يا أيها الراكب المزجي مطيته *** إلى الجزيرة، مرتاداً ومنتجعا
أبلغ إياداً وخلل في سراتهم ***أني أرى الرأي، إن لم أعص، قد نصعا
يا لهف نفسي، إن كانت أموركم *** شتى، وأحكم أمر الناس فاجتمعا
أما تخافون قوماً لا أبا لكم *** أمسوا إليكم كأمثال الدبا سرعا
أبناء قوم تاووكم على حنق *** لا يشعرون أضر الله أم نفعا
لو أن جمعهم راموا بهدته *** شم الشماريخ من ثهلان لا نصدعا
في كل يوم يسنون الحراب لكم *** لا يهجعون، إذا ما غافل هجعا
خزر عيونهم، كأن لحظهم *** حريق غاب ترى منه السنا قطعا
لا الحرث يشغلهم بل لا يرون لهم *** من دون بيضتكم، رياً ولا شبعا
وأنتم تحرثون الأرض عن سفه *** في كل معتمل تبغون مزدرعا
وتلبسون ثياب الأمن ضافيةً *** لا تفزعون، وهذا الليث قد جمعا
ما لي أراكم نياماً في بلهنية ***وقد ترون شهاب الحرب قد سطعا
فاشفوا غليلي برأي منكم حصف *** يصبح فؤادي له ريان قد نقعا
ولا تكونوا كمن قد بات مكتنعاً *** اذا يقال له افرج عمة كنعا
يسعى ويحسب أن المال مخلده *** اذا استفاد طريفا زاده طمعا
فاقنوا جيادكم، واحموا ذماركم *** واستشعروا الصبر لا تستشعروا الجزعا
ولا يدع بعضكم بعضاً لنائبة *** كما تركتم بأعلى بيشة النخعا
صونوا جيادكم، واجلوا سيوفكم *** وحددوا للقسي النبل والشرعا
واشروا تلادكم، من حرز انفسكم *** وحرز أهليكم، لا تهلكوا هلعا
لا تلهكم إبل، ليست لكم إبلاً *** إن العدو يعظم منكم قرعا
لا تثمروا المال للاعداء إنهم ***إن يظهروا، يحتووكم والتلادمعا
هيهات لا مال من زرع ولا إبل *** يرجى لغابركم إن أنفكم جدعا
والله ما انفكت الأموال مذ أبد ***لأهلها، إن أصيبوا مرة، تبعا
يا قوم إن لكم من إرث أولكم *** مجدا قد أشفقت أن يفنى وينقطعا
ماذا يرد عليكم عز أولكم *** إن ضاع آخره، أو ذلّ واتضعا
يا قوم لا تأمنوا، إن كنتم غيراً *** على نسائكم، كسرى وما جمعا
يا قوم بيضتكم لا تفجعن بها *** إني أخاف عليها الأزلم الجذعا
هو الجلاء الذي يجتث أصلكم *** فمن رأى مثل ذا رأياً ومن سمعا
قوموا قياماً على أمشاط أرجلكم *** ثم افزعوا، قد ينال الأمر من فزعا
وقلدوا أمركم، لله دركم ***رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا
لا مترفا إن رخاء العيش ساعده *** ولا إذا عض مكروه به خشعا
لا يطعم النوم إلا ريث يبعثه *** هم يكاد سناه يقصم الضلعا
مشرد النوم، تعنيه أموركم *** يروم منها إلى الاعداء مطلعا
ما انفك يحلب هذا الدهر اشطره *** يكون متبعاً طوراً ومتبعا
حتى استمرت على شزر مريرته *** مستحكم الرأي لا قحماً ولا ضرعا
وليس يشغله مال يثمره *** عنكم ولا ولد يبغي له الرفعا
لقد بذلت لكم نصحي بلا دخل *** فاستيقظوا إن خير العلم ما نفعا
هذا اكتابي إليكم، والنذير لكم *** لمن رأى رأيه منكم ومن سمعا