الكثير منّا يسعى لإدراك الوضع الذي يعيش فيه، و ذلك ببذل كل ما في وسعه لتحليل الأحداث، و الاستعلام عن مختلف المشاريع و القوانين التي تقوم بها الحكومة، كما أنّه يجدّ في التعرّف على رجال السياسة في بلادنا لكي يميّز بين الصالح و الطّالح
و الدّافع الذي يحدونا لذلك ما هو إلا حرصنا على هذا البلد العزيز، و اسهامنا و لو بقسط يسير في النهوض به
فكل شعب له دوره الهام في الرقيّ ببلده، و كل فرد فيه يتحلّى بروح المسؤولية لكي يدلي بدلوه في مجال السياسة
فحتى ذلك العامل البسيط، و تلك العجوز الأمّية، و ذلك الفتى اليافع يسعون للساهمة في خدمة وطنهم، و لو بمجرد الإدلاء بأصواتهم في الإنتخابات
كما أن الأحداث التي يمرّ بها البلد هي حديث العام و الخاص ، في الشوارع و المقاهي و النوادي ....
و لهذا السبب يعمل رجال السياسة جاهدين على كسب ثقة الناس، و تحسين صورته العامة أمام الرأي العام
كما أن ذوي النوايا السيئة كثيرا ما تدفعهم الرهبة من سخط الرأي العام، و المحاكمة الشعبية من الإقدام الأرعن على التلاعب بمقدّرات الشعب و مبادئه
و السؤال الذي يطرح نفسه الآن : هل الشعب الجزائري يثق في رجال السياسة ؟
و هل الشعب يملك القدرة الكافية على التمييز بين من يحاول الوصول به إلى برّ الأمان و من يحاول انتهازه و استغلاله بأبشع الأشكال ؟
و هل هناك سياسيون قادرون على التعبير عن طموحات الناس، و تكريس أنفسهم لخدمتهم ؟
كل هذه التساؤلات أريد منكم الإجابة عنها، و سأكتفي بالإجابة على المسألة الجوهرية في الموضوع و هي مسألة الثقة في رجال السياسة
في ديننا الإسلامي الحنيف، تعلمنا أن صفة القائد ينبغي أن تكون بحسب تقواه لله تعالى و مدى اهتمامه بأمر المسلمين
و مصداق ذلك كقوله تعالى : ( اجعلني على خزائن الأرض إنّي حفيظ عليم )
و قوله تعالى : ( يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القويّ الأمين )
أما نحن الجزائريون فقد رأينا أصنافا من رجال السياسة ليس فيهم ذرّة من الشهامة أو الأمانة
و الغريب العجيب أن هذا الأمر شائع في أحزاب السلطة كما هو شائع في أحزاب المعارضة ( تشابهت قلوبهم )، و سأسرد بعض الوقائع التي تدعم هذا الرأي، و أريد منكم أن تساهموا في كتابتها
1- السمة البارزة لكثير من رجال السياسة عندنا، هو أنه مستعد لبيع مبدئه في المزاد العلني لمن يدفع أكثر ! فلطالما سمعنا أن فلانا الذي كان ينادي بكذا و كذا انقلب رأسا على عقب لمجرد أنه لقي امتيازات شخصية عظيمة جعلته يختار قلب شراع السفينة في الاتجاه المعاكس.
2- أن الكثير منهم يمشي بأجندات و خلفيات خارجية، و مستعد لأن يبذل لتلك الجهات الغالي و النفيس لكي ترضى عنه، حتى و لو كان ذلك بيع الشعب الجزائري كله
3- أن البعض منهم لا يعبأ بصوت الشعب و مطالبه، فهو حريص فقط على مصالحه الشخصية و مصالح جماعته الضيّقة
4- أن البعض منهم مستعدّ للتّضحية بهذا الشعب و الدفع به في متاهات الحرب الأهلية، لا لشيء إلا لأنه يستفيد من الفوضى و عدم الاستقرار و لو استفادة غير مباشرة، بل أحيانا حتى بغير استفادة و هذا غاية الحماقة و الوقاحة
5- أن الكثير منهم ليس لديه لسان صدق، فهو مشهور بالنفاق و الكذب، تراه يعد وعودا ثم يخلفها، و يصرح بكلام ثم ينقضه، و إذا امتلك المعلومة أخفاها ليوم مصلحته و لن يبذلها لخدمة هذا الشعب
6- الكثير منهم ليس له أي دور سياسي حقيقي في البلد، فهو يظهر فقط في المواعيد الانتخابية للقيام بشيء من التهريج أمام الملأ علّه يحظى ببعض الفتات هنا و هناك !
7- أنّ البعض منهم قد رفع شعارات برّاقة مثل الدعوة إلى محاربة الفساد، مع أنه هو نفسه غارق في الفساد لحدّ أذنيه !
8- البعض منهم يتاجر بالدين و بقضية فلسطين، و في الحقيقة هو ليس من الدين و لا من قضية فلسطين في شيء ، فالسياسي الحقيقي الذي يتمسك بالدين و ينافح عن قضية فلسطين عليه أن يظهر ذلك في سلوكه اليومي و في مساره السياسي كله، حتى و لو اضطرّ إلى التضحية بوظيفته أو مركزه في سبيل هذه المبادئ فإنه سيفعل ، أما رجال السياسة عندنا فهذه المبادئ ليست إلا شعارات جوفاء يستعملونها لنيل تعاطف الناس
9- السرقة و النهب هي السمة الغالبة في رجال السياسة عندنا ، و إلا فكيف نفسر أن الكثير منهم دخلوا محافل السياسة جياعا خماص البطون ، و خرجوا في وقت قصير بقرا من البطانة و التّخمة مع الفيلات و السيارات ؟!
10- رجال السياسة عندنا لا يقولون الكلمة التي ترضي الله سبحانه و تعالى ، بل يقولون الكلمة التي ترضي أسيادهم و لو أسخطت رب العالمين
لذلك نحن لا نثق في السياسيين