الربيع العربي يربك الممالك العربية

[المعزلدين الله]

الربيع العربي يربك الممالك العربية

2011-05-17




حتى لو تم تبديل الاسم من مجلس التعاون الخليجي الى مسمى آخر فلن يبرر هذا انضمام الأردن والمغرب إليه، خاصة الأخير، البعيد جدا عن دول هذا المجلس اثنيا، جغرافيا، ثقافيا واقتصاديا.
للوهلة الأولى يتبادر الى الذهن، أن الربيع العربي الزاحف على مفاصل الأنظمة العربية المتخشبة، وراء الخطوة، فالأردن يشهد حراكا متصاعدا واستقطابا حادا بين مكونات الشعب الأردني، كما ان احداث جارته الشمالية سورية تدفعه الى المزيد من القلق على مستقبل المملكة.
أما المغرب فقد استنفد جميع أسلحته ومناوراته التي تكشفت كلها، والتي طالما لجأ إليها كلما ضاقت به السبل او استشعر خطرا ما، فتهديد اوروبا بالهجرة السرية والمخدرات والخلايا الإرهابية النائمة والنشيطة كلها صارت في ذمة الماضي منذ هروب بن علي، وتأكدت مع سقوط مبارك وترنح صالح والقذافي والأسد، ثم ان حركة 20 فبراير في تنام مستمر تكسب كل يوم أنصارا جددا وشعاراتها زادت صراحتها ومواجهتها للواقع من دون خوف، خاصة بعد تفجير ملهى مراكش المثير للشكوك، الذي اريد منه ان يبطئ سرعتها او يغير شعاراتها، لكن الحركة استوعبت اللعبة الخبيثة التي تدفعها الى الاختيار بين 'الاستقرار' أو 'الإرهاب' فخرجت في مظاهرات الثامن من ايار/مايو الجاري تندد وتدين الفساد والاستبداد والإرهاب، وهتف المتظاهرون يوم 8 مايو في الناظور وفي الريف المغربي بشعار حدد الهدف بوضوح واختزل الكثير من التحليل والمداد حول مطالب الحركة الإصلاحية، يقول الشعار 'اولهم زين العابدين، وثانيهم حسني مبارك، وثالثهم علي صالح، ورابعهم بشار الأسد، وخامسهم القذافي، وسادسهم راكم عارفين'.
أما دول مجلس التعاون الخليجي فهي ايضا غير بعيدة عن لهيب الثورة، فالبحرين التي جرى ويجري التعتيم على ثورتها من الميديا العملاقة المملوكة أصلا لهذه الدول قطر (الجزيرة) والسعودية (العربية) والتي عمدت الى تشويه هذه الثورة وتقديمها على شكل فتنة طائفية بين الشيعة والسنة، استدعت التدخل العسكري قوات ما يسمى درع الجزيرة، رغم كل هذا لازالت البحرين تصطلي بنار الثورة وسقف المطالب يرتفع اكثر فأكثر، الأمر ذاته وان كان اقل حدة وظهورا يجري في سلطنة عمان، اما البقية والسعودية على وجه الخصوص فلن تظل طويلا خارج الحراك العربي نحو المستقبل وستهتز قريبا الرياض والدمام والظهران وغيرها من مدن المملكة على ايقاع الثورة ضد عائلة استأثرت بكل شيء من دون الشعب، وصل بها الامر الى ان وسمته باسم جدها.
أما الجار الجنوبي لدول المجلس والصديق اللدود له اليمن، الذي طالب مرارا بالانضمام الى النادي الخليجي وجوبه بالرفض دائما، فالثورة به قد قطعت أشواطا مهمة على طريق إزالة الرئيس وأركان نظامه من الحكم، والمسألة مسألة وقت فقط، وقدرة الرئيس على التفاوض حول مستقبله وعائلته، فمصير مبارك وعائلته وحكومته أضحى مثالا مرعبا للحكام العرب.
ربما في اطار هذا المجلس الجديد الذي سيضم المغرب والاردن ستتوسع قوات درع الجزيرة وتتعزز بالجنود من هذين البلدين، وستوكل اليها مهام قمع الثورات المتصاعدة في دول المجلس المتقاربة جغرافيا، باستــثناء المــغرب، وهذه المهام القــذرة للمخزن المغربي دراية كبيرة بها فشعاره دوما بندقية للايجار فعـــلها في زائير وفي الــــعراق وكان على استعداد ان يذهب الى ليبيا.
الحفاظ على العروش هو الذي فرض هذه الفنتازيا، فهذا المجلس سيفشل لا محالة بل ولد فاشلا لان العقل الذي خطط له لم يأخذ بالحسبان التغيرات العميقة التي مست المنطقة ومنها دول الخليج، بل ابعد من ذلك فحتى الدول الكبرى منكمشة الآن على نفسها، فدول الخليج تــــعاني من تفشي البطالة وتزايـــد أعدادها، وبالتــــالي لن تستوعب عمالة مغـــربية وأردنية، فوائضها المالية هي الآن بأمـــس الحــــاجة لكل دولار منها، فقد لجأت ومازالــــت السعودية والبحرين الى رشوة المواطنين بــــتوزيع بلايين الدولارات لامتصاص غضبهم ولا ادري كيف سيســـتفيد المغــــرب والأردن من المال الخليجي الوفير لتخفيف الضغط عنهما، اغــــلب الظـــن أن هذا المجــــلس الــــذي هو في واقع الحال نادي للممالك العربية، لن يحميها من الاهتزاز ثم السقوط المدوي لعروش قامت على الأشلاء واستمرت بالنهب والقمع.
اسلامه الناجم