إنه جالس في مكانه كعادته كلما بحثت عنه,تحت تلك الصخرة ,اقتربت منه قليلا لكنه لم يحس بوجودي ,رأيته مصفر الوجه وطئ الرأس ينظر بعينين دامعتين للبحر الذي أمامه,ماسكا بيده شيئا لم أدرك ما هو لكن حين أمعنت النضر أدركت أنها وردة يابسة,ربما كانت حمراء أو بنفسجية لا أدري. فهي اليوم بنية اللون من شدة جفافها.
تلف يداه رجليه بقوة ,تحيط به بعض الكتابات على الرمل (إنها بخط يده) كتابة لا تكاد تفهم كتبها بأصابعه التي ترتجف بشدة كما هو بادي عليه.
أبصرت في عينيه حزن يخالطه فرح تملأه أسئلة لم يجد لها إجابة ,إنه في حيرة من أمره لم بنطق بكلمة لكن عيناه تتفجر صراخ.....
حزين لأنه لم يستطع اجتياز البحر ليصل إلى الطرف الآخر ,أين يجد ما وعده به رفقاءه من نعيم ,بل إنه حزن أكثر كلما تذكر ذلك الوصف الجميل للشاطئ و ما يحويه من كل وسائل الراحة ليعيش فيه سعيدا طول الدهر...
فرح لأنه نجا من الغرق و لم يهلك كبعض رفقائه أيضا,سئل نفسه فقال: لماذا كدت أغرق رغم أنني تدربت على السباحة جيدا ؟ لماذا غيري عبر و أنا لم أستطع؟ أ لأني لم أتدرب جيدا ,أ لأني لم أكن مؤهلا للعيش في الشاطئ الآخر,أم أنه الحظ لم يلعب معي لعبته هذه المرة؟ هل أعيد الكرة أم أتراجع؟ ألف سؤال و سؤال.............
كل تلك العبارات قرأتها في عينيه لأنه مزال لم يدرك وجودي بجانبه لشدة شروده,وضعت يدي على كتفه فرفع رأسه و قال: أ جئت يا صديقي؟ قلت: وصلت منذ مدة لكنك لم تشعر بوجودي...
قال: أنا آسف.....قلت: و لما الأسف؟.
قال: لأنني لم أستمع لكلامك و لم أعمل بنصائحك, أنت ترى حالتي اليوم ليتني أستطيع أن أرجع ما فات و أعود لسابق عهدي ,إنه خطأي أنا أعلم...........إنه خطأي........
قلت: لا يا صديقي إنه ليس خطأك بل خطأي أنا , أنا من أعلمتك عن وجود بحر الحب...فقاطعني قائلا: أ هذا هو اسمه؟ قلت: نعم ,و هذه حالة من حاول اجتيازه دون أن يدرك خطورة أمواجه و غدرها.
أخطأت لأنني قصصت عليك حكايات من استطاعوا عبوره فقط, بل أني كذبت عليك أيضا و قصصت لك حكايات كانت من نسج خيالي أصلا و أوهمتك بتلك السعادة الأبدية, سامحني يا صديقي أرجوك.....
سكت برهة و قال: ناديتني بالصديق لكنك لم تقدر معنى الصداقة, لقد كذبت علي....
قلت: أتدري لماذا فعلت ؟ لقد اضطررت لذلك لأخرجك من حالة الكآبة التي كانت تسيطر عليك.
فقال: و هل تعجبك حالتي اليوم ....قلت: لا ...لكن لماذا لا يكون هذا درسا لكلينا فليس العيب أن نخطأ لكن العيب أن نستمر في الخطأ, انهض .....انهض يا صديقي (أمسكت بيده), لندع ما فات و ننظر للمستقبل و كلنا أمل أنها تنتظرنا أيام أجمل و أسعد...
قال: أترى هذه الصخرة التي ورائي إنها في مكانها منذ أول مرة رأيتها فيها, لم تتحرك رغم كل ما يعارضها. فلقد قررت و منذ هذه اللحظة أن أكون مثلها صامدا, لكن لن أكون كمعدنها عديم الإحساس و الشعور.....
قلت: أنا أيضا سأغير من نفسي و أكون دليلك في كل خطوة تخطوها و أعدك أنني لن أخذلك مهما حييت..................