السبب الرئيسي الذي أدى الى هذه العاصفة الشعبية التي لم تسلم منها أي دولة عربية تتمثل في إلغاء صوت عموم الناس في مجتمعها- وإرادتهم ورأيهم، وهو أمر يعود بالدرجة الأولى الى طبيعة انظمتها الإستبدادية التي كرست قمع كل المحاولات التي تصب لصالح المشاركة الشعبية في الشؤون العامة ..وهو ما يعني ميدانيا انفراد أقلية بالحكم تتصرف في أموال الدولة كانها أموالها الخاصة بذون حسيب ولا رقيب ..هذا هو أصل الفساد المعمم في جميع مؤسسات المجتمع الأخرى..ومن هنا تأتي ضرورة ومشروعية المطالبة الشعبية بالتغيير السلمي للنظام السياسي القائم .
لكن السؤال هو: هل سيقوم هذا النظام المستبد تحت هذه الظروف التي تنبئ بمرحلة تاريخية جديدة... بمباشرة اصلاحات حقيقية وليست ترقيعية؟ وهذا يعني ارادة جدية لتفكيك المؤسسات التي يقوم عليها واعادة بناء مؤسسات ذات طبيعة ديموقراطية ( تعديل الدستور بمشاركة جميع شرائح المجتمع, اعادة انتخاب برلمان بأحزاب تدافع عن المجتمع وتطلعات فئاته وتراقب أعمال الحكومة ,استقلالية القضاء واللجان التابعة له , اعلام سمعي بصري حر ومتعدد ,توزيع عادل للثروة للتقليل من الفوارق الإجتماعية...) باختصار اعادة التوازن بين مختلف شرائح المجتمع من جهة وبين المجتمع ككل والسلطة الحاكمة من جهة ثانية.
هذا مانتمناه لكن شتان بين الأمنية والواقع.
وفي حالة ما لم يقم النظام بذلك وقامت احتجاجات سلمية تطالبه بذلك هل سيتم قمعها بالطرق المعهودة أم يستجيب لها بصدق وشجاعة وبالتالي نتفادى خسائر نحن في غنى عنها؟ الجواب عند اصحاب القرار لحد الآن أما الرد الأخير فهو عند عموم الشعب لا محالة