نعمــة البــــلاء 

قال سبحانه: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ
أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً} [آل عمران: 186].
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا أراد الله بقوم خيراً ابتلاهم».
«إن البلايا أسرع إلى من يحبني من السبيل إلى منتهاه».
«يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطي أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم قرضت بالمقاريض في الدنيا».
فقد جرت سنة الله أن يبتلى العباد، وقد تتعدد صور الابتلاء والفتن، فمن الناس من يبتلى في نفسه،
ومنهم من يبتلى في عرضه، ومنهم من يبتلى في ماله، ومنهم من يبتلى في ولده، ومن الناس من
يبتلى بالخوف والجوع أو التشريد أو التعذيب، ومنهم من يبتلى بالسراء وسعة العيش ورغد الحياة وكثرة
المال والجاه والسلطان، وأشدهم بلاء وأعظمهم فتنة من يبتلى في دينه والعياذ بالله، فليس لمصيبته
جبران، وليس لبلائه عوض.
والشاهد أنّ الإنسان المسلم والكافر لا يخلو أن يكون معرضاً لنوع من الابتلاء، فمن صبر فله الصبر ..
وثوابه، ومن شكر فله نعيم الشكر وجزاؤه، ومن جزع وسخط فعليه وزر السخط وعقابه فلا يلومنّ إلا نفسه.
قال وهب بن منبه رحمه الله: "لا يكون الرجل فقيهاً كامل الفقه حتى يعد البلاء نعمة، ويعد الرخاء مصيبة".
ولله در القائل:
قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت
ويبتلـي الله بعض القوم بالنعــم
أيضاً في حق المصاب وهو يشاهد ثواب المصيبة يشاهد أيضاً وهو مكثر من الذنوب أن مصيبته هذه تكفر
عنه سيئاته وتحط عنه خطاياه، وتنقيه وتطهره من دنس المعصية، حتى يرد على الله مبرءً من أوساخ
الذنوب وأدران المعاصي، كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مصيبة يصاب بها المؤمن إلاّ
كفّر بها عنه حتى الشوكة يشاكها».
وقوله: «ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفّر عنه من سيئاته».
أين المآكل و المشارب و المراكب و القصور ...
أيها الناس انكم لم تخلقوا عبثا, ولم تتركوا سدى, وانكم لكم معاد ينزل الله تبارك وتعالى للحكم فيه والفصل
بينكم, فخاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء, وحرم الجنة التي عرضها السموات
والأرض, ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين, وسيخلفها بعدكم الباقون, حتى ترد الى خير الوارثين, في كل
يوم تشيّعون غاديا الى الله ورائحا قد قضى نحبه, وانقضى أجله, ثم تغيّبونه في صدع من الأرض غير موسّد
ولا ممهد, قد فارق الأحباب, وخلع الأسلاب, وواجه الحساب, وسكن التراب, مرتهنا بعمله, غنيّا عمّا ترك,
فقيرا الى ما قدّم. وايم الله اني لأقول لكم هذه المقالة, وما أعلم عند أحد منكم من الذموب أكثر مما أعلم
عندي, فأستغفر الله وأتوب اليه, وما أحد منكم تبلغني حاجته الا حرصت أن أسد من حاجته ما قدرت عليه,
وما أحد لا يسعه ما عندي الا وددت أنه بدئ بي وبلحمتي الذين يلونني حتى يستوي عيشنا وعيشكم.
وايم الله لو أردت غير هذا من رخاء أو غضارة عيش لكان اللسان مني ذلولا, ولكنه مضى من الله كتاب ناطق
أمرني فيه بطاعته, ونهاني فيه عن معصيته.
إذا نازعتك نفسك الأمارة بالسوء إلى معصية الله ورسوله فتذكر هادم اللذات وقاطع الشهوات
ومفرّق الجماعات " الموت"
واحذر أن يأتيك وأنت على حال لا ترضي الله عز وجل فتكون من الخاسرين، وشتان بين من يموت وهو
في أحضان المومسات، ومن يموت وهو ساجد لرب الأرض والسموات.
،’
اللهُمَ إنآ نَشْهَدُ بِأَنَكَ لاَ إِلَهَ إِلاَالله وَأَنَ مُحَمَداً عَبْدُكَ وَرَسُوُلُكْ
اللهُمَ نَوِرْ قُبُوُرَنآ ..وَأَبْعِدْ الْظُلْمَةَ وَالْوِحْشَةَ عَنآ وَأَبْعِدْنآ اللهم عَنْ فِتْنَةَ القَبْرِ
