حملة الدفاع عن الصاحبي معاوية رضي الله عنه - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

حملة الدفاع عن الصاحبي معاوية رضي الله عنه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-08-22, 11:30   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










Post حملة الدفاع عن الصاحبي معاوية رضي الله عنه

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وبعد :


أحببتُ أن أفنّد هنا شبه والاباطيل لطالما تكررتا في كتابات أهل الأهواء تجاه معاوية ؛ مع التنبه إلى أن الدفاع عن معاوية - رضي الله عنه - فضلا عن كونه عقيدة يدين الله بها كل مسلم لم يفسد قلبه بمرض الغل والحقد على خير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم - فإنه مهمٌ جدًا ؛ بسبب أن معاوية - كما قال العلماء - " ستر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه " ؛ كما شاهدنا هذا واقعًا من بعض أهل الأهواء ؛ حيث انتقلوا من الطعن فيه إلى الطعن في غيره من كبار الصحابة ؛ كعثمان وطلحة والزبير وغيرهم . فالدفاع عنه هو خط الدفاع الأول عن الصحابة - رضي الله عنهم - .

الرد على الحملة المخزية للمطبلين والمدافعين والمنقادين لأهل المجووس ...!!!قم !!!...
فنقول لمن يسير على غير طريقة السلف الصالح:

هل من منهج السلف الصالح تلميع أهل البدع؟

هل من منهج السلف مخالطة أهل البدع؟
هل من منهج السلف عقد البيعات للمشايخ؟

هل من منهج السلف عقد الجلسات السرية؟
هل من منهج السلف تكفير المجتمعات المسلمة؟
هل من منهج السلف تكفير حكام المسلمين؟
هل من منهج السلف التفجيرات والانقلابات؟
هل من منهج السلف الثورات والمظاهرات؟
هل من منهج السلف الخروج على الحكام بالسلاح؟
هل من منهج السلف الكلام على الحكام من على المنابر؟
هل من منهج السلف معاداة حملة السنة والمتمسكين بها؟
هل من منهج السلف نفي الأسماء والصفات وتحريفها ؟
هل من منهج السلف تقديم العقل على النقل ؟
هل من منهج السلف تقديم الذوق ؟
هل من منهج السلف أنهم جعلوا المنامات مصدراً للتلقي ؟
هل من منهج السلف عبادة القبور والاستنجاد بالمقبور ؟
هل من منهج السلف فعل البدع كالموالد وغيرها ؟
هل من منهج السلف سب الصحابة وآل البيت رضي الله عنهم أجمعين ؟
هل من منهج السلف الانتخابات والحزبيات والديمقراطية ؟
هل من منهج السلف عدم الرجوع إلى أهل العلم والأكابر ؟
أنتم هؤلاء !!!إنَّ منهج السلف واضح لا غموض فيه
********************








 


قديم 2012-08-22, 11:31   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

رد الشبهات حول معاويه رضي الله عنه


لما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم قدوتنا في ديننا و هم حملة الكتاب الإلهي و السنة المحمدية ، الذين حملوا عنهم أماناتهم حتى وصلت إلينا ، فإن من حق هذه الأمانات على أمثالنا أن ندرأ عن سيرتهم كل ما ألصق بهم من إفك ظلماً و عدوانا .. حتى تكون صورتهم التي تعرض على أنظار الناس هي الصورة النقية الصادقة التي كانوا عليها ، فنحسن القدوة بهم و تطمئن النفوس إلى الخير الذي ساقه الله للبشر على أيديهم ..

و قد اعتبر في التشريع الإسلامي أن الطعن فيهم طعنٌ في الدين الذي هم ورائه . قاله شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (1/18) .

و تشويه سيرتهم تشويه للأمانة التي حملوها و تشكيك في جميع الأسس التي قام عليها كيان التشريع في هذه الملة الحنيفية السمحة .

قلت : يلهث الكثير ممن استهوته الشياطين بالطعن في معاوية رضي الله عنه ، وإن لم يطعن قلل من شأنه بأنه من مسلمة الفتح وأنه من الطلقاء إلى غيرها من الأمور .. حتى وصل بالبعض منهم إلى أن يتوقف في شأنه و يعرضه على ميزان الجرح والتعديل .. ناسياً أو متناسياً أنه من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن الأمة قد أجمعت على تعديلهم دون استثناء من لابس الفتن منهم و من قعد .. و لم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة . انظر حول عدالة الصحابة : الاستيعاب لابن عبد البر (1/19) و فتح المغيث (3/103) و شرح الألفية للعراقي (3/13-14) والإصابة (1/9) و مقدمة ابن الصلاح (ص 147) والباعث الحثيث (ص 181-182) وشرح النووي على صحيح مسلم (15/149) والتقريب للنووي (2/214) والمستصفى للغزالي (ص 189-190 ) وفي غيرها من الكتب .

ذكر النووي في شرح صحيح مسلم (8/231) و ابن القيم في زاد المعاد (2/126) أن معاوية رضي الله عنه من مسلمة الفتح ، أي أنه أسلم سنة ( 8هـ ) ، في حين ذكر أبو نعيم الأصبهاني كما في معرفة الصحابة (5/2496) و الذهبي كما في تاريخ الإسلام - عهد معاوية - ( ص 308) أنه أسلم قبيل الفتح .

وقال قوّام السنة في سير السلف الصالحين ( 2/ 663 ) رواية عن معاوية رضي الله عنه أنه يقول فيها : أسلمت عام القضية ، لقيت النبي صلى الله عليه وسلم فقبل إسلامي ، وعام القضية هو العام الذي صُد النبي صلى الله عليه وسلم عن البيت ( عام 6 هـ ) . وانظر هذا الخبر في تاريخ الطبري ( 5 / 328 ) والبداية والنهاية لابن كثير ( 8 / 21 ) والاستيعاب لابن عبد البر ( 3 / 395 ) .

وقال الإمام أبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة ( 5 / 2496 ) في ترجمة معاوية رضي الله عنه : كان من الكتبة الحسبة الفصحة ، أسلم قبيل الفتح ، وقيل عام القضية وهو ابن ثمان عشرة ، وعده ابن عباس من الفقهاء ، قال : كان فقيهاً ..

ومرد الاختلاف بين المصادر حول تاريخ إسلام معاوية رضي الله عنه يعود إلى كون معاوية كان يخفي إسلامه ، كما ذكر ذلك ابن سعد في الطبقات (1/131) ، وهو ما جزم به الذهبي ، حيث قال : أسلم قبل أبيه في عمرة القضاء – أي في سنة ( 7هـ ) – وبقي يخاف من الخروج إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أبيه .. وأظهر إسلامه عام الفتح . انظر : تاريخ الإسلام – عهد معاوية – ( ص 308) .

وبعد هذا هل يبقى مطعن في معاوية رضي الله عنه من كونه من مسلمة الفتح – وليس في ذلك مطعن - وإن سلمنا بأنه من مسلمة الفتح ؛ فهل هذا يقلل من شأن صحبته رضي الله عنه ؟!

وهذا تفصيل في أمر طبقات الصحابة رضوان الله عليهم .. وقد اخترت تقسيم الإمام الحاكم ، لأنه المشهور عند العلماء في عدد طبقات الصحابة من أنها اثنتا عشرة طبقة ، وهو الذي جرى عليه أكثر الذين كتبوا في طبقات الصحابة رضي الله عنهم . انظر تعليق أحمد شاكر على الباعث الحثيث ( ص 184 ) ، وقد قسم الحاكم في كتابه معرفة علوم الحديث (ص 22-24 ) ، أن الصحابة على مراتب :

الطبقة الأولى : قوم أسلموا بمكة ، مثل أبي بكر و عمر و عثمان و علي و غيرهم رضي الله عنهم .

الطبقة الثانية : أصحاب دار الندوة – و هي دار قصي بن كلاب – و ذلك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أسلم وأظهر إسلامه ، حمل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دار الندوة فبايعه جماعة من أهل مكة . منهم : سعيد بن زيد و سعد بن أبي وقاص .

الطبقة الثالثة : المهاجرة إلى الحبشة . منهم : حاطب بن عمر بن عبد شمس و سهيل بن بيضاء و جعفر بن أبي طالب .

الطبقة الرابعة : الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم عند العقبة . منهم : رافع بن مالك و عبادة بن الصامت ، وأسعد بن زرارة .

الطبقة الخامسة : أصحاب العقبة الثانية وأكثرهم من الأنصار – و هذه العبارة فيها نظر ؛ لأنه من المعلوم والثابت أنه لم يشترك مع أصحاب العقبة الأولى والثانية أحد من غير الأنصار ، اللهم إلا العباس فقد حضر ليستوثق للنبي صلى الله عليه وسلم - .

الطبقة السادسة : أول المهاجرين الذين وصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم و هو بقباء ، قبل أن يدخلوا المدينة و يبني المسجد . منهم : أبو سلمة بن عبد الأسد و عامر بن ربيعة .

الطبقة السابعة : أهل بدر الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم : لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم . البخاري (2/170-171) ، ومنهم : حاطب بن أبي بلتعة ، و المقداد بن الأسود و الحباب بن المنذر .

الطبقة الثامنة : المهاجرة الذين هاجروا بين بدر والحديبية . منهم المغيرة بن شعبة .

الطبقة التاسعة : أهل بيعة الرضوان ، الذين أنزل الله تعالى فيهم {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة }[الفتح/18] ، و منهم : سلمة بن الأكوع وابن عمر و سنان بن أبي سنان .

الطبقة العاشرة : المهاجرة بين الحديبية والفتح ، منهم : خالد بن الوليد و عمرو بن العاص .

الطبقة الحادية عشرة : هم الذين أسلموا يوم الفتح ، منهم : أبو سفيان بن حرب و عتاب بن أسيد وحكيم بن حزام و بديل بن ورقاء .

الطبقة الثانية عشرة : صبيان وأطفال رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح ، و في حجة الوداع و غيرهما ، و عدادهم من الصحابة . منهم : السائب بن يزيد و عبد الله بن ثعلبة ، و أبو الطفيل بن عامر بن واثلة ، وأبو جحيفة وهب بن عبد الله .

و وجهة الحاكم فيما ذهب إليه : أنه نظر إلى أمر زائد على أصل الصحبة ، و قد لاحظ اعتبارات أخرى كالسبق إلى الإسلام والغزو وما إلى ذلك ..


ومن خلال ما سبق ذكره ، نجد أن معاوية رضي الله عنه يدخل ضمن الطبقة العاشرة ، هذا إذا أخذنا بأنه أسلم بعد الحديبية ، أما إذا أخذنا بما هو مشهور من أنه أسلم يوم الفتح فإنه من الطبقة الحادية عشرة ، وفي كل خير ، فقد فازوا بشرف الصحبة وأنعم بها من خُلة ..

كما أن معاوية رضي الله عنه من الذين نالوا شرف الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومرد ذلك إلى ملازمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة ، لكونه صهره وكاتبه صلى الله عليه وسلم ، هذا وقد روى معاوية عنه ( مائة وثلاثة وستين حديثاً ) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . قاله ابن حزم في أسماء الصحابة الرواة وما لكل واحد منهم من العدد ( ص55 ) .

اتفق له البخاري ومسلم على أربعة أحاديث ، وانفرد البخاري بأربعة ومسلم بخمسة . السير للذهبي ( 3 / 162 ) . مرويات خلافة معاوية للدكتور خالد الغيث ( ص 33 ) .

حدث عنه من الصحابة : عبد الله بن عباس وأبو سعيد الخدري وأبو الدرداء وجرير بن عبد الله والنعمان بن بشير ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ووائل بن حجر وعبد الله بن ال***ر .. ومن التابعين : سعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص وعروة بن ال***ر ومحمد بن الحنفية وعيسى بن طلحة وحميد بن عبد الرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وسالم بن عبد الله والقاسم بن محمد وآخرين . انظر معرفة الصحابة لابن نعيم ( 5 / 2497 – 2498 ) .











قديم 2012-08-22, 11:34   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هنا يتم ذكر فضائل خال المؤمنين معاوية وتفنيد الشبة حوله
هنا يتم ذكر فضائل خال المؤمنين معاوية وتفنيد الشبة حوله
أرجو من الاخوة التعاون في جمع الشبه وتفنيدها .
كثيراَ ما نسمع من الرافضة عليهم من الله ما يستحقون
انه لم يصح عن فضائل معاوية شيء
والجواب : قد قال ابن حجر الهيتمي عن ذلك فقال " الذي اطبق عليه أئمتنا الأصوليون والحفاظ أن الحديث الضعيف حجة في المناقب "
فأما ذكرهم من ان البخاري لم يذكر شيء من مناقبة
فيكفي من ذلك ان البخاري روى عنه رضي الله عنه والبخاري لا يروي الا عن ثقة
وقد كان البخاري يترضى عليه كلما ذكر اسمه ثم قد ثبت عند البخاري صحبته وفقهه كما نص عليه ابن عباس عنده .
وأيضاً فقد ثبت دعاء النبي لمعاوية عند غير البخاري وفيه " اللهم اجعله هادياً مهدياً واهده واهدي به " وقد اخرجه البخاري في التاريخ 4\1\327 وابن عساكر في تاريخة 2\133\1 ورجاله كلهم ثقات رجال مسلم
وحكم عليه الألباني بالصحة وذكر تحسين الترمذي له في "سننه 3842" وذكر له خمس طرق صحيحة وقال " وبالجملة فالحديث صحيح وهذه الطرق تزيده قوة " السلسلة الصحيحة 4\9691 مستدركا بذلك على تضعيف الحافظ له .
واعتبر ابن حجر الهيتمي هذا الحديث من غرر فضل معاوية واظهرها ثم قال " ومن جمع الله له بين هاتين المرتبتين كيف يتخيل فيه ما تقوله المبطلون ووصمه به المعاندون " تطهير اللسان 14
وتحت عنوان معاوية بن أبي سفيان وخلافته رضوان الله عليه أحتج الخلال بحديث " يكون بعدي اثنا عشر اميراص أو قال خليفة "رواه البخاري
وقد احتج ابن حجر الهيتمي بهذا الحديث وبالحديث الذي اثنى فيه النبي على الحسن لتنازله عن الخلافة الى معاوية حاقنا بذلك دماء المسلمين حيث قال " إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المؤمنين
قال ابن حجر " وبعد نزول الحسن لمعاوية اجتمع الناس عليه وسمي ذلك العام عام الجماعة ثم لم ينازعه احد من انه الخليفة الحق يومئذ " تطهير الجنان للهيتمي 19 و21 و49
وقال الخلال " اخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال : قلت لاحمد بن حنبل اليس قال النبي " كل صهر ونسب ينقطع الا صهري ونسبي " قال بلى قلت وهذه لمعاوية قال نعم له صهر ونسب قال وسمعت ابن حنبل يقول ما لهم ولمعاوية نسأل الله العافية " السنة للخلال 432\2 رقم 654 واسناد الحديث حسن .
وقدعد ابن حجر الهيتمي ذلك من ابرز فضائله فقال ومنه فوزه بمصاهرته صلى الله عليه وسلم فإن ام حبيبه ام المؤمنين رضي الله عنها أخته فلعلك تنكف أو تكف غيرك عن الخوض في عرض أحد ممن اصطفاهم الله لمصاهرة رسوله " تطهير الجنان ص17 _18
قال " وحاشا معاوية صاحب رسول الله وصهرة وكاتبه وأمين وحيه ...... أن يكون جاهلا او مغروراً " تطهير الجنان 51 .
قال الشيخ الدمشقية : وأمين ولاية الشام طيلة عهد الخلفاء الراشدين
.......................................
معاوية خال المؤمنين :
قال الخلال " أخبرني أحمد بن هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال : وجهنا رقعة الى أبي عبد الله :ما تقول رحمك الله فيمن قال : لا اقول إن معاوية كاتب الوحي ولا اقول انه خال المؤمنين فإنه اخذها بسيف عصباً قال احمد بن حنبل : هذا قول سوء رديء يجانبون هؤلاء القوم ولا يجالسون ونبين أمرهم لناس "السنة للخلال 2\434رقم 659
...............................................
تفضيل السلف معاوية على عمر بن عبد العزيز
وقال " أخبرنا أبو بكر المروذي قال قلت لأبي عبد الله : أيهما أفضل معاوية ام عمر بن عبد العزيز فقال معاوية أفضل لسنا نقيس بأصحاب رسول الله أحداً قال النبي " خير الناس قرني الذين بعثت فيهم " السنة للخلال 434 رقم 660 والحديث في البخاري
وفي رواية " من رأى رسول الله أي من رأه فهو افضل " السنة للخلال 434 رقم 661
وفي رواية ذكرها ابن حجر الهيتمي " لا يقاس بأصحاب النبي احد . معاوية صاحبه وصهره وكاتبه وأمينه على وحي الله " تطهير الجنان 12
وفي رواية أخرى " كان معاوية أفضل من ستمائة مثل عمر بن عبد العزيز " السنة للخلال 435\2 رقم 664
بل قد نهى أحمد بن حنبل عن مؤاكلة منتقص معاوية . فعن أبي بكر " حبيش " بن سندي قال : سمعت أبا عبد الله وسأله رجل : لي خال ينتقص معاوية وربما أكلت معه فقال أبو عبد الله مبادراً لا تأكل معه رواه الخلال في السنة 448\2 .
بل نهى احمد عن التسليم على الرافضي أو الصلاة عليه اذا كان داعية لمذهبه . السنة للخلال 494\2 رقم 785
واخرج ابن عساكر في فتح الباري 13\86 في ترجمة معاوية من طريق ابن مندة ثم من طريق ابي القاسم ابن اخي ابي زرعة الرازي قال " جاء رجل الى عمي فقال اني ابغض معاوية . قال لماذا ؟ قال لانه قاتل عليا بغير حق . قال ابو زرعة الرازي " رب معاوية رب رحيم . وخصم معاوية خصم كريم فما دخولك بينهما "
وقد قال الجويني " معاوية _وان قاتل عليا فانه لاينكر امامته ولا يدعيها لنفسه وانما كان يطالب قتلة عثمان ظنا انه مصيب وكان مخطئا وعلي رضي الله عنهم وعنه متمسك بالحق " لمع الادلة ص115
....................................
شبهة حول خال المؤمنين وتفنيدها
كثير ما حتج الروافض بهذه الرواية
"أن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال لعبد الله بن عمرو بن العاص " إن ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل اموالنا بيننا بالباطل ونقتل انفسنا فسكت عبد الله بن عمرو ساعة ثم قال أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله " صحيح مسلم
فلقد فصل النووي هذه الشبهة وقد أحكم رحمه الله الجواب
فقال " المقصود بهذا الكلام أن هذا القائل لما سمع كلام عبد الله بن عمرو بن العاص وذكر الحديث في تحريم منازعة الخليفة الأول وأن الثاني يقتل فاعتقد هذا القائل أن الوصف (صار لا زماً ) في معاوية لمنازعته علياً رضي الله عنه وكانت قد سبقت بيعة علي فرأى هذا أن نفقة معاوية على أجناده وأتباعه في الحرب على منازعته ومقاتلته إياه من أكل المال بالباطل ومن قتل النفس لأنه قتال بغير حق فلا يستحق أحد مالاً في مقاتلته " شرح النووي على مسلم 476\1
2










قديم 2012-08-22, 11:36   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شبهة حول خال المؤمنين وتفنيدها
حدثنا ‏ ‏مسدد ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏عبد العزيز بن مختار ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏خالد الحذاء ‏ ‏عن ‏ ‏عكرمة ‏ ‏قال لي ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏ولابنه ‏ ‏علي ‏ ‏انطلقا إلى ‏ ‏أبي سعيد ‏ ‏فاسمعا من حديثه فانطلقنا فإذا هو في حائط يصلحه فأخذ رداءه ‏ ‏فاحتبى ‏ ‏ثم أنشأ يحدثنا حتى أتى ذكر بناء المسجد فقال كنا نحمل لبنة لبنة ‏ ‏وعمار ‏ ‏لبنتين لبنتين فرآه النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فينفض التراب عنه ويقول ‏ ‏ويح ‏ ‏عمار ‏ ‏تقتله الفئة ‏ ‏الباغية ‏ ‏يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار قال يقول ‏ ‏عمار ‏ ‏أعوذ بالله من الفتن

تفنيد الشبهة
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى { وإنْ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما بالعدل فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسِطوا إن الله يحب المقسطين، إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون } ( الحجرات 9 10)
فلقد وصفالله الطائفة الباغية بالمؤمنين والأخوه أيضاً
وهذا مايوافقة من كلام على بن أبي طالب في أحد اصح كتبكم
( وكان بدء أمرنا أنا التقينا والقوم من أهل الشام ، والظاهر أن ربنا واحد ، ودعوتنا في الإسلام واحدة ، ولا نستزيدهم في الإيمان بالله ، والتصديق برسوله ولا يستزيدوننا ، والأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء)
نهج البلاغة 543 .
فقد وصفهم علي بانهم متساويان في الإيمان وهذه في الخطبة الشقشقية

ونلاحظ في الحديث في دعوته إلى النار وانواع البغي
البغي يكون نوعين ، نوع عن عمد ، ونوع عن تأويل ، والبغي الذي حصل من فئة معاوية كان عن تأويل ، بمعنى أنهم يظنون أنهم على الحق ، ولكن هذا لايخرجه عن وصف البغي في الظاهر ، وليس في الحديث دليل على أن معاوية رضي الله عنه هو الذي يدعوه إلى النار ، وإنما يدل على ان البغي في الحقيقة دعوة إلى النار ، وإن كان فاعله قد لايشعر بذلك ، كما أنك عندما تقول لمن يقول بجواز القتال في عصبية ، لمن ينصر عصبة ، إنه يدعو إلى النار بهذه الفتوى ، ولكن هو قد يكون متاولا يظن أنه على صواب وحق ، ولهذا لم يقل علماء أهل السنة أن الصحابة معصومون ، ولم يقع منهم الخطأ قط ، بل قالوا جائز ان يكون الخطأوالذنب قد وقع بتأويل، وبغير تأويل فهم بشر ، غير أن حسناتهم الراجحة وجهادهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم وفضل الصحبة تجعل فضلهم علىالامة سابقا ، لايقاربهم فيه أحد ، حتى ورد في الحديث أن مثل حبل أحد ذهبا من غيرهم ينفقه ، لايبلغ مد أحدهم ولا نصيفه ، ولايطعن فيهم إلا جاهل أو منافق أو مريض القلب










قديم 2012-08-22, 11:37   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شبهة قولهم ان معاوية سم الحسن






قال الحسن بن علي رضي الله عنه واصفاً شيعته الخبثاء بعد أن طعنوه (( أرى والله أن معاوية خير لي من هؤلاء يزعمون أنهم لي شيعة ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي وأخذوا مالي، والله لئن آخذ من معاوية عهداً أحقن به دمي واومن به في أهلي، خير من أن يقتلوني فتضيع أهل بيتي وأهلي))!؟
الإحتجاج للطبرسي جـ2 ص (290).

فلو قلنا أن معاوية هو الذي سم الحسن فبذلك تصقط العصمة عنه
فأين علمه بالغيب فقد قال انه سوف يحقن دمه إذا سالمه ؟
1- انه لم يثبت ولا دليل واحد صحيح على ذلك 2 ـ كـان الناس فـي تلك المرحـلة في حـالة فتنة تتصارعهم الأهواء وكل فرقـة تنسب للأخـرى مـا يذمها وإذا نقل لنا ذلك فيجب ألا نقبله إلا إذا نقل بعدل ثقة ضابط. 3ـ لقـد نقل أن الذي سمّ الحسن غير معـاوية فقيل هي زوجته وقيل أن أباها الأشعث بن قيس هـو الذي أمرها بذلك وقيـل معاوية وقيل ابنه يزيد وهذا التضارب بالذي سمّ الحسن يضعف هذه النقول لأنه يعزوها النقل الثابت بذلك، والرافضي الخبيث لم يعجبه من هؤلاء إلا الصحابي معاوية مع أنه أبعد هؤلاء عن هذه التهمة. 4ـ هذه الشبهة تستسيغها العقول في حالة رفض الحسن الصلح مع معاوية ومقاتلته على الخلافة ولكن الحق أنّ الحسن صالح معاوية وسلّم له بالخلافة وبايعه، فعلى أي شيء يسمّ معاوية الحسن؟! ولهذه الأسباب أقول هذه شبهة خاوية على عروشها 5- شهادة الحسن بن علي رضي الله عنه ضد الشيعة :










قديم 2012-08-22, 11:38   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

فضائل معاوية رضي الله عنه خصوصاً من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام ..

قلت : فضائل معاوية رضي الله عنه كثيرة ثابتة عموماً و خصوصاً ، فبالإضافة إلى ما تم ذكره من الفضائل العامة ، أورد شيئاً من فضائله الخاصة ..

روى الترمذي في فضائل معاوية أنه لما تولى أمر الناس كانت نفوسهم لا تزال مشتعلة عليه ، فقالوا كيف يتولى معاوية و في الناس من هو خير مثل الحسن و الحسين . قال عمير و هو أحد الصحابة : لا تذكروه إلا بخير فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم اجعله هادياً مهدياً و اهد به . رواه الإمام أحمد في المسند (4/216) و صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (3/236) وقال في الصحيحة ( 4 / 615 ) بعد أن ذكر طرقه : رجاله كلهم ثقات رجال مسلم ، فكان حقه أن يصحح .. وقال : وبالجملة فالحديث صحيح وهذه الطرق تزيده قوة على قوة ، و زاد الإمام الآجري في كتابه الشريعة (5/2436-2437) لفظة : ( ولا تعذبه ) .

وقد اعتبر ابن حجر الهيتمي هذا الحديث من غرر فضل معاوية وأظهرها ، ثم قال : ومن جمع الله له بين هاتين المرتبتين كيف يتخيل فيه ما تقوّله المبطلون ووصمه به المعاندون . تطهير اللسان ( ص 14 ) .

و أخرج الإمام أحمد ، عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعونا إلى السحور في شهر رمضان ، قال : ( هلموا إلى الغداء المبارك ) ، ثم سمعته يقول : ( اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب ) . فضائل الصحابة (2/913) إسناده حسن لغيره .

وروى مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس قال : كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواريت خلف باب ، فجاء فحطأني حطأة وقال : اذهب وادع لي معاوية ، قال : فجئت فقلت هو يأكل ، قال : ثم قال لي : اذهب فادع لي معاوية ، قال : فجئت فقلت : هو يأكل ، فقال : لا اشبع الله بطنه .

قال الحافظ الذهبي في التذكرة (2/699) : لعل هذه منقبة لمعاوية لقول النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم من لعنته أو شتمته فاجعل ذلك له زكاة و رحمة .

وقال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم (16/156) : قد فهم مسلم رحمه الله من هذا الحديث أن معاوية لم يكن مستحقاً للدعاء عليه ، فلهذا أدخله في هذا الباب ، وجعله من مناقب معاوية لأنه في الحقيقة يصير دعاءً له .

قلت : وهذا الحديث أخرجه مسلم تحت الأحاديث التي تندرج تحت باب من لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه ، وليس هو أهلاً لذلك كان له زكاة وأجراً و رحمة .

وقد كان لمعاوية رضي الله عنه شرف قيادة أول حملة بحرية ، وهي التي شبهها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملوك على الأسرة ..

أخرج البخاري رحمه الله في صحيحه من طريق أنس بن مالك عن خالته أم حرام بنت ملحان قالت : نام النبي صلى الله عليه وسلم يوماً قريباً مني ، ثم استيقظ يبتسم ، فقلت : ما اضحكك ؟ قال : ( أناس من أمتي عرضوا عليّ يركبون هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة ) ، قالت : فادع الله أن يجعلني منهم ، فدعا لها ، ثم نام الثانية ، ففعل مثلها ، فقالت قولها ، فأجابها مثلها ، فقالت : ادع الله أن يجعلني منهم ، فقال : ( أنت من الأولين ) ، فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازياً أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية ، فلما انصرفوا من غزوتهم قافلين ، فنزلوا الشام ، فَقُرِّبت إليها دابة لتركبها ، فصرعتها فماتت . البخاري مع الفتح ( 6 / 22 ) .

قال ابن حجر معلقاً على رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم : قوله : ( ناس من أمتي عرضوا علي غزاة .. ) يشعر بأن ضحكه كان إعجاباً بهم ، وفرحاً لما رأى لهم من المنزلة الرفيعة .

وأخرج البخاري أيضاً من طريق أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا ) ، قالت أم حرام : قلت : يا رسول الله أنا فيهم ؟ قال : ( أنت فيهم ) . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أول جيش من أمتي يغزن مدينة قيصر – أي القسطنطينية – مغفور لهم ) ، فقلت : أنا فيهم يارسول الله ؟ قال : ( لا ) . البخاري مع الفتح ( 6 / 22 ) . ومسلم ( 13 / 57 ) .

ومعنى أوجبوا : أي فعلوا فعلاً وجبت لهم به الجنة . قاله ابن حجر في الفتح ( 6 / 121 ) .

قال المهلب بن أحمد بن أبي صفرة الأسدي الأندلسي ( ت 435هـ ) معلقاً على هذا الحديث : في هذا الحديث منقبة لمعاوية لأنه أول من غزا البحر . انظر الفتح ( 6 / 120 ) .

ومن المتفق عليه بين المؤرخين أن غزو البحر وفتح جزيرة قبرص كان في سنة ( 27هـ ) في إمارة معاوية رضي الله عنه على الشام ، أثناء خلافة عثمان رضي الله عنه . انظر تاريخ الطبري ( 4 / 258 ) و تاريخ الإسلام للذهبي عهد الخلفاء الراشدين ( ص 317 ) .

ومن فضائله : ما قاله الخلال : أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال : قلت لأحمد بن حنبل : أليس قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( كل صهر ونسب ينقطع إلا صهري ونسبي ) ؟ قال : بلى ، قلت : وهذه لمعاوية ؟ قال : نعم ، له صهر ونسب ، قال : وسمعت ابن حنبل يقول : مالهم ولمعاوية ، نسأل الله العافية . السنة للخلال برقم ( 654 ) وإسناد الحديث حسن .

وقد عد ابن حجر الهيتمي ذلك من أبرز فضائله فقال في تطهير الجنان ( ص 17 – 18 ) : ومنه فوزه بمصاهرته صلى الله عليه وسلم ، فإن أم حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها أخته .. فلعلك تنكف أو تكف غيرك عن الخوض في عرض أحد ممن اصطفاهم الله لمصاهرة رسوله .

كما وأن اتفاق كل من عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما وهما من هما في الفضل والصحبة ولهما المكان الأعلى والأمثل من الورع والدين والتقى وسداد الرأي وحسن الفكر وتمام النظر ، على تأمير معاوية رضي الله عنه على الشام ، لهو أكبر دليل على فضل معاوية و استحقاقه لهذه المنزلة .. فأي فضل بعد هذا ؟‍‍!!

وأما عن ثناء الصحابة رضوان الله عليهم على معاوية رضي الله عنه ..

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا تذكروا معاوية إلا بخير . البداية والنهاية لابن كثير (8/125 ) .

و ذكر الطبري في تاريخه ( 5 / 331 ) والبلاذري في أنساب الأشراف ( 4 / 147 ) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام ، فرأى معاوية في موكب يتلقاه ، فقال له عمر : يا معاوية ، تروح في موكب وتغدو في مثله ؛ وبلغني أنك تصبح في منزلك وذوو الحاجات ببابك ! قال : يا أمير المؤمنين ، إن العدو بها قريب منا ، ولهم عيون وجواسيس ، فاردت يا أمير المؤمنين أن يروا للإسلام عزاً ؛ فقال له عمر : إن هذا لكيد رجل لبيب ، أو خدعة رجل أريب ، فقال معاوية : يا أمير المؤمنين ، مرني بما شئت أصر إليه ؛ قال : ويحك ! ما ناظرتك في أمر أعيب عليك فيه إلا تركتني ما أدري آمرك أم أنهاك ! .

وعن علي رضي الله عنه أنه قال بعد رجوعه من صفين : أيها الناس لا تكرهوا إمارة معاوية ، فإنكم لو فقدتموها ، رأيتم الرؤوس تندر عن كواهلها كأنها الحنظل . ابن كثير في البداية ( 8 / 134 ) .

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال : ما رأيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسود - من السيادة – من معاوية ، فقيل : ولا أبوك ؟ قال : أبي عمر رحمه الله خير من معاوية ، وكان معاوية أسود منه . الخلال في السنة ( 1 / 443 ) والذهبي في السير ( 3 / 152 ) وابن كثير في البداية (8/ 137 ) .

قال ابن عباس رضي الله عنهما : ما رأيت رجلاً كان أخلق للملك من معاوية ، كان الناس يردون منه على أرجاء واد رحب ، و لم يكن بالضيق الحصر العصعص المتغضب . رواه عبد الرزاق في المصنف (برقم 20985) بسند صحيح . وابن كثير في البداية ( 8 / 137 ) .

وفي صحيح البخاري برقم ( 3765 ) أنه قيل لابن عباس : هل لك في أمير معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة ، قال : إنه فقيه .

وعن عبد الله بن ال***ر رضي الله عنه أنه قال : لله در ابن هند – يعني معاوية رضي الله عنه – إنا كنا لَنَفْرَقه – من الفَرَق : وهو الخوف والفزع – وما الليث على براثنه بأجرأ منه ، فيتفارق لنا ، وإن كنا لنخادعه وما ابن ليلة من أهل الأرض بأدهى منه ، فيتخادع لنا ، والله لوددت أنا مُتعنا به مادام في هذا الجبل حَجَر ، وأشار إلى أبي قبيس . أورده ابن كثير في البداية ( 8 / 138 ) .

إلى غيرها من الفضائل ..

وأما ما يتشدق به البعض من نقلهم عن اسحاق بن راهوية أنه قال : ( لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل معاوية شيء ) .

قلت : لهم الويل .. وبفيهم الحجر .. فهذا القول عن ابن راهوية باطل ولم يثبت عنه ..

فقد أخرج الحاكم كما في السير للذهبي (3/132) والفوائد المجموعة للشوكاني ( ص 407) عن الأصم – أبي العباس محمد بن يعقوب الأصم – حدثنا أبي ، سمعت ابن راهوية فذكره . و في الفوائد : سقطت ( حدثنا أبي ) ، و هي ثابتة فالأصم لم يسمع من ابن راهوية .

قلت : يعقوب بن يوسف بن معقل أبو الفضل النيسابوري – والد الأصم – مجهول الحال ، فقد ترجمة الخطيب في تاريخه (14/286) فما زاد على قوله : قدم بغداد وحدث بها عن إسحاق بن راهوية ، روى عنه محمد بن مخلد .

ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً ، وله ذكر في ترجمة ابنه من السير (15/453) ولم يذكر فيه الذهبي أيضاً جرحاً ولا تعديلاً ، وذكر في الرواة عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم ، ولم أجده في الجرح والتعديل ، ولا في الثقات لابن حبان . و بهذا فإن هذا القول ضعيف لم يثبت عن إسحاق بن راهوية رحمه الله . بتصرف من كتاب : لا دفاعاً عن الألباني لعمرو عبد المنعم ( ص 181 – 182 ) .

وأما الشبهة الثانية وهي قول الإمام البخاري : بأنه لم يجد في فضائل معاوية شيء ، فقد أجاب عنها ابن حجر رحمه الله بقوله : إن كان المراد أنه لم يصح منها شيء وفق شرطه – أي شرط البخاري - فأكثر الصحابة كذلك . انظر : تطهير الجنان عن التفوه بثلب سيدنا معاوية بن أبي سفيان ( ص 11 – 12 ) .

وعلى كل حال فقد كان البخاري رحمه الله يترضى عن معاوية كلما ذكر اسمه ، ثم إنه قد ثبت عند البخاري صحبة معاوية رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه وسلم ، وثبت فقهه أيضاً كما نص عليه ابن عباس ، وقد تقدم الحديث .. وكفى بهذا الثناء من حبر الأمة من فضيلة ومنقبة ..

كما وأن البخاري رحمه الله أخرج الحديث الذي دعا فيه النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية بأن يجعله هادياً مهدياً ويهدي به في كتابه التاريخ الكبير كما حكى ذلك شيخنا الألباني رحمه الله انظر : السلسلة الصحيحة ( 4 /
9691 ) .










قديم 2012-08-22, 11:39   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


فضائل معاوية رضي الله عنه خصوصاً من أقوال أهل العلم من السلف الصالح و الأئمة الأعلام .. مع الرد على شبهة طعن الحسن البصري رحمه الله في معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ..



سئل عبد الله بن المبارك ، أيهما أفضل : معاوية بن أبي سفيان ، أم عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : و الله إن الغبار الذي دخل في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمر بألف مرة ، صلى معاوية خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : سمع الله لمن حمده ، فقال معاوية : ربنا ولك الحمد . فما بعد هذا ؟ . وفيات الأعيان ، لابن خلكان (3 /33) ، و بلفظ قريب منه عند الآجري في كتابه الشريعة (5/2466) .

و أخرج الآجري بسنده إلى الجراح الموصلي قال : سمعت رجلاً يسأل المعافى بن عمران فقال : يا أبا مسعود ؛ أين عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان ؟! فرأيته غضب غضباً شديداً و قال : لا يقاس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحد ، معاوية رضي الله عنه كاتبه و صاحبه و صهره و أمينه على وحيه عز وجل . كتاب الشريعة للآجري ( 5/2466-2467) شرح السنة لللالكائي ، برقم (2785) . بسند صحيح .

وسئل المعافى بن عمران ، معاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : كان معاوية أفضل من ستمائة مثل عمر بن عبد العزيز . السنة للخلال ( 2/ 435 ) .

و كذلك أخرج الآجري بسنده إلى أبو أسامة ، قيل له : أيهما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز ؟
فقال : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقاس بهم أحد . كتاب الشريعة (5/2465-2466) بسند صحيح ، و كذلك أخرج نحوه الخلال في السنة ، برقم (666) .

وروى الخلال في السنة بسند صحيح ( 660 ) أخبرنا أبو بكر المروذي قال : قلت لأبي عبد الله أيهما أفضل : معاوية أو عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : معاوية أفضل ، لسنا نقيس بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : خير الناس قرني الذي بعثت فيهم .

وعن الأعمش أنه ذكر عنده عمر بن عبد العزيز وعدله ، فقال : فكيف لوأدركتم معاوية ؟ قالوا : يا أبا محمد يعني في حلمه ؟ قال : لا والله بل في عدله . السنة للخلال ( 1 / 437 ) .

وعن قتادة قال : لوأصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم هذا المهدي . السنة للخلال ( 1/438 ) .

وعن مجاهد أنه قال : لو رأيتم معاوية لقلتم هذا المهدي . المصدر نفسه ، وأورده ابن كثير في البداية ( 8 / 137 ) .

وعن الزهري قال : عمل معاوية بسيرة عمر بن الخطاب سنين لا يخرم منها شيئاً . السنة للخلال ( 1 /444 ) وقال المحقق إسناده صحيح .

وقد أثنى عليه قبيصة بن جابر الأسدي بقوله : ألا أخبركم من صحبت ؟ صحبت عمر بن الخطاب فما رأيت رجلاً أفقه فقهاً ولا أحسن مدارسة منه ، ثم صحبت طلحة بن عبيد الله ، فما رأيت رجلاً أعطى للجزيل من غير مسألة منه ؛ ثم صحبت معاوية فما رأيت رجلاً أحب رفيقاً ، ولا أشبه سريرة بعلانية منه .. انظر تاريخ الطبري ( 5/ 337 ) وأورد هذا الخبر البخاري في التاريخ الكير ( 7 / 175 ) .

وقال أيضاً : ما رأيت أحداً أعظم حلماً ولا أكثر سؤدداً ولا أبعد أناة ولا ألين مخرجاً ولا أرحب باعاً بالمعروف من معاوية . البداية والنهاية ( 8 / 138 ) .
وإن الجمع الذي بايع معاوية رضي الله عنه بالخلافة خير من الجمع الذي بايع عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، فقد بايع لمعاوية جم غفير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفي ذلك يقول ابن حزم رحمه الله كما في الفصل ( 5 / 6 ) : فبويع الحسن ، ثم سلم الأمر إلى معاوية ، وفي بقايا الصحابة من هو أفضل منهما بخلاف ممن أنفق قبل الفتح وقاتل ، فكلهم أولهم عن آخرهم بايع معاوية ورأى إمامته .

و قد قال عبد الله بن المبارك رحمه الله : معاوية عندنا محنة ، فمن رأيناه ينظر إليه شزراً اتهمناه على القوم ، يعني الصحابة . انظر البداية والنهاية لابن كثير (8/139) .

و سئل الإمام أحمد : ما تقول رحمك الله فيمن قال : لا أقول إن معاوية كاتب الوحي ، ولا أقول إنه خال المؤمنين فإنه أخذها بالسيف غصباً ؟ قال أبو عبد الله : هذا قول سوء رديء ، يجانبون هؤلاء القوم ، ولا يجالسون ، و نبين أمرهم للناس . انظر : السنة للخلال (2/434) بسند صحيح .

وقد سئل رجل الإمام أحمد عن خال له ينتقص معاوية رضي الله عنه ، وأنه – أي الرجل – ربما أكل مع خاله ، فقال له الإمام أحمد مبادراً : لا تأكل معه . السنة للخلال ( 2/ 448 ) .

وقال الربيع بن نافع الحلبي ( ت 241هـ ) رحمه الله : معاوية ستر لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه . البداية والنهاية (8/139) .

يقول ابن قدامة المقدسي : ومعاوية خال المؤمنين ، وكاتب وحي الله ، وأحد خلفاء المسلمين رضي الله تعالى عنهم . لمعة الاعتقاد ( ص 33 ) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : واتفق العلماء على أن معاوية أفضل ملوك هذه الأمة ، فإن الأربعة قبله كانوا خلفاء نبوة ، وهو أول الملوك ، كان ملكه ملكاً ورحمة . مجموع الفتاوى ( 4 / 478 ) .

وقال أيضاً : .. فإن معاوية ثبت بالتواتر أنه أمّره النبي صلى الله عليه وسلم كما أمّر غيره ، وجاهد معه ، وكان أميناً عنده يكتب له الوحي ، وما اتهمه النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة الوحي .. وولاه عمر بن الخطاب الذي كان من أخبر الناس بالرجال ، وقد ضرب الله الحق على لسانه وقلبه ، ولم يتهمه في ولايته . الفتاوى ( 4 / 472 ) .

وقال : فلم يكن من ملوك المسلمين خير من معاوية ، ولا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيراً منهم في زمان معاوية . منهاج السنة ( 6 / 232 ) .

وقال ابن كثير في ترجمة معاوية رضي الله عنه : وأجمعت الرعايا على بيعته في سنة إحدى وأربعين .. فلم يزل مستقلاً بالأمر في هذه المدة إلى هذه السنة التي كانت فيها وفاته ، والجهاد في بلاد العدو قائم وكلمة الله عالية ، والغنائم ترد إليه من أطراف الأرض ، والمسلمون معه في راحة وعدل وصفح وعفو . البداية والنهاية ( 8 / 119 ) .

وقال : كان حليماً وقوراً رئيساً سيداً في الناس ، كريماً عادلاً شهماً . البداية ( 8 / 118 ) .

وقال أيضاً : كان جيد السيرة حسن التجاوز جميل العفو كثير الستر رحمه الله تعالى . المصدر السابق ( 8 / 126 ) .

وقال ابن أبي العز الحنفي : وأول ملوك المسلمين معاوية وهو خير ملوك المسلمين . شرح العقيدة الطحاوية ( ص 722 ) .

وقال الذهبي في ترجمته : أمير المؤمنين ملك الإسلام . السير ( 3 / 120 ) .

وقال : ومعاوية من خيار الملوك الذين غلب عدلهم على ظلمهم . المصدر نفسه ( 3 / 159 ) .


قال محب الدين الخطيب رحمه الله : سألني مرة أحد شباب المسلمين ممن يحسن الظن برأيي في الرجال ما تقول في معاوية ؟ فقلت له : و من أنا حتى أسأل عن عظيم من عظماء هذه الأمة ، و صاحب من خيرة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، إنه مصباح من مصابيح الإسلام ، لكن هذا المصباح سطع إلى جانب أربع شموس ملأت الدنيا بأنوارها فغلبت أنوارها على نوره . حاشية محب الدين الخطيب على كتاب العواصم من القواصم ( ص95) .

إلى غيرها من الأقوال والآراء في هذا الصحابي الجليل ..

وأما عن الشبهة التي يرددها البعض من أن الحسن البصري رحمه الله قد طعن في معاوية رضي الله عنه ، فالجواب عنها كالتالي .. لكن وقبل ذلك أورد نص الرواية ..

ذكر الطبري في تاريخه ( 3/ 232 ) ضمن حوادث سنة ( 51هـ ) و ابن الأثير في الكامل ( 3/ 487 ) نقلاً عن الحسن البصري أنه قال : أربع خصال كن في معاوية لو لم تكن فيه إلا واحد لكانت موبقة له :

( 1 ) أخذه الأمر من غير مشورة وفيهم بقايا الصحابة ونور الفضيلة .

( 2 ) استخلافه بعد ابنه سكيراً خميراً يلبس الحرير ويضرب الطنابير .

( 3 ) ادعاؤه زياداً وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش وللعاهر الحجر .

( 4 ) قتله حِجْراً وأصحاب حِجْر ، فيا ويلاً له من حِجْر ويا ويلاً له من حِجْر وأصحاب حِجْر .

وأما الجواب عن هذه الشبهة فهو كالتالي :-

أولاً : من ناحية السند :-

هذه الرواية مدارها على أبي مخنف ، وأبو مخنف هذا هو لوط بن يحيى الأزدي الكوفي ، قال عنه الذهبي كما في الميزان ( 3 / 419 ) وابن حجر كما في اللسان ( 4 / 492 ) : أخباري تالف لا يوثق به . كما تركه أبو حاتم وغيره ، وقال عنه الدارقطني : ضعيف ، وقال ابن معين : ليس بثقة ، وقال مرة ليس بشيء ، وقال ابن عدي شيعي محترق . ميزان الاعتدال ( 3 / 419 ) ، وعده العقيلي من الضعفاء . انظر الضعفاء للعقيلي ( 4 / 18 – 19 ) . و للمزيد من حال هذا الرجل راجع رسالة مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري للدكتور يحيى بن إبراهيم اليحيى ( ص 43 – 45 ) ففيها مزيد بيان وتفصيل عن حال هذا الرجل .

وعلى ذلك فالخبر ساقط ولا حجة فيه بسبب ضعف سنده ، هذا بالنسبة لرواية الطبري . أما رواية ابن الأثير فقد أوردها ابن الأثير بغير إسناد . إذ كيف نسلم بصحة خبر مثل هذا في ذم صحابي لمجرد وروده في كتاب لم يذكر فيه صاحبه إسناد صحيح ، والمعروف أن المغازي والسير والفضائل من الأبواب التي لم تسلم من الأخبار الضعيفة والموضوعة .

ثانياً : أما من ناحية المتن :-

سيأتي مزيد بيان ومزيد تفصيل في رد الشبهات التي أثير حول ما جاء ذكره في هذه الرواية في حلقات خاصة منفصلة والله الموفق ..

و قبل أن أختم ، أورد رأياً طريفاً للمؤرخ العلامة ابن خلدون في اعتبار معاوية من الخلفاء الراشدين فقد قال : إن دولة معاوية و أخباره كان ينبغي أن تلحق بدول الخلفاء الراشدين و أخبارهم ، فهو تاليهم في الفضل والعدالة والصحبة . انظر هذا القول في العواصم من القواصم ( ص213) .
فضائل معاوية رضي الله عنه خصوصاً من أقوال أهل العلم من السلف الصالح و الأئمة الأعلام .. مع الرد على شبهة طعن الحسن البصري رحمه الله في معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ..










قديم 2012-08-22, 11:40   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما أثير في رواية الحسن البصري رحمه الله في حق معاوية رضي الله عنه ، وقد تقدم معنا إثبات بطلان سند الرواية

الشبهة : قال الحسن البصري في ما روي عنه : أن معاوية أخذ الأمر من غير مشورة وفيهم بقايا الصحابة ونور الفضيلة .

الجواب : هذا الادعاء باطل من أساسه .. لأن الحسن بن علي رضي الله عنهما قد تنازل لمعاوية رضي بالخلافة ، وقد بايعه جيمع الناس ولم نعلم أن أحداً من الصحابة امتنع عن مبايعته .. ولست هنا بصدد الحديث عن صلح الحسن مع معاوية أو أسباب ذلك ، وإنما الحديث ينصب في رد الشبهة التي أثيرت حول معاوية من كونه أخذ الأمر من غير مشورة ..

وتفصيل ذلك :-

ذكر ابن سعد في الطبقات في القسم المفقود الذي حققه الدكتور محمد السلمي ( 1 / 316 – 317 ) رواية من طريق ميمون بن مهران قال : إن الحسن بن علي بن أبي طالب بايع أهل العراق بعد علي على بيعتين ، بايعهم على الإمارة ، وبايعهم على أن يدخلوا فيما دخل فيه ، ويرضوا بما رضي به . قال المحقق إسناده حسن .

ورواية أخرى أخرجها ابن سعد أيضاً وهي من طريق خالد بن مُضرّب قال : سمعت الحسن بن علي يقول : والله لا أبايعكم إلا على ما أقول لكم ، قالوا : ماهو ؟ قال : تسالمون من سالمت ، وتحاربون من حاربت . طبقات ابن سعد ( 1 / 286 ، 287 ) . وقال المحقق : إسناده صحيح .

هذا ويستفاد من هاتين الروايتين ابتداء الحسن رضي الله عنه في التمهيد للصلح فور استخلافه ، وذلك تحقيقاً منه لنبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم .

أخرج البخاري في صحيحه ( 5 / 361 ) من طريق أبي بكرة رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى ويقول : ( إن ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ) .

وقد علق ابن حجر الهيتمي على هذا الحديث بقوله : وبعد نزول الحسن لمعاوية اجتمع الناس عليه ، وسمي ذلك العام عام الجماعة ، ثم لم ينازعه أحد من أنه الخليفة الحق يومئذ . انظر : تطهير الجنان ( ص 19 ، 21 – 22 ، 49 ) .

وأخرج الطبراني رواية عن الشعبي قال : شهدت الحسن بن علي رضي الله عنه بالنخيلة حين صالح معاوية رضي الله عنه ، فقال معاوية : إذا كان ذا فقم فتكلم وأخبر الناس أنك قد سلمت هذا الأمر لي ، وربما قال سفيان – وهو سفيان بن عيينة أحد رجال السند - : أخبر الناس بهذا الأمر الذي تركته لي ، فقام فخطب على المنبر فحمد الله وأثنى عليه - قال الشعبي : وأنا أسمع – ثم قال : أما بعد فإن أكيس الكيس – أي الأعقل – التقي ، وإن أحمق الحمق الفجور ، وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية إما كان حقاً لي تركته لمعاوية إرداة صلاح هذه الأمة وحقن دمائهم ، أو يكون حقاً كان لامرئ أحق به مني ففعلت ذلك { وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين }[الأنبياء/111] . المعجم الكبير ( 3 / 26 ) بإسناد حسن . وقد أخرج هذه الرواية كل من ابن سعد في الطبقات ( 1 / 329 ) و الحاكم في المستدرك ( 3 / 175 ) و أبو نعيم في الحلية ( 2 / 37 ) والبيهقي في الدلائل ( 6 / 444 ) وابن عبد البر في الاستيعاب ( 1 / 388 – 389 ) .

و هذا الفعل من الحسن رضي الله عنه – وهو الصلح مع معاوية وحقنه لدماء المسلمين - ، كان كعثمان بن عفان رضي الله عنه في نسخه للقرآن و كموقف أبي بكر في الردة .

وبعد أن تم الصلح بينه و بين الحسن جاء معاوية إلى الكوفة فاستقبله الحسن و الحسين على رؤوس الناس ، فدخل معاوية المسجد و بايعه الحسن رضي الله عنه و أخذ الناس يبايعون معاوية فتمت له البيعة في خمس و عشرين من ربيع الأول من سنة واحد و أربعين من الهجرة ، و سمي ذلك العام بعام الجماعة .

أخرج يعقوب بن سفيان و من طريقه أيضاً البيهقي في الدلائل من طريق الزهري ، فذكر قصة الصلح ،
و فيها : فخطب معاوية ثم قال : قم يا حسن فكلم الناس ، فتشهد ثم قال : أيها الناس إن الله هداكم بأولنا و حقن دماءكم بآخرنا و إن لهذا الأمر مدة و الدنيا دول . المعرفة و التاريخ (3/412) و دلائل النبوة (6/444-445) و ذكر بقية الحديث .

أخرج البخاري عن أبي موسى قال : سمعت الحسن – أي البصري - يقول : استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال ، فقال عمرو بن العاص : إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها . فقال له معاوية - و كان خير الرجلين - : أي عمرو ، إن قتل هؤلاء ، هؤلاء و هؤلاء ، هؤلاء من لي بأمور الناس ؟ من لي بنسائهم ؟ من لي بضيعتهم ؟ فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس - عبد الله بن سمرة و عبد الله بن عامر بن كريز - فقال : اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه و قولا له و اطلبا إليه . فأتياه فدخلا عليه فتكلما و قالا له و طلبا إليه . فقال لهما الحسن بن علي : إنّا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال و إن هذه الأمة قد عاثت في دمائها ، قالا : فإنه يعرض عليك كذا و كذا و يطلب إليك و يسألك ، قال : فمن لي بهذا ؟ قالا : نحن لك به ، فما سألهما شيئاً إلا قالا نحن لك به فصالحه ، فقال الحسن - أي البصري - : و لقد سمعت أبا بكرة يقول : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر - و الحسن بن علي إلى جنبه و هو يقبل على الناس مرة و عليه أخرى و يقول - : إن ابني هذا سيد و لعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين . صحيح البخاري مع الفتح (5/361) و الطبري (5/158) .

و في هذه القصة فوائد كثيرة أفادها الحافظ في الفتح منها :-

1- عَلَمٌ من أعلام النبوة .

2- فيها منقبة للحسن بن علي رضي الله عنهما ، فإنه ترك الملك لا لقلة و لا لذلة و لا لعلة ، بل لرغبته فيما عند الله ، و لما رآه من حقن دماء المسلمين ، فراعى أمر الدين و مصلحة الأمة .

3- فيها ردّ على الخوارج الذين كانوا يكفرون علياً و من معه و معاوية و من معه ، بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم للطائفتين بأنهم من المسلمين .

4- فيها دلالة على فضيلة الإصلاح بين الناس ، ولا سيما في حقن دماء المسلمين .

5- فيها دلاله على رأفة معاوية بالرعية و شفقته على المسلمين ، و قوة نظره في تدبير الملك و نظره في العواقب .

6- فيها جواز خلع الخليفة نفسه إذا رأى في ذلك صلاحاً للمسلمين .

7- و فيه جواز ولاية المفضول مع وجود الأفضل ، لأن الحسن و معاوية ولي كل منهما الخلافة و سعد بن أبي وقاص (ت 55هـ) و سعيد بن زيد (ت51هـ) في الحياة و هما بدريان . فتح الباري (13/71-72) .

و بهذا التنازل ، انتهت مرحلة من الصراع و عادة الأمة إلى الجماعة بعد أن مرت بتجارب جديدة قاسية تركت آثارها عميقة في المخيلة لأجيالها المتلاحقة حتى الوقت الحاضر .

للمزيد حول تفاصيل الصلح و خطوات ذلك ، راجع كتاب : مرويات خلافة معاوية في تاريخ الطبري للدكتور خالد الغيث ( ص 126 – 167 ) ، و كتاب : مواقف المعارضة في خلافة يزيد بن معاوية للدكتور محمد بن عبد الهادي الشيباني ( ص 110 – 120 ) فقد أجاد كل منهما في طرح الموضوع ومناقشته ..











قديم 2012-08-22, 11:42   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المطعن الثاني الوارد في رواية الحسن البصري السابقة وهي : استخلافه بعد ابنه سكيراً خميراً يلبس الحرير ويضرب الطنابير .


الجواب : لنقف قليلاً قبل الدخول في موضوع ولاية العهد ليزيد ، على بعض من سيرة يزيد بن معاوية رحمه الله قبل أن يرشحه والده لولاية العهد ، و ما هي الحال التي كان عليها قبل توليه الخلافة ، و مدى صدق الروايات التي جاءت تذم يزيد و تصفه بأوصاف مشينة .

عمل معاوية رضي الله عنه جهده من البداية في سبيل إعداد ولده يزيد ، و تنشئته التنشئة الصحيحة ، ليشب عليها عندما يكبر ، فسمح لمطلقته ميسون بنت بحدل ال***ية ، و كانت من الأعراب ، و كانت من نسب حسيب ، و منها رزق بابنه يزيد - انظر ترجمتها في : تاريخ دمشق لابن عساكر - تراجم النساء - (ص397 - 401) – من أن تتولى تربيته في فترة طفولته ، وكان رحمه الله وحيد أبيه ، فأحب معاوية رضي الله عنه أن يشب يزيد على حياة الشدة و الفصاحة فألحقه بأهل أمه ليتربى على فنون الفروسية ، و يتحلى بشمائل النخوة و الشهامة والكرم و المروءة ، إذ كان البدو أشد تعلقاً بهذه التقاليد .

كما أجبر معاوية ولده يزيد على الإقامة في البادية ، و ذلك لكي يكتسب قدراً من الفصاحة في اللغة ، كما هو حال العرب في ذلك الوقت .

و عندما رجع يزيد من البادية ، نشأ و تربى تحت إشراف والده ، و نحن نعلم أن معاوية رضي الله عنه كان من رواة الحديث - تهذيب التهذيب لابن حجر (10/207) - ، فروى يزيد بعد ذلك عن والده هذه الأحاديث و بعض أخبار أهل العلم . مثل حديث : من يرد الله به خيراً يفقه في الدين ، و حديث آخر في الوضوء ، و روى عنه ابنه خالد و عبد الملك بن مروان ، و قد عده أبوزرعة الدمشقي في الطبقة التي تلي الصحابة ، و هي الطبقة العليا . البداية و النهاية لابن كثير (8/226-227) .

و قد اختار معاوية دَغْفَل بن حنظلة السدوسي الشيباني (ت65هـ) انظر ترجمته في : تهذيب التهذيب لابن حجر (3/210) ، مؤدباً لولده يزيد ، و كان دغفل علامة بأنساب العرب ، و خاصة نسب قريش ، و كذلك عارفاً بآداب اللغة العربية .

هذا مختصر لسيرة يزيد بن معاوية قبل توليه الخلافة ..

أما عن فكرة ولاية العهد .. فقد بدأ معاوية رضي الله عنه يفكر فيمن يكون الخليفة من بعده ، ففكر معاوية في هذا الأمر و رأى أنه إن لم يستخلف و مات ترجع الفتنة مرة أخرى .

فقام معاوية رضي الله عنه باستشارة أهل الشام في الأمر ، فاقترحوا أن يكون الخليفة من بعده من بني أمية ، فرشح ابنه يزيد ، فجاءت الموافقة من مصر و باقي البلاد و أرسل إلى المدينة يستشيرها و إذ به يجد المعارضة من الحسين و ابن ال***ر ، و ابن عمر و عبد الرحمن بن أبي بكر ، و ابن عباس . انظر : تاريخ الإسلام للذهبي – عهد الخلفاء الراشدين – (ص147-152) و سير أعلام النبلاء (3/186) و الطبري (5/303) و تاريخ خليفة (ص213) . إلا أن ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما قد بايعا فيما بعد طوعاً ليزيد .

و كان اعتراض هؤلاء النفر حول تطبيق الفكرة نفسها ، لا على يزيد بعينه .

ثم كانت سنة واحد وخمسين هجرية فحج معاوية في الناس و قرأ كتاب الإستخلاف ليزيد على الناس فحمد الله و أثنى عليه ثم قال : لقد علمتم سيرتي فيكم ، و صلتي لأرحامكم ، و صفحي عنكم و حلمي لما يكون منكم ، و يزيد ابن أمير المؤمنين أخوكم و ابن عمكم و أحسن الناس لكم رأياً ، و إنما أردت أن تقدموه باسم الخلافة و تكونوا أنتم الذين تنزعون و تؤمرون ، و تجيبون و تقسمون لا يدخل عليكم في شيء من ذلك . راجع العواصم من القواصم (ص226-228) ، و الكامل في التاريخ (2/512) .

و اعتبر معاوية أن معارضة هؤلاء ليست لها أثر ، و أن البيعة قد تمت ، حيث أجمعت الأمة على هذه البيعة . راجع : الفصل في الملل و النحل لابن حزم (4/149-151) و قد ذكر كيفية انعقاد البيعة و شروطها فعرضها عرضاً دقيقاً .

و كان سبب تولية معاوية ابنه يزيد لولاية العهد من بعده ، أسباب كثيرة ، فهناك سبب سياسي ؛ وهو الحفاظ على وحدة الأمة ، خاصة بعد الفتن التي تلاحقت يتلوا بعضها بعضاً ، و كان من الصعوبة أن يلتقي المسلمون على خليفة واحد ، خاصة و القيادات المتكافئة في الإمكانيات قد تضرب بعضها بعضاً فتقع الفتن و الملاحم بين المسلمين مرة ثانية ، ولا يعلم مدى ذلك إلا الله تعالى .

وهناك سبب الاجتماعي ؛ وهو قوة العصبية القبلية خاصة في بلاد الشام الذين كانوا أشد طاعة لمعاوية ومحبة لبني أمية ، وليس أدل على ذلك من مبايعتهم ليزيد بولاية العهد من بعد أبيه دون أن يتخلف منهم أحد .

وهناك أسباب شخصية في يزيد نفسه ، وليس معاوية بذلك الرجل الذي يجهل صفات الرجال ومكانتهم ، وهو ابن سلالة الإمارة والزعامة في مكة ، ثم هو الذي قضى أربعين سنة من عمره وهو يسوس الناس ويعرف مزايا القادة والأمراء والعقلاء ، ويعرف لكل واحد منهم فضيلته ، وقد توفرت في يزيد بعض الصفات الحسنة من الكرم والمروءة والشجاعة والإقدام والقدرة على القيادة ، وكل هذه المزايا جعلت معاوية ينظر ليزيد نظرة إعجاب وإكبار وتقدير ..

وقد سأل معاوية رضي الله عنه ولد يزيد يوماً حينما أنس منه الحرص على العدل وتأسياً بالخلفاء الراشدين ، فقد كان يسأله عن الكيفية التي سيسير بها في الأمة بعد توليه الخلافة ، فيرد عليه يزيد بقوله : ( كنت والله يا أبةِ عاملاً فيهم عمل عمر بن الخطاب ) . ابن عاصم في الآحاد والمثاني ( 1 / 375 ) بسند حسن .

لمزيد من التفصيل و الأسباب التي أدت بمعاوية لأخذ البيعة ليزيد ، راجع كتاب : مواقف المعارضة في خلافة يزيد بن معاوية للأستاذ : محمد بن عبد الهادي الشيباني ( ص 126- 136 ) . فقد أجاد الباحث في طرح الموضوع وأفاد ..

و تجدر الإشارة هنا إلى أن المؤرخين والمفكرين المسلمين قد وقفوا حيال هذه الفكرة مواقف شتى ، ففيهم المعارض ، و منهم المؤيد ، و كانت حجة الفريق المعارض تعتمد على ما أوردته بعض الروايات التاريخية من أن يزيد بن معاوية كان شاباً لاهياً عابثاً ، مغرماً بالصيد و شرب الخمر ، و تربية الفهود والقرود ، و الكلاب … الخ . نسب قريش لمصعب ال***ري (ص127) و كتاب الإمامة والسياسة المنحول لابن قتيبة (1/163) و تاريخ اليعقوبي (2/220) و كتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي (5/17) و مروج الذهب للمسعودي (3/77) و انظر حول هذه الافتراءات كتاب : صورة يزيد بن معاوية في الروايات الأدبية فريال بنت عبد الله (ص86-122) .

و لكننا نرى أن مثل هذه الأوصاف لا تمثل الواقع الحقيقي لما كانت عليه حياة يزيد بن معاوية ، فإضافة إلى ما سبق أن أوردناه عن الجهود التي بذلها معاوية في تنشئة وتأديب يزيد ، نجد رواية في مصادرنا التاريخية قد تساعدنا في دحض مثل تلك الآراء .

فيروي البلاذري أن محمد بن علي بن أبي طالب - المعروف بابن الحنفية - دخل يوماً على يزيد بن معاوية بدمشق ليودعه بعد أن قضى عنده فترة من الوقت ، فقال له يزيد ، و كان له مكرماً : يا أبا القاسم ، إن كنت رأيت مني خُلُقاً تنكره نَزَعت عنه ، و أتيت الذي تُشير به علي ؟ فقال : والله لو رأيت منكراً ما وسعني إلاّ أن أنهاك عنه ، وأخبرك بالحق لله فيه ، لما أخذ الله على أهل العلم عن أن يبينوه للناس ولا يكتموه ، وما رأيت منك إلاّ خيراً . أنساب الأشراف للبلاذري (5/17) .

كما أنه شهد له بحسن السيرة والسلوك حينما أراده بعض أهل المدينة على خلعه والخروج معهم ضده ، فيروي ابن كثير أن عبد الله بن مطيع - كان داعية لابن ال***ر - مشى من المدينة هو و أصحابه إلى محمد ابن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم ، فقال ابن مطيع : إن يزيد يشرب الخمر و يترك الصلاة و يتعدى حكم الكتاب ، فقال محمد ما رأيت منه ما تذكرون ، قد حضرته و أقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة متحرياً للخير يسأل عن الفقه ملازماً للسنة ، قالوا : ذلك كان منه تصنعاً لك ، قال : و ما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع ؟ ثم أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر ، فلئن كان أطلعكم على ذلك فإنكم لشركاؤه ، و إن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا ، قالوا : إنه عندنا لحق و إن لم نكن رأيناه ، فقال لهم : أبى الله ذلك على أهل الشهادة ، و لست من أمركم في شيء .. الخ . البداية و النهاية (8/233) و تاريخ الإسلام – حوادث سنة 61-80هـ – (ص274) و حسن محمد الشيباني إسناده ، انظر مواقف المعارضة من خلافة يزيد بن معاوية (ص384) .

وقد شهد له ابن عباس رضي الله عنه بالفضيلة وبايعه ، كما في أنساب الأشراف ( 4 / 289 – 290 ) بسند حسن .

كما أن مجرد موافقة عدد من كبار الشخصيات الإسلامية ، من أمثال عبد الله بن ال***ر و عبد الله بن عباس و أبو أيوب الأنصاري ، على مصاحبة جيش يزيد في سيره نحو القسطنطينية ، فيها خير دليل على أن يزيد كان يتميز بالاستقامة ، و تتوفر فيه كثير من الصفات الحميدة ، و يتمتع بالكفاءة والمقدرة لتأدية ما يوكل إليه من مهمات .

أخرج البخاري عن خالد بن معدان أن عمير بن الأسود العنسي حدثه أنه أتى عبادة بن الصامت و هو نازل في ساحة حمص و هو في بناء له و معه أم حرام ، قال عمير : فحدثتنا أم حرام أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا ، فقالت أم حرام : قلت يا رسول الله أنا فيهم ؟ قال : أنت فيهم . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم ، فقلت : أنا فيهم قال : لا . البخاري مع الفتح (6/120) .

وأخرج البخاري عن محمود بن الربيع في قصة عتبان بن مالك قال محمود : فحدثتها قوماً فيهم أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوته التي توفي فيها ، و يزيد بن معاوية عليهم بأرض الروم . البخاري مع الفتح (3/73) .

و في هذا الحديث منقبة ليزيد رحمه الله حيث كان في أول جيش يغزوا أرض الروم .

ولنستمع إلى وجهة النظر التي أبداها الأستاذ محب الدين الخطيب - حول مسألة ولاية العهد ليزيد – وهي جديرة بالأخذ بها للرد على ما سبق ، فهو يقول : إن كان مقياس الأهلية لذلك أن يبلغ مبلغ أبي بكر و عمر في مجموع سجاياهما ، فهذا ما لم يبلغه في تاريخ الإسلام ، ولا عمر بن عبد العزيز ، و إن طمعنا بالمستحيل و قدرنا إمكان ظهور أبي بكر آخر و عمر آخر ، فلن تتاح له بيئة كالبيئة التي أتاحها الله لأبي بكر و عمر ، وإن كان مقياس الأهلية ، الاستقامة في السيرة ، والقيام بحرمة الشريعة ، والعمل بأحكامها ، و العدل في الناس ، و النظر في مصالحهم ، والجهاد في عدوهم ، و توسيع الآفاق لدعوتهم ، والرفق بأفرادهم و جماعاتهم ، فإن يزيد يوم تُمحّص أخباره ، و يقف الناس على حقيقة حاله كما كان في حياته ، يتبين من ذلك أنه لم يكن دون كثيرين ممن تغنى التاريخ بمحامدهم ، و أجزل الثناء عليهم . العواصم من القواصم لابن العربي (ص221) .

و نجد أيضاً في كلمات معاوية نفسه ما يدل على أن دافعه في اتخاذ مثل هذه الخطوة هو النفع للصالح العام و ليس الخاص ، فقد ورد على لسانه قوله : اللهم إن كنت إنما عهدت ليزيد لما رأيت من فضله ، فبلغه ما أملت و أعنه ، و إن كانت إنما حملني حبّ الوالد لولده ، وأنه ليس لما صنعت به أهلاً ، فاقبضه قبل أن يبلغ ذلك . تاريخ الإسلام للذهبي – عهد معاوية بن أبي سفيان – (ص169) و خطط الشام لمحمد كرد علي (1/137) .

و يتبين من خلال دراسة هذه الفكرة – وهي ولاية العهد من بعده لابن يزيد - ، أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما كان محقاً فيما ذهب إليه ، إذ أنه باختياره لابنه يزيد لولاية العهد من بعده ، قد ضمن للأمة الإسلامية وحدتها ، و حفظ لها استقرارها ، و جنبها حدوث أية صراعات على مثل هذا المنصب .

قلت : و قد رأى معاوية رضي الله عنه في ابنه صلاحاً لولاية خلافة الإسلام من بعده و هو أعلم الناس بخفاياه و لو لم يكن عنده مرضياً لما اختاره . وحول مبايعة يزيد بن معاوية رحمه الله بولاية العهد ، و حول نشوء هذه الفكرة ، و حول كون يزيد أهلاً و كفئ لتوليه الخلافة بعد والده ، انظر : مقال بعنوان : مبايعة يزيد بن معاوية بولاية العهد ، دراسة تاريخية ، للدكتور : عمر سليمان العقيلي ، في مجلة كلية الآداب ، جامعة الملك سعود المجلد (12) ج (2) .

و الغريب في الأمر أن أكثر من رمى معاوية و عابه في تولية يزيد و أنه ورثّه توريثاً هم الشيعة الروافض ، مع أنهم يرون هذا الأمر في علي بن أبي طالب و سلالته إلى اثني عشر خليفة منهم .

نعم إنا نستطيع أن نقول بأن يزيد بن معاوية هو أول من عهد إليه أبوه بالخلافة ؛ ولكن لنتصور أن معاوية رضي الله عنه سلك إحدى الأمور الثلاث الآتية :-







ولنأخذ الأمر الأول :-

كيف ستكون حالة المسلمين لو أن معاوية تناسى هذا الموضوع ، وتركه ولم يرشح أحداً لخلافة المسلمين حتى توفي .

أعتقد أن الوضع سيكون أسوأ من ذلك الوضع الذي أعقب تصريح معاوية بن يزيد بتنازله عن الخلافة ، وترك الناس في هرج ومرج ، حتى استقرت الخلافة أخيراً لعبد الملك بن مروان بعد حروب طاحنة استمرت قرابة عشر سنوات .

ثم لنتصور الأمر الثاني :-

نادى مناد في كل مصر بأن يرشحوا نائباً عنهم ، حتى تكون مسابقة أخيرة ليتم فرز الأصوات فيها ، ثم الخروج من هذه الأصوات بفوز مرشح من المرشحين ليكون خليفة للمسلمين بعد وفاة معاوية .

سيختار أهل الشام ، رجل من بني أمية بلا شك ، بل وربما أنه يزيد ، وربما غيره .

ويسختار أهل العراق في الغالب الحسين بن علي رضي الله عنهما .

ويسختار أهل الحجاز : إما ابن عمر أو عبد الرحمن بن أبي بكر ، أو ابن ال***ر رضي الله عن الجميع .

وسيختار أهل مصر : عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما .

والسؤال الآن : هل سيرضى كل مصر بولاية واحد من هؤلاء ، ويسلموا له ، أم ستكون المعراضة واردة ؟!

الجواب : أعتقد أن المعارضة ستظهر .

ولنسأل سؤالاً آخر : في حالة أنه تم اخيار كل مرشح من قبل الأمصار ، هل يستطيع معاوية أن يلزم كل مصر بما اختاره أهل المصر الآخر ؟!

الجواب : ستجد الدولة نفسها في النهاية أمام تنظيمات انفصالية ، وسيعمد أدعياء الشر الذي قهرتهم الدولة بسلطتها إلى استغلال هذه الفوضى السياسية ، ومن ثم الإفادة منها في إحداث شرخ جديد في كيان الدولة الإسلامية .

ونحن حينما نورد هذه الاعتراضات ، وربما حصل ما أشرنا إليه ، وربما حدث العكس من ذلك ، ولكنا أوردنا ذلك حتى نتصور مدى عدم صحة الآراء التي أحياناً يطلقها ويتحمس لها البعض دون الرجوع إلى الواقع التاريخي المحتم آنذاك .

لقد تعرض المجتمع المسلم إلى هزة عنيفة بعد استشهاد عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وترك كيانات وتيارات سياسية وعقائدية خطيرة ، استوجبت من معاوية أن يدرك خطورة الأمر والفرقة التي سوف تحصل للمسلمين إذا لم يسارع بتعيين ولي عهد له ..

ويبقى الأمر الثالث : وهو ما فعله معاوية رضي الله عنه بتولية يزيد ولياً للعهد من بعده ..

و قد اعترف بمزايا خطوة معاوية هذه ، كل من ابن العربي في العواصم من القواصم (ص228-229 ) ، وابن خلدون الذي كان أقواهما حجة ، إذا يقول : والذي دعا معاوية لإيثار ابنه يزيد بالعهد دون سواه ، إنما هو مراعاة المصلحة في اجتماع الناس ، واتفاق أهوائهم باتفاق أهل الحل و العقد عليه - و حينئذ من بني أمية - ثم يضيف قائلاً : و إن كان لا يظن بمعاوية غير هذا ، فعدالته و صحبته مانعة من سوى ذلك ، و حضور أكابر الصحابة لذلك ، وسكوتهم عنه ، دليل على انتفاء الريب منه ، فليسوا ممن تأخذهم في الحق هوادة ، وليس معاوية ممن تأخذه العزة في قبول الحق ، فإنهم - كلهم - أجلّ من ذلك ، و عدالتهم مانعة منه . المقدمة لابن خلدون (ص210-211) .

و يقول في موضع آخر : عهد معاوية إلى يزيد ، خوفاً من افتراق الكلمة بما كانت بنو أمية لم يرضوا تسليم الأمر إلى من سواهم ، فلو قد عهد إلى غيره اختلفوا عليه ، مع أن ظنهم كان به صالحاً ، ولا يرتاب أحد في ذلك ، ولا يظن بمعاوية غيره ، فلم يكن ليعهد إليه ، و هو يعتقد ما كان عليه من الفسق ، حاشا لله لمعاوية من ذلك . المقدمة (ص206) . وانظر أقوالاً أخرى لمؤرخين وباحثين يثنون على هذه الخطوة ، من أمثال : محمد علي كرد في كتابه : الإسلام والحضارة الغربية ( 2 / 395 ) ، و إبراهيم شعوط في : أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ ( ص 334 ) ، و يوسف العش في : الدولة الأموية ( ص 164 ) ، و مقال للدكتور : عمارة نجيب في مجلة الجندي المسلم ( ص 58 ) . لمزيد تفصيل في هذا الموضوع ، راجع كتاب : مواقف المعارضة في خلافة يزيد بن معاوية ( ص 141 – 153 ) .

و ليس أفضل - قبل أن ننتقل إلى شبهة أخرى - من أن نشير إلى ما أورده ابن العربي في كتابه العواصم من القواصم ( ص 231 ) من رأي لأحد أفاضل الصحابة في هذا الموضوع ، إذ يقول : دخلنا على رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استخلف يزيد بن معاوية ، فقال : أتقولون إن يزيد ليس بخير أمة محمد ، لا أفقه فيها فقهاً ، ولا أعظمها فيها شرفاً ؟ قلنا : نعم ، قال : و أنا أقول ذلك ، و لكن و الله لئن تجتمع أمة محمد أحب إلىّ من أن تفترق .
1- ترك الناس بدون خليفة من بعده ، مثلما فعل حفيده معاوية بن يزيد . 2- نادى في كل مصر من الأمصار بأن يرشحوا لهم نائباً ثم يختاروا من هؤلاء المرشحين خليفة . 3- جعل يزيد هو المرشح ، وبايعه الناس كما فعل .










قديم 2012-08-22, 11:43   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


شبهة لعن علي رضي الله عنه على المنابر بأمر من معاوية ..


الجواب : إن هذه الفرية من الأشياء المكذوبة في حق معاوية رضي الله عنه بل من الأباطيل التي روج لها الرافضة ودخلت على كتب أهل السنة كأنها حقيقة لا شك فيها .. وبل وظلم العهد الأموي بها .. ولقد تبين لي بعد النظر في الأسباب الداعية لذلك أن أبرز تلك الأسباب التي دعت بعض الناس ،
أو الطوائف لتشويه هذا العهد هو التعصب للمذهب والآراء ومحاولة التشهير بالآخرين ..

وهذه دعوى تحتاج إلى دليل ، وهي مفتقرة إلى صحة النقل ، وأغلب الرافضة ومن أشرب قلبه ببغض معاوية رضي الله عنه ، لا يتثبتون فيما ينقلون ، وإنما يكتفون بقولهم : ( كما ذكر ذلك المؤرخون ) أو ( وكتب التواريخ طافحة بذلك ) إلى غيرها من الترهات .. ولايحيلون إلى أي مصدر موثوق ، وكما هو معلوم مدى أهمية الإحالة والتوثيق لمثل هذه الدعاوى عند المحققين والباحثين ..

ومعاوية رضي الله عنه منزه عن مثل هذه التهم ، بما ثبت من فضله في الدين ، كما أن معاوية رضي الله عنه كان محمود السيرة في الأمة ، أثنى عليه الصحابة وامتدحه خيار التابعين ، وشهدوا له بالدين والعلم والفقه والعدل والحلم وسائر خصال الخير .. وقد تقدم معنا في حلقات مضت الكثير من فضائل هذا الصحابي الجليل العامة والخاصة فلتراجع للأهمية ..

ونقول بعد مراجعة تلك الفضائل وأقوال أهل العلم في معاوية رضي الله عنه : إذا ثبت هذا في حق معاوية ، فإنه من أبعد المحال على من كانت هذه سيرته أن يحمل الناس على لعن علي رضي الله عنه على المنابر وهو من هو في الفضل ، و هذا يعني أن أولئك السلف وأهل العلم من بعدهم الذين أثنوا عليه ذلك الثناء البالغ ، قد مالؤوه على الظلم والبغي واتفقوا على الضلال !! وهذا مما نزهت الأمة عنه بنص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن أمتي لا تجتمع على ضلالة ) السنة لابن أبي عاصم برقم ( 82 – 84 ) .

ومن علم سيرة معاوية رضي الله عنه في الملك وما اشتهر به من الحلم والصفح وحسن السياسة للرعية ، ظهر له أن ذلك من أكبر الكذب عليه .

ولا شك أن هذه الحكاية لا تتفق أبداً مع منطق الحوادث ، ولا طبيعة المتخاصمين ، و إن الكتب التاريخية المعاصرة لبني أمية لم تذكر شيئاً من ذلك أبداً ، و إنما هي من كتب المتأخرين ، مثل :-





وهذا العمل إنما كان بقصد أن يسيئوا إلى سمعة بني أمية ، و يعلنوا للعلويين أن اضطهاد العباسيين للعلويين لم يبلغ القدر الذي ارتكبه الأمويون من قبل .

ثم كيف يسمح معاوية رضي الله عنه بذلك ؟! و هو الذي لم يصح عنه أبداً أنه سبّ علياً أو لعنه مرة واحدة ، فضلاً عن التشهير به على المنابر !! ..

وقد علق ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (7/284) على قصة لعن علي رضي الله عنه على المنابر بعد القنوت ، بقوله : ولا يصح هذا ..

ثم لنا أن نتساءل أيضاً لماذا يُعنى بنو أمية بسب علي رضي الله عنه و هم الغالبون المنتصرون ؟

و ما يمكن أن يقال في إجماع المسلمين على أنه لا يجوز لعن المسلم على التعيين ؟

و هل يكون هذا الحكم غائباً عن معاوية رضي الله عنه و من أتى بعده من بني أمية ؟

و كيف نفسر ما نقله صاحب العقد الفريد من أن معاوية أخذ بيد الحسن بن علي في مجلس له ، ثم قال لجلسائه : من أكرم الناس أباً و أماً و جداً و جدة ؟ فقالوا : أمير المؤمنين أعلم .. فأخذ بيد الحسن و قال : هذا أبوه علي بن أبي طالب ، و أمه فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ، و جده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و جدته خديجة رضي الله عنها .

و أما ما قيل من أن علياً كان يلعن في قنوته معاوية و أصحابه ، و أن معاوية إذا قنت لعن علياً و ابن عباس و الحسن والحسين ، فهو غير صحيح لأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا أكثر حرصاً من غيرهم على التقيّد بأوامر الشارع الذي نهى عن سباب المسلم و لعنه .

و قد قال صلى الله عليه وسلم : من لعن مؤمناً فهو كقتله . صحيح البخاري مع الفتح (10/479) .

و قوله صلى الله عليه وسلم : لا يكون اللعانون شفعاء و لا شهداء يوم القيامة . صحيح الجامع (2/1283) .

ثم إن هذا الأثر – قصة لعن علي على منابر بني أمية - مروي من طريق علي بن محمد وهو شيخ ابن سعد وهو المدائني فيه ضعف . و شيخه لوط بن يحي ( أبو مخنف ) ليس بثقة متروك الحديث وإخباري تالف لا يوثق به وعامة روايته عن الضعفاء والهلكى والمجاهيل . انظر : السير (7/302 ) والميزان (3/419 ) . وفي سندها أيضاً أبو جناب ال***ي ، ضعيف ، راجع هذه الرواية الطويلة الملفقة في تاريخ الطبري ( 5 / 71 ) .

ثم إن هذا الأثر ، و هو الوحيد الذي ورد فيه التصريح المباشر بقصة اللعن وهو المشهور ، وهو الذي يتمسك به عامة أهل البدع والجهل .. يشير إلى أن علياً رضي الله عنه كان يلعن معاوية وعمرو بن العاصر وغيرهم !! فماذا لم يتحدثوا عن هذه ؟!!

وأما ماسوى هذه الوراية ، فهي شبهات واهية ، ليس فيها أي دليل على ما يتشدق به أهل البدع والأهواء ، و سيتم الرد عليها بعد قليل إن شاء الله ..

الشبهة الأولى : ما جاء في صحيح مسلم ( برقم 2404 ) عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما منعك أن تسب أبا تراب ؟ فقال : أما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلن أسبه لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له : خلفه في مغازيه فقال له علي : يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبوة بعدي ، وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، قال : فتطاولنا لها فقال : ادعوا لي علياً ، فأتي به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه ، ولما نزلت هذه الآية { قل تعالوا ندعوا أبناءكم .. } دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال : اللهم هؤلاء أهلي .

الجواب : هذا الحديث لايفيد أن معاوية أمر سعداً بسب علي ، ولكنه كما هو ظاهر فإن معاوية أراد أن يستفسر عن المانع من سب علي ، فأجابه سعداً عن السبب ، ولم نعلم أن معاوية عندما سمع رد سعد غضب منه ولاعاقبه ..

كما أن سكوت معاوية هنا ، تصويب لرأي سعد ، ولو كان معاوية ظالماً يجبر الناس على سب علي كما يدعون ، لما سكت عن سعد ولأجبره على سبه ، ولكن لم يحدث من ذلك شيء ، فعُلم أنه لم يأمر بسبه ولا رضي بذلك ..

يقول النووي رحمه الله في ذلك : قول معاوية هذا ، ليس فيه تصريح بأنه أمر سعداً بسبه ، وإنما سأله عن السبب المانع له من السب ، كأنه يقول : هل امتنعت تورعاً أو خوفاً أو غير ذلك . فإن كان تورعاً وإجلالاً له عن السب ، فأنت مصيب محسن ، وإن كان غير ذلك فله جواب آخر ، ولعل سعداً قد كان في طائفة يسبون ، فلم يسب معهم ، وعجز عن الإنكار ، أو أنكر عليهم ، فسأله هذا السؤال ، قالوا : ويحتمل تأويلاً آخر أن معناه : ما منعك أن تخطئه في رأيه واجتهاده ، وتظهر للناس حسن رأينا واجتهادنا وأنه أخطأ . شرح صحيح مسلم ( 15 / 175 ) .

وقال القرطبي في المفهم ( 6 / 278 ) : ( وهذا ليس بتصريح بالسب ، وإنما هو سؤال عن سبب امتناعه ليستخرج من عنده من ذلك ، أو من نقيضه ، كما قد ظهر من جوابه ، ولما سمع ذلك معاوية سكت وأذعن ، وعرف الحق لمستحقه ) .

والذي يظهر لي في هذا والله أعلم : أن معاوية رضي الله عنه إنما قال ذلك على سبيل المداعبة لسعد ، وأراد من ذلك استظهار بعض فضائل علي رضي الله عنه ، فإن معاوية رضي الله عنه كان رجلاً فطناً ذكياً يحب مطارحة الرجال واستخراج ما عندهم ، فأراد أن يعرف ما عند سعد في علي رضي الله عنهما ، فألقى سؤاله بهذا الأسلوب المثير ..

وهذا مثل قوله رضي الله عنه لابن عباس : أنت على ملة علي ؟ فقال له ابن عباس : ولا على ملة عثمان ، أنا على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم . انظر الإبانة الكبرى لابن بطة ( 1 / 355 ) .

وظاهر قول معاوية هنا لابن عباس جاء على سبيل المداعبة ، فكذلك قوله لسعد هو من هذا الباب ، وأما ما ادعى الرافضة من الأمر بالسب ، فحاشا معاوية رضي الله عنه أن يصدر منه مثل ذلك ، والمانع من هذا عدة أمور :-

الأول : أن معاوية نفسه ما كان يسب علياً رضي الله عنه ، فكيف يأمر غيره بسبه ؟ بل كان معظماً له معترفاً له بالفضل والسبق إلى الإسلام ، كما دلت على ذلك أقواله الثابتة عنه .

قال ابن كثير : وقد ورد من غير وجه أن أبا مسلم الخولاني وجماعة معه دخلوا على معاوية فقالوا له : هل تنازع علياً أم أنت مثله ؟ فقال : والله إني لأعلم أنه خير مني وأفضل ، وأحق بالأمر مني .. البداية والنهاية ( 8 / 132 ) .

ونقل ابن كثير أيضاً عن جرير بن عبد الحميد عن المغيرة قال : لما جاء خبر قتل علي إلى معاوية جعل يبكي ، فقالت له امرأته : أتبكيه وقد قاتلته ؟ فقال : ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم . نفس المصدر ( 8 / 133 ) .

الثاني : أنه لا يعرف بنقل صحيح أن معاوية رضي الله عنه تعرض لعلي رضي الله عنه بسب أو شتم أثناء حربه له في حياته ، فهل من المعقول أن يسبه بعد انتهاء حربه معه ووفاته ، فهذا من أبعد ما يكون عند أهل العقول وأبعد منه أن يحمل الناس على سبه وشتمه .

الثالث : أن معاوية رضي الله عنه كان رجلاً ذكياً ، مشهور بالعقل والدهاء ، فلو أراد حمل الناس على سب علي وحاشاه من ذلك ، أفكان يطلب ذلك من مثل سعد بن أبي وقاص ، وهو من هو في الفضل والورع ، مع عدم دخوله في الفتنة أصلاً !! فهذا لا يفعله أقل الناس عقلاً وتدبيراً ، فكيف بمعاوية ؟!!

الرابع : أن معاوية رضي الله عنه انفرد بالخلافة بعد تنازل الحسن بن علي رضي الله عنهما له واجتمعت عليه الكلمة والقلوب ، ودانت له الأمصار بالملك ، فأي نفع له في سب علي ؟! بل الحكمة وحسن السياسة تقتضي عدم ذلك ، لما فيه من تهدئة النفوس وتسكين الأمور ، ومثل هذا لا يخفى على معاوية رضي الله عنه الذي شهدت له الأمة بحسن السياسة والتدبير .

الخامس : أنه كان بين معاوية رضي الله عنه بعد استقلاله بالخلافة وابناء علي من الألفة والتقارب ما هو مشهور وفي كتب السير والتاريخ ..

ومن ذلك أن الحسن والحسين وفدا على معاوية فأجازهما بمائتي ألف ، وقال لهما : ما أجاز بهما أحد قبلي ، فقال له الحسن : ولم تعط أحد أفضل منا . البداية والنهاية ( 8 / 139 ) .

ودخل مرة الحسن على معاوية فقال له : مرحباً وأهلاً بابن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم ، وأمر له بثلاثمائة ألف . المصدر نفسه ( 8 / 140 ) .

وهذا مما يقطع بكذب ما ادعي في حق معاوية رضي الله عنه من حمله الناس على سب علي رضي الله عنه ، إذ كيف يحصل هذا مع ما بينه وبين أولاده من هذه الألفة والمودة والاحتفاء والتكريم ..

الشبهة الثانية : ماجاء في صحيح مسلم ( برقم 2409 ) عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : استُعمل على المدينة رجل من آل مروان قال : فدعا سهل بن سعد فأمر أن يشتم علياً رضي الله عنه ، فأبى سهل ، فقال له : أما إذا أبيت فقل : لعن الله أبا تراب ، فقال سهل : ماكان لعلي اسم أحب إليه من أبي تراب .. ثم ذكر الحديث وسبب تسميته بذلك .

الجواب : هذا الادعاء لا أساس له من الصحة ، بل إن استشهاد هؤلاء وأمثالهم بهذا الحديث لا حجة فيه ، فأين التصريح باسم معاوية فيه ؟؟ ثم إن الرجل من آل مروان ، ومن المعروف لدى الجاهل قبل العالم أن معاوية رضي الله عنه سفياني وليس مرواني ..

ومن الغرائب أن هؤلاء المبتدعة ينكرون سب علي ، ولم يتورعوا عن سب خير البرية بعد الأنبياء أبي بكر وعمر وعثمان !! وكتبهم طافحة بذلك ..

و لنستمع إلى ما رواه أبو نعيم في الحلية ( 1/ 84 - 85 ) عن أبي صالح قال : دخل ضرار بن ضمرة الكناني على معاوية فقال له معاوية : صف لي علياً ، فقال ضرار : أو تعفيني يا أمير المؤمنين ؟ قال معاوية : لا أعفيك ، قال ضرار : أما إذ لابدّ ، فإنه كان و الله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلاً و يحكم عدلاً ، و يتفجر العلم من جوانبه ، و تنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا و زهرتها ، و يستأنس بالليل و ظلمته ، كان و الله غزير العبرة ، طويل الفكرة ، يقلب كفه ، و يخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما قصر ، و من الطعام ما جشب – غليظ ، أو بلا إدام - ، كان و الله كأحدنا ، يدنينا إذا أتيناه ، و يجيبنا إذا سألناه ، و كان مع تقربه إلينا و قربه منا لا نكلمه هيبة له ، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، يعظم أهل الدين ، و يحب المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله ، فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه ، و قد أرخى الليل سدوله ، و غارت نجومه ، يميل في محرابه قابضاً على لحيته ، يتململ تململ السليم – اللديغ - ، و يبكي بكاء الحزين ، فكأني أسمعه الآن و هو يقول : يا ربنا ، يا ربنا ، يتضرع إليه ، ثم يقول للدنيا : إلىّ تغررت ؟ إلىّ تشوفت ؟ هيهات ، هيهات ، غري غيري ، قد بَتَتّكِ ثلاثاً ، فعمرك قصير ، و مجلسك حقير ، و خطرك كبير ، آهٍ آه من قلة الزاد ، و بعد السفر و وحشة الطريق . فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها ، و جعل ينشفها بكمه ، و قد اختنق القوم بالبكاء ، فقال – أي معاوية - : كذا كان أبو الحسن رحمه الله ، كيف وَجْدُكَ عليه يا ضرار ؟ قال ضرار : وَجْدُ من ذبح واحِدُها في حِجْرِها ، لا ترقأ دمعتها ولا يسكن حزنها ، ثم قام فخرج .

قال القرطبي معلقاً على وصف ضرار لعلي رضي الله عنه وثنائه عليه بحضور معاوية ، وبكاء معاوية من ذلك ، وتصديقه لضرار فيما قال : ( وهذا الحديث يدل على معرفة معاوية بفضل علي رضي الله عنه ومنزلته ، وعظم حقه ومكانته ، وعند ذلك يبعد على معاوية أن يصرح بلعنه وسبه ، لما كان معاوية موصوفاً به من العقل والدين والحلم وكرم الأخلاق وما يروى عنه من ذلك فأكثره كذب لا يصح .. ) المفهم للقرطبي ( 6 / 278 ) .

و بعد هذا الموقف ، هل يتصور من معاوية رضي الله عنه ، أن يصرح بلعن علي رضي الله عنه على المنابر ؟!

وهل يعقل أن يسع حلم معاوية رضي الله عنه الذي بلغ مضرب الأمثال ، سفهاء الناس وعامتهم وهو أمير المؤمنين ، ثم يأمر بعد ذلك بلعن الخليفة الراشد علي بن أبي طالب على المنابر ، ويأمر ولاته بذلك في سائر الأمصار والبلدان ؟؟!! والحكم في هذا لكل صاحب عقل وفهم ودين ..

و أما ما قيل من أن بني أمية كانوا يسبون علي بن أبي طالب في الخطب ، فلما ولي عمر بن عبد العزيز أبطله و كتب إلى نوابه بإبطاله . انظر خبر أمر عمر بن عبد العزيز بترك سب علي على المنابر في الكامل لابن الأثير (3/255-256) و سير أعلام النبلاء للذهبي (5/147 ) .

قلت : إن من أحب شخصاً لا ينبغي أن ينسب كل عمل خير له ؛ صحيح أن عمر بن عبد العزيز من أئمة الهدى ومن المجددين ، و اعتبر خامس الخلفاء الراشدين ، لأنه سار على نهجهم في سيرتهم مع الرعية و الخلافة و طريقة العيش وغيرها من الأمور ، لكن لا يعني أن نفضل عمر بن عبد العزيز على معاوية رضي الله عنه ، فمعاوية صحابي جليل القدر و المنزلة ، و هو خال المؤمنين ، رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم و صافحت يده يد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولاشك أن مثل هذه الفضيلة و المكانة لا تجعل من معاوية رضي الله عنه يصرح بلعن علي رضي الله عنه على المنابر ..

سئل عبد الله بن المبارك ، أيهما أفضل : معاوية بن أبي سفيان ، أم عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : و الله إن الغبار الذي دخل في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمر بألف مرة ، صلى معاوية خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : سمع الله لمن حمده ، فقال معاوية : ربنا ولك الحمد . فما بعد هذا ؟ . وفيات الأعيان ، لابن خلكان (3 /33) ، و بلفظ قريب منه عند الآجري في كتابه الشريعة (5/2466) .

و أخرج الآجري بسنده إلى الجراح الموصلي قال : سمعت رجلاً يسأل المعافى بن عمران فقال : يا أبا مسعود ؛ أين عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان ؟! فرأيته غضب غضباً شديداً و قال : لا يقاس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحد ، معاوية رضي الله عنه كاتبه و صاحبه و صهره و أمينه على وحيه عز وجل . كتاب الشريعة للآجري ( 5/2466-2467) شرح السنة لللالكائي ، برقم (2785) . بسند صحيح .

وسئل المعافى بن عمران ، معاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : كان معاوية أفضل من ستمائة مثل عمر بن عبد العزيز . السنة للخلال ( 2/ 435 ) .

و كذلك أخرج الآجري بسنده إلى أبو أسامة ، قيل له : أيهما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز ؟
فقال : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقاس بهم أحد . كتاب الشريعة (5/2465-2466) بسند صحيح ، و كذلك أخرج نحوه الخلال في السنة ، برقم (666) .

وروى الخلال في السنة بسند صحيح ( 660 ) أخبرنا أبو بكر المروذي قال : قلت لأبي عبد الله أيهما أفضل : معاوية أو عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : معاوية أفضل ، لسنا نقيس بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : خير الناس قرني الذي بعثت فيهم .

وعن الأعمش أنه ذكر عنده عمر بن عبد العزيز وعدله ، فقال : فكيف لوأدركتم معاوية ؟ قالوا : يا أبا محمد يعني في حلمه ؟ قال : لا والله بل في عدله . السنة للخلال ( 1 / 437 ) .

وإن الجمع الذي بايع معاوية رضي الله عنه بالخلافة خير من الجمع الذي بايع عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، فقد بايع لمعاوية جم غفير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفي ذلك يقول ابن حزم رحمه الله كما في الفصل ( 5 / 6 ) : فبويع الحسن ، ثم سلم الأمر إلى معاوية ، وفي بقايا الصحابة من هو أفضل منهما بخلاف ممن أنفق قبل الفتح وقاتل ، فكلهم أولهم عن آخرهم بايع معاوية ورأى إمامته .

و لاشك أن الصحابة رضوان الله عليهم يتورعون عن مثل هذه الأعمال و الأقوال ، و هم يعلمون أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن سب المسلم أو لعنه بعينه ، و هو يعلم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان . انظر تخريجه في : كتاب السنة لابن أبي عاصم (2/487) و الصحيحة (1/634) و مشكاة المصابيح (4847) ..

إلى غيرها من الأحاديث التي تزجر عن هذه الفعلة القبيحة ، و التي يتورع منها عوام الناس لعلمهم بحرمة دم و عرض المسلم ، فما بالك بالصحابة الكرام و من شهد بدر و بيعة الرضوان ، و هو يعلم علم يقين أن الله رضي عنهم .
1- كتاب تاريخ الطبري (5/71 ) عن أبي مخنف . 2- تاريخ الخلفاء للسيوطي (ص285) . 3- الكامل لابن الأثير (2/397) . وغيرهم ممن كتبوا تاريخهم في عصر بني العباس ..










قديم 2012-08-22, 11:45   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


شبهة لعن علي رضي الله عنه على المنابر بأمر من معاوية ..


الجواب : إن هذه الفرية من الأشياء المكذوبة في حق معاوية رضي الله عنه بل من الأباطيل التي روج لها الرافضة ودخلت على كتب أهل السنة كأنها حقيقة لا شك فيها .. وبل وظلم العهد الأموي بها .. ولقد تبين لي بعد النظر في الأسباب الداعية لذلك أن أبرز تلك الأسباب التي دعت بعض الناس ،
أو الطوائف لتشويه هذا العهد هو التعصب للمذهب والآراء ومحاولة التشهير بالآخرين ..

وهذه دعوى تحتاج إلى دليل ، وهي مفتقرة إلى صحة النقل ، وأغلب الرافضة ومن أشرب قلبه ببغض معاوية رضي الله عنه ، لا يتثبتون فيما ينقلون ، وإنما يكتفون بقولهم : ( كما ذكر ذلك المؤرخون ) أو ( وكتب التواريخ طافحة بذلك ) إلى غيرها من الترهات .. ولايحيلون إلى أي مصدر موثوق ، وكما هو معلوم مدى أهمية الإحالة والتوثيق لمثل هذه الدعاوى عند المحققين والباحثين ..

ومعاوية رضي الله عنه منزه عن مثل هذه التهم ، بما ثبت من فضله في الدين ، كما أن معاوية رضي الله عنه كان محمود السيرة في الأمة ، أثنى عليه الصحابة وامتدحه خيار التابعين ، وشهدوا له بالدين والعلم والفقه والعدل والحلم وسائر خصال الخير .. وقد تقدم معنا في حلقات مضت الكثير من فضائل هذا الصحابي الجليل العامة والخاصة فلتراجع للأهمية ..

ونقول بعد مراجعة تلك الفضائل وأقوال أهل العلم في معاوية رضي الله عنه : إذا ثبت هذا في حق معاوية ، فإنه من أبعد المحال على من كانت هذه سيرته أن يحمل الناس على لعن علي رضي الله عنه على المنابر وهو من هو في الفضل ، و هذا يعني أن أولئك السلف وأهل العلم من بعدهم الذين أثنوا عليه ذلك الثناء البالغ ، قد مالؤوه على الظلم والبغي واتفقوا على الضلال !! وهذا مما نزهت الأمة عنه بنص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إن أمتي لا تجتمع على ضلالة ) السنة لابن أبي عاصم برقم ( 82 – 84 ) .

ومن علم سيرة معاوية رضي الله عنه في الملك وما اشتهر به من الحلم والصفح وحسن السياسة للرعية ، ظهر له أن ذلك من أكبر الكذب عليه .

ولا شك أن هذه الحكاية لا تتفق أبداً مع منطق الحوادث ، ولا طبيعة المتخاصمين ، و إن الكتب التاريخية المعاصرة لبني أمية لم تذكر شيئاً من ذلك أبداً ، و إنما هي من كتب المتأخرين ، مثل :-





وهذا العمل إنما كان بقصد أن يسيئوا إلى سمعة بني أمية ، و يعلنوا للعلويين أن اضطهاد العباسيين للعلويين لم يبلغ القدر الذي ارتكبه الأمويون من قبل .

ثم كيف يسمح معاوية رضي الله عنه بذلك ؟! و هو الذي لم يصح عنه أبداً أنه سبّ علياً أو لعنه مرة واحدة ، فضلاً عن التشهير به على المنابر !! ..

وقد علق ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (7/284) على قصة لعن علي رضي الله عنه على المنابر بعد القنوت ، بقوله : ولا يصح هذا ..

ثم لنا أن نتساءل أيضاً لماذا يُعنى بنو أمية بسب علي رضي الله عنه و هم الغالبون المنتصرون ؟

و ما يمكن أن يقال في إجماع المسلمين على أنه لا يجوز لعن المسلم على التعيين ؟

و هل يكون هذا الحكم غائباً عن معاوية رضي الله عنه و من أتى بعده من بني أمية ؟

و كيف نفسر ما نقله صاحب العقد الفريد من أن معاوية أخذ بيد الحسن بن علي في مجلس له ، ثم قال لجلسائه : من أكرم الناس أباً و أماً و جداً و جدة ؟ فقالوا : أمير المؤمنين أعلم .. فأخذ بيد الحسن و قال : هذا أبوه علي بن أبي طالب ، و أمه فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ، و جده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و جدته خديجة رضي الله عنها .

و أما ما قيل من أن علياً كان يلعن في قنوته معاوية و أصحابه ، و أن معاوية إذا قنت لعن علياً و ابن عباس و الحسن والحسين ، فهو غير صحيح لأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا أكثر حرصاً من غيرهم على التقيّد بأوامر الشارع الذي نهى عن سباب المسلم و لعنه .

و قد قال صلى الله عليه وسلم : من لعن مؤمناً فهو كقتله . صحيح البخاري مع الفتح (10/479) .

و قوله صلى الله عليه وسلم : لا يكون اللعانون شفعاء و لا شهداء يوم القيامة . صحيح الجامع (2/1283) .

ثم إن هذا الأثر – قصة لعن علي على منابر بني أمية - مروي من طريق علي بن محمد وهو شيخ ابن سعد وهو المدائني فيه ضعف . و شيخه لوط بن يحي ( أبو مخنف ) ليس بثقة متروك الحديث وإخباري تالف لا يوثق به وعامة روايته عن الضعفاء والهلكى والمجاهيل . انظر : السير (7/302 ) والميزان (3/419 ) . وفي سندها أيضاً أبو جناب ال***ي ، ضعيف ، راجع هذه الرواية الطويلة الملفقة في تاريخ الطبري ( 5 / 71 ) .

ثم إن هذا الأثر ، و هو الوحيد الذي ورد فيه التصريح المباشر بقصة اللعن وهو المشهور ، وهو الذي يتمسك به عامة أهل البدع والجهل .. يشير إلى أن علياً رضي الله عنه كان يلعن معاوية وعمرو بن العاصر وغيرهم !! فماذا لم يتحدثوا عن هذه ؟!!

وأما ماسوى هذه الوراية ، فهي شبهات واهية ، ليس فيها أي دليل على ما يتشدق به أهل البدع والأهواء ، و سيتم الرد عليها بعد قليل إن شاء الله ..

الشبهة الأولى : ما جاء في صحيح مسلم ( برقم 2404 ) عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال : ما منعك أن تسب أبا تراب ؟ فقال : أما ذكرت ثلاثاً قالهن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلن أسبه لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له : خلفه في مغازيه فقال له علي : يا رسول الله خلفتني مع النساء والصبيان ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبوة بعدي ، وسمعته يقول يوم خيبر : لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، قال : فتطاولنا لها فقال : ادعوا لي علياً ، فأتي به أرمد فبصق في عينه ودفع الراية إليه ، ففتح الله عليه ، ولما نزلت هذه الآية { قل تعالوا ندعوا أبناءكم .. } دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال : اللهم هؤلاء أهلي .

الجواب : هذا الحديث لايفيد أن معاوية أمر سعداً بسب علي ، ولكنه كما هو ظاهر فإن معاوية أراد أن يستفسر عن المانع من سب علي ، فأجابه سعداً عن السبب ، ولم نعلم أن معاوية عندما سمع رد سعد غضب منه ولاعاقبه ..

كما أن سكوت معاوية هنا ، تصويب لرأي سعد ، ولو كان معاوية ظالماً يجبر الناس على سب علي كما يدعون ، لما سكت عن سعد ولأجبره على سبه ، ولكن لم يحدث من ذلك شيء ، فعُلم أنه لم يأمر بسبه ولا رضي بذلك ..

يقول النووي رحمه الله في ذلك : قول معاوية هذا ، ليس فيه تصريح بأنه أمر سعداً بسبه ، وإنما سأله عن السبب المانع له من السب ، كأنه يقول : هل امتنعت تورعاً أو خوفاً أو غير ذلك . فإن كان تورعاً وإجلالاً له عن السب ، فأنت مصيب محسن ، وإن كان غير ذلك فله جواب آخر ، ولعل سعداً قد كان في طائفة يسبون ، فلم يسب معهم ، وعجز عن الإنكار ، أو أنكر عليهم ، فسأله هذا السؤال ، قالوا : ويحتمل تأويلاً آخر أن معناه : ما منعك أن تخطئه في رأيه واجتهاده ، وتظهر للناس حسن رأينا واجتهادنا وأنه أخطأ . شرح صحيح مسلم ( 15 / 175 ) .

وقال القرطبي في المفهم ( 6 / 278 ) : ( وهذا ليس بتصريح بالسب ، وإنما هو سؤال عن سبب امتناعه ليستخرج من عنده من ذلك ، أو من نقيضه ، كما قد ظهر من جوابه ، ولما سمع ذلك معاوية سكت وأذعن ، وعرف الحق لمستحقه ) .

والذي يظهر لي في هذا والله أعلم : أن معاوية رضي الله عنه إنما قال ذلك على سبيل المداعبة لسعد ، وأراد من ذلك استظهار بعض فضائل علي رضي الله عنه ، فإن معاوية رضي الله عنه كان رجلاً فطناً ذكياً يحب مطارحة الرجال واستخراج ما عندهم ، فأراد أن يعرف ما عند سعد في علي رضي الله عنهما ، فألقى سؤاله بهذا الأسلوب المثير ..

وهذا مثل قوله رضي الله عنه لابن عباس : أنت على ملة علي ؟ فقال له ابن عباس : ولا على ملة عثمان ، أنا على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم . انظر الإبانة الكبرى لابن بطة ( 1 / 355 ) .

وظاهر قول معاوية هنا لابن عباس جاء على سبيل المداعبة ، فكذلك قوله لسعد هو من هذا الباب ، وأما ما ادعى الرافضة من الأمر بالسب ، فحاشا معاوية رضي الله عنه أن يصدر منه مثل ذلك ، والمانع من هذا عدة أمور :-

الأول : أن معاوية نفسه ما كان يسب علياً رضي الله عنه ، فكيف يأمر غيره بسبه ؟ بل كان معظماً له معترفاً له بالفضل والسبق إلى الإسلام ، كما دلت على ذلك أقواله الثابتة عنه .

قال ابن كثير : وقد ورد من غير وجه أن أبا مسلم الخولاني وجماعة معه دخلوا على معاوية فقالوا له : هل تنازع علياً أم أنت مثله ؟ فقال : والله إني لأعلم أنه خير مني وأفضل ، وأحق بالأمر مني .. البداية والنهاية ( 8 / 132 ) .

ونقل ابن كثير أيضاً عن جرير بن عبد الحميد عن المغيرة قال : لما جاء خبر قتل علي إلى معاوية جعل يبكي ، فقالت له امرأته : أتبكيه وقد قاتلته ؟ فقال : ويحك إنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم . نفس المصدر ( 8 / 133 ) .

الثاني : أنه لا يعرف بنقل صحيح أن معاوية رضي الله عنه تعرض لعلي رضي الله عنه بسب أو شتم أثناء حربه له في حياته ، فهل من المعقول أن يسبه بعد انتهاء حربه معه ووفاته ، فهذا من أبعد ما يكون عند أهل العقول وأبعد منه أن يحمل الناس على سبه وشتمه .

الثالث : أن معاوية رضي الله عنه كان رجلاً ذكياً ، مشهور بالعقل والدهاء ، فلو أراد حمل الناس على سب علي وحاشاه من ذلك ، أفكان يطلب ذلك من مثل سعد بن أبي وقاص ، وهو من هو في الفضل والورع ، مع عدم دخوله في الفتنة أصلاً !! فهذا لا يفعله أقل الناس عقلاً وتدبيراً ، فكيف بمعاوية ؟!!

الرابع : أن معاوية رضي الله عنه انفرد بالخلافة بعد تنازل الحسن بن علي رضي الله عنهما له واجتمعت عليه الكلمة والقلوب ، ودانت له الأمصار بالملك ، فأي نفع له في سب علي ؟! بل الحكمة وحسن السياسة تقتضي عدم ذلك ، لما فيه من تهدئة النفوس وتسكين الأمور ، ومثل هذا لا يخفى على معاوية رضي الله عنه الذي شهدت له الأمة بحسن السياسة والتدبير .

الخامس : أنه كان بين معاوية رضي الله عنه بعد استقلاله بالخلافة وابناء علي من الألفة والتقارب ما هو مشهور وفي كتب السير والتاريخ ..

ومن ذلك أن الحسن والحسين وفدا على معاوية فأجازهما بمائتي ألف ، وقال لهما : ما أجاز بهما أحد قبلي ، فقال له الحسن : ولم تعط أحد أفضل منا . البداية والنهاية ( 8 / 139 ) .

ودخل مرة الحسن على معاوية فقال له : مرحباً وأهلاً بابن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم ، وأمر له بثلاثمائة ألف . المصدر نفسه ( 8 / 140 ) .

وهذا مما يقطع بكذب ما ادعي في حق معاوية رضي الله عنه من حمله الناس على سب علي رضي الله عنه ، إذ كيف يحصل هذا مع ما بينه وبين أولاده من هذه الألفة والمودة والاحتفاء والتكريم ..

الشبهة الثانية : ماجاء في صحيح مسلم ( برقم 2409 ) عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : استُعمل على المدينة رجل من آل مروان قال : فدعا سهل بن سعد فأمر أن يشتم علياً رضي الله عنه ، فأبى سهل ، فقال له : أما إذا أبيت فقل : لعن الله أبا تراب ، فقال سهل : ماكان لعلي اسم أحب إليه من أبي تراب .. ثم ذكر الحديث وسبب تسميته بذلك .

الجواب : هذا الادعاء لا أساس له من الصحة ، بل إن استشهاد هؤلاء وأمثالهم بهذا الحديث لا حجة فيه ، فأين التصريح باسم معاوية فيه ؟؟ ثم إن الرجل من آل مروان ، ومن المعروف لدى الجاهل قبل العالم أن معاوية رضي الله عنه سفياني وليس مرواني ..

ومن الغرائب أن هؤلاء المبتدعة ينكرون سب علي ، ولم يتورعوا عن سب خير البرية بعد الأنبياء أبي بكر وعمر وعثمان !! وكتبهم طافحة بذلك ..

و لنستمع إلى ما رواه أبو نعيم في الحلية ( 1/ 84 - 85 ) عن أبي صالح قال : دخل ضرار بن ضمرة الكناني على معاوية فقال له معاوية : صف لي علياً ، فقال ضرار : أو تعفيني يا أمير المؤمنين ؟ قال معاوية : لا أعفيك ، قال ضرار : أما إذ لابدّ ، فإنه كان و الله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلاً و يحكم عدلاً ، و يتفجر العلم من جوانبه ، و تنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش من الدنيا و زهرتها ، و يستأنس بالليل و ظلمته ، كان و الله غزير العبرة ، طويل الفكرة ، يقلب كفه ، و يخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما قصر ، و من الطعام ما جشب – غليظ ، أو بلا إدام - ، كان و الله كأحدنا ، يدنينا إذا أتيناه ، و يجيبنا إذا سألناه ، و كان مع تقربه إلينا و قربه منا لا نكلمه هيبة له ، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، يعظم أهل الدين ، و يحب المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله ، فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه ، و قد أرخى الليل سدوله ، و غارت نجومه ، يميل في محرابه قابضاً على لحيته ، يتململ تململ السليم – اللديغ - ، و يبكي بكاء الحزين ، فكأني أسمعه الآن و هو يقول : يا ربنا ، يا ربنا ، يتضرع إليه ، ثم يقول للدنيا : إلىّ تغررت ؟ إلىّ تشوفت ؟ هيهات ، هيهات ، غري غيري ، قد بَتَتّكِ ثلاثاً ، فعمرك قصير ، و مجلسك حقير ، و خطرك كبير ، آهٍ آه من قلة الزاد ، و بعد السفر و وحشة الطريق . فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها ، و جعل ينشفها بكمه ، و قد اختنق القوم بالبكاء ، فقال – أي معاوية - : كذا كان أبو الحسن رحمه الله ، كيف وَجْدُكَ عليه يا ضرار ؟ قال ضرار : وَجْدُ من ذبح واحِدُها في حِجْرِها ، لا ترقأ دمعتها ولا يسكن حزنها ، ثم قام فخرج .

قال القرطبي معلقاً على وصف ضرار لعلي رضي الله عنه وثنائه عليه بحضور معاوية ، وبكاء معاوية من ذلك ، وتصديقه لضرار فيما قال : ( وهذا الحديث يدل على معرفة معاوية بفضل علي رضي الله عنه ومنزلته ، وعظم حقه ومكانته ، وعند ذلك يبعد على معاوية أن يصرح بلعنه وسبه ، لما كان معاوية موصوفاً به من العقل والدين والحلم وكرم الأخلاق وما يروى عنه من ذلك فأكثره كذب لا يصح .. ) المفهم للقرطبي ( 6 / 278 ) .

و بعد هذا الموقف ، هل يتصور من معاوية رضي الله عنه ، أن يصرح بلعن علي رضي الله عنه على المنابر ؟!

وهل يعقل أن يسع حلم معاوية رضي الله عنه الذي بلغ مضرب الأمثال ، سفهاء الناس وعامتهم وهو أمير المؤمنين ، ثم يأمر بعد ذلك بلعن الخليفة الراشد علي بن أبي طالب على المنابر ، ويأمر ولاته بذلك في سائر الأمصار والبلدان ؟؟!! والحكم في هذا لكل صاحب عقل وفهم ودين ..

و أما ما قيل من أن بني أمية كانوا يسبون علي بن أبي طالب في الخطب ، فلما ولي عمر بن عبد العزيز أبطله و كتب إلى نوابه بإبطاله . انظر خبر أمر عمر بن عبد العزيز بترك سب علي على المنابر في الكامل لابن الأثير (3/255-256) و سير أعلام النبلاء للذهبي (5/147 ) .

قلت : إن من أحب شخصاً لا ينبغي أن ينسب كل عمل خير له ؛ صحيح أن عمر بن عبد العزيز من أئمة الهدى ومن المجددين ، و اعتبر خامس الخلفاء الراشدين ، لأنه سار على نهجهم في سيرتهم مع الرعية و الخلافة و طريقة العيش وغيرها من الأمور ، لكن لا يعني أن نفضل عمر بن عبد العزيز على معاوية رضي الله عنه ، فمعاوية صحابي جليل القدر و المنزلة ، و هو خال المؤمنين ، رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم و صافحت يده يد النبي صلى الله عليه وسلم ، ولاشك أن مثل هذه الفضيلة و المكانة لا تجعل من معاوية رضي الله عنه يصرح بلعن علي رضي الله عنه على المنابر ..

سئل عبد الله بن المبارك ، أيهما أفضل : معاوية بن أبي سفيان ، أم عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : و الله إن الغبار الذي دخل في أنف معاوية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمر بألف مرة ، صلى معاوية خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : سمع الله لمن حمده ، فقال معاوية : ربنا ولك الحمد . فما بعد هذا ؟ . وفيات الأعيان ، لابن خلكان (3 /33) ، و بلفظ قريب منه عند الآجري في كتابه الشريعة (5/2466) .

و أخرج الآجري بسنده إلى الجراح الموصلي قال : سمعت رجلاً يسأل المعافى بن عمران فقال : يا أبا مسعود ؛ أين عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان ؟! فرأيته غضب غضباً شديداً و قال : لا يقاس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحد ، معاوية رضي الله عنه كاتبه و صاحبه و صهره و أمينه على وحيه عز وجل . كتاب الشريعة للآجري ( 5/2466-2467) شرح السنة لللالكائي ، برقم (2785) . بسند صحيح .

وسئل المعافى بن عمران ، معاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : كان معاوية أفضل من ستمائة مثل عمر بن عبد العزيز . السنة للخلال ( 2/ 435 ) .

و كذلك أخرج الآجري بسنده إلى أبو أسامة ، قيل له : أيهما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز ؟
فقال : أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقاس بهم أحد . كتاب الشريعة (5/2465-2466) بسند صحيح ، و كذلك أخرج نحوه الخلال في السنة ، برقم (666) .

وروى الخلال في السنة بسند صحيح ( 660 ) أخبرنا أبو بكر المروذي قال : قلت لأبي عبد الله أيهما أفضل : معاوية أو عمر بن عبد العزيز ؟ فقال : معاوية أفضل ، لسنا نقيس بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : خير الناس قرني الذي بعثت فيهم .

وعن الأعمش أنه ذكر عنده عمر بن عبد العزيز وعدله ، فقال : فكيف لوأدركتم معاوية ؟ قالوا : يا أبا محمد يعني في حلمه ؟ قال : لا والله بل في عدله . السنة للخلال ( 1 / 437 ) .

وإن الجمع الذي بايع معاوية رضي الله عنه بالخلافة خير من الجمع الذي بايع عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، فقد بايع لمعاوية جم غفير من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفي ذلك يقول ابن حزم رحمه الله كما في الفصل ( 5 / 6 ) : فبويع الحسن ، ثم سلم الأمر إلى معاوية ، وفي بقايا الصحابة من هو أفضل منهما بخلاف ممن أنفق قبل الفتح وقاتل ، فكلهم أولهم عن آخرهم بايع معاوية ورأى إمامته .

و لاشك أن الصحابة رضوان الله عليهم يتورعون عن مثل هذه الأعمال و الأقوال ، و هم يعلمون أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن سب المسلم أو لعنه بعينه ، و هو يعلم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان . انظر تخريجه في : كتاب السنة لابن أبي عاصم (2/487) و الصحيحة (1/634) و مشكاة المصابيح (4847) ..

إلى غيرها من الأحاديث التي تزجر عن هذه الفعلة القبيحة ، و التي يتورع منها عوام الناس لعلمهم بحرمة دم و عرض المسلم ، فما بالك بالصحابة الكرام و من شهد بدر و بيعة الرضوان ، و هو يعلم علم يقين أن الله رضي عنهم .
1- كتاب تاريخ الطبري (5/71 ) عن أبي مخنف . 2- تاريخ الخلفاء للسيوطي (ص285) . 3- الكامل لابن الأثير (2/397) . وغيرهم ممن كتبوا تاريخهم في عصر بني العباس ..










قديم 2012-08-22, 11:46   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


مسألة استغناء معاوية عن المطالبة بقتلة عثمان ، مقابل توليه الخلافة .. إو بصيغة أخرى ، لماذا لم يقم معاوية الحد على قتلة عثمان رضي الله عنه بعد أن آلت إليه الخلافة ..


قبل الإجابة على على هذه الشبهة .. ليسأل أحدنا نفسه هذه الأسئلة :-

• لماذا أبقى علي رضي الله عنه على أهل الفتنة في جيشه أثناء حرب الجمل ؟
• ولِمَ لَمْ يخرجهم من جيشه أثناء توجهه إلى الشام ؟
• لما انتصر علي رضي الله عنه على أهل الجمل ، لماذا لم يوقع القصاص على هؤلاء القتلة ؟!
• وأيضاً لماذا لم يوقع القصاص عليهم بعد ذلك ، خاصة بعد أن انتهى الخلاف بينه وبين معاوية بعد حرب صفين ؟!
• لماذا لم يقم الحسن بن علي رضي الله عنه بإيقاع القصاص على قتلة عثمان بعد أن تولى الخلافة من بعد أبيه ؟!

إلى غيرها من الأسئلة الكثيرة التي تدور في خلد الواحد منا .. لماذا تناسينا هذه الأسئلة والإجابة عليها ، وتمسكنا فقط بشبهة مطالبة معاوية رضي الله عنه بالخلافة مقابل استغنائه عن المطالبة بقتلة عثمان ؟!! مع أنه لم يرد إلينا رواية واحدة لا صحيحة ولا ضعيفة تفيد استغناء معاوية عن المطالبة بقتلة عثمان مقابل توليه الخلافة ..

ولنا أن نقول : إن السبب في إبقاء علي على أهل الفتنة في جيشه وعدم إقامة الحد عليهم ؛ أنهم – أي أهل الفتنة - كانوا سادات في أقوامهم ، فكان علي يرى أن يصبر عليهم إلى أن تستقر الأمور .. فقد كان رضي الله عنه ينظر إلى القضية نظرة مصلحة ومفسدة ، فرأى أن المصلحة تقتضي تأخير القصاص لا تركه ، فأخر القصاص من أجل هذا ..

وله في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة .. ففي حادثة الإفك تَكَلم في الطاهرة المطهرة عائشة رضي الله عنها بعض الناس ، وكان الذي تولى كبر هذا الأمر عبد الله بن أبي بن سلول ، فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم : من يعذرني في رجل وصل أذاه إلى أهلي ؟ قام سعد بن معاذ وقال : أنا أعذرك منه يارسول الله ، إن كان منّا معشر الأوس قتلناه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا بقتله ، فقام سعد بن عبادة فرد على سعد بن معاذ ، وقام أسيد بن حضير فرد على سعد بن عبادة ، فثار الحيان الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ، فصار النبي صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت . انظر الخبر بتمامه في البخاري حديث رقم ( 4141 ) .

ولنسأل أنفسنا : لماذا لم يقم النبي صلى الله عليه وسلم حد القصاص على ابن سلول ؟

الجواب : لاشك أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد اغتم بهذه الإشاعة وأعلن على الملأ وفي المسجد ثقته بزوجته وبصاحبه ابن المعطل ، ولكن حسن تصرف النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الحادثة ، أوقف فتنة كادت أن تقع بين الحيين ، وقد دلت هذه المعالجة من الرسول صلى الله عليه وسلم للمشكلة التي حاول ابن سلول استغلالها على حسن سياسة الرسول صلى الله عليه وسلم في تدبير الأمور وتجنب المشاكل وتفويت الفرص على المغرضين المندسين بين صفوف المؤمنين ، وكان نتيجة ذلك أن جافى ابن سلول قومه ، فكانوا هم الذين يعنفونه ويفضحون دسائسه ..

وقد أجاب عدد من العلماء عن الحكمة التي من أجلها ترك النبي صلى الله عليه وسلم إقامة الحد على ابن سلول .. من مثل القرطبي رحمه الله في تفسيره ( 12 / 201 – 202 ) بقوله : وإنما لم يحد عبد الله بن أبي لأن الله قد أعد له في الآخرة عذاباً عظيماً ، فلو حد في الدنيا لكان ذلك نقصاً من عذابه في الآخرة وتخفيفاً عنه ، مع أن الله تعالى قد شهد ببراءة عائشة رضي الله وبكذب كل من رماها ، فقد حصلت فائدة الحد إذ المقصود إظهار القاذف وبراءة المقذوف ..

وقال أيضاً : ويحتمل أن يقال إنما ترك حد ابن أبي استئلافاً لقومه واحتراماً لابنه ، واطفاء لثائرة الفتنة المتوقعة من ذلك ، وقد كان ظهر مبادئها من سعد بن عبادة ومن قومه .

قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد ( 2 / 127 – 128 ) : وقيل الحد لا يثبت إلا ببينة أو إقرار – كما هو الحال بالنسبة لقتلة عثمان ، فإنهم أعلاج من قبائل شتى - ، وهو لم يقر بالقذف ولا شهد به عليه أحد ، فإنه كان يذكره بين أصحابه ، ولم يشهدوا عليه ، ولم يكن يذكره بين المؤمنين ..

وقال أيضاً : وقيل بل ترك حده لمصلحة هي أعظم من إقامته عليه ، كما ترك قتله مع ظهور نفاقه وتكلمه بما يوجب قتله مراراً ، وهي تأليف قومه وعدم تنفيرهم عن الإسلام ، فإنه كان مطاعاً فيهم ، رئيساً عليهم – كذلك الحال بالنسبة لقتلة عثمان رضي الله عنه - ، فلم يؤمن إثارة الفتنة في حده ..

قلت : وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم عظم مكانة ابن سلول في قومه .. فإنه وقبل مجيء النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان الأوس والخزرج قد اتفقوا على أن يجعلوا عبد الله بن أبي ملكاً عليهم ، فهو له عندهم منزلة عظيمة ، ولا ننسى موقفه في غزوة أحد حين رجع بثلث الجيش .. لهذا السبب ترك النبي صلى الله عليه وسلم إقامة الحد عليه للمصلحة التي ينشدها ، وتجنباً للمفسدة التي ستترتب على إقامة الحد عليه ، إذ رأى أن جلده أعظم مفسدة من تركه ..

وهكذا كان موقف علي رضي الله عنه من قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، رأى تأخير القصاص أقل مفسدة من تعجيله ، لأن علياً رضي الله عنه لايستطيع أن يقتل قتلة عثمان أصلاً ، والسبب في ذلك أن لهم قبائل تنتصر لهم وتدافع عنهم ، والأمن غير مستتب ، ومازالت الفتنة مستمرة ، ولا أدل على ذلك من قيام هؤلاء الخوارج من قتل علي رضي الله عنه بعد أن حاربهم في النهروان ، وكذلك المحاولة التي تعرض لها كل من معاوية وعمرو رضي الله عنهما .. ولا ننسى محاولات القتل التي تعرض لها الحسن بن علي رضي الله عنهما على يد هؤلاء الخوارج ..

وقد أجاب الإمام الطحاوي رحمه الله عن سبب تأخر علي رضي الله عنه في إقامة الحد على قتلة عثمان رضي الله عنه بقوله : و كان في عسكر علي رضي الله عنه من أولئك الطغاة الخوارج الذين قتلوا عثمان ، من لم يُعرف بعينه و من تنتصر له قبيلته ، و من لم تقم عليه حجة بما فعله ، و من قلبه نفاق لم يتمكن من إظهاره كله .شرح الطحاوية (ص483) .

و على كل حال فإن علي رضي الله عنه ، كان موقفه ، موقف المحتاط منهم ، المتبرئ من فعلهم .
وهو و إن كان لم يخرجهم من عسكره فقد كان يعاملهم بحذر و ينظر إليهم بشزر ، حتى قال الإمام
الطبري : بأنه لم يول أحد منهم أثناء استعداده للمسير إلى الشام ، حيث دعا ولده محمد بن الحنفية
و سلمه اللواء ، و جعل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قائد الميمنة ، و عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه على الميسرة ، و جعل على مقدمة الجيش أبا ليلى بن عمر بن الجراح ، و استخلف على المدينة قثم بن العباس رضي الله عنهم . تاريخ الطبري (4/445) .

و هذه بادرة منه رضي الله عنه ليعلن تبرؤه من أولئك المارقين ، و يثبت قدرته على السيطرة على أمر المسلمين من غير عون منهم ، فقد كان له في المسلمين الموالين له و المؤيدين لخلافته ما يغنيه عن الاستعانة بهم و التودد إليهم ..

و هذا أقصى ما يمكنه فعله بتلك الطائفة إذ ذاك ، و هو كافٍ في عذره ، لأنهم مئات و لهم قرابة
وعشائر في جيشه ، فما يأمن لو عاملهم بأكثر من هذا من الشدة أن يمتد حبل الفتنة في الأمة ، كما حصل ذلك لطلحة و ال***ر و عائشة بالبصرة حين قتلوا بعضاً منهم ، فغضب لهم قبائلهم و اعتزلوهم . إفادة الأخيار للتباني (2/52) .

و يناقش الإمام الباقلاني هذا الموضوع فيقول : و على أنه إذا ثبت أن علياً ممن يرى قتل الجماعة بالواحد فلم يجز أن يقتل جميع قتلة عثمان إلا بأن تقوم البينة على القتلة بأعيانهم ، و بأن يحضر أولياء الدم مجلسه ، و يطلبون بدم أبيهم و وليهم .. و إن قتل قتلة عثمان ، لا يؤدي إلى هرج عظيم و فساد شديد ، قد يكون فيه مثل قتل عثمان أو أعظم منه ، و إنّ تأخير إقامة الحد إلى وقت إمكانه و تقصّي الحق فيه أولى و أصلح للأمة و ألمّ لشعثهم و أنفى للفساد و التهمة عنهم . التمهيد في الرد على الملحدة (ص231) .

و إن السياسة الحكيمة تقتضي ما كان ينادي به أمير المؤمنين علي رضي الله عنه من التريث و الأناة وعدم الاستعجال ؛ إذ إن الأمر يحتاج إلى وحدة الصف و الكلمة لإيجاد موقف موحد ، و مواجهة ذلك التحدي الذي يهدد مركز الخلافة ، بيد أن الخلاف في الرأي أضعف مركز الخلافة الجديد ، و قضى بالتالي على كل الآمال في نيل ثأر الخليفة المقتول .

ولذلك لما وصلت الخلافة إلى معاوية لم يقتل قتلة عثمان أيضاً ؟ والسبب : لأنه صار يرى ما كان يراه علي رضي الله عنه من قبل ، فعلي رضي الله عنه كان يرى قضية إيقاع القصاص على قتلة عثمان واقعاً ، في حين كان معاوية رضي الله عنه يراه نظرياً ، فلما آلت الخلافة إليه ، رآه واقعاً ..

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : بل لم يكن عليّ مع تفرق الناس عليه متمكناً من قتل قتلة عثمان إلا بفتنة تزيد الأمر شراً وبلاء ، ودفع أفسد الفاسدين بالتزام أدناهما أولى من العكس ، لأنهم كانوا عسكراً ، وكان لهم قبائل تغضب لهم .

وقال أيضاً : ولما سار طلحة وال***ر رضي الله عنهما إلى البصرة ليقتلوا قتلة عثمان ، قام بسبب ذلك حرب قتل فيها خلق ، ومما يبين ذلك أن معاوية قد أجمع الناس عليه بعد موت علي ، وصار أميراً على جميع المسلمين ، ومع هذا فلم يقتل قتلة عثمان الذين كانوا قد بقوا .. إلى أن قال : وذلك أن الفتن إنما يعرف ما فيها من الشر إذا أدبرت ، فأما إذا أقبلت فإنها تزين ، ويظن أن فيها خيراً ، فإذا ذاق الناس ما فيها من الشر والمرارة والبلاء ، صار ذلك مبيناً لهم مضرتها ، وواعظاً لهم أن يعودوا في مثلها .. والذين دخلوا في الفتنة من الطائفتين لم يعرفوا ما في القتال من الشر ، ولا عرفوا مرارة الفتنة حتى وقعت ، وصارت عبرة لهم ولغيرهم ، ومن استقرأ أحوال الفتن التي جرت بين المسلمين ، تبين له أنه ما دخل فيها أحد فحمد عاقبة دخوله .. انظر : أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان ، لشيخ الإسلام ابن تيمية ( ص 48 – 50 ).

ولاشك أن الحالة التي يعيشها الخليفة الراشد علي رضي الله عنه ، والوضع الذي أدركه حينذاك ، خلاف ما يظنه المطالبون بدم عثمان رضي الله عنه من أهل الشام وغيرهم ، وذلك يكمن في أمور جِد خطيرة لها اعتبارها وملابساتها مما نحسبه قد خفي عليهم ، منها :-





يقول القاضي أبو يعلى الفراء رحمه الله في كتابه القيم : تنزيه خال المؤمنين معاوية ( ص 85 ) : ووجه اجتهاد علي رضي الله عنه في الامتناع أشياء :-

أحدها : أنه لم يعرفهم بأعيانهم ولا أقامت شهادة عليهم بقتلهم ، وقد كان كثيراً ما يقول : من قتل عثمان فليقم ، فيقوم أربعة آلاف مقنع – أي ملبس بالحديد – وقيل أكثر .

الثاني : لو عرفهم بأعيانهم وخاف قتل نفسه ، وفتنة في الأمة تؤول إلى إضعاف الدين وتعطيل الحدود ،فكان الكف عن ذلك إلى وقت انحسام الفتنة وزوال الخوف ، وهذا حال علي في أتباعه . – وكذا أدرك معاوية رضي الله عنه ما نظن أنه كان خافياً عليه بعد أن آلت إليه الخلافة - .

وخلاصة الأمر : فإن علياً ومعاوية رضي الله عنهما ما كانا يستطيعان إقامة القصاص على قتلة عثمان ، لا عجزاً .. بل خوفاً من الفتنة وافتراق الأمة .. والله أعلم ..

1- أن قتلة عثمان من أهل الفتنة كثيرون جداً ، فكان من الصعب مطالبتهم ، في حين نرى الفتنة تزداد يوماً إثر يوم . 2- أن قتلة عثمان من أهل الفتنة هم في جيش علي رضي الله عنه ، ومن قبائل كثيرة مختلفة ، يعسر مطالبتهم والبحث عنهم ، والأمر بعد لم يستتب لخليفة المسلمين ، وقد تقرر عند فقهاء المسلمين أن الحدود قد تُأخر – لاتترك بالكلية – عن أصحابها حالة الجهاد والفتن ، كما هو متروك للمصلحة العامة التي يراها ولي أمر المسلمين إذا خاف كبير مفسدة ؛ بل نجد قاعدة : ( درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ) من القواعد المعتبرة التي هي من مقاصد الشريعة الإسلامية . 3- أن قتلة عثمان من أهل الفتنة لا يزالون في تمكين واستيلاء على بعض الأمور ، وكذلك لهم عدد وأعوان ، حينذاك يخشى من مطالبتهم ، في وقت يرى فيه علي رضي الله عنه أن تجتمع الكلمة ، وتأتلف القلوب ، ويسود الأمن وتنظم الأمور ، ومن ثم تتبين وتنكشف الغمة ويتعرّ القتلة من أعوانهم وعددهم ، وتقام الحدود الشرعية فيهم وفي غيرهم . انظر : تسديد الإصابة في شجر بين الصحابة ، لذياب بن سعد الغامدي ( ص 55 – 56 ) .










قديم 2012-08-22, 11:47   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شبهة اتهام معاوية رضي الله عنه بقتل عبدالرحمن بن خالد بن الوليد ..



وقد أثيرت هذه الشبهة في الفترة التي بدأ فيها معاوية رضي الله عنه بالتفكير بأخذ البيعة لابنه يزيد ، فحاول الإخباريون أن يوجدوا علاقة بين وفاة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد وبين بيعة يزيد بن معاوية ، فذكروا أن معاوية خاف من مكانة عبد الرحمن عند أهل الشام ، فأمر ابن أثال الطبيب النصراني فدس إليه السم . انظر تاريخ الطبري (5/227 ) .

فهذه المسألة و هذه تهمة لا تستقيم ولا تصح .. خاصة وأنها تخص خليفة المسلمين شخصياً ، فإن الاتهام لا يمكن أن يثبت إلا ببينة أو شاهدين كما هو معلوم في قضاء المسلمين ..

وخبر الطبري هذا من طريق المدائني عن سلمة بن محارب الزيادي ، وبينه وبين الحدث انقطاع واضح .. هذا فيما يخص سند الطبري ..

في حين يرجع ابن ال***ي سبب القتل إلى أمر آخر وهو : أن معاوية لما عرض أمر ولاية العهد من بعده على أهل الشام ، أشاروا عليه بعبدالرحمن بن خالد ، فسكت معاوية وأضمرها في نفسه ، ثم أن عبدالرحمن اشتكى فدعا معاوية طبيبه ابن أثال وأمره بدس السم إلى عبدالرحمن . كتاب الأمثال لابن سلام ( ص 192 ) من طريق ال***ي . والبلاذري في أنساب الأشراف (4 /109 ) من طريق الواقدي وأبو الفرج الأصفهاني في كتابه الأغاني ( 16 / 197 – 198 ) من طريق المدائني وسنده كله مجاهيل .

وهذه الروايات بالإضافة إلى ضعف سندها ، يوجد اختلاف في متنها مع الواقع الملموس في ذلك الحين ، فمن المعروف أن معاوية رضي الله عنه خليفة المسلمين وأحد الصحابة الفضلاء ، ومعروف من سيرته حرصه الشديد على الإسلام والمسلمين ، وكان أعظم خلفاء المسلمين - بعد الراشدين - حلماً وعدلاً وفضلاً وسياسة وديانة ، فكيف يعقل أن يقوم بقتل أحد المسلمين خوفاً من أن يتبعه أهل الشام ؟؟!!

ولاشك أن ذلك التعليل فاسد ؛ لأن ترشيح يزيد بن معاوية لولاية العهد في هذه الفترة التي توفي فها عبدالرحمن بن خالد ،لم يكن مطروحاً أصلاً ؛ وذلك لوجود الحسن بن علي رضي الله عنهما ..

وأمر آخر أذكره للطاعنين ، في اعتمادهم على رواية الطبري في إلصاق هذه التهمة بمعاوية رضي الله عنه ..

قلت : الطبري رحمه الله لما أورد هذه الحادثة ، أوردها بصيغة التمريض ، فقال : وفيها انصرف عبدالرحمن بن خالد بن الوليد من بلاد الروم إلى حمص ، فدس ابن أثال النصراني إليه شربة مسمومة – فيما قيل – فشربها فمات . تاريخ الطبري ( 5 / 227 ) .

وقول الطبري رحمه الله : ( فيما قيل ) يدل على ضعف الرواية في ذلك عنده .. بالإضافة إلى ما تقدم من ضعف سندها وتناقض متنها ..

ثم إن معاوية رضي الله عنه بيده عزل الأمراء أو توليتهم كما هو معروف ، وليس بالصعوبة على معاوية أن يطلب من عبد الرحمن بن خالد أن يتنحى عن قيادة الصوائف عل الثغر الرومي ، ومن ثم يهمله ولا يكون له أي مكانة يخشى منها .

وقد ورد أن معاوية عزله وولى بدلاً منه سفيان بن عوف الغامدي على إحدى الصوائف ، وليس هذا يشكل صعوبة على معاوية ، بل إن معاوية كان يعزل عن الإمارة من هو أعظم وأقوى من عبد الرحمن بن خالد ..

ثم كيف يقوم معاوية بقتله وقد أورد الطبري ( 5/ 231 ) ذكر غزوة البحر سنة 48هـ ، وكان قائد أهل مصر عقبة بن عامر الجهني ، وعلى أهل المدينة المنذر بن زهير وعلى جميعهم ( خالد بن عبدالرحمن بن خالد بن الوليد ) ، فكيف يرضى معاوية أن يكون ولده – أي ولد عبدالرحمن بن خالد – قائداً كبيراً بعد أبيه ؟!! هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى كيف يرضى أن يقوم ولده – أي خالد بن عبد الرحن بن خالد – بقيادة الجيش لمعاوية إن كان معاوية قاتل أبيه ؟؟!! وهل يمكن أن يخفى على ولده - خالد بن عبدالرحمن - هذا الأمر وهو أقرب الناس إليه ؟؟!!

وخلاصة ما سبق : أنها إشاعة واضحة حاولت أن تربط بين موت عبدالرحن بن خالد بن الوليد والبيعة ليزيد ، ومثلها مثل الإشاعة التي حاولت أن تربط بين موت الحسن بن علي والبيعة ليزيد بن معاوية والتي سبق أن بيينا عوارها وفسادها في حلقة مضت ..

وللفائدة : فإن ابن عساكر رحمه الله ذكر أن ابن أثال هو الذي دس السم إلى عبدالرحن بن خالد بواسطة أحد خدمه ، فقام خالد بن عبدالرحمن بقتله فرفع إلى معاوية فحبسه أياماً فأغرمه ديته وأطلق سراحه . انظر تاريخ دمشق ( 9/928 ) والإصابة لابن حجر ( 5 / 35 ) .. وهذا إجراء طبيعي من معاوية رضي الله عنه ..

ثم إن ابن أثال مات سنة 46هـ ، وذكر الواقدي في كتاب الصوائف أنه مات سنة 47هـ . تاريخ
دمشق ( 9 / 931 ) .. وبذلك تكون وفاة عبدالرحمن بن خالد على الراجح أنها قبل أن يفكر معاوية في تولية يزيد من بعده ..

ومن الملاحظ أن ابن عساكر لم يذكر شيئاً عن تورط معاوية في قتل عبدالرحمن بن خالد ، وكذلك الحافظ ابن حجر في الإصابة ( 5 / 33 – 35 ) ، وكذلك مصعب ال***ري في نسب قريش ( ص 364 ) ، وكذلك خليفة بن خياط في تاريخه ..

أما ابن كثير فقد عقب على الرواية التي تتهم معاوية بقتل عبدالرحمن بن خالد بقوله : وهذا لا يصح . البداية والنهاية ( 8 / 31 ) .. وكذلك الذهبي في تاريخ الإسلام لم يشر لأي شيء . انظر ( حوادث سنة ( 41 – 60 هـ ) ص 76 – 77 ) .

عموماً فإن خبر اتهام معاوية رضي الله عنه بحادثة سم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد لم يرد بإسناد صحيح ، بل هو من الأخبار المكذوبة على هذا الصحابي الجليل ..

ثم إن هناك احتمالات أخرى للحادثة .. فلعل ابن أثال غاظه أثر عبدالرحمن بن خالد في بلاد الروم وجهاده الكبير لهم ، وهم بنوا قومه وأهل دينه ، فأراد أن ينتقم لنفسه وللروم فدس لعبدالرحمن السم !!

ولماذا لا يكون امبراطور الروم هو الذي دس إلى ابن أثال عيناً ورغبه في قتل عبدالرحمن بن خالد ؟!! عموماً هي احتمالات كثيرة ولعل أحدها يكون صحيحاً ..

قلت : وقد وقع أكثر الناس في معاوية رضي الله ، ولعل الحكمة فيه أنه صدر عنه شيء ، فأراد الله سبحانه أن يجلب له الأعمال الصالحة ما دامت الدنيا ، وصدق الله حين قال { وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم } . ( البقرة / 216 )
.

--------------------------------------------------------------------------------










قديم 2012-08-22, 11:49   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


شبهة اتهام معاوية بشرب الخمر ..



إن مما لاشك فيه أن اتهام الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه بشرب الخمر ، يكمن وراءه أغراض وأهداف أخرى الغرض منها الطعن في دين هذا الصحابي وخلقه ، ومن ثم اتخاذ هذه التهمة ذريعة للطعن في ولده يزيد واتهامه بشرب الخمر .. كما فعلوا ..

وقد استدلوا على مطعنهم هذا برواية مبتورة عند الإمام أحمد رحمه الله كما في المسند ( 5 / 347 ) عن عبد الله بن بريدة قال : دخلت أنا وأبي على معاوية ، فأجلسنا على الفراش ، ثم أُتينا بالطعام فأكلنا ، ثم أُتينا بالشراب ، فشرب معاوية ، ثم ناول أبي ، ثم قال : ما شربته منذ حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ) .

وهؤلاء المبتدعة حينما يستدلوا بهذا الحديث لم يذكروا السند ولا تتمة متن الحديث .. وإنما كان قولهم : بسند رجاله رجال مسلم !!!!

قلت : فأما السنده : قال أحمد : حدثنا زيد بن الحباب ، حدثني حسين ، حدثني عبد الله بن بريدة ..

وأما تتمة المتن : ( ثم قال معاوية : وكنت أجمل شباب قريش وأجودهم ثغراً ، وما شيء كنت أجد له لذة كما كنت أجده وأنا شاب غير اللبن ، أو إنسان حسن الحديث يحدثني ) .

وقد حاول أهل الأهواء بهذا الخبر ، التلبيس على القارئ بأن معاوية رضي الله عنه كان ممن يشرب الخمر بعد إسلامه ، وبعد ثبوت تحريم شرب الخمر .

وهذا مندفع بأمور :-





وكذلك فإسناد الخبر فيه لين ؛ فزيد بن الحباب في حفظه ضعف ، ومثله حسين بن واقد ..

ولكن لنفرض صحة الخبر السابق و أن ما جاء فيه ، ثبوت شرب معاوية رضي الله عنه للخمر .. لكن هل هذا الذي شربه معاوية خمراً مسكراً ، أم نبيذاً ، أم لبناً كما أسلفت ..

قلت : كانت الخمر تصنع في بلاد العرب من عدة أنواع من الفواكه ، وكان غالب العرب يشربون الخمر كمشروب مفضل في المجتمع الجاهلي .. وكان الخمر يصنع في الغالب من عصير العنب أو نقيع التمر أو العسل والحنطة والشعير .. وكان النهي بالطبع عن المسكر فقط من هذه الأصناف أو غيرها .

وكان العصير ( الشراب ) من العنب أو التمر أو الحنطة أو الشعير أو العسل يسمى نبيذاً ، والنبيذ قد يتحول إلى خمر إذا جعله يتخمر ، ولذا يكون الخمر أصله من النبيذ .

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب النبيذ ، ولكن إذا تجاوز ثلاثة أيام لا يشربه . مجمع الزوائد للهيثمي ( 5 / 61 ) بسند صحيح . والحكمة واضحة ، حيث كان يخشى من تغيره وتحوله إلى خمر .

وبلاد الشام مشهور بها شراب الطِّلاء ، وهو شراب من الدبس وسمي طِّلاء لأنه يشبه طلاء الإبل وهو القطران الذي يدهن به . الفتح لابن حجر ( 10 / 66 ) .

وكان أبو عبيدة بن الجرح ومعاذ بن جبل وأبو طلحة يشربون بالشلام من الطلاء ، مما طبخ على الثلث – بمعنى أنهم يطبخون الطلاء حتى يذهب منه الثلثان ويبقى الثلث - . وهذا سند صحيح كما في تعليق التعليق لابن حجر ( 5 / 25 ) .

ولهذا فقد كان معاوية رضي الله عنه لا يرى في مثل هذه الأشربة شيئاً .. وهكذا راينا أن شرب النبيذ هو مما اختلف فيه فقهاء ذلك العصر وبالأخص في عهد الصحابة رضي الله عنهم ، وإن كان منشأ ذلك الاختلاف في الغالب هو الورع ، وإلا فإن المسكر ليس موضع خلاف .

ولِمَ لا يكون هذا الطلاء هو أحد الأشربة التي كان يتناولها معاوية رضي الله عنه وأهل الشام ، ولا يرون فيها شيئاً .. وقد ظن من رآه يشرب ذلك الشراب أو غيره ظنه خمراً .

وهل يصح هذا في حق معاوية رضي الله عنه ؟؟!! وكأن معاوية رضي الله عنه لا يعرف حد الخمر ولا حكم الخمر وما يترتب عليها من المصائب ، وبكونها من أكبر الكبائر والذنوب ..

فكيف يظن أو يعقل أن معاوية رضي الله عنه يسلك هذا المسلك ، ومعاذ الله أن نعتقد في معاوية الصحابي الجليل وأخو أم المؤمنين وكاتب الوحي المبين غير الحق ؟! فهو أعرف بأحكام الشرع وأتقى لله وأطوع من أن يجهل حكم الخمر ..

ثم إن معاوية رضي الله عنه هو راوي الحديث الشهير ، الذي يتعلق بالخمر وجزائها وعقابها في الدنيا ، قال معاوية رضي الله عنه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من شرب الخمر فاجلدوه ) قالها ثلاثاً ( فإن شرب الرابعة فاقتلوه ) . المسند ( 4 / 95 ، 96 ، 101 ) .

فكيف يغفل أن يروي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المتعلق بالخمر ، ثم يقوم بشربها وتقديمها لغيره علناً وأمام الناس ؟؟؟!!
1- أن لفظ الشرب لا يقتضي أن يكون المشروب خمراً . 2- مناولته لبريدة بن الحصيب الشراب ، فلو كان خمراً لما أخذه بريدة ، ولأنكر عليه ذلك . 3- أن قوله : ( ما شربته منذ حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ) هو من قول معاوية وليس من قول بريدة ، ويدل على ذلك ما حُذف من متن الخبر الذي أشرنا إليه سابقاً ، فدل على أن الشراب لم يكن خمراً ، بل لعله كان لبناً .










قديم 2012-08-22, 11:50   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
أبو عبد الرحمن الجزائري
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية أبو عبد الرحمن الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قضية محاولة معاوية رضي الله عنه نقل منبر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصاه إلى الشام



وقبل أن أذكر الرد أود التنبيه إلى أني سأعتمد في هذه الحلقة على ما ذكره الدكتور خالد الغيث في كتابه مرويات خلافة معاوية في تاريخ الطبري .. مع تصرف يسير وتعليق بسيط .. هذا للعلم والله الموفق ..

ذكر الإمام الطبري رحمه الله في كتابه التاريخ ( 5/ 239 ) في حوادث سنة 50 هـ ، قال محمد بن عمر : وفي هذه السنة أمر معاوية بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحمل إلى الشام ، فحرك فكسفت الشمس حتى رُئيت النجوم بادية يومئذ ، فأعظم الناس ذلك ..

وفي رواية : قال محمد بن عمر : حدثني يحيى بن سعيد بن دينار عن أبيه قال : قال معاوية : إني رأيت أن منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصاه لا يتركان بالمدينة ، وهم قتلة أمير المؤمنين عثمان وأعداؤه ..

وفي رواية : قال محمد بن عمر - بعد أن ساق سند الرواية - : كان عبدالملك قد هم بالمنبر ، فقال قبيصة بن ذؤيب : أذكرك الله عزوجل أن تفعل هذا ، أن تحوله ، إن أمير المؤمنين معاوية حركه فكسفت الشمس .

تحدثت الروايات السابقة عن القضايا التالية :-





وفيما يلي دراسة هذه القضايا ..

أولاً : بالنسبة لخبر عزم معاوية رضي الله عنه نقل منبر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصاه إلى الشام ، فقد ذكره ال***ر بن بكار كما قاله ابن حجر في الفتح ( 2 / 463 ) واليعقوبي في التاريخ ( 2 / 238 ) وابن الجوزي في المنتظم ( 5 / 227 ) دون أن يشيروا إلى خبر العصا ، أما ابن الأثير في الكامل ( 3 / 463 ) وابن كثير في البداية ( 8 / 45 ) فقد أوردوا خبر المنبر والعصا ..

هذا ولم أقف على رواية صحيحة تؤكد مزاعم – محمد بن عمر المعروف بالواقدي - ، هذا فضلاً عن أن دين معاوية رضي الله عنه وعدالته وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم تمنعه من حمل منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى الشام ، وهو يعلم قوله صلى الله عليه وسلم : ( ما بين بيتي و منبري روضة من رياض الجنة ) البخاري ( 4 / 119 ) .

هذا وقد أورد عبدالرزاق في المصنف ( 3 / 183 ) خبر قدوم معاوية رضي الله عنه المدينة وزيادته درجات المنبر دون الإشارة إلى إرادة معاوية نقل المنبر إلى الشام ، أو أخذ العصا ..

ثانياً : خبر ربط كسوف الشمس بتحريك المنبر ، فقد ذكره عبدالرزاق في المصنف ( 3 / 183 ) وال***ر بن بكار كما قاله ابن حجر في الفتح ( 2 / 464 ) وابن الجوزي في المنتظم ( 5 / 228 ) وابن الأثير في الكامل ( 3 / 464 ) وابن كثير في البداية ( 8 / 45 ) .. بينما ذهب اليعقوبي في تاريخه ( 2 / 238 ) إلى حدوث زلزلة عند تحريك المنبر ..

وهذا الخبر لم يرد بإسناد صحيح ، فضلاً عن أن كسوف الشمس على افتراض حدوثه ، فإنه لم يكن نتيجة لتحريك المنبر ، بل ربما تزامن مع تحريك المنبر ليس إلا ، وقد حصل ما يشبه ذلك على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ..

أخرج البخاري رحمه الله في صحيحه ( 2 / 612 ) من طريق المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يوم مات إبراهيم ، فقال الناس : كسفت الشمس لموت إبراهيم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتم فصلوا وادعوا الله .

وفي رواية عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله ، لا ينكسفان لموت أحد ، ولكن الله تعالى يخوف بهما عباده . المصدر السابق ( 2 / 623 ) .

ثالثاً : اتهام معاوية رضي الله عنه ببغض أهل المدينة ( الأنصار ) ؛ لكونهم قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه ، وهذا الخبر أورده ابن الأثير في الكامل ( 3 / 464 ) وهو خبر ضعيف الإسناد ..

وهذه القضية ذات شقين : أحدهما اتهام الأنصار رحمهم الله بخذلان عثمان رضي الله عنه ، وأما الشق الآخر فهو اتهام معاوية رضي الله عنه ببغض الأنصار .

فيما يتعلق بالشق الأول وهو اتهام الأنصار بخذلان عثمان رضي الله عنه فإن ذلك من أكاذيب الإخباريين ، حيث أورد خليفة بن خياط في تاريخه ( ص 173 ) بسند حسن لغيره أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال لعثمان : هؤلاء الأنصار بالباب يقولون : إن شئت كنا أنصار الله مرتين ، فقال : لا حاجة لي في ذلك ، كفوا . ويمكن مراجعة روايات أخرى في هذا الموضوع في كتاب فتنة مقتل عثمان للدكتور محمد عبد الله الغبان ( 1 / 406- 408 ) .

أما الشق الثاني والمتعلق ببغض معاوية رضي الله عنه للأنصار لكونهم قتلة عثمان رضي الله عنه ، فمردود بما ورد في الشق الأول من حقيقة موقف الأنصار من عثمان رضي الله عنه ..

كما أن تقريب معاوية رضي الله عنه للأنصار وتوليته إياهم في مناصب هامة وحساسة يرد هذه الفرية ، ويمكنك مراجعة أخبار معاوية رضي الله عنه مع الأنصار في كتاب الإصابة ( 5 / 371 ) وتاريخ الطبري ( 5 / 315 )والاستيعاب ( 2 / 504 ) .

وفي الختام .. أحمد الله على كل حال .. ووفقنا الله وإياكم لما فيه خير المآل .. وجعلنا ممن يحسن الظن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ونشر محاسنهم ، ويذب عنهم ما علق بسيرتهم من التهم الباطلة .. والظنون الآثمة الزائفة .. والهروج المارجة التي هي كسراب بقيعة يحسبه الرائي حقيقة .. حتى إذا ما فتش عن أمره ، ووقف على حده ، لم يجده شيئاً ، ووقف على حقيقة قد أفلت عنه ، فاتهم نفسه بالقصور واتهم من انخدع به بالتهور والسعور ..

ولا ريب أن من ينشر مثل هذا السراب في الطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سواء أكان ذلك في طيات الكتب أو على رؤوس العامة ، هو ممن لا يعرف للصحابة قدراً ولا حرمة .. ولا يفقه من قوله تعالى { ربنا اغفر لنا ولإخواننا } إلا تلاوة ووقفاً ، ولابد يوماً أن يخصم وعلى رؤوس الأشهاد يجزم ..

وياليت شعري .. ما يروم من وراء ذلك ؟ أيروم دنياً فانية ؟ أم يريد الظهور على غيره ببنيات الطريق ؟
فإننا نقول لتلك النابتة النكدة الممقوتة التي أطلت برأسها في زماننا ، تريد أن تنفث سموم مرضها وباطلها بين المسلمين للنيل من معاوية رضي الله عنه .. وكأني بها عمياء شوهاء لا حراك لها تريد أن تزاحم ما عليه سلف الأمة من صفاء ونقاء تجاه الصحابة رضوان الله عليهم ..

وما دار حول معاوية رضي الله عنه من شبه وأقوال محرفة على غير وجهها فكثيرة لا كثرها الله ، قد أفرزها أهل الأهواء والبدع بدافع عقائد فاسدة ، وآراء باطلة ماكان لها أن تأخذ حيزاً من عقائد المسلمين ؛ إلا مع انتشار الجهل ودعاته .. وقلة العلم ودعاتة ..

وهذا ما دعاني إلى الكتابة في هذا الأمر .. وجر مداد قلمي على هذه الصفحات لأنصر بها من نصر الدين ومن نصر شريعة رب العالمين ، من المهاجرين والأنصار وأخص بها خال المؤمنين وكاتب وحي رب العالمين أبا عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما ..

ومهما يكن من أمر ؛ فلن تقوم للباطل دولة ؛ اللهم صولة وجولة ، ثم يزهقه الله ويدمغه بالحق ، فالحمد لله رب العالمين .. فيا أيها القارئ لهذه الصفحات .. هذه بضاعة مزجاة مسوقة إليك .. وهذا فهم صاحبه وعقله معروض عليك .. لك غنمه وعلى كاتبه غرمه .. لك ثمرته وعلى كاتبه عائدته .. فإن عدم منك حمداً وشكراً ، فلا يعدم منك عذراً ، وإن أبيت إلا الملام فبابه مفتوح ..

هذا مجمل ما أردت قوله .. و أرجو الله ألا أكون ممن تخدعه الشمس بطول ظله .. و قد قلت بمقدار
ما اجتهدت .. و ما شهدت إلا بما علمت .. إن هي إلا خطرات .. بعضها متمنىً فات .. و بعضها لا يزال في بطون المؤلفات .. لم آتِ فيها على آخر إرادة .. ولا أزعم أني وفيّت على الغاية في الإفادة .. على أني قد كنت تمنيت أن أكتب أكثر فما أنجزت .. لكن لا ضير أن أصف النجم في سراه .. و إن لم أستقر في ذراه .. إن هي إلا لبنة على طريق الحق .. و أرجو أن تكون بقيمة الدرة .. و ما أراني بعد قد شفيت غلة النفس .. و بلغت بها أمنيتها .. فإنها تنظر إلى كثيرٍ و كثير .. و أما أنا فإني أشد فقراً إلى عون الله و توفيقه و تثبيته ..
اللهم اهدنا لأحسن الأحوال و الأفعال لا يهدي لأحسنها إلا أنت .. و ارزقنا صلاح الظاهر و الباطن ..
1- عزم معاوية رضي الله عنه نقل منبر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصاه إلى الشام . 2- ربط كسوف الشمس بتحريك منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم . 3- اتهام معاوية رضي الله عنه ببغض أهل المدينة ( الأنصار ) . ..










 

الكلمات الدلالية (Tags)
معاوية, الله, الدفاع, الصاحبي, حملة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:37

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc