سؤال إلى كل إخواني في المنتدى - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد > أرشيف قسم العقيدة و التوحيد

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

سؤال إلى كل إخواني في المنتدى

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2008-09-11, 09:53   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أبو مسلم
مشرف سابق
 
إحصائية العضو










افتراضي سؤال إلى كل إخواني في المنتدى

لبسم الله الرحمن الرحيم


جبريل عليه السلام حين جاء في صورة رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر وكان اصحابة رضي الله عنهم أجمعين قاعدين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم إستقر جبريل عليه السلام بدء يسأ ل والرسول صلى الله عليه وسلم يجيب إلى أخر القصة......فلم إنطلق جبريل عليه السلام الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه رضي الله عنهم هذا جبريل جاء يعلمكم أمر دينكم المهم هل جبريل عليه السلام حقيقة يجهل عما يسأل الجواب لا إذن لماذ كان يسأل الجواب لأن هناك بعض المسأل تحتاج إلى إثارة وتنبيه حتى تدرك المسألة وتفقه وهنا ك عدة أسليب تستعمل للتنبيه والتعليم وأن إن شاء الله إخترت أسلوب السؤال.



السؤال:هل يوجد بدعة حسنة وبدعة سيئة؟



أسأل الله أن يفقهنا في ديننا ويفقنا إلى ما يحبه ويرضاه

تنبيه :سيكون الجواب على هذا سأل بعد مشاركتكم في الجواب . والجواب سيكون لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان









 


قديم 2008-09-11, 16:49   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
abh3
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول عليه الصلاة والسلام "من سن في الاسلام سنة حسنة فله اجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة " رواه مسلم










قديم 2008-09-11, 20:10   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abh3 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول عليه الصلاة والسلام "من سن في الاسلام سنة حسنة فله اجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة " رواه مسلم
قال الصحابي ابن عمر رضي الله عنه( كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة } [أخرجه الدارمي بإسناد صحيح].
وإليك قول الإمام مالك""من ابتدع في الإسلام بدعة يرى أنها حسنة فقد زعم أن محمد خان الرسالة"
ويكفينا قول النبي صلى الله عليه وسلم"كل محدثة بدعة"
أما إستدلالك بحديث من سن سنة حسنة فإنني أقول: سن هنا بمعنى:أحيا سنة من سنن الرسول صلى الله عليه وسلم التي هجرها الناس لا بمعنى شرعها وورد الحديث بسبب حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الصدقة فبادر صحابي فجاء بصدقة فنشط الناس في التصدق فقال النبي صلى الله عليه وسلم "من سن في الإسلام سنة حسنة...." الحديث فكان سبق الرجل إلى التصدق الذي دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم هو السنة الحسنة.

أما البدعة فهي مالا أصل له في الدين لهذا قال نبينا عليه الصلاة والسلام"وكل محدثة بدعة"









قديم 2008-09-11, 18:06   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
عامر عبد الحق
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية عامر عبد الحق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

البدعة شرعًا ضابطها "التعبد لله بما لم يشرعه الله"، وإن شئت فقل: "التعبد لله تعالى بما ليس عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولا خُلفاؤه الراشدون" فالتعريف الأول مأخوذ من قوله تعالى : {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى:21]. والتعريف الثاني مأخوذ من قول النبي، عليه الصلاة والسلام،: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور"، فكل من تعبد لله بشيء لم يشرعه الله، أو بشيء لم يكن عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون فهو مبتدع سواء كان ذلك التعبد فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته أو فيما يتعلق بأحكامه وشرعه. أما الأمور العادية التي تتبع العادة والعُرف فهذه لا تسمى بدعة في الدّين وإن كانت تُسمى بدعة في اللغة، ولكن ليست بدعة في الدين وليست هي التي حذر منها رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

وليس في الدين بدعة حسنة أبدًا، والسنة الحسنة هي التي توافق الشرع وهذه تشمل أن يبدأ الإنسان بالسنة أي يبدأ العمل بها أو يبعثها بعد تركها، أو يفعل شيئًا يسنه يكون وسيلة لأمر متعبد به فهذه ثلاثة أشياء:

الأول: إطلاق السنة على من ابتدأ العمل وبدل له سبب الحديث فإن النبي صلى الله عليه وسلم حثّ على التصدق على القوم الذين قدموا عليه صلى الله عليه وسلم وهم في حاجة وفاقة، فحثّ على التصدق فجاء رجل من الأنصار بِصُرَّة من فضة قد أثقلت يده فوضعها في حجر النبي، عليه الصلاة والسلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها" فهذا الرجل سنَّ سنة ابتداء عمل لا ابتداء شرع.

الثاني: السُنة التي تركت ثم فعلها الإنسان فأحياها فهذا يقال عنه سنّها بمعنى أحياها وإن كان لم يشرعها من عنده.

الثالث: أن يفعل شيئًا وسيلة لأمر مشروع مثل بناء المدارس وطبع الكتب فهذا لا يتعبد بذاته ولكن لأنه وسيلة لغيره فكل هذا دخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها". والله أعلم.

الشيخ العثيمين









قديم 2008-09-11, 20:14   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ملك الزقم
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية ملك الزقم
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لا لاااااااااااااااااااا يوجد










قديم 2008-09-11, 23:45   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ابو إبراهيم
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ابو إبراهيم
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز عضو متميّز 
إحصائية العضو










افتراضي

كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار قال العلماء ان كلمة كل عندما تدخل على الجملة في سياق نكرة تفيد العموم الدي لايقبل التخصيص و التقسيم وعليه فكل البدع من قبيل المحدثالدي جاءيضاهي السنة ، وهدا مااتفق عليه المحققون من علماءالامة كشيخ الاسم ابن تيمية في اقتضاءصراط المستقيم مخالفة اصحاب الجحيم ،والشاطبي في الاعتصام ، والله اعلم ،وللموضوع تفاصيل لغوية واصطلاحية ادا اقتضت الحاجة اليها جمعناها لكم في مقال مفصل خدمة لدين الله عز وجل والله ولي التوفيق والسلام ---- اخوكم ابو ابراهيم --










قديم 2008-09-12, 09:43   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
abh3
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم
البدعة الحسنة
أصل من أصول التشريع

الشيخ عيسى عبدالله محمد الحميري
المدير العام لدائرة الأوقاف والشؤون الإسلامية الإمارات السابق



المقدمة

الفصل الأول: تحديد مفهوم البدعة

1. تعريف البدعة في اللغة.

2. تعريف البدعة في الاصطلاح.

3. معنى البدعة في القرآن.

4. معنى البدعة في السنة المطهرة.

الفصل الثاني: الفرق بين السنة والبدعة

1. السنة والبدعة.

2. سنة الترك.

3. قول الصحابي (فتواه).

الفصل الثالث: مناقشة آراء العلماء في تقسيم البدعة

1. منكرو البدعة الحسنة وأدلتهم.

2. مثبتو البدعة الحسنة وأدلتهم.

3. الرأي الذي نرجِّحُهُ.

خاتمة: في ذكر شروط وضوابط البدعة الحسنة



المقدمة

الحمد لله بديع السموات والأرض، خالق المخلوقات دون مثال سبق. والصلاة والسلام على من بُعث على مثال سبق، جاءنا بالمحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، وضح شرع الله بفعله وقوله وتقريره، وجمع منهجية التوحيد في قوله صلى الله عليه وسلم: « إذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم »الحديث. فدل الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ميّز الفرائض من السنن لما حدَّ الواجبات، تنصيصاً على النواهي؛ لأن النهي يفيد حتمية وفورية المنع، وحدَّ السنن بالتراخي لأن الأصل في الأشياء الإباحة مالم يرد دليل نهي، وليس الأمر كما فهم بعضهم أن الأصل في الأشياء الحرمة مالم يرد دليل أمر، فهذا فهم المرجفين ومن حرموا نور اليقين.

واتضح لأولي الألباب أن الشارع إذا نهى ألزم، وإذا أمر لم يمنع، وإذا لم يمنع لم ينه، ولذا صدَّر النبي صلى الله عليه وسلم الوجوب في الحديث بالنهي، وصدَّر النفي بالأمر، لأن الأمر اشتماله محتمل، أما النهي فاشتماله حسمٌ، فللشارع أمران ونهيان، أمر وجوب لا مندوحة لأحد بتركه إلا لضرورة، وأمر استحباب محمول على الاستطاعة، وكذلك الحال في النهي في الصورتين، وبذلك قَعَّد النبي صلى الله عليه وسلم القواعد للمنهجية الإسلامية متمشياً مع روح الإسلام ونور الشريعة، يشهد له قوله سبحانه: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً} الآية [المائدة:3].

وقال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: «لقد خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم،خُطْبَةً ما ترك فيها شيئاً إلى قيام الساعة إلا ذكره، علمه من علمه وجهله من جهله » . وأخرجه مسلم بلفظ: «قـام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً، ما ترك شيئاً يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدَّث به، حفظه من حفظه ونسيه من نسيه... ». وأخرجه مسلم أيضاً بلفظ آخر: «... بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة».

فمن يطالب المسلم إذا فعل أمراً مستحسناً في الدين راجعاً إلى أصل مكين بفعل النبي وأمره صلى الله عليه وسلم فهو رجلٌ يكذب الرسول والرسالة، ويعارض روح الشريعة؛ لأن الشريعة يسر وما هي بعسر، وما خُير الشارع بين أمرين إلا اختار أيسرهما، بل إن الشارع الحكيم الرؤوف الرحيم لم يلزم الأمة بأوامره في النوافل تأدباً مع أمر الله، فأمر الله حسمٌ، لذا عبر بنهيتكم، وأمر رسول الله تخيير، ومن هذاالمفهوم وذاك أصبح لزاماً عليَّ بيان الأخطاء الشائعة في فهم هديه صلى الله عليه وسلم، كقوله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ »، فالسنة التي عناها النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هي المنهجية في التعامل مع أصول الشريعة وأحكامها، لا يعني به السنة التشريعية التي هي الأصل الثاني من أصول التشريع؛ لأن الصحابة رضوان الله عليهم بعد انقطاع الوحي ليس بمقدورهم أن يؤصلوا أصلاً إلا على مثال سبق، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم يشير في هديه هذا إلى تأسيس أصل من أصـول الشــريعة ألا وهــو الــقياس، الذي دلت عليه الآية الكريمة في معرض قوله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء:59]. يذكر الإمام الفخر رحمه الله في تفسيره أن هذه الآية تجمع في ثناياها مصادر التشريع الأربعة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس. أما الكتاب والسنة فمأخوذان من قوله سبحانه: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول. وأما الإجماع فمأخوذ من قوله سبحانه وتعالى: وأولي الأمر منكم أي أهل الحل والعقد. وأما القياس فمأخوذ من قوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول}.اهـ.

وذكر رحمه الله في أثناء عرضه للقضية ما نصه: اعلم أن قوله: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول يدل عندنا على أن القياس حجة، والذي يدل على ذلك أن قوله: فإن تنازعتم في شيء إما أن يكون المراد: فإن اختلفتم في شيء حكمه منصوص عليه في الكتاب أو السنة أو الإجماع، أو المراد: فإن اختلفتم في شيء حكمه غير منصوص عليه في شيء من هذه الثلاثة، والأول باطل لأن على ذلك التقدير وجب عليه طاعته فكان ذلك داخلاً تحت قوله: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، وحينئذ يصير قوله: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إعادة لعين ما مضى وإنه غير جائز. وإذا بطل هذا القسم تعين الثاني. إلى أن قال: فوجب أن يكون المراد رد حكمه إلى الأحكام المنصوصة في الوقائع المشابهة له وذلك هو القياس، فثبت أن الآية دالة على الأمر بالقياس. انتهى.

قلت: يعضد هذا المعنى عدم تكرار وأطيعوا قبل أولي الأمر منكم، فقد عطف أولي الأمر على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، أي: عطف الإجماع على السنة القياسية، والقياس على الإجماع، فأصبح القياس والإجماع قائمين على الأصلين؛ الكتاب والسنة، فعُلم من هذا أن سنة الصحابة المهديين ليست هي ذات سنة المصطفى الأمين صلى الله عليه وسلم؛ فسنة الرسول صلى الله عليه وسلم حقيقتها التشريع، وسنة الصحابة وأهل الحل والعقد حقيقتها التفريع. ويتفاضل في التقديم السابق على اللاحق لقوله صلى الله عليه وسلم: «خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم».

ثم أردف رحمه الله متناولاً من قال: فردوه إلى الله والرسول: فوضوا علمه إلى الله واسكتوا عنه ولا تتعرضوا له بأنه لا يجوز أن يكون المراد بهذا الرد السكوت، لأن الواقعة ربما كانت لا تحتمل ذلك، بل لا بد من قطع الشغب والخصومة فيها بنفي أو إثبات وإذا كان كذلك امتنع حمل الرد منها إلى الله على السكوت.انتهى.

قلت: لعل ذلك صواب فيما إذا لم يرجع إلى القياس، أما إذا رجع إليه ولم يحل مشكلة فليس ثمة مصير إلا إلى التفويض، وهو قول جمهور أهل العلم كما هو الشأن عند تعارض الأدلة.

وقد عضد ذلـك الإمـام الــقــرطــبي فـي قــول مـرجـوح عـنده نسبه إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ونصه: «قولوا: الله ورسوله أعلم» فهذا هو الرد كما قال عمر: «الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل» وقد يرجح لديّ هذا القول بدلائل عدة من الآية وغيرها.

أما من الآية فإن السياق فيها يقتضي هذا المفهوم حيث إنه بدأ في الآية بقوله تعالى: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ثم أردف بقوله سبحانه فإن تنازعتم والتنازع أقصى درجات الخلاف، أي إذا وصل بكم اللجاج في النقاش بعد أن نظرتم في الكتاب والسنة والإجماع والقياس إلى التنازع فليس لكم إلا التفويض أو التوقف

يؤكد ذلك قوله سبحانه وتعالى في الآية نفسها: إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر والإيمان هو التسليم والإقرار بالقلب والانقياد المطلق لليقين المتحقق بالتصديق. ونتيجة ذلك الخير والفضيلة لما ختمت به الآية وهو قوله تعالى: ذلك خير وأحسن تأويلاً أي ذلك أفضل مزية وأحسن حالاً ومآلاً.

أما الدلائل الخارجية فمنها قوله سبحانه وتعالى: ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم [الأنفال:46] فهذه الآية الكريمة ترشد المسلم إلى أن النزاع يذهب المكانة ويضعف القوة ويضعضع صفوف الجماعة. وفي الآية تشنيع على الخلاف المذموم الذي لا يؤدي إلى خير، أي مالم يحتمله القياس.

ومن الدلائل الخارجية أيضاً قوله تعالى: وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله [الشورى:10]. فهذه الآية الكريمة توضح للمسلم الفطن أن الخلاف نوعان: خلاف محمود، وخلاف مذموم. ولذا بدئت الآية بقوله سبحانه: وما اختلفتم فيه من شيء وختمت بقوله فحكمه إلى الله، أي مآله ومرده إلى شرع الله.

أما الآيتان المتقدمتان فإنما وردتا في الخلاف المذموم؛ فقد صدرتا بمادة التنازع وهو كما قلنا أقصى درجات الخلاف الذي لا يفصل في قضيته إلا التوقف والتفويض والرد إلى الله سبحانه وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم. وفي هذا إظهار لنمط عظيم من أنماط التربية الإيمانية، ومقام عزيز من مقامات المعرفة وهو: أن الأمر جميعاً لله، وأن الإنسان مهما بلغ في علمه، فإنه عاجز عن المعرفة. قل أأنتم أعلم أم الله [البقرة:140]، ووما أوتيتم من العلم إلا قليلاً [الإسراء:85] صدق الله العظيم. لذا ينبغي علينا أن لا ننسى مراد الشارع من الخلاف، فالخلاف المحمود يزيد في الثراء العلمي ويدعم العطاء الإنساني في البذل والإبداع في ما أذن الله به، لذا قال أمير المــؤمنين عـمــر بن عبدالعزيز: «ما سرني لو أن أصحاب محمد صلى الله عليه وســلم لم يختلفوا، لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخــصة». وقال القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم: «كان اختلاف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للناس». وما ذلك إلا تمشياً مع مراد الله سبحانه وتعالى في الحكمة الوجودية من خلق الإنسان، ولما كان الإسلام ديناً خالداً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وضع النبي صلى الله عليه وسلم قاعدة للأجيال بعده فقال: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي»، وبهذا النص أثبت النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة البدعة الحسنة أو السنة الحسنة التي هي عرض الحدث بعد وقوعه، على حضرته صلى الله عليه وسلم، ومن بعده على سنته صلى الله عليه وسلم أي على أصل قُعد في عهد التنزيل، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم يوجهنا إلى أن ننهج في ذلك نهجه ونهج أصحابه، أبي بكر وعمر والسابقين بإحسان رضوان الله عليهم، وكأن الصادق صلى الله عليه وسلم يشير إلى معجزة تحققت من بعده في أصحابه الكرام رضوان الله عليهم، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجسد ذلك المنهج حين جمع الناس على صلاة التراويح وقال: «نعمة البدعة هذه» تلك التي تتقابل في التاريخ الإسلامي مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة».

فيمتدح النبي صلى الله عليه وسلم تلك البدعة الحسنة ويسميها سنة حسنة تأصيلاً منه لقاعدة القياس، وبياناً منه أن ما يحدث في عهده سنة تقريرية إن أقرَّها أو أقرَّتها سنته من بعده، ويوضح الفاروق رضي الله عنه ذلك المفهوم بقوله فيما أُحدث على مثال سبق: «نعمة البدعة هذه» وبناء على ما تقرر تبين فُحش وغلط من فسّر قول عمر بالبدعة بالمعنى اللغوي، حيث إنه اتهم الفاروق والصحابة أجمعين بأنهم يُحْدِثون ما ليس على مثال سبق، وقابل فعلهم بعد التنزيل بفعلهم وقت التنزيل،وأنزلهم منزلة النبي صلى الله عليه وسلم في المصدرين الأساسيين للتشريع وكأن الوحي لم ينقطع، وهذا المفهوم ابتليت به خوارج هذه الأمة منذ ميلاد الرسالة، وكمن ذلك البلاء في أفراخهم إلى يومنا هذا بتلك الركاكة في الفهم، حتى ضللوا جميع من خالفهم وسرى ذلك الضلال ـ على رأيهم ـ في علماء الأمة حتى شمل بعض الصادقين من أبناء هذه الأمة دون أن يلقوا لتلك المقولة بالاً، وأول من ضرب على ذلك الوتر بعد ذي الخويصرة ابن تيمية ، ومن المؤسف أن يتبعه بعض الفضلاء كفضيلة الشيخ المختار الشنقيطي والشيخ نجيب المطيعي، وما أعظمها من زلة وما أقساه من اتهام، أبرئ منه عمر رضي الله عنه وإخوانه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، في أنزه رجال مع أكرم رجل صلى الله عليه وسلم، وكلمة الفاروق رضي الله عنه دقيقة المعنى واضحة الفحوى كما قد بيّنا .

وبناء على ذلك استخرت الله في كتابة رسالة في البدعة أسميتها في البداية: «ضوء الشمعة في التلازم بين السنة التشريعية والبدعة»، ولما حققت المسألة وخضت في غمارها طرأ لي أن أسمي الرسالة: البدعة الحسنة أصل من أصول التشريع وقسمت الكتاب إلى ثلاثة فصول وخاتمة: الفصل الأول تحديد مفهوم البدعة. والفصل الثاني الفرق بين السنة والبدعة. والفصل الثالث مناقشة آراء العلماء في تقسيم البدعة. وخاتمة في ذكر شروط وضوابط البدعة الحسنة










قديم 2008-09-12, 09:44   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
abh3
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

الفصل الأول
تحديد مفهوم البدعة

تعريف البدعة في اللغة

البدعة في اللغة العربية: اسم من الابتداع، يقال: أبدع الشيء يبدعه بدعاً، وابتدعه: أنشأه وبدأه. والبدع والبديع: الشيء الذي يكون أولاً. وفي التنزيل: قل ما كنت بدعاً من الرسل [الأحقاف:9]. أي: ما كنت أول من أرسل بل أرسل قبلي رسل كثيرون. والبديع: من أسماء الله تعالى لإبداعه الأشياءوإحداثه إياها، وهو البديع الأول قبل كل شيء. وهو الذي بدع الخلق، أي بدأه، كما قال سبحانه: بديع السماوات والأرض [البقرة:117] أي خالقها ومبدعها. والباء والدال والعين أصلان لشيئين: أحدهما: ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال سابق. والثاني: الانقطاع والكلال، كقولهم: أبدعت الراحلة إذا كلّت وعطبت. ويقال: هذا أمر بديع، للشيء المستحسن الذي لا مثال له في الحسن، فكأنه لم يتقدمه ماهو مثله ولا ما يشبهه فيكون البديع المحدث العجيب، واستبدعه عدّه بديعاً، ولكن الكلمة غلب استعمالها فيما نقص من الدين، أو زيد فيه.

قال أبو البقاء في الكليات : البدعة هي عملُ عَمَلٍ على غير مثال سبق. ومفهوم هذا التعريف أن كل عمل يُعْمَلُ دون أن يكون له مثال سابق سواء كان على أصل أو غير أصل فهو بدعة، ودليله من الكتاب بديع السماوات والأرض [البقرة:117]. أي:مبدعهما وخالقهما على غير مثال سابق أي على غير أصل سابق، والمثال هنا يشمل الأصل والصورة، إذ إنه أوجد السماوات والأرض من العدم المحض من غير أصل سابق يستند إليه ولا صورة صنع مثلها، ودليله أيضاً: قُلْ ما كنتُ بدعاً من الرُسل[الأحقاف:9]. فتحصَّل من ذلك أنَّ معنى قولِ أبي البقاء: على غير مثال. أي: على غير أصلٍ أو صورةٍ مشابهة، وبهذا المعنى يكون التعريف مفيداً للعموم، فلا يؤخذ منه دليل قاطع في هذه المسألة، فلابد من الرجوع إلى بيان الكتاب المتقدم، وإفصاح السنة. فقوله سبحانه: بديع السماوات والأرض يعني: إحداثاً لهما على غير أصلٍ ولا صورة ولم يُضِف إليه المثالية؛ لأن كلمة المثالية في اللغة تُفيد القياس، فلا مصيرَ إلى غيرهِ.

وأكَّد الحقُّ بقوله سبحانه وتعالى: قُلْ ما كنتُ بدعاً من الرُّسل بمعنى ما كنتُ إلا على مثال سابق: وهذا المثال هم الأنبياء والمرسلون، وبذلك يتضحُ لنا أن البدعة قسمان: بدعةٌ ذاتُ أصل، وبدعة ليست ذات أصلٍ، أشار إلى ذلك الملمح قوله سبحانه في [سورة النساء :85]: من يشْفع شفاعة حسنة يكن له نصيبٌ منها، ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها، والشفاعة هي السنة والنهج الذي سنَّ الله عليه وفطر عليه النحل والملل، وعليه قام الكتاب والسنة ولأجله جاءت الشرائع للتمييز بين الطيب والخبيث. فالقائل بالبدعة الحسنة قد استنبط هذا الاصطلاح من روح الشريعة ومقاصدها وسيأتي بيان ذلك في بابه.

البدعة في اصطلاح العلماء

هناك تعاريف كثيرة للبدعة عند العلماء فمن ذلك:

1ـ تعريف الإمام المجتهد محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى المتوفى سنة 204هـ:

قال الشافعي: المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما: ما أحدث يخالف كتاباً، أو سنة، أو أثراً، أو إجماعاً. فهذه البدعة الضلالة. والثانية: ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا، وهذه محدثة غير مذمومة. وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان: «نعمة البدعة هذه» يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى. وإسناده صحيح. وأخرجه من طريق آخر: أبو نعيم في حلية الأولياء قال الشافعي: البدعة بدعتان: بدعة محمودة، وبدعة مذمومة، فما وافق السنة فهو محمود، وما خالف السنة فهو مذموم. واحتج بقول عمر بن الخطاب في قيام رمضان: «نعمة البدعة هذه».

2ـ تعريف الحافظ علي بن محمد بن حزم رحمه الله، المتوفى سنة 456هـ:

قال ابن حزم: البدعة في الدين كل ما لم يأت في القرآن، ولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. إلا أن منها ما يُؤجر عليه صاحبه، ويعذر بما قصد إليه من الخير، ومنها ما يؤجر عليه ويكون حسناً، وهو ما كان أصله الإباحة، كما روي عن عمر رضي الله عنه: «نعمة البدعة هذه» وهو ما كان فعل خير وجاء النص بعمومه استحباباً، وإن لم يقرر عمله في النص، ومنها ما يكون مذموماً ولا يعذر صاحبه، وهو ما قامت الحجة على فساده فتمادى القائل به. انتهى.

3ـ تعريف الإمام العز بن عبدالسلام الشافعي رحمه الله،المتوفى سنة 660 هـ.

قال العز بن عبدالسلام: البدعة فعل ما لم يعهد في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي منقسمة إلى: بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة، والطريق في معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة: فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة. وللبدع الواجبة أمثلة: أحدها: الاشتغال بعلم النحو الذي يفهم به كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك واجب لأن حفظ الشريعة واجب ولا يتأتى حفظها إلا بمعرفة ذلك، ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب. المثال الثاني: حفظ غريب الكتاب والسنة من اللغة. المثال الثالث: تدوين أصول الفقه. المثال الرابع: الكلام في الجرح والتعديل لتمييز الصحيح من السقيم. وقد دلت قواعد الشريعة على أن حفظ الشريعة فرض كفاية فيما زاد على القدر المتعين، ولا يتأتى حفظ الشريعة إلا بما ذكرناه.

وللبدع المحرمة أمثلة: منها مذهب القدرية، ومنها مذهب الجبرية، ومنها مذهب المرجئة، ومنها مذهب المجسمة. والردُّ على هؤلاء من البدع الواجبة.

وللبدع المندوبة أمثلة: منها: إحداث الرُّبُط والمدارس وبناء القناطر، ومنها كل إحسان لم يعهد في العصر الأول، ومنها صلاة التراويح، ومنها الكلام في دقائق التصوف، ومنها الكلام في الجدل في جمع المحافل للاستدلال في المسائل إذا قصد بذلك وجه الله سبحانه.

وللبدع المكروهة أمثلة: منها زخرفة المساجد، ومنها تزويق المصاحف، وأما تلحين القرآن بحيث تتغير ألفاظه عن الوضع العربي، فالأصح أنه من البدع المحرمة.

وللبدع المباحة أمثلة: منها المصافحة عقيب الصبح والعصر، ومنها التوسع في اللذيذ من المآكل والمشارب والملابس والمساكن، ولبس الطيالسة، وتوسيع الأكمام، وقد يختلف في بعض ذلك، فيجعله بعض العلماء من البدع المكروهة،ويجعله آخرون من السنن المفعولة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بعده، وذلك كالاستعاذة والبسملة.

وتعريف العزِّ هذا تعريفٌ استنباطيٌّ يستندُ إلى أحكامٍ شرعية، فهو تعريفٌ جامعٌ ومانعٌ في بابه.

4 ـ تعريف الإمام الغزالي المتوفى سنة 505هـ:

قال حجة الإسلام الإمام الغزالي: البدعة قسمان: بدعة مذمومة وهي ما تصادم السنة القديمة ويكاد يفضي إلى تغييرها. وبدعة حسنة ما أحدث على مثال سبق. انتهى. وقال الإمام الغزالي رحمه الله في الإحياء أيضاً:وما يقال إنه أبدع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليس كل ما أبدع منهياً عنه، بل المنهي عنه بدعة تضاد سنة ثابتة وترفع أمراً من الشرع مع بقاء علته، بل الإبداع قد يجب في بعض الأحوال إذا تغيرت الأسباب.اهـ وتعريفه هذا جامعٌ مانعٌ وموجز.

5 ـ تعريف الإمام المحدِّث عبدالرحمن بن الجوزي الحنبلي رحمه الله، المتوفى سنة 597.

قال ابن الجوزي: البدعة عبارة عن فعل لم يكن فابتدع، والأغلب في المبتدعات أنها تصادم الشريعة بالمخالفة، وتوجب التعالي عليها بزيادة أو نقص، فإن ابتدع شيء لا يخالف الشريعة، ولا يوجب التعالي عليها فقد كان جمهور السلف يكرهونه، وكانوا ينفرون من كل مبتدع وإن كان جائزاً، حفظاً للأصل وهو الاتباع. وقد قال زيد بن ثابت لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما حين قالا له: اجمع القرآن. كيف تفعلان شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم قال ابن الجوزي: إن القوم كانوا يتحذرون من كل بدعة وإن لم يكن بها بأس لئلا يحدثوا مالم يكن، وقد جرت محدثات لا تصادم الشريعة ولا تتعارض معها، فلم يروا بفعلها بأساً مثل جمع عمر الناس على صلاة القيام في رمضان فقال: نعمت البدعة هذه. انتهى.

6ـ تعريف الإمام أبي شامة عبدالرحمن بن إسماعيل المقدسي الشافعي رحمه الله تعالى، المتوفى سنة 665هـ.

البدعة: الحدث، وهو مالم يكن في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، مما فعله، أو أقر عليه، أو علم من قواعد شريعته الإذن فيه، وعدم النكير. وفي معنى ذلك: ما كان في عصر الصحابة رضي الله عنهم مما أجمعوا عليه قولاً أو فعلاً أو تقريراً، وكذا ما اختلفوا فيه، فإن اختلافهم رحمة مهما كان للاجتهاد والتردد مساغ، وليس لغيرهم إلا الاتباع دون الابتداع. وتعريفه هذا جامعٌ، وليس مانعاً؛ إذ فعلُ الصحابيِّ في عهد التنزيل يُعتبر إحداثاً، فإن أقرَّهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، صار سُنَّة، وبعد انقطاع الوحي أصبح إحداثهم بدعة حسنة مقيسة على الكتاب والسنة، فيعتبرُ سنة حسنة من وجهٍ، لقوله صلى الله عليه وسلم: من سنَّ سُنَّةً حسنةً ... الحديث. فبهذا تقرَّر بأنه غير مانعٍ لورود ما ذكرنا عليه. ثم قال أبو شامة: ثم الحوادث منقسمة إلى بدع مستحسنة، وبدع مستقبحة. (ثم نقل قول الإمام الشافعي في البدعة، الذي تقدم، ثم قال: قلت: وإنما كان كذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّ على قيام شهر رمضان وفعله هو صلى الله عليه وسلم بالمسجد، واقتدى فيه بعض الصحابة، ليلة بعد أخرى، ثم ترك النبي صلى الله عليه وسلم فعلها بالمسجد جماعة وعلل ذلك بأنه خشي أن تفرض عليهم، فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم أمن ذلك، فاتفق الصحابة على فعل قيام رمضان في المسجد جماعة، لما فيه من إحياء هذا الشعار الذي أمر به الشارع، وفعله، والحثّ عليه، والترغيب فيه، والله أعلم.










قديم 2008-09-12, 09:46   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
abh3
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

فالبدع الحسنة: متفق على جواز فعلها، والاستحباب لها، ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها، وهي كل مبتدع موافق لقواعد الشريعة غير مخالف لشيء منها ولا يلزم من فعله محذور شرعي.

وقد عرَّفَ أبو شامة البدعة الحسنة في آخر كلامه كما ترى، وقوله: (متفق على جوازه) يعني به من يُقبلُ قولهُ في الإجماع، فخرج بذلك من يُرَدُّ قولُهُ كابن تيمية ومن على منهجه، فلا مسوِّغَ لمن ناقضَ هذا القول؛ لأنه خرقٌ لإجماع الأمة، وخرقُ الإجماع حرام.

7 ـ تعريف الإمام ابن الأثير:

قال ابن الأثير رحمه الله: البدعة بدعتان: بدعة هدى وبدعة ضلال. فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، فهو في حيز الذم والإنكار، وما كان واقعاً تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه أو رسوله فهو في حيز المدح، ومالم يكن له مثال موجود كنوع من السخاء والجود وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثواباً فقال: من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها.. وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم.

ومثَّل للبدعة الحسنة بقول عمر في صلاة التراويح: نعمت البدعة ثم قال: وهي على الحقيقة سنة لقوله صلى الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين، وقوله: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، وعلى هذا التأويل يحمل الحديث الآخر: كل محدثة بدعة إنما يريد ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السنة.

8 ـ تعريف الإمام الحافظ محيي الدين النووي رحمه الله المتوفى سنة 676هـ.

بَدَعَ : البدعة، بكسر الباء، في الشرع هي إحداث مالم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهي منقسمة إلى حسنة وقبيحة. قال الشيخ الإمام المجمع على إمامته وجلالته وتمكنه في أنواع العلوم وبراعته، أبو محمد عبدالعزيز بن عبدالسلام رحمه الله ورضي عنه في آخر كتاب القواعد: البدعة منقسمة إلى واجبة ومحرمة ومندوبة ومكروهة ومباحة. قال: والطريق في ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، أو في قواعد التحريم فمحرمة، أو الندب فمندوبة، أو المكروه فمكروهة أو المباح فمباحة.وللبدع الواجبة أمثلة ثم ساق كلام الإمام العز كاملاً كما تقدم.ثم قال: وروى الــبــيــهقـي بــإسـناده فــي مـناقب الـشـافعـي عن الــشـافعي رضي الله عنه قال: المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما ما أحدث مما يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً فهذه البدع الضلالة. والثانية ماأحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من العلماء وهذه محدثة غير مذمومة. وقد قال عمر رضي الله عنه في قيام شهر رمضان: نعمت البدعة هذه يعني أنها محدثة لم تكن وإذا كانت ليس فيها رد لما مضى. هذا آخر كلام الــشـافعي رضي الله تــعالى عنه.

9ـ تعريف الحافظ الفقيه بدر الدين العيني رحمه الله المتوفى سنة885هـ.

قال الإمام العيني في عمدة القاري: البدعة في الأصل إحداث أمر لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم البدعة على نوعين إن كانت مما يندرج تحت مستحسن في الشرع فهي بدعة حسنة. وإن كانت مما يندرج تحت مستقبح في الشرع فهي بدعة مستقبحة.

10 ـ تعريف الإمام السبكي:

قـال الـسـبــكي : الــبــدعــة فـي الــشــرع إنمــا يــراد بــها الأمــر الحــادث الــذي لا أصــل لــه فــي الـشــرع، وقــد يـطــلق مـقيــداً، فـيــقال: بــدعة هــدى، وبـــدعة ضــلالة. انتهى.

11ـ تعريف الإمام الكرماني:

قال الكرماني في شرحه للبخاري: البدعة كل شيء عمل على غير مثال سابق، وهي خمسة أقسام: واجبة ومندوبة ومحرمة ومكروهة ومباحة. وحديث »كل بدعة ضلالة« من العام المخصوص.

12 ـ تعريف الشيخ عبدالحق الدهلوي:

قال الشيخ عبدالحق الدهلوي في شرح المشكاة: اعلم أن كل ما ظهر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعة، وكل ما وافق أصول سنته وقواعدها أو قيس عليها فهو بدعة حسنة، وكل ما خالفها فهو بدعة سيئة وضلالة.

13 ـ تعريف ابن تيمية:

ذكر ابن تيمية في مجموع الفتاوى تعريفاً للبدعة فقال: وما خالف النصوص فهو بدعة باتفاق المسلمين، وما لا يعلم أنه خالفها فقد لا يسمى بدعة.

وهذا التعريف ليس جامعاً ولا مانعاً ولا منضبطاً وليس فيه من البيان شيء ولا من فهم النصوص ما يدل على عمق قائله،فقد علمت التعاريف اللغوية للبدعة والتعاريف الشرعية، فأصبح من الواضح لديك بطلان هذا التعريف جملة وتفصيلاً، وانتقاده حداً ومعنى، وبناء على ركاكة هذا التعريف أخفق ابن تيمية الحراني في تأويل قول عمر رضي الله عنه: نعمت البدعة هي، وسيأتي بيان ذلك في موضعه.

14 ـ تعريف السيد المحدِّث عبدالله بن الصدِّيق الغماري:

قال رحمه الله: البدعة الحسنة ما كانت على غير مثال سابق ولها أصل. وقال في موضع آخر: البدعة الحسنة هي التي توافق أصول الشرع وإن كانت محدثة باعتبار شخصها، فهي مشروعة باعتبار نوعها لدخولها في قاعدة شرعية أو عموم آية أو حديث، ولهذا سميت حسنة. اهـ.

قلت: والتعريف جامع إلا أنه غير مانع،ولعلَّ أقربَ التعاريف إلى الصواب على ما نراه، هو ما سُقناه من كلام الإمام الغزالي والإمام السبكي رحمهما الله تعالى، فهذه التعاريف مؤيدة بالكتاب والسنة، كما ستعرفه في هذا الكتاب.

وأستنتج بعد هذا كله وأستخلص من ذلك تعريفاً أراه جامعاً مانعاً يفي بالغرض، فأقول: البدعة الحسنة: هي إظهار صورة مخصوصة لحالة مخصوصة ألحَّت الدواعي على إبرازها بالقياس الصحيح.



معنى البدعة في القرآن الكريم

جاء ذكر مادة (بدع) في القرآن الكريم، وذلك في أربعة مواضع:

الموضع الأول والثاني: قال الله تعالى: {بديع السموات والأرض} [البقرة:117]، [الأنعام:59].

الموضع الثالث: {قل ما كنت بدعاً من الرسل} [الأحقاف:9].

الموضع الرابع: قال الله تعالى: {وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها} [الحديد:27].

الموضعان الأول والثاني: قال ابن منظور: البديع من أسماء الله تعالى لإبداعه الأشياء وإحداثه إياها، وهو البديع الأول قبل كل شيء، وهو الذي بدع الخلق، أي بدأه كما قال سبحانه: بديع السماوات والأرض أي خالقها ومبدعها. انتهى.

الموضع الثالث: قال الخليل: البدع: الشيء الذي يكون أولاً في كل أمر كما قال تعالى: قل ما كنت بدعاً من الرسل أي لست بأول مرسل. انتهى.

فمعنى البدعة في المواضع الثلاثة واحد، وهي البدعة اللغوية.

وأما الموضع الرابع؛ فإن البدعة المذكورة فيه إنما هي البدعة الشرعية التي تعنينا هنا، فإن الله سبحانه وتعالى ذكر عن بني إسرائيل أنهم ابتدعوا في أمر دينهم مالم يكتبه عليهم، وهذا هو الابتداع الشرعي الذي هو مجال بحثنا ونقاشنا. فلنقف على هذه الآية ولننظر فيها بشيء من التأمل و التفكر، لنرى مدلولها في تحسين فعلهم أوتقبيحه، وبعبارة أخرى لنرى إن كان الله سبحانه وتعالى قد رضي منهم هذه البدعة وأثابهم عليها، أم ردها عليهم وذمهم بها.

فنقول وبالله التوفيق: لقد ذهب عامة المفسرين إلى أن الله سبحانه وتعالى قد رضي منهم هذه البدعة، وأمرهم بالدوام عليها وعدم تركها، وجعلها في حقهم كالنذر الذي من ألزم نفسه به فعليه القيام به، وعدم تركه والتهاون فيه. فمن نذر نذراً ما، ولم يوف به فإنه لا يلام على أن نذر هذا النذر، وإنما يلام على عدم الوفاء به.

وكذلك هؤلاء الذين ابتدعوا بدعة الرهبانية لم يذمهم الله سبحانه على ابتداعها؛ كما قال الفخر الرازي: لم يعنِ الله بابتدعوها طريقة الذم، بل المراد أنهم أحدثوها من عند أنفسهم ونذروها، ولذلك قال تعالى بعده: ما كتبناها عليهم.

وقال العلامة الآلوسي: »يعلم منه أيضاً سبب ابتداع الرهبانية، وليس في الآية ما يدل على ذم البدعة مطلقاً، والذي تدل عليه ظاهراً ذم عدم رعاية ما التزموه« انتهى.

فغاية ما تفيده الآية في ذلك النص على أن الرهبانية إنما هي محض بدعة من عند أنفسهم لم يكتبها الله عليهم، دون تلميح من قريب أو بعيد إلى أن الله سبحانه وتعالى قد ذمهم على هذا الابتداع، بل على العكس من ذلك قد يلمح من سياق الآية ما يدل على امتداحهم على هذه البدعة، وذلك من وجهين:

الوجه الأول: من قوله تعالى: ...إلا ابتغاء رضوان الله حيث نص على صحة قصدهم من هذه البدعة وإخلاصهم فيها. قال الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير: "وإنما عطفت هذه الجملة على جملة وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه لاشتراك مضمون الجملتين في أنه من الفضائل المراد بها رضوان الله، والمعنى: وابتدعوا لأنفسهم رهبانية ما شرعناها لهم، ولكنهم ابتغوا بها رضوان الله، فقبلها الله منهم؛ لأن سياق حكاية ذلك عنهم يقتضي الثناء عليهم"

والوجه الثاني: من قوله تعالى: فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم... فهذا نص من الله سبحانه وتعالى على أنه قد أثاب الذين رعوها حق رعايتها وأثابهم أجرهم، وهذا دليل قبول منهم ورضاً بفعلهم. قال ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى: "وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال: إن الذين وصفهم الله بأنهم لم يرعوا الرهبانية حق رعايتها، بعض الطوائف التي ابتدعتها، وذلك أن الله جل ثناؤه أخبر أنه آتى الذين آمنوا منهم أجرهم؛ قال: فدل بذلك على أن منهم من قد رعاها حق رعايتها، فلو لم يكن منهم من كان كذلك لم يكن مستحق الأجر الذي قال جل ثناؤه فيه: فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم إلا أن الذين لم يرعوها حق رعايتها ممكن أن يكونوا كانوا على عهد الذين ابتدعوها، وممكن أن يكونوا كانوا بعدهم، لأن الذين هم من أبنائهم إذا لم يكونوا رعوها، فجائز في كلام العرب أن يقال: لم يرعها القوم على العموم ، وا لمراد منهم البعض الحاضر، وقد مضى نظير ذلك في مواضع كثيرة من هذا الكتاب".

وقوله: فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم يقول تعالى ذكره: فأعطينا الذين آمنوا بالله ورسله من هؤلاء الذين ابتدعوا الرهبانية ثوابهم على ابتغائهم رضوان الله، وإيمانهم به وبرسوله في الآخرة، وكثير منهم أهل معاصٍ وخروج عن طاعته، والإيمان به. وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

فبهذا يعلم أن الله سبحانه وتعالى لم يذمهم على الابتداع ولم يرد بدعتهم عليهم، بل قد رضيها منهم ومدحهم عليها.

وإنما ذمهم الله سبحانه وتعالى على عدم رعاية ما ابتدعوا وعدم القيام بحقه، قال الإمام القرطبي رحمه الله تعالى (264/17): "وهذه الآية دالة على أن كل محدثة بدعة، فينبغي لمن ابتدع خيراً أن يدوم عليه ولا يعدل عنه إلى ضده فيدخل في الآية، وعن أبي أمامة الباهلي -واسمه صدي بن عجلان- قال: » أحدثتم قيام رمضان ولم يكتب عليكم، إنما كتب عليكم الصيام، فدوموا على القيام إذ فعلتموه ولا تتركوه، فإن ناساً من بني إسرائيل ابتدعوا بدعاً لم يكتبها الله عليهم، ابتغوا بها رضوان الله فما رعوها حق رعايتها، فعابهم الله بتركها فقال: ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها ".

وخلاصة القول في هذه الآية ما حكاه السيد العلامة عبد الله بن صديق الغماري في كتابه (إتقان الصنعة):

فقوله تعالى: ورهبانية ابتدعوها ماكتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها قد استنبط العلماء من هذه الآية مجموعة من الأحكام منها:

إحداث النصارى لبدعة الرهبانية من عند أنفسهم.

عدم اعتراض القرآن على هذا الإحداث، فليس في الآية - كما قال الرازي والألوسي - ما يدل على ذم البدعة.

لوم القرآن لهم بسبب عدم محافظتهم على هذه البدعة الحسنة: فما رعوها حق رعايتها واللوم غير متجه للجميع، على تقدير أن فيهم من رعاها كما قال ابن زيد، وغير متوجه لمحدثي البدعة كما قال الضحاك، بل متوجه إلى خلفهم كما قال عطاء«.

ومن خلال هذا التحقيق يتبين لنا خطأ ما ذهب إليه الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره (6/567- 568) حيث قال: "وقوله تعالى: إلا ابتغاء رضوان الله أي: فما قاموا بما التزموه حق القيام، وهذا ذم لهم من وجهين: أحدهما: الابتداع في دين الله ما لم يأمر به الله. والثاني: في عدم قيامهم بما التزموه مما زعموا أنه قربة يقربهم إلى الله عز وجل.".

فإنه بذلك قد خالف جمهور المفسرين كما تبين لنا، وقد حمَّل النص القرآني ما لا يحتمل، بل إن من أوضح ما يدل على صحة ما ذهبنا إليه، وعلى بطلان قوله، ما ذكره هو نفسه من الأحاديث المفسِّرة للآية بعد قوله السابق؛ كالحديث الذي رواه ابن أبي حاتم، وقواه ابن كثير نفسه، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا ابن مسعود قلت: لبيك يا رسول الله، قال: هل علمت أن بني إسرائيل افترقوا على ثنتين وسبعين فرقة، لم ينج منها إلا ثلاث فرق قامت بين الملوك والجبابرة بعد عيسى ابن مريم عليه السلام، فدعت إلى دين الله ودين عيسى ابن مريم، فقاتلت الجبابرة، فقتلت فصبرت ونجت، ثم قامت طائفة أخرى لم تكن لها قوة بالقتال، فقامت بين الملوك والجبابرة، فدعوا إلى دين الله ودين عيسى ابن مريم، فقتلت وقطعت بالمناشير، وحرقت بالنيران، فصبرت ونجت، ثم قامت طائفة أخرى لم يكن لها قوة بالقتال، ولم تكن تطيق القيام بالقسط، فلحقت بالجبال فتعبدت وترهبت، وهم الذين ذكر الله تعالى: ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم).

فهذا نص من رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن الفرقة التي ابتدعت الرهبانية ورعتها حق رعايتها هي إحدى الفرق الثلاث الناجية من بني إسرائيل، وإنما نجوا ببدعتهم التي ابتدعوها ورعوها حق رعايتها.

ومثله في الدلالة على ما أردنا من بطلان قول ابن كثير وصحة قول الجمهور، مارواه النسائي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانت ملوك بعد عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام بدّلوا التوراة والإنجيل، وكان فيهم مؤمنون يقرؤون التوراة قيل لملوكهم :ما نجد شتماً أشدّ من شتم يشتمونا هؤلاء، إنهم يقرؤون: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون وهؤلاء الآيات مع ما يعيبونا به في أعمالنا في قراءتهم. فادعهم فليقرؤوا كما نقرأ، وليؤمنوا كما آمنا، فدعاهم فجمعهم وعرض عليهم القتل، أو يتركوا قراءة التوراة والإنجيل إلا ما بدلوا منها. فقالوا: ما تريدون إلى ذلك دعونا، فقالت طائفة منهم: ابنوا لنا أسطوانة ثم ارفعونا إليها ثم أعطونا شيئاً نرفع به طعامنا وشرابنا فلا نرد عليكم. وقالت طائفة منهم: دعونا نسيح في الأرض ونهيم ونشرب كما يشرب الوحش، فإن قدرتم علينا في أرضكم فاقتلونا. وقالت طائفة منهم: ابنوا لنا دوراً في الفيافي ونحتفر الآبار ونحترث البُقول فلا نرد عليكم ولا نمر بكم. وليس أحد من القبائل إلا وله حميم فيهم. قال: ففعلوا ذلك فأنزل الله عزَّ وجلَّ: ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها والآخرون قالوا: نتعبَّدُ كما تَعَبَّدَ فُلاَنٌ، وَنَسيحُ كما ساح فُلاَنٌ، وَنَتَّخذُ دُوراً كما اتَّخذ فلان، وهم على شركهم لا علم لهم بإيمان الذين اقتدوا به، فلما بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبق منهم إلا قليل، انحط رجلٌ من صومعته، وجاء سائح من سياحته، وصاحب الدير من ديره، فآمنوا به وصدَّقُوه، فقال الله تبارك وتعالى: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته أجرين بإيمانهم بعيسى وبالتوراة والإنجيل، وبإيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وتصديقهم قال: يجعل لكم نوراً تمشون به؛ القرآن، واتبِّاعَهُم النبي صلى الله عليه وسلم، قال: لئلا يعلم أهل الكتاب، يتشبهون بكم، أن لا يقدرون على شيء من فضل الله الآية.

ومن هنا يتبين لنا قطعاً بطلان قول ابن كثير رحمه الله ومن سلك مسلكه، ونعلم أن الله سبحانه وتعالى لم يذمهم على ابتداع الرهبانية، وإنما امتدحهم بها ورضيها منهم؛ فتكون هذه الآية نصاً قرآنياً عظيماً في إثبات البدعة الحسنة. والله تعالى أعلم.

اعتراضات الشاطبي:

اعترض الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في كتابه الاعتصام على الاستدلال بهذه الآية على جواز إحداث البدعة بـ:

الاعتراض الأول: أن الآية لا يتعلق منها حكم بهذه الأمة،لأن الرهبانية نسخت في الشريعة الإسلامية فلا رهبانية في الإسلام.

والجواب ـ كما نقل هو عن ابن العربي ـ أن معنى الرهبانية في الآية يدل على ثلاثة معان:

1ـ رفض النساء.

2ـ اتخاذ الصوامع للعزلة.

3ـ سياحتهم في الأرض.

والمنسوخ في ديننا هو المعنى الأول، أما الثاني والثالث فمستحب عند فساد الزمان.لما جــاء عن أبـي ســعـيــد الخدري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شغف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن).

وهذا الحديث يفيد الإقرار بالعمل بهذه الآية في المعنيين الأخيرين، ويكون منزلته هنا من القرآن البيان والتوضيح: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم} [النحل:44].

وانعقد الإجماع على أننا مكلفون بما علمنا من شريعتنا أنه كان شرعاً لمن قبلنا، وأمرنا في شريعتنا بمثله.

الاعتراض الثاني: أن البدعة في الآية ليست بدعة حقيقية وإنما هي بدعة إضافية، لأن ظاهر القرآن دل على أنها لم تكن مذمومة في حقهم بإطلاق، بل لأنهم أخلوا بشرطها، وهو الإيمان بمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ.

والجواب: أنه ليس في الآية ـ كما تقدم ـ ما يدل على ذم البدعة، أو ذم المبتدعين لها، بل الذم متوجه لجمهور الخلف الذين لم يرعوها حق رعايتها، أو متوجه للملوك الذين حاربوهم وأجلوهم، كما قــال ابن عــبــاس ـ رضي الله عنهما ـ وغيره.

و أن الإيمان لم يأت كشرط لإحداث البدعة، لأنها حدثت قبل بعثة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فليست شرطاً لمن عمل بها قبل البعثة.

و أن الإيمان والاتباع جاء شرطاً في الحصول على أجر البدعة لمن حضر الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يبق منهم إلا القليل؛ انحط صاحب الصومعة من صومعته، وجاء السائح من سياحته،وصاحب الدير من ديره، فآمنوا به وصدقوه فقال الله تعالى لمن آمن: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته.

الاعتراض الثالث: أنه لو كانت البدعة في هذه الآية حقيقية لخالفوا بها شرعهم الذي كانوا عليه، لأن هذه حقيقة البدعة، أي هي الفعل المخالف للشرع.

والجواب: أن كلامه هذا مبني على تعريفه للبدعة الذي لم يسلمه له العلماء، فهو دليل غير مسلم.










قديم 2008-09-12, 09:48   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
abh3
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

البدعة في السنة المطهرة

ورد في السنة مجموعة من الأحاديث تتحدث عن البدعة، بعضها جاء بصيغة العموم، وبعضها جاء بصيغة التخصيص.

فمما جاء بصيغة العموم حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة). والبدعة في هذا الحديث تشمل البدعة الواحدة والأكثر، والبدعة الحسنة والبدعة السيئة.

ومما جاء بصيغة التخصيص قوله صلى الله عليه وسلم : (من ابتدع بدعة ضلالة، لا ترضي الله ورسوله، كان عليه مثل آثام من عمل بها، لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئاً).

ففي هذا الحديث خصص الرسول صلى الله عليه وسلم البدعة المحرمة بأن تكون سيئة لا توافق عليها الشريعة.

والقاعدة الأصولية أنه إذا ورد عن الشارع لفظ عام ولفظ خاص قدم الخاص، لأن في تقديم الخاص عملاً بكلا النصين بخلاف ما لو قدم العام فإن فيه إلغاء للنص الخاص.

فيكون المقصود بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: »كل بدعة ضلالة« البدعة السيئة وهي (ما أحدث ولا دليل له من الشرع بطريق خاص ولا عام) .

ويكون هذا على حد قوله صلى الله عليه وسلم (كل عين زانية) أي كل عين تنظر إلى امرأة بشهوة فهي زانية لا كل العيون.

قال الإمام الحافظ الفقيه محيي الدين النووي رحمه الله : قوله صلى الله عليه والسلام: (وكل بدعة ضلالة) هذا عام مخصوص، والمراد غالب البدع. قال أهل اللغة: هي كل شيء عمل على غير مثال سابق.

قال العلماء: البدعة خمسة أقسام: واجبة، ومندوبة، ومحرمة، ومكروهة، ومباحة. فمن الواجبة: نظم أدلة المتكلمين للرد على الملاحدة والمبتدعين وشبه ذلك. ومن المندوبة: تصنيف كتب العلم، وبناء المدارس والربط وغير ذلك. ومن المباح: التبسط في ألوان الأطعمة وغير ذلك. والحرام والمكروه ظاهران. وقد أوضحت المسألة بأدلتها المبسوطة في تهذيب الأسماء واللغات، فإذا عرف ما ذكرته علم أن الحديث من العام المخصوص. وكذا ما أشبهه من الأحاديث الواردة، ويؤيد ما قلناه قول عمر ابن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ في التراويح: نعمت البدعة. ولا يمنع من كون الحديث عامّاً مخصوصاً قوله: (كل بدعة) مؤكداً (بكل)، بل يدخله التخصيص مع ذلك، كقوله تعالى: تدمر كل شيء.انتهى.

عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد)، وفي رواية لمسلم : (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).

فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يقل: (من أحدث في أمرنا هذا فهو رد) ولم يقل: (من عمل عملاً فهو رد). وإنما قيد ما أطلقه، والعلماء الربانيون علماء الأصول يقولون: لو ثبت حديث بالإطلاق وثبت نفس الحديث بالقيد فيجب حمل المطلق على المقيد، ولا يجوز العمل بالحديث على إطلاقه، وعلى هذا فيكون مفهوم هذا الحديث: (من أحدث في أمرنا هذا ما هو منه فهو مقبول) و(من عمل عملاً عليه أمرنا فهو مقبول).

فإذا كان الأمر كذلك فالحديث يكون مفهومه ومنطوقه ما يلي:

1ـ يجوز إحداث البدعة المحمودة الحسنة إذا كانت مبنية على أصل شرعي صريح أو مجمل أو مستنبط، فتكون هذه البدعة عندئذ جزءاً من الدين.

2ـ الحديث يشمل أمور الدين كلها سواء أكانت في العبادات أم في المعاملات .

3ـ يؤخذ من الحديث جواز إحداث أمور من الدين وليست موجودة في عصره، فلا يشترط في الأعمال الشرعية أن يكون قد فعلها.

كما أن تركه صلى الله عليه وسلم لبعض الأعمال لا يدل على حرمة فعلها بعد الرسول صلى الله عليه وسلم كما سيأتي.

اعتراضات الشاطبي:

يرى الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى أن المفاهيم التي تخصص في الأحاديث السابقة ملغاة لأنه يترتب على الأخذ بها محظورات شرعية أهمها:

أـ أنه يترتب على الأخذ بها أن الدين لم يكمل مع أن الله يقول: اليوم أكملت لكم دينكم.

والجواب: أن معنى الآية أكملت لكم قواعده ومبادئه، ومن ضمن هذه المبادئ جواز إحداث البدعة الحسنة، فالذي يبتدع لا يعني عمله أنه زاد في الدين، أو تدارك نقصاً في الشريعة، أو اتبع هواه، أو شرع بعقله، بل هو تطبيق لقاعدة شرعية استقاها من الكتاب والسنة، غير مضاه بها الشرع الحكيم، ولا قاصد بها معاندة الله ومشاقة رسوله.

ب ـ أن فيه خروجاً عن الخط المستقيم، فعن عبدالله قال: خط لنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوماً خطاً طويلاً، فقال: (هذا سبيل الله) وخط لنا خطوطاً عن يمينه ويساره وقال: »هذه سبل، وعلى كل سبيل منها شيطان يدعو إليه« ثم تلا هذه الآية {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل ـ يعني الخطوط ـ فتفرق بكم عن سبيله} [الأنعام:153].

والجواب: بأن الخط الطويل الذي يمثل سبيل الله من ضمن قواعده المستنبطة منه جواز إحداث البدعة الحسنة، فالعامل بها عامل بما في ذلك الخط المستقيم.

وتحمل أقوال المفسرين من السلف التي تخالف ما ذكر على البدعة السيئة وعلى بدعة الاعتقاد كما في القصة التي رواها الشاطبي: (حكى ابن بطال في شرح البخاري عن أبي حنيفة أنه قال: لقيت عطاء بن أبي رباح بمكة، فسألته عن شيء، فقال: من أين أنت؟ قلت: من أهل الكوفة. قال: أنت من أهل القرية الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً؟ قلت: نعم. قال: من أي الأصناف أنت؟ قلت: ممن لا يسب السلف، ويؤمن بالقدر، ولا يكفر أحداً بذنب، فقال عطاء: عرفت فالزم).

وتحمل بعض تشددات الإمام مالك في الإحداث على حرصه في أن يبقى عمل أهل المدينة سالماً من التزيد، لأن عملهم يعتبر من الأدلة التي يحتج بها.

جـ) أن فيه مخالفة لقول عمر بن عبدالعزيز: سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر بعده سنناً الأخذ بها تصديق لكتاب الله واستكمال لطاعة الله، وقوة لدين الله، ليس لأحد تغييرها، ولا تبديلها ولا النظر في شيء خالفها.

قال الشاطبي: وبحق، ما كان يعجبهم! فإنه كلام مختصر جمع أصولاً حسنة من السنة، منها ما نحن فيه بأن قوله: (ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر في شيء خالفها) قطع لمادة الابتداع جملة.

والجواب: أن ما يؤخذ من السنة والآثار جواز إحداث البدعة الحسنة، فالعمل بها عمل بالسنة، ويقال نفس الكلام للمعارضين لإحداث البدعة الحسنة: لا يجوز لأحد تغيير هذه السنة، ولا تبديلها، ولا محاربتها.

تنبيه:

بعض الأحاديث التي استدل بها الإمام الشاطبي عند كلامه على الآية الكريمة إن الذين فرقوا دينهم ضعفها الشوكاني عند تفسيره لهذه الآية.

أقوال العلماء في الحديث:

وقال الحافظ ابن حجر: هذا الحديث معدود من أصول الإسلام وقاعدة من قواعده فإن معناه: "من اخترع في الدين ما لا يشهد له أصل من أصوله فلا يلتفت إليه".

وقول ابن حجر رحمه الله: "ما لا يشهد له أصل" صريح في أن هناك حوادث واختراعات في الدين يشهد لها أصل، وهذا هو الذي دل الحديث عليه بعينه.

وقال الإمام الطرقي: "مفهومه أن من عمل عملاً عليه أمر الشرع فهو صحيح".

قال سيدنا عمر رضي الله عنه في اجتماع الناس على صلاة التراويح في المسجد "نعمت البدعة هذه".


.










قديم 2008-09-12, 09:49   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
abh3
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

الفصل الثاني
الفرق بين السنة والبدعة



الســـنــة والـبــدعة

تعريف السنة

1 ـ السنة في اللغة: السيرة والطبيعة.

وقال الأزهري: السنة الطريقة المحمودة المستقيمة.

وقيل: السنة الطريقة والسيرة حميدة كانت أو ذميمة. قال خالد بن زهير الهذلي:

فلا تجزعن من سنة أنت سرتها

فأول راض سنة من يسيرها

وإذا عمت السيرة الحميدة والذميمة فإنها تقيد بما تضاف إليه، فلا يخفى أن ثمت فرقاً بين سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسيرة أبي جهل مثلاً.

2 ـ السنة في الاصطلاح: أما في اصطلاح علماء الشريعة فقد اختلف تعريف السنة باختلاف المباحث التي تناولتها وقامت بتحديدها.

فالسنة عند علماء الأصول: هي ما صدر من النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير.

وعند علماء الحديث: السنة ما أضيف إلى النبي صلى الله علي وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلقية أو خُلُقية. وعلماء الفقه يختلف تعريفهم للسنة تبعاً لاختلاف أنظارهم وتفاوت أفهامهم.

وأقرب هذه التعاريف ما ارتضاه اللكنوي في كتابه تحفة الأخيار في إحياء سنة سيد الأبرار حيث قال: »ما في فعله ثواب، وفي تركه عتاب لا عقاب«.

والذي يهمنا في مجال الحديث عن البدعة هو أن السنة تطلق على ما يقابل البدعة استناداً إلى المقابلة بينهما في الأحاديث. كحديث العرباض بن سارية رضي الله عنه: »فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين«، »وإياكم ومحدثات الأمور«.

قال الشيخ الخضر حسين: وتطلق ـ أي السنة ـ على ما يقابل البدعة، فيراد بها ما وافق القرآن أو حديث النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، وسواء كانت دلالة القرآن أو الحديث على طلب الفعل مباشرة أو بوسيلة القواعد المأخوذة منهما. وينتظم في هذا السلك عمل الخلفاء الراشدين، والصحابة الكرام للثقة بأنهم لا يعملون إلا على بينة من أمر دينهم.

وقال ابن حزم رحمه الله تعالى: »السنة هي الشريعة نفسها، وأقسامها في الشريعة فرض أو ندب أو إباحة أو كراهة أو تحريم، كل ذلك قد سنه الرسول صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل« اهـ.

وأوضح الدكتور دراز ذلك بأن قال: إن كلمة السنة في الاستعمال الشرعي اقتصرت عند الإطلاق على ما هو ممدوح ومطلوب، فبين أن كلمة السنة في الاستعمال الشرعي صارت إلى معنى أخص من معناها في الاستعمال اللغوي، فلا تكاد تستعمل في لسان الشرع في أمر دنيوي، بل تستعمل في الشؤون الدينية الخاصة. وإذا وردت كلمة السنة مطلقة عن القرائن في لسان النبوة والسلف الصالح اختصت بوصف تباين به البدعة، ولا تتناول على ذلك إلا ما كان حقاً وصواباً، وبعد العصر الأول انقسم علماء الشريعة قسمين: قسم وقف عند هذا الاستعمال الشرعي، وقسم قصر السنة على ما جرى العمل به بذاته على عهد النبي صلى الله عليه وسلم.اهـ.

أنواع السنة

مما تقدم من تعريف السنة يتبين لنا أنها تنقسم أربعة أقسام:

1ـ السنة القولية . 2 ـ السنة الفعلية. 3ـ السنة التقريرية. 4ـ السنة الوصفية. لكن علماء الأصول قد أهملوا السنة الوصفية باعتبار أنها لا يستفاد منها أحكام عملية تكليفية. فنوجز الكلام هنا على السنة القولية والفعلية والتقريرية.

1 ـ السنة القولية:

وهي ما ورد من قوله صلى الله عليه وسلم، فكل قول صحت نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. وجب اتباعه فيه بحسب صيغته وما يقتضيه من وجوب ونحوه، ولا يصح إهداره أو تجاهل ما ورد فيه. وتتفاوت مراتب الأقوال بتفاوتها في درجة الثبوت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومدى دلالتها صراحة أو ضمناً على الأحكام.

وسنة القول تشكل القدر الأكبر من السنة النبوية الشريفة، وتعتبر الأساس الأعظم في أخذ الأحكام والاستنباط منها فيما يعرض من شؤون.

ولعل من نافلة القول أن نذكر حجية سنة القول بعد ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك مما أجمعت عليه الأمة، ولم ينفه إلا الفرق المارقة من الدين، غير أن الاجتهاد والنظر فيها يكون من حيث دلالاتها على الوجوب أو الحرمة أو غير ذلك.

قال سيدنا عمر بن عبدالعزيز: »سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وولاة الأمر بعده سنناً، الأخذ بها تصديق لكتاب الله، واستكمال لطاعة الله، وقوة على دين الله، من عمل بها مهتد، ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين«.

قال الإمام الخضر حسين: أما دلالة القرآن أو قول الرسول صلى الله عليه وسلم على أن الأمر مشروع فواضحة ولا شأن للمجتهد في صيغ الأوامر إلا أن يتفقه فيها حتى يحملها على الوجوب أو الندب، ويتدبر أمرها فيما إذا عارضها دليل آخر ليقضي بترجيح أحدهما على الآخر، أو يفصل في أن هذا ناسخ لذاك، وطرق الترجيح أو الحكم بالنسخ مقررة في كتب الأحكام.

2 ـ السنة الفعلية:

وهي ما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم. ولعل من الأهمية بمكان دراسة حجيتها ليتبين لنا صحة نسبة الابتداع لمخالفها أو عدم صحتها. وقد فصل ذلك العلامة محمد الخضر الحسين بما لا مزيد عليه فقال:

»من أفعاله عليه الصلاة والسلام ما يصدر على وجه الجِبِلَّة أو العادة كالقيام والقعود والاضطجاع والأكل والشرب واللبس، وهذا الضرب غير داخل فيما يطلب فيه التأسي، وغاية ما يفيده فعله عليه الصلاة والسلام لمثل هذه الأشياء الإباحة، فإذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قام في مكان أو زمان، أو ركب نوعاً من الدواب، أو تناول لوناً من الأطعمة، أو لبس صنفاً من الثياب فلا يقال فيمن لم يفعل شيئاً من ذلك: إنه تارك للسنة.

ومن أفعاله عليه الصلاة والسلام ما علم اختصاصه به كالوصال في الصوم، والزيادة في النكاح على أربع، ولا نزاع في أن مثل هذا ليس محلاً للتأسي، وما لأحد أن يقتدي به فيما هو من خصائصه.

ومنها ما عرف كونه بياناً للقرآن كقطعه يد السارق من الكوع بياناً لقوله تعالى: فاقطعوا أيديهما وحكم الاقتداء به في هذا حكم المبيَّن من وجوب أو استحباب.

ومنها مالم يكن جبلياً ولا خصوصية ولا بياناً، وهذا إذا علمت صفته في حقه عليه الصلاة والسلام من وجوب أو ندب أو إباحة فأمته تابعة له في الحكم، إذ الأصل تساوي المكلفين في الأحكام.

فإن فعل صلى الله عليه وسلم أمراً ولم يقم دليل خاص على أنه فعله على سبيل الوجوب أو الندب أو الإباحة، فهذا إما أن يظهر فيه معنى القربة كافتتاحه الرسائل بكلمة: »بسم الله الرحمن الرحيم« فيحمل على أقل مراتب القرب وهو الندب، وإما أن لا يظهر فيه معنى القربة فيدل على أنه مأذون فيه، ومن أهل العلم من يذهب فيه مذهب المندوب إليه نظراً إلى أنه عليه الصلاة والسلام مشرع، فالأصل في أفعاله التشريع، ومثال هذا إرساله عليه الصلاة والسلام شعر رأسه الشريف إلى شحمة الأذن، وهو عمل لا يظهر فيه معنى القربة، ولكن بعض أهل العلم كالقاضي أبي بكر بن العربي وأبي بكر الطرطوشي جعلوه من مواضع الاقتداء، ورأى آخرون أن هذا محمول على العادة، فإذا جرت عادة قوم بنحو الحلق فلا يوصفون بأنهم تركوا ما هو سنة.

ومما يشبه إرسال الشعر إلى الأذن إرساله عليه الصلاة والسلام ذؤابة من العمامة، وهي المسماة »العذبة« وقد ورد في حديث عمرو بن حريث في فتح مكة: »كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفها بين كتفيه«، وحديث ابن عمر: »كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اعتم سدل بين كتفيه«.

وإذا كان إرسال ذؤابة من العمامة مما لا يظهر فيه معنى القربة يكون موضعاً لاختلاف أهل العلم، فمنهم من يجعله من قبيل ما يتأسى به، وإلى هذا يجنح أبو بكر بن العربي، وقد روى الترمذي عن ابن عمر وسالم والقاسم أنهم كانوا يفعلونه، ومنهم من يراه من قبيل العادة فلا يعد المتعمم من غير عذبة تاركاً لسنة، وهذه وجهة نظر من لم يكن يرسل العذبة من السلف، قال الإمام مالك إنه لم ير أحداً يفعله إلا عامر بن عبدالله بن الزبير.

وقد يتقارب الحال في بعض الأفعال، فلا يظهر جلياً أهو عادة أم شريعة، فتتردد فيه أنظار المجتهدين، نحو جلسة الاستراحة عند قيامه للثانية أو الرابعة، فذهب بعضهم إلى أنه لم يفعلها على وجه القربة فلا تدخل في قبيل السنة، وعدها طائفة فيما يستحب من أعمال الصلاة.

ومما لم يظهر فيه معنى القربة تقديم اسمه عليه الصلاة والسلام في الرسائل على اسم المرسل إليه، ولهذا لم يحافظ عليه بعض السلف محافظتهم على ما يفهمون فيه معنى القربة، فأجازوا تأخير اسم المرسل على اسم المرسل إليه. وسئل الإمام مالك عن ذلك فقال: لا بأس به. بل روي أن ابن عمر وهو من أشد الناس محافظة على السنة قد كتب إلى معاوية ثم إلى عبدالملك بن مروان وقدم اســمــيــهمــا عــلى اسمه اهـ.










قديم 2008-09-12, 09:50   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
abh3
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

) السنة التقريرية:

وهي ما أقره الرسول صلى الله عليه وسلم مما صدر عن بعض أصحابه من أقوال وأفعال، بسكوته وعدم إنكاره، أو بموافقته وإظهار استحسانه، فيعتبر بهذا الإقرار والموافقة صادراً عن الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه.

فالإقرار يكون بالسكوت فقط وذلك أقله، كما يكون أيضاً بالإفصاح والإبانة عن إقراره، كما حققه الشيخ العلامة عبدالفتاح أبو غدة رحمه الله في التتمة الأولى على الموقظة.

وينقسم إلى إقرار على القول، وإقرار على الفعل، وكل منهما ينقسم إلى ما فعل بحضرته، وما فعل بعيداً عنه وعلم به، إما لأن أحداً أخبره، أو لأن مثل هذا الفعل لا يمكن أن يخفى عليه اهـ.

حجية سنة الإقرار:

الحق الذي لا مرية فيه هو أن الإقرار منه صلى الله عليه وسلم حجة دالة على جواز ما أقره صلى الله عليه وسلم مالم يقترن بدليل يدل على الندب أو الوجوب.

يقول العلامة الإمام محمد الخضر حسين رحمه الله: من مقتضى ما تقرر من عصمته صلى الله عليه وسلم وأمانته في التبليغ أن لا يقر أحداً على أمر غير مأذون فيه شرعاً، فيكون إقراره للأمر دليلاً على أنه لا حرج في فعله سواء شاهده بنفسه فسكت، أو بلغه فلم ينكره، وما لا حرج فيه يشمل الواجب والمندوب والمباح، فيحمل على أقل مراتبه وهو الجواز حتى يقوم الدليل على الندب أو الوجوب، ولا يدل الإقرار على جواز الفعل في حق من أقره النبي صلى الله عليه وسلم وحده، بل يكون الجواز حكماً شاملاً لجميع المكلفين أخذاً بالأصل الذي هو استواء الناس في أحكام الشريعة، فليس لأحد أن يعد اللعب في المسجد بالسلاح تمريناً على الحرب أمراً مخالفاً للسنة بعد أن ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الحبشة على اللعب في مسجده بالحراب، وليس لأحد أن ينكر على المعتدة عدة وفاة إذا خرجت للاستفتاء بعد أن ثبت أن فريعة بنت مالك خرجت للاستفتاء بعد وفاة زوجها تستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في موضع العدة، فقال لها: امكثي حتى تنقضي عدتك، ولم يتعرض لخروجها بإنكار اهـ.

وكون الإقرار حجة على الجواز هو ما ذهب إليه أكثر علماء الأصول والحديث، سوى ما كان من مخالفة الإمام الشاطبي حيث ذهب إلى أن التأسي بالإقرار لا يتم جوازه أو قبوله إلا إن وافقه فعل النبي صلى الله عليه وسلم. فالإقرار عنده لا يدل على مطلق الجواز من غير نظر، بل منه ما يكون كذلك كالإقرار على المباحات الصرفة والمطلوبات، ومنه ما لا يكون كذلك، كالإقرار على سماع الغناء غير المحرم، فإن قارن الإقرار قول فالحكم ظاهر وهو مطلق الصحة والإذن، وإن قارنه فعل فينظر إلى الفعل فيقضى بمطلق الصحة فيه مع المطابقة دون المخالفة.

وهو بذلك مخالف لجمهور علماء الأمة الذين رأوا أن الإقرار دليل الجواز، فلم يشترطوا في جواز ما أقره الرسول صلى الله عليه وسلم فعله لذلك، أو مشاركته فيما أقر عليه أو في مثله.

وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم مشرع، ولا يُجوِّز لأمته إلا ما لا شائبة للحرمة فيه، فلو أقر صلى الله عليه وسلم على ما ليس بحق كان مقراً على منكر، وهو معصوم من أن يقر أحداً على منكر.

ثم إن في ترك الإنكار فوق ذلك تأخير البيان عن وقت الحاجة وهو غير جائز أيضاً.

قال الإمام الغزالي رحمه الله : فإن قيل: إن كان فعله بياناً، فتقريره على الفعل وسكوته عليه وتركه الإنكار واستبشاره بالفعل أو مدحه له هل يدل على الجواز، وهل يكون بياناً؟

قلنا: نعم، سكوته مع المعرفة وتركه الإنكار دليل على الجواز؛ إذ لا يجوز له ترك الإنكار لو كان حراماً، ولا يجوز له الاستبشار بالباطل، فيكون دليلاً على الجواز كما نقل في قاعدة القيافة. وإنما تسقط دلالته عند من يحمل ذلك على المعصية ويجوز عليه الصغيرة، ونحن نعلم اتفاق الصحابة على إنكار ذلك وإحالته.انتهى.

علاقة السنة التقريرية بالبدعة الحسنة

إن بين سنة الإقرار ومفهوم البدعة علاقة وثقى ورابطة محكمة وصلة وطيدة، ومع ذلك فإنها مما لم تتبين لكثير من العلماء، ولم يتفطن لها كثير من الفضلاء، وفيما يلي بيان لها:

فابتداء نعود فنُذكِّر بمعنى سنة الإقرار بشيء من البيان والوضوح فنقول:

إن السنة التقريرية تعني أن يقول أحد الصحابة قولاً أو أن يفعل فعلاً ابتداء من نفسه، دون أن يكون له سند من كتاب أو سنة يخصه بعينه، ثم يبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فيسكت عنه صلى الله عليه وسلم ولا ينكره، أو يقرره بقول منه أو فعل من جنسه أو استبشار به أو دعاء لفاعله، إلى غير ذلك مما يعلم به جواز هذا الفعل أو القول، فيصير سنة نبوية شريفة بهذا الإقرار يعلم بها جواز ما أقره له ولغيره من الأمة كما فصله وقرره علماء الشريعة الغراء.

فالناظر في هذا الكلام يعلم أن للسنة التقريرية أركاناً لابد منها:

1 ـ إحداث أحد الصحابة الكرام شيئاً لم يكن.

2 ـ بلوغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

3 ـ إقراره صلى الله عليه وسلم لذلك بسكوت أو قول أو فعل أو غير ذلك.

ومن هذا البيان والتفصيل تتبين لنا العلاقة الوثقى بين ســنة الإقرار ومفهوم البدعة، حيث إن سنة الإقرار في أصلها بدعة أحدثها الصحابي، ثم بلغت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقر فاعلها وجوز فعلها. ولو أن كل بدعة ضلالة في الدين لا يجوز فعلها لأنكر رسول الله صلى الله عليه وسلم كل فعل للصحابة لم يكن لهم به سند من كتاب أو سنة، ولكن الناظر في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم أنه يقررهم على كثير من الأفعال والأقوال التي ابتدؤوها من أنفسهم إن كانت داخلة في عموم دليل شرعي أو راجعة إلى قاعدة شرعية. وفي السنة الشريفة أمثلة كثيرة على ما ذكرناه، فمن ذلك:

1ـ ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال عند صلاة الفجر: »يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك في الجنة«، قال: ما عملت عملاً أرجى عندي أني لم أتطهر طهوراً قط في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي.

قال ابن حجر: يستفاد منه جواز الاجتهاد في توقيت العبادة، لأن بلالاً توصل إلى ما ذكره بالاستنباط، فصوبه الرسول صلى الله عليه وسلم. انتهى.

فانظر ـ رعاك الله ـ إلى سيدنا بلال رضي الله عنه كيف أحدث عبادة لم يرد بها نص من قرآن، أو أمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصها بعينها، وواظب عليها مدة من الزمن دون الرجوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووقعت موقع القبول من الله تعالى بحيث كانت سبباً في دخوله الجنة، فقد قال له صلى الله عليه وسلم ـ كما في رواية الترمذي ـ »بهما« أي: بهاتين الركعتين نلت هذه المنزلة العظيمة، فكان ذلك إقراراً منه صلى الله عليه وسلم لسيدنا بلال على ما أحدث، وأضحت هاتان الركعتان بعد الوضوء سنة في حق الأمة كلها.

2 ـ ما رواه البخاري وغيره عن رفاعة بن رافع قال: كنا نصلي وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رأسه من الركعة قال: »سمع الله لمن حمده«. قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، فلما انصرف قال: »من المتكلم«؟ قال: أنا: قال: »رأيت بضعة وثلاثين ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها«.

قال الحافظ ابن حجر: استدل به على جواز إحداث ذكر في الصلاة غير مأثور إذا كان غير مخالف للمأثور اهـ.

3 ـ ما جاء في صحيح مسلمة عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجل من القوم: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »من القائل كلمة كذا وكذا« قال رجل من القوم: أنا يا رسول الله. قال: »عجبت لها، فتحت لها أبواب السماء«. قال ابن عمر: فما تركتهن منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.

فانظر إلى هذا الذكر الذي فتحت له أبواب السماء، وقد قاله الصحابي ابتداء من نفسه دون أن يكون له سند من كتاب أو سنة، ثم أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم بذكر فضيلته فصار سنة نبوية شريفة التزمها سيدنا ابن عمر ومن بعده من الأمة كثيرون.

والأدلة على ما قلناه كثيرة، والأمثلة وفيرة لمن طالع كتب السنة بعين التحقيق والإنصاف، فسوف يرى أن سنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مواجهة البدع والمحدثات لم تكن بردها دائماً، بل منها ما يقبله، بل ويرتضيه ويقرره ويذكر له فضيلة عظيمة كما في الأمثلة السابقة، ومنها ما يرده إن كان يخالف مقاصد الشريعة ويفوت مصالحها أو يصادم نصوصها، كإنكاره صلى الله عليه وسلم على النفر الذين سألوا عن عمله فتقالوه، فشددوا على أنفسهم بصوم الدهر واعتزال النساء وقيام الليل كله؛ لما في ذلك من التشديد والتنطع المخالف لروح الدين اليسر الحنيف. فنستطيع أن نقول: إنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر مبدأ الإحداث قطّ، وإنما كان ينكر المحدثات إذا لم تتوفر فيها شروط القبول والموافقة للشرع الإسلامي الحنيف.

بل إننا لنلاحظ أيضاً أن الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم مع شدة حرصهم على متابعة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله لم يفهموا من ذلك أن كل محدثة بدعة ضلالة لا ينبغي الإتيان بها، بل كانوا يفعلون كما رأينا بعض مالم يكن لهم فيه نص من كتاب أو سنة إن علموا أن مقاصد الشريعة تسعه، ونصوصها لا تأباه.

فإن قال قائل: إن ذلك جائز في حياته صلى الله عليه وسلم لأنه سيعلمه إما بإخبارهم أو بوحي من الله تعالى، فإن كان هدىً أقره، وإن كان ضلالة رده، أما بعد حياته صلى الله عليه وسلم وانقطاع الوحي فذلك غير جائز.

قلنا: إن من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم من أحدث أشياء ليس له فيها نص بعينها، وهو يعلم أنه لن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعد لينظر فيما فعل أهو سنة حسنة أم بدعة ضلالة، ومن ذلك صلاة سيدنا خبيب بن عدي رضي الله عنه ركعتين قبل أن يقتل حيث جاء في حديث البخاري: فكان خبيب هو سن الركعتين لكل امرئ مسلم قتل صبراً.

قال الدكتور محمود عبود هرموش في كتابه (البدعة وأثرها في اختلاف الأمة): وفي هذا تصريح واضح بأن خبيباً اجتهد في توقيت العبادة ولم يسبق من الرسول صلى الله عليه وسلم، أمر ولا فعل، وهو علم أنه سيموت قبل أن يعرض عمله هذا على الرسول صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك أقدم على هذا العمل وهو يعلم أنه لن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو أراد أحد إيقاع الصلاة في غير أوقات الكراهة التي نهى الشارع عن إيقاع الصلاة فيها، فإن هذا الفعل يكون من قبيل السنة الحسنة، وأما من يوقعها في أوقات النهي فإن فعله يكون من قبيل البدعة المذمومة لكونها وقعت مخالفة لهديه وسنته صلى الله عليه وسلم.انتهى.

أقول: فهل مات سيدنا خبيب ضالاً مبتدعاً بإحداثه هاتين الركعتين قبل أن يعلم بأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقره عليهما؟!! حاشا وكلا، بل هو المؤمن الصالح والشهيد الكريم الــذي رد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سلامه فقال: »وعليك السلام يا خبيب قتلته قريش« ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان قد انتقل إلى الرفيق الأعلى وانقطع الوحي، فإن نصوص القرآن والسنة ما زالت موجودة محفوظة ولله الحمد، وما زالت قواعد الشرع الحنيف ومقاصده قائمة معلومة يعرض عليها كل محدث وجديد، فإن قبل في ميزانها كان بدعة حسنة، وإلا فهو بدعة ضلالة نبرأ إلى الله منها، ولسنا ندعي حسن البدعة دون ضوابط وقواعد وعرض على الكتاب والسنة، بل لذلك شروط وقواعد لابد منها سنعرض لها إن شاء الله تعالى في خاتمة بحثنا. والله الموفق.










قديم 2008-09-12, 09:51   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
abh3
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

الترك

ما الترك؟ هو أن يترك النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً أو يتركه السلف الصالح من غير أن يأتي حديث أو أثر بالنهي عن ذلك الشيء المتروك يقتضي تحريمه أو تركه.

أنواع الترك:

وهذا الترك يكون على أنواع متعددة:

1 ــ أن يكون تركه لمانع طبعي أو نفور جبلي ، ومثاله تركه صلى الله عليه وسلم أكل لحم الضب لما قدم له، وفي الحديث سئل: أحرام هو؟ فأجاب بـ »لا« فدل على أن تركه لم يحرمه.

2 ـ أن يكون تركه نسياناً له، كما ورد أنه صلى الله عليه وسلم سها في الصلاة فترك منها شيئاً، فسئل: هل حدث في الصلاة شيء؟ فقال: »إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني«.

فهؤلاء الصحابة لما ترك شيئاً من الصلاة لم يستفيدوا من تركه حكماً، بل راجعوه،وأجابهم صلى الله عليه وسلم بما يدل على أن تركه لا يفيد حكماً أيضاً.

3 ـ أن يكون تركه مخافة أن يفترض على الأمة: كتركه الجماعة في التراويح لما رأى اجتماع الصحابة عليها خوف أن تفترض عليهم.

4 ـ أن يكون تركه خشية الفتنة: كتركه صلى الله عليه وسلم نقض البيت وبناءه على قواعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين. فتركه صلى الله عليه وسلم حفاظاً على قلوب الصحابة القريبي العهد بالإسلام من أهل مكة.

5 ـ وقد يكون تركه لسبب خاص به لا يشاركه فيه غيره. كتركه أكل الثوم وما شابهه من كل ذي رائحة كريهة خوف إيذاء الملك وقت الوحي، ولم يقل أحد بتحريم أكل الثوم بتركه صلى الله عليه وسلم.

وقد يكون لغير ذلك من الأسباب. والله أعلم.

حكم ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم:

رأينا من خلال الأمثلة السابقة أن تركه صلى الله عليه وسلم للشيء لا يدل على تحريمه، فقد ترك أكل لحم الضب ثم قرر صلى الله عليه وسلم بأنه ليس بحرام، وترك شيئاً من الصلاة سهواً ثم عاد فأتمها، وترك الجماعة في التراويح مخافة افتراضها، ثم جمع الصحابة من بعده ولم ينقل عن أحد من الأمة إنكارها، وترك نقض الكعبة وبناءها على قواعد إبراهيم مع رغبته في ذلك مخافة تغير قلوب أصحابه، وترك أكل الثوم ولم يقل أحد من الأمة بتحريمه، فالترك على ذلك لا يفيد التحريم، فماذا يفيد إذن؟

يقول الشيخ عبدالله بن الصديق في حسن التفهم والدرك لمسألة الترك: والترك وحده إن لم يصحبه نص على أن المتروك محظور لا يكون حجة في ذلك (أي التحريم) بل غايته أن يفيد أن ترك ذلك الفعل مشروع، وأما أن ذلك الفعل المتروك يكون محظوراً فهذا لا يستفاد من الترك وحده، وإنما يستفاد من دليل يدل عليه. اهـ.

إذن فالترك لا يدل إلا على أن الفعل المتروك يجوز تركه ـ اللهم إلا ما تركه سهواً ـ أمّا حكم فعله فهذا شيء آخر، فقد يكون حراماً لا لمجرد الترك بل لدليل يدل على التحريم، كما قد يكون مباحاً أو مندوباً أو مكروهاً حسب الدليل.

والله أعلم. وانظر في ذلك رسالة الشيخ الغماري فإنه أتى فيها بما لا مزيد عليه.

رأي ابن تيمية في الترك:

قسم ابن تيمية ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم قسمين: الأول: ما تركه مع وجود المقتضي لفعله في عهده صلى الله عليه وسلم، وهذا الترك يدل على أنه ليس بمصلحة ولا يجوز فعله. ويمثل لذلك بالأذان لصلاة العيدين حيث أحدثه بعض الأمراء، فمثل هذا الفعل تركه الرسول صلى الله عليه وسلم مع وجود ما يعتقد مقتضياً مما يمكن أن يستدل به من ابتدعه ككونه ذكر الله، ودعاء للخلق إلى عبادة الله، فيدخل في العمومات كقوله تعالى: اذكروا الله ذكراً كثيراً[الأحزاب:41] وقوله: ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً[فصلت:33] ويدخل أيضاً في القياس على صلاة الجمعة.

وهذه الأمور كانت موجودة على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما أمر بالأذان للجمعة، وصلى العيدين بلا أذان ولا إقامة، دل تركه على أن ترك الأذان هو السنة فليس لأحد أن يزيد في ذلك، بل الزيادة فيه كالزيادة في أعداد الصلوات وأعداد الركعات، أو زيادة أيام الصوم المفروضة أو شعائر الحج المطلوبة ونحو ذلك.

والثاني: ما تركه النبي صلى الله عليه وسلم لعدم وجود ما يقتضيه، لحدوث المقتضي له بعد موته صلى الله عليه وسلم، ومثل هذا قد يكون مصلحة وقد يكون جائزاً.

ويمثل ابن تيمية لهذا النوع بجمع القرآن، فقد كان المانع من جمعه على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أن الوحي كان لا يزال ينزل فيغير الله ما يشاء ويحكم ما يريد، فلو جمع في مصحف واحد لتعسر أو لتعذر تغييره في كل وقت، فلما استقر القرآن واستقرت الشريعة بموته صلى الله عليه وسلم أمن الناس من زيادة القرآن ونقصه، وأمنوا من زيادة الإيجاب والتحريم.انتهى بتصرف.

أقول: هذا كلام ليس بمحرر ولا محقق، فقد اشتبهت عليه هذه المسألة كما قال الشيخ عبدالله بن الصديق بمسألة السكوت في مقام البيان، صحيح أن الأذان في العيدين بدعة غير مشروعة، لكن لا لأن النبي صلى الله عليه وسلم تركه، وإنما لأنه صلى الله عليه وسلم بين في الحديث ما يعمل في العيدين ولم يذكر الأذان، فدل سكوته على أنه غير مشروع.

والقاعدة: أن السكوت في مقام البيان يفيد الحصر، وإلى هذه القاعدة تشير الأحاديث التي نهت عن السؤال ساعة البيان.

روى البزار عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »وما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئاً، ثم تلا: وما كان ربك نسياً«. قال البزار: إسناده صالح. وصححه الحاكم.

وروى الدارقطني عن أبي ثعلبة الخشني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: »إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدوداً فلا تعتدوها، وحرم أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم من غير نسيان فلا تبحثوا عنها«.

ففي هذين الحديثين إشارة واضحة إلى القاعدة المذكورة، وهي غير الترك الذي هو محل بحثنا في هذه الرسالة، فخلط إحداهما بالأخرى مما لا ينبغي.اهـ.

وقال الدكتور عزت عطية: وما قاله هؤلاء العلماء الأجلاء يمكن أن نصل إليه بغير ما استدلوا به، فالأذان مثلاً خاص بالصلاة المفروضة، فنقله إلى غيرها ليس له ما يبرره، والقياس لا يدخل في باب العبادات، وليس الأذان للعيدين مما سكت عنه الشرع، وإنما بين الشرع أحكام العيدين بما لم يترك زيادة لمستزيد، فأي زيادة على ذلك تغيير للدين بالزيادة.

أما جمع القرآن ونحوه فمن الأمور المصلحية. وقد اكتفى الرسول صلى الله عليه وسلم بجمعه في الصحف على عهده بالنسبة إلى مجموع الصحابة وتداوله بينهم، وإن قال بعض العلماء أو أغلبهم بجمع المصحف على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهكذا ما يماثله.اهـ.

أقول: وقد ادعى بعضهم بناء على كلام ابن تيمية السابق أن الدعاء بعد الصلاة في جماعة بدعة لا ينبغي فعلها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعلها مع وجود المقتضي لها.

وهذا الكلام مردود برد كلام ابن تيمية السابق، وعلى فرض صحة كلامه فهذا كلام مردود أيضاً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدعُ بجماعة بعد الصلاة لوجود مانع يمنع من ذلك، فإن بقاء النبي صلى الله عليه وسلم كان من أسبابه انتظار خروج النساء، والنساء كن يخرجن مباشرة بعد السلام حتى لا يحدث اختلاط بين الرجال والنساء، فإذا كان سيدعو بالجماعة بعد أذكاره فلن يخرج النساء انتظاراً لدعائه المستجاب، وخروجهن بعد الدعاء ربما كان سبباً لريبة ما، لأن الرجال قد فرغوا من الأذكار ومما يشغلهم عن النساء.

فترك صلى الله عليه وسلم الدعاء بالجماعة برغم ما فيه من المصلحة الواضحة خوفاً من مفسدة أعظم، ومعلوم في الشريعة أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وأن الحكم يدور مع العلة وجوداً وعدماً، فإن انتفت العلة كحال مساجدنا اليوم فيستحب الدعاء الجماعي لما فيه من الخير العظيم. والله أعلم.

هذا وإن السنة قد رصدت لنا بعض مواقف النبي صلى الله علي وسلم ممن فعل من الصحابة أمراً تركه النبي صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك ما رواه البخاري في باب الجمع بين السورتين في الركعة من كتاب الصلاة عن أنس رضي الله عنه قال: كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بــقل هو الله أحد حتى يفرغ منها ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة، فكلمه أصحابه فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ أخرى، فإما أن تقرأ بها، وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى، فقال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت، وإن كرهتم تركتكم.

وكانوا يرون أنه من أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر، فقال:»يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك؟ وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟«

فقال: إني أحبها. فقال: »حبك إياها أدخلك الجنة«.

فانظر أخي ـ هداني الله وإياك ـ إلى هذا الصحابي الذي فعل فعلاً تركه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله فأقره النبي صلى الله عليه وسلم بل وبشره بسببه بدخول الجنة. قال الحافظ في الفتح: ويومئ إلى أن فعله زيادة على فعل النبي صلى الله عليه وسلم فدل تبشيره بالجنة على الرضا بفعله، ونقل عن ابن المنير قوله: إن المقاصد تغير أحكام الفعل لأن الرجل لو قال: إن الحامل له على إعادته لها أنه لم يحفظ غيرها مثلاً لأمكن أن يأمره بحفظ غيرها، لكنه اعتل بحبها، فظهر صحة قصده فصوبه.

ثم انظر ما أشبه حال هذا الصحابي مع المنكرين عليه بحالنا مع المنكرين علينا في إقامة المولد الشريف الذي ما حملنا عليه إلا محبتنا لهذا النبي المعظم في أهل السموات والأرض، والذي أنقذنا الله به من الضلال والكفر والظلمات، فإن تركه النبي صلى الله عليه وسلم فلم يفعله فقد ترك ما فعله ذلك الصحابي ثم أقره على فعله وبشره بالجنة على ما حمله على ذلك الفعل، فلعل الله أن يجود علينا بفضله، ويدخلنا الجنة بحبنا لهذا النبي العظيم صلى الله عليه وسلم، إنه جواد كريم، وعندها فليمت المنكرون بغيظهم.

ولقد فعل الصحابة رضوان الله عليهم أشياء تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يفعلها، وفعل الصحابة من سنن الدين التي أمرنا باتباعها كما سنبين فيما بعد، فكان فعلهم دليلاً على جواز إحداث ما ترك في الصدر الأول، إن دعت إليه مصلحة أو حاجة، وكان مما يدخل تحت أصول الشريعة وقواعدها العامة، فمما فعله الصحابة من الأمور التي تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أ ) الأذان الأول يوم الجمعة:

فقد أخرج البخاري وابن ماجه والترمذي وغيرهم عن السائب بن يزيد قال: كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلما كان عثمان وكثُر الناس زاد النداء الثالث على الزَّوراء.

ب) زيادة ابن عمر في التشهد:

فقد أخرج أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشهد: »التحيات لله الصلوات الطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ـ قال ابن عمر: زدتُ فيها: (وبركاته) ـ السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله ـ قال ابن عمر: زدتُ فيها: (وحده لا شريك له) ـ وأشهد أن محمداً عبده ورسوله«.

جـ) تعدد صلاة العيد في مصر واحد:

فقد قال ابن تيمية في منهاج السنة: أحدث عليُّ بن أبي طالب في خلافته العيد الثاني بالجامع، فإن السُّنة المعروفة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان أنه لا يصلى في المصر إلا جمعة واحدة، ولا يصلى يوم النحر والفطر إلا عيد واحد، فلما كان عهده قيل له: إن بالبلد ضعفاء لا يستطيعون الخروج إلى المصلى فاستخلف عليهم رجلاً يصلي بالناس بالمسجد. انتهى.

فبهـذه الأدلــة وغيــرها يتبين لنا أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم ليس دليلاً على التحريم، وإلا لما فعل الصحابة هذه الأشياء التي تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله أعلم.

فعل بعض العلماء أشياء تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم

1 ـ الإمام أحمد بن حنبل يجوز دعاء ختم القرآن الذي لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم:

قال ابن قدامة في المغني ما نصه: »فصل في ختم القرآن«: قال الفضل بن زياد: سألت أبا عبدالله فقلت: أختم القرآن؛ أجعله في الوتر أو في التراويح؟ قال: اجعله في التراويح حتى يكون لنا دعاء بين اثنين. قلت: كيف أصنع؟ قال: إذا فرغت من آخر القرآن فارفع يديك قبل أن تركع وادع بنا ونحن في الصلاة وأطل القيام. قلت: بم أدعو؟ قال: بما شئت. قال: ففعلت بما أمرني وهو خلفي يدعو قائماً ويرفع يديه










قديم 2008-09-12, 14:42   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
أبو مسلم
مشرف سابق
 
إحصائية العضو










افتراضي بن باز يجيب

بن باز رحمه الله يجيب

سؤال : أطلب شرح حديث ( كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) .نرجو شرحا وافيا لمعنى مفهوم هذه العبارة وما يتعلق بها من محدثات اليوم مثل الطائرات ومكبرات الصوت وجميع المحدثات التي هي محدثة وبدعة ولكننا نستعملها وهل القرآن الشريف طبعه وكتابته يمكن أن تكون بدعة أو محدثة ؟.

جــواب
: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه ..وبعد :
أولا : قسم العلماء البدعة إلى بدعة دينية وبدعة دنيوية . فالبدعة في الدين هي : إحداث عبادة لم يشرعها الله سبحانه وتعالى وهي التي تراد في الحديث الذي ذكر وما في معناه من الأحاديث .
وأما الدنيوية: فما غلب فيها جانب المصلحة على جانب المفسدة فهي جائزة وإلا فهي ممنوعة ومن أمثلة ذلك ما أحدث من أنواع السلاح والمراكب ونحو ذلك .
ثانيا : الطائرات ومكبرات الصوت ونحو ذلك من الأمور العادية الدنيوية المبتدعة وليس فيها محذور شرعي فاستعمالها لا محذور فيه إذا لم يكن في ذلك ظلم لأحد ولا نصر لبدعة أو منكر وليست داخلة في الأحاديث المحذرة من البدع .
ثالثا : طبع القرآن وكتابته من وسائل حفظه وتعلمه وتعليمه والوسائل لها حكم الغايات فيكون ذلك مشروعا ليس من البدع المنهي عنها ؛ لأن الله سبحانه ضمن حفظ القرآن الكريم وهذا من وسائل حفظه .
رابعا : ننصحك بالرجوع إلى ( كتاب تنبيه الغافلين ) للنحاس و ( الاعتصام ) للشاطبي و (السنن والمبتدعات ) و ( الإبداع في مضار الابتداع ) .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .










قديم 2008-09-12, 14:47   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
أبو مسلم
مشرف سابق
 
إحصائية العضو










افتراضي بن باز يجيب

الشيخ بن باز يجيب

سؤال : وسئل : عن معنى البدعة وعن ضابطها ؟ وهل هناك بدعة حسنة ؟
وما معنى قول النبي ، صلى الله عليه وسلم ( من سن في الإسلام سنة حسنة ) .؟

جــواب : البدعة شرعا ضابطها ( التعبد لله بما لم يشرعه الله ) ، وإن شئت فقل : (التعبد لله تعالى بما ليس عليه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ولا خلفاؤه الراشدون ) فالتعريف الأول مأخوذ من قوله تعالى ( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) والتعريف الثاني مأخوذ من قول النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور ) فكل من تعبد لله بشيء لم يشرعه الله ، أو بشيء لم يكن عليه النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وخلفاؤه الراشدون فهو مبتدع سواء كان ذلك فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته أو فيما يتعلق بأحكامه وشرعه . أما الأمور العادية التي تتبع العادة والعرف فهذه لا تسمى بدعة في الدين وإن كانت تسمى بدعة في اللغة ، ولكن ليست بدعة في الدين وليست هي التي حذر منها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ،.
وليس في الدين بدعة حسنة أبدا ، والسنة الحسنة هي التي توافق الشرع، وهذه تشمل أن يبدأ الإنسان بالسنة أي يبدأ العمل بها ، أو يبعثها بعد تركها ، أو يفعل شيئا يسنه يكون وسيلة لأمر متعبد به فهذه ثلاثة أشياء :
الأول : إطلاق السنة على من ابتدأ العمل ويدل له سبب الحديث فإن النبي ،صلى الله عليه وسلم ، حث على التصدق على القوم الذين قدموا عليه ، صلى الله عليه وسلم ، وهم في حاجة وفاقة ، فحث على التصدق فجاء رجل من الأنصار بصرة فضة قد أثقلت يده فوضعها في حجر النبي ، صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي ،صلى الله عليه وسلم ،( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ) مسلم ، فهذا الرجل سن سنة ابتداء عمل لا ابتداء شرع .
الثاني : السنة التي تركت ثم فعلها الإنسان فأحياها فهذا يقال عنه سنها بمعنى أحياها وإن كان لم يشرعها من عنده .
الثالث : أن يفعل شيئا وسيلة لأمر مشروع مثل بناء المدارس وطبع الكتب فهذا لا يتعبد بذاته ولكن لأنه وسيلة لغيره فكل هذا داخل في قول النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ) والله أعلم .

سؤال : ما هو ضابط البدعة . ومتى يقال هذا الشخص مبتدع ؟
جــواب : البدعة كما قال النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) لكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة فالبدعة هي كل ما لم يكن له أصل في كتاب الله ولا في سنة رسوله ، صلى الله عليه وسلم ، فما أحدث من العبادات والأفكار وغير ذلك من أمور العبادة هذه بدع . الذي ليس له دليل من الأقوال أو من الأفعال أو الاعتقادات أو غير ذلك كل ما ليس له دليل من الكتاب أو السنة فهو يكون محدثا وكل محدث في الدين يكون بدعة . وكل بدعة ضلالة










 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:55

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc