السلام عليكم
المعتمد بن عباد لمن لا يعرفه هو أحد ملوك الطوائف الذين حكموا إشبيلة
كان المعتمد بن عباد - رحمه الله - أحد ملوك زمانه الذين جمعوا بين الشعر و الملك و العلم و الحضارة و على بابه اجتمع العلماء و الأدباء و الشعراء ، و كانت إشبيلية في عصره درة الأندلس لا تضاهيها مملكة إلا قرطبة و قد ضمها إليه فلم يعد لها منافس .
عاش المعتمد بن عباد كبقية ملوك عصره حياة الترف و البذخ حتى إن زوجته اشتهت ذات يوم أن تمشي على الطين فصنع لها مايشبه ذلك من المسك و الكافور و أنواع الطيب فسماه الناس يوم الطين ، كما شيد القصور و الحدائق فلم يعد للعامة حديث إلا عن قصور المعتمد بن عباد لجمالها و بهائها .
لكن العدو الإسباني كان يترصد هذه الممالك المتفرقة و هؤلاء الملوك المنشغلين بملذاتهم و أهوائهم ، و قد نجح ألفونسو في فرض جزية عليهم مقابل عدم التعرض لهم و فعلوا و أعطوه مبالغ باهضة أخذوها من العامة ، و حدث أن امتنع المعتمد عن دفع الجزية لألفونسو بعد أن استفزه رسوله فجهز الإسبان جيشا عرمرم لضرب إشبيلية ، و لم يجد المعتمد غير أمير المرابطين يوسف بن تاشفين فاستنجد به و لبى النداء و كانت معركة الزلاقة معركة بدر ثانية ، نصر الله فيها المسلمين و أذل الكفار .
و لكن ...استشعر المعتمد خطر المرابطين و خاف على ملكه فاستنجد بعدو الأمس ألفونسو ، لكن ابن تاشفين تدخل و أنقذ الأندلس مجددا .
ماذا حدث للمعتمد بعد كل هذا ؟ نفاه يوسف بن تاشفين إلى أغمات بالمغرب و هناك قضى ما تبقى له من حياته في أسر و ذل سجله في أشعار تذوب لها القلوب : الملك الشاعر / الأسير الحائر ، و مع ذلك فقد أمهله الله فتاب و أناب و كان مما قال :
قلبي إلى الرحمن يشكو بثه *** ما خاب من يشكو إلى الرحمن
أسر و عسر و لا يسر أؤمله *** أستغفر الله كم لله من نظر
و لكن هل سيمهلهم الله ؟
خلاصة القول : إن في كل زمان و مكان حاكم عربي معتمدي يحكم البلاد بقبضة حديدية يطورها و يبنيها حتى تصبح محل أطماع الأعداء و مع ذلك يستأثر بخيراتها لنفسه و لحاشيته المقربين ، و في سبيل بقائه على الكرسي يتحالف مع أعداء الإسلام و يدفع لهم مقابل رضاهم عنه ، و ساعة الجد لن يجد إلا إخوانه المسلمين و قد يعطيه الله فرصة للتوبة لكنه لا يفعل و يستمر في طغيانه فيأخذه أخذ عزيز مقتدر .
القائمة طويلة و مفتوحة و لكم أن تقارنوا : المستعصم العباسي ، الملك فاروق ، صدام حسين ، الرئيس التونسي ... مع بعض التحفظ حول الشخصيات المذكورة و لكن الخاتمة واحدة .
رجاء نريد حوارا حضاريا خاليا من التجريح