***بسم الله الرحمن الرحيم ***
-الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على المصطفى ،وبعد:
ان من أعظم أسباب دخول النارحصائد الالسنة ، يستهين بها العبد ولا يبالى بها قال ابن مسعود : والله الذي لا إله إلا هو ما شئ أحوج إلى طول سجن من اللسان , فحق على العاقل أن يكون عارفاً بزمانه حافظاً للسانه ، مقبلاً على شأنه , فما عقل دينه من لم يحفظ لسانه .
وكان رضى الله عنه – يقول : يا لسان قل خيراً تغنم ، واسكت عن شر تسلم من قبل أن تندم , وفي الحديث : " من كان يؤمن بالله و اليوم الاخر فليقل خيراً أو ليسكت "
قال معاذ بن جبل – رضى الله عنه – قلت يا رسول الله أنؤاخذ بما نقول ؟ فقال : " ثكلتك أمك يا ابن جبل وهل يكب الناس فى النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم " رواه ابن ماجه و الترمذى و صححه .
وكتب عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – أما بعد : فإن من أكثر ذكر الموت رضى في الدنيا باليسير ، ومن عد كلامه فى عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه ، و حفظ اللسان أشد على الناس من حفظ الدرهم و الدينار ، وما من الناس أحد يكون منه لسانه على بال إلا رأيت صلاح ذلك فى سائر عمله .
جاء رجل إلى سلمان الفارسي فقال : أوصني : قال لا تتكلم قال : لا يستطيع من عاش فى الناس أن لا يتكلم ، قال : فإن تكلمت فتكلم بحق أو اسكت ، قال : زدني قال : لا تغضب ، قال : إنه ليغشاني ما لا أملكه ، قال : فإن غضبت فأمسك لسانك ويدك ، قال : زدني ، قال : لا تلابس الناس ، قال : لا يستطيع من عاش فى الناس أن لا يلابسهم ، قال : فإن لابستهم فاصدق الحديث و أد الأمانة .
وقال عطاء ابن أبى رباح : يا ابن أخي إن من كان قبلكم كانوا يكرهون فضول الكلام ،
وقال عمر – رضى الله عنه – لا تتعرض لما لا يعنيك واعتزل عدوك , وأحذر صديقك في القوم إلا الأمين ولا أمين إلا من خشي الله تعالى ,ولا تصحب الفاجر فتتعلم منه فجوره ، ولا تطلعه على سرك ، و استشر فى أمرك الذين يخشون الله تعالى .
وكان من مضى بإحسان يكرهون فضول الكلام ، فعن ابن مسعود – رضى الله عنه – قال : أنذركم فضول كلامكم حسب امرئ من الكلام ما بلغ به حاجته ، وقال مجاهد : إن الكلام ليكتب حتى إن الرجل ليسكت ابنه فيقول : أبتاع لك كذا و كذا ، فيكتب كذاب .
وقال الحسن : " من كثر كلامه كثر كذبه ، ومن كثر ماله كثرت ذنوبه ,ومن ساء خلقه عذب نفسه ، وقال عمر بن عبد العزيز : إنه ليمنعني من كثير من الكلام خوف المباهاة
ورأى أبو الدرداء امرأة سليطة فقال : لو كانت هذه خرساء كان خيراً لها .
وقال عمر – رضى الله عنه – : " لا تتعلم العلم لثلاث ولا تتركه لثلاث ، لا تتعلمه لتمارى به ، ولا لتباهى به ، ولا لترائي به ، ولا تتركه حياء من طلبه ولا زهادة فيه ، ولا رضا بالجهل منه " , وورد في الحديث : " إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم " رواه البخارى ، و الألد الخصم هو الذى يفجر فى خصومته ،
ومما يذم في الكلام التشدق و التقعر والتفيهق و تكلف السجع وكل صور التصنع المذموم
و ذلك لما رواه أحمد : " إن أبغضكم إلى و أبعدكم منى مجلساً الثرثارون المتفيقهون المتشدقون فى الكلام " وقال صلى الله عليه و سلم : " ألا هلك المتنطعون " ثلاث مرات, و" ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء ، فإياكم و الفحش فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش " ، و للأسف فهذه مادة مزاح بعض الناس ، وفى الحديث " سباب المؤمن فسوق و قتاله كفر " متفق عليه " و " من أكبر الكبائر أن يسب الرجل والديه " قالوا يا رسول الله : كيف يسب الرجل والديه ؟ قال : " يسب أبا الرجل فيسب الأخر آباه " رواه أحمد .
قال محمد بن المنكدر قالت لى أمي : يا بنى لا تمازح الصبيان فتهون عندهم ،
وقال سعيد بن العاص لابنه : يا بنى لا تمازح الشريف فيحقد عليك ، ولا الدنى فيجترئ عليك وقال عمر بن عبد العزيز : اتقوا الله و إياكم و المزاح فإنه يورث الضغينة و يجر إلى القبيح ، تحدثوا بالقرآن و تجالسوا به ، فإن ثقل عليكم فحديث حسن من حديث الرجال ، وقيل : لكل شئ بذور ، وبذور العداوة المزاح ,
وقد نهينا عن السخرية و الاستهزاء قال تعالى : " يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساءً من نساء عسى أن يكن خيراً منهن ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان و من لم يتب فأولئك هم الظالمون " فاحتقار الآخرين والاستهانة بهم والتنبيه على العيوب والنقائص على وجه يضحك كل ذلك مذموم
وسواء تم بالكلام أو بالإشارة أو الإيماء ، ومن الخيانة أن تحدث بسر أخيك كما قال الحسن ، و المجالس بالأمانة ، و فى الحديث " إذا حدث الرجل الحديث ثم التفت فهى أمانة " رواه الترمذى و حسنه ،
ففى الحديث : " ثلاث من كن فيه فهو منافق ، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم ، إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان " متفق عليه ، والكذب في القول و اليمين يجرى مجرى اللبانة فى الأفواه ، و قد ورد ذم من ينفق سلعته بالحلف الفاجر واليمين الكاذب ، وقال صلى الله عليه و سلم : " ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم و يل له و يل له " رواه أبو داود و الترمذى و حسنه ،
، وأخطر الكذب ما كان على الله و رسوله ، ففى الحديث : " من كذب على متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " متفق عليه . وفى المعاريض مندوحة عن الكذب ، والغيبة المحرمة هي ذكر الرجل لأخيه من خلفه بما يكره ، " إن كان فيه فقد اغتبه وإن لم يكن فيه فقد بهته " " كل المسلم على المسلم حرام دمه و ماله و عرضه " وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
اخوكم ابو ابراهيم *