سادسا :مناهج البحث فى علم الاجتماع الدينى
تتطلب الدراسة العلمية للدين ,وجمع المادة العلمية الواقعية عن الموضوعات المتعلقة بالجوانب الدينية لاستخدام عدد من المناهج منها .....
1_المنهج التاريخى
تسعى الدراسات الاجتماعية فى هذا العلم لبحث العلاقة بين الوقائع الاجتماعية وسمات التدين وتهدف لتفسير هذه العلاقة ليس فى ظل ظروف محددة ولكن فى جميع الحالات هذا ما ادى الى نمو النظريات الخاصة بتطور الدين وتطور البيانات عن الجماعات الدينية لذلك كان المنهج التاريخى من المناهج الهامة لبحث مثل هذه الظواهر الدينية
وقد استخدمة بارسونز وبيلا فى دراسة تطور الدين ,فقد استخدمة بارسونز واشار الى ان الدين فى تطورة يزداد تباينا وتفردا عن بقية المجتمع وهذا يعنى ان الدين يزداد خصوصية .فالدين مازال شيئا هاما بالنسبة للافراد ,اما بيلا فقد وضع خمس مراحل تطورية للدين هى (مرحلة الدين البدائى ,مرحلة الدين القديم, مرحلة الدين التاريخى,مرحلة الدين المعاصر المبكر,ومرحلة الدين المعاصر)
2_منهج المقارنة الثقافية:
وقد استخدمة فيبر فى محاولة اختبار نظريتة عن العلاقة بين الاخلاق البروتستانتية وظهور الرأسمالية عن طريق دراسة الدين والاقتصاد فى كل من الهند والصين واستخدمة تالمون فى دراسته للعديد من الثقافات الدينية واستخدمة العديدون فى دراسة قضية المعتقدات الدينية والتغير فى ادوار الافراد ,رغم هذا فهذا المنهج به عدة صعوبات تكمن فى ان مفاهيم التدين تتباين بشكل كبيرمن ثقافة لاخرى للدرجة التى يصعب فيها المقارنة بينهما
3_المنهج التجريبى:
استخدم هذا المنهج فى دراسات الدين ومازال يواجه صعوبات كثيرة فالباحث لا يستطيع ان يستخدم جماعات ضابطة واخرى تجريبية لاختبار المتغيرات المتعلقةباعتناق دين جديد ,رغم ها فقد استخدم هذا المنهج فى دراسات التنشأة الاجتماعية الدينية ,كالدراسة التى قام بها باتسون حول معرفة الخصائص السيكلوجية والقيمية عند الافراد قبل وبعد لقاءات التوعية والانعاش الدينى
4_منهج المسح الاجتماعى
وقد استخدم هذا المنهج فى دراسة الانتماء الدينى والمداومة على الذهاب لدور العبادة والمداومة على الصلاة ومعرفة اتجاهات الطائفة الدينية والاعتقاد فى مفاهيم دينية معينة وهو عموما يفيد فى ايجاد ارتباطاتبين سمات دينية محددة واتجاهات اجتماعية معينة
5_المنهج الاحصائى
هو من المناهج التى استخدمت حديثا فى ذلك , وقد يفيد هذا المنهج فى امدادنا بالارتباطات والعلاقات بين مكونات الظواهر الدينية ,هذا على الرغم من عدم مصداقية نتائجة فيما لا يتعدى توضيح العلاقات العلمية بين مكونات الظاهرة موضوع الدراسة
-سابعا الاتجاهات النظرية لدراسة الدين
هناك ثلاث اتجاهات رئيسية فى دراسة الدين هم
1_الوضعية العقلانية
يسعى الاتجاه الوضعى لوضع تحديدات قوية على نوعية ومغزى الظاهرة الدينية,ويوجد به اتجاهات للتفسير النظرى للظاهرة الدينية منها ما ينظر للظاهرة الدينية على انها اظهار للعوامل البيولوجية والسلوكية للوصول للضبط العقلى ومنها ما ينظر للظاهرة الدينية على انها تقدم تفسيرات اجتماعية دينية فى ضوء مفاهيم تحدد سلفا لموضوع الدراسة اما الاتجاه العقلانى فقد اتجه نحو دراسة الفاعل فى الظاهرة الدينية
وقد استخدمة سبنسر وتايلور واشارا فيه الا ان السحر البدائى والافكار الدينية هى افكار فى مستوى الانسان البدائى مع الاخذ فى الاعتبار القصور فى تراكم المعرفة وقد حاول العديد من العلماء الجمع بين كلا الاتجاهين الوضعى والعقلانى امثال دوركايم وماكس فيبر
2_الاتجاه الانثربولوجى
وقد استخدمة مالوفينسكى فى دراسة الاوضاع الدينية للمجتماعت البسيطة وراى فيها ان افراد هذه المجتمعات لا يستطيعون تنظيم المجتمع بدون معرفة مرتكزة على الملاحظة والعقل,فهى تنجز وظائف سيكلوجية للافراد حيث تقلل ما ينتاب الانسان من مخاوف واخطار(كالامراض والموت),لذلك يرى مالينوفينسكى ان الدين والسجر استجابات لضغوط عاطفية ,والدين لا يستمد اساسة من المجتمع نفسة ,ولكنة من حاجات الافراد العاطفية فالوظيفة الاجتماعية الاساسية للدين فى راى مالينوفينسكى هى خلق اتجاهات قيمية وعقلية والاديان فى معظمها تمارس بصورة جمعية اى فى اطار جماعى وتهتم بالمجتمع
3_الاتجاة النفسى:
اشهر من تحدث اليه هو فرويد وينظر للدين كنظرة ماركس له باعتبارة شىء مخدر يعطى معنا زائفا لعالم بلا قلب ,ويرى ان استمرار الدين شىء طبيعى ,لان قوة الدين ترجع لارتباطة بمعظم الجوانب الهامة لحياة الانسان الداخلية ,كما ان الدين له القدرةعلى اتباع رغبات الانسان ليجعل العالم يشبة ما يتمنى ان يكون عليه كما انة فى نفس الوقت ضابطا لرغباته
ويرى فرويد كذلك ان هناك صراعا دائما بين الميول الغريزية الانسانية اى بين الدوافع الذاتية الفردية والدوافع الغيرية الجماعية وعادة ما ينتهى هذا الصراع بغلبة الدوافع الانسانية هنا تنشا النظم المقيدة لهذة الدوافع الانانية وهو ما كان يمثل فى التابو قديما والدين حديثا
وتطبيقا لما سبق يمكننا القول ان الدين الاسلامى قد تم دراستة من خلال عدة اتجاهات قريبة لما سبق منها *المدخل اليوتوبى (اعمال الفارابى)
*المدخل الاخلاقى الاجتماعى(ابن مسكوبة)
*المدخل الثقافى المقارن(اعمال البيرونى)
*المدخل الوضعى الواقعى(اعمال ابن خلدون)1)
المدخل اليوتوبى
من اشهر مؤلفاتة اراء المدينة الفاضلة وفيها قسم الفارابى المجتمعات الانسانية الى قسمين اولهما مجتمعات كاملة وغير كاملة ,المجتمع الكامل وهو ما يتحقق فية التعاون الاجتماعى بشكل كامل ويكون بداية لمجتمع اعظم يشمل العالم كلة ويكون فيها تحت سلطة حكومية واحدة ورئيس واحد
لذلك راى فى هذا الرئيس اثنتى عشر فضيلة ليكون مؤهلا بهذا الدور منها ان يكون جيد الفهم والتصور ,تام الاعضاء,قادر على اداء مهماتة.جيد الحفظ,جيد الفطنة,حسن العبارة ,محبا للتعليم.غير شرة للماكل والملبس ,محبا للصدق واهلة كبير النفس محبا لكرامتة ونلاحظ فى هذة الصفات خصالا روحية وفطرية قد لا تجتمع فى اى انسان اضافى الى ما سبق يجب ان يكون حميما ,محافظا على الشرائع قادر على الاستنباط مما يعرفة عن السلف وهكذا يكون الفارابى شبه متصوفا فى نظرتة الدينية الاجتماعية للمجتمع الانسانى الفاضل
2)المدخل الاخلاقى الاجتماعى (لابن مسكوبة)
وفيها يهتم بالاخلاق وبنشاة المجتمع والحياة الاجتماعية وعلاقة القيم الاخلاقية بذلك ,حيث يرى ان هناك عاملين هامين فى تحقيق التماسك والتضامن فى المجتمع هما :الشعائر الدينية الاسلامية كصلاة الجماعة والعامل الثانى وهو العدل ومحاولة تحقيقة فى المجتمع وينطلق ابن مسكوبة فى ذلك لتحقيق هذا عن طريق التجديد فى سياسة التعامل النقدى فى المجتمع وكيفية اقامة الحكم الصالح وكيفية تطبيق قوانين الله وارادتة ويصل فى النهاية للقول ان عدم احترام الشرائع السماوية والقوانين المدنية وعدم الاستجابة لاوامر الحاكم العادل كل هذا يؤدى لفساد لاخلاق وتهدم المجتمع وانهيارة
3)المدخل الثقافى المقارن(البيرونى)
وفيها درس البيرنى المجتمع الهندى ودياناتة وقارن ذلك بما فى المجتمعات الاسلامية العربية خاصة فيما يتعلق بامور الدين واللغة والنظم الاسرية والقضائية والطبقية والسنن الاجتماعية وغيرها ,عموما ناقش البيرونى اوضاع الديانات الهندية خاصة عبادة الاصنام والمعتقدت حول ذلك وكيف ان يخالف هذا الديانة الاسلامية
4)المدخل الوضعى الواقعى(لابن خلدون)
وهو اكثر ما يمكن اعتبارة من كتاب الاجتماع الدينى خاصة فيما كتبة عن الخلافة الاسلامية والتى راى فيها اربعة نقاط اساسية هم (العلم ,العدالة,الكفاية,سلامة الحواس) وتعرض للخلافة القريشية وناقش الاراء حول ذلك وتعرض ايضا لوظائف الخلافة ويراها فى الصلاة والقضاء والجهاد وسك النقود وانتقل بعد ذلك الى دراسة اثر الحضارة الاسلامية فى العلوم والمعارف واهمية التربية فى الاستفادة من هذه الحضارة فى رفعة المجتمع الاسلامى
عموما لم يركز ابن خلدون على التربية الدينية فقط مع اهمال القيم الدينية بل يجب الاتزان فيما بينهما اضافة لللاهتمام بأمور العدالة عموما كانت اراء ابن خلدون متاثرة بالبيئة الدينية التى ظهر فيها لذللك اعتبر الدين احد المقومات التى تغرس فى الاجيال القيم والاصالة فضلا عن مساعدة الافراد على التماسك والتضامن واستمرارية المجتمع وتحقيق اهدافه العلمية والتربوية والحضارية[/color]