حقا حدثت حالة من الاعجاب والانسياق العاطفي لسقوط نظام بن علي وحسني مبارك وغيرهما ولكن ألا يمكننا أن نتوقف لنترك الجانب العاطفي من عملة الربيع العربي لنقلبها ونرى الوجه الآخر :
-- ألا ترون أن القضية الفلسطينية في خضم هذا الربيع تكاد تغيب ولم نعد نجد لها أثرا في أذهاننا ووسائل اعلامنا فاستطاع الغرب من خلال الربيع العربي أن يشغلونا وينسونا ( حصار غزة , حفريات بيت المقدس , اضراب الأسرى الفلسطينيين , زيارة الوفود الدينية والشبانية للكيان الصهيوني ....... الخ )
-- ألا ترون أن صورة الغرب أصبحت تزداد بياضا ونصاعة بعدما كانت سوداء وممقوتة فأصبحنا نتغنى بساركوزي وأوباما ونطالب بالحماية الدولية ونعقد مؤتمرات تحت اسم ( أصدقاء ليبيا , أصدقاء سوريا , اعادة الاعمار ...) وأصبحت الشعوب ( بعدما كانت الأنظمة ) الشعوب أصبحت تقبل رايات وصور الدول والزعامات الغربية حتى سمعنا بتسمية ابنائنا بأسماء الزعماء الغرب الذين أسقطتهم شعوبهم في الانتخابات .
-- ألا ترون أننا أصبحنا لا نكترث للدم العربي حيث الكل يقتل الكل واستخدامنا للسلاح كاستعمالنا لمبيد الحشرات وبدل ما كنا نوجه بنادقنا لفرنسا وأمريكا واسرائيل أصبحت رشاشاتنا وبنادقنا من الشعوب وللشعوب وما فتأت بعض المرجعيات الدينية أن تفتي في اراقة الدماء وامتنعت عن الفتوى في الجهاد والمقاومة للأجنبي .
-- ألا ترون و ألا تستغربون تحالف الغرب مع التيارات الاسلامية والتي كنا نكن لها العواطف والآمال وكنا من قبل نلوم الأنظمة الفاسدة في تعاملها مع الغرب وما كرهناها الا لهذا السبب اذن الا ترون أنهم يسعون لزعزعة ايماننا وارتباطنا بالدين حتى أصبحنا نسب علماءنا ونشوه سمعة المتدينين ونفقد فيهم الثقة .
-- ألا ترون أن كل دولة مر عليها الربيع العربي أصبحت أقرب الى الانقسام الى دويلات صغيرة أو تحولها الى أنظمة فيدرالية وعادت فيها النعرات القبلية والجهوية والعنصرية اللغوية والطائفية , ألم تروا ذلك في ليبيا وتونس وسوريا ومصر , اذن ألا تشمون رائحة سايكس بيكو ولورانس العرب وكل دولة مر عليها هذا الربيع فقدت تنميتها وتدهورت معيشة سكانها وضعفت منشآتها وجيوشها وقواها الأمنية وكل هذا في مصلحة اسرائيل لأنها تسعى الى التواجد بين جيران ضعفاء متخلفين منهمكين بشؤونهم ....... الخ
-- أتمنى أن أكون قد ساهمت في قراءة أخرى لما يسمى بالربيع العربي وأتمنى على الجميع الاجابة عن هذه التساؤلات وفهم ما وراء تلك الأحداث بمنظور تاريخي واستراتيجي لأن الغرب واسرائيل يخططون ويتذكرون أحداث التاريخ ليضعوا استراتيجيات مستقبلية يجنون ثمارها ربما بعد 20 أو 50 أو حتى 100 سنة ولا ينظرون لأقدامهم .