقد :
لا شك أن الحوادث التاريخية أصبحت علما قائما بذاته لكن الظواهر التاريخية لاتتماثل مع الظواهر الطبيعية
مما يجعلها تخضع لدراسة خاصة.
الجزء
الثالث -نصل انطلاقا من الجزء الاول والثاني ان الحديث عن الفكر التاريخي يدفعنا الى ضرورة التمييز بين اتجاهين
اتجاه يرفض علمية الحوادث التاريخية واتجاه يؤيد ذلك .
فالتاريخ ليس تأمل فلسفي ولا منهج استقرائي بل هو حوادث لها منهجها الخاص، منهج جمع بين التأمل
والنقد وبين الاستنتاج والاستقراء. يقول ابن خلدون في مقدمته :"التاريخ في باطنه نظرة وتحقيق و
تحليل للكائنات ومبادئها , وعلم بكيفياتها الواقعية و أسبابها العميقة وهو بذلك أصل الحكمة"
حل الاشكا ل الخروج من المشكل
- نستنتج في الاخير ان التاريخ علم لكنه ليس مثل باقي العلوم بل يتطلب منهجية خاصة تعتمد على الفلسفة السياسية
التي تبحث في اصول و مبادئء العمل السياسي بحيث اوجب الفلاسفة و علماء السيا سة ضرورة دخول عنصر
الاخلاق في الدراسات التاريخية و بذلك شكّلت الاخلاق منهج الدراسات التاريخية و السياسية و اكّد ابن خلدون على
ان سقوط الدول هو الإغراق في الشهوات و الابتعاد عن الاخلاق , وهي رؤية تحليلية نقدية.