المقدمة: لم يتفق الفلاسفة على معيار واحد للمعرفة حيث تتعدد آرائهم بتعدد مذاهبهم، لكن الإشكال يبقى قائما، ما معيار المعرفة الصحيحة ؟ هل يمكن ربط المعرفة بالفائدة منها ؟ و بعبارة أخرى هل يمكن القول أن الفكرة الصحيحة هي الفكرة المفيدة عمليا و الناجحة ميدانيا ؟
التحليل: /القضية الأولى و تمثلها الذرائعية، حيث ترى أن معيار صحة الأفكار هو نجاحها في الميدان فالفكرة صحيحة بقدر ما تحققه من فائدة و نجاح
البرهنة: لأن طبيعة العمل عند الذرائعيين لا يقاس لا بالمبادئ و لا بالوسائل و إنمّا بالنتائج، فصحة الفكرة مرهون بنتائجها، فإذا كانت مفيدة كانت صحيحة، وإذ لم تحقق فائدة فهي كاذبة،
نقد البرهنة: لا يمكن ربط صحة الفكرة بالفائدة لأن الفائدة أو المنفعة ذاتية و متغيرة على الدوام، فما ينفع اليوم قد لا ينفع غدا مما يؤدي الى تغير المعيار تبعا لتغييرها و عموما فإن الذرائعية فلسفة أمريكية كانت ولا تزال توجه السياسة الخارجية الأمريكية و التاريخ حافل بالأدلة التى تثبت ذلك.
نقيض القضية: هناك معايير أخرى غير الفائدة و النجاح حيث يرى المثاليون أم معيار الصحة هو تطابق الأفكار مع العقل في حين يرى الواقعيون أن معيار الصحة هو الواقع
البرهنة: لأن مطابقة الفكرة للعقل معناه خلوها من التناقض و مطابقتها للواقع معناه أنها لا تتناقض مع الواقع فعد التناقض سواء أكان صوريا أو ماديا هو الذي يضمن صحة الأفكار.
نقد البرهنة: إن معرفة المثاليين معرفة صورية و شكلية فلا قيمة لشيء لا وجود له، أما معرفة الواقعيين فإن ذو العقل لا يستهان به و إلا كانت المعرفة ساذجة و سطحية إذا اقتصر دور العقل على التسجيل و الملاحظة فقط،
التركيب: إن العلاقة بين هذه المذاهب علاقة تكامل فالفكرة الصحيحة هي الخالية من التناقض الذاتي و يؤكدها الواقع و تعود بالفائدة على الإنسان و الأمثلة كثيرة من شتى أنواع المعرفة الأساسية و لا سيما في مجالي العلم و التقنية
الخاتمة:لا يمكن اعتبار النجاح وحده معيارا لصحة الفكرة