مقدمــة:
إن جدلية مكافحة الجريمة وحماية حقوق الإنسان كانت مثار جدل المفكرين ورجال القانون منذ القدم، وقد انصب النقاش حول أساليب البحث والتحري عن الجريمة وإثباتها وتوقيف المشتبه في ارتكابها باعتبارها اعتداء خطير على النظام الاجتماعي دون المساس بالحقوق الأساسية للإنسان والمواطن ومن ثمة تدخل المشرع لضبط عمل الأعوان والموظفين المكلفين بمكافحة الجريمة وتحديد مهامهم وسلطاتهم في مجال التحري واثبات الجرائم وضبط الأدلة وتوقيف مرتكبها وتقديمه إلى العدالة,وأمام التقدم الهائل للمجتمع في المجال الاقتصادي والتكنولوجي تطورت الأساليب الإجرامية باستعمال المجرمين تقنيات متطورة ووسائل جديدة في ارتكابها مما أدى إلى اتساع نطاقها وهو ما جعل جهود أعضاء الشرطة القضائية ذوي التكوين العام في القانون في مكافحة الجريمة محدود، دون مساعدة ومؤازرة التقنيين وذوي الاختصاص وهو ما تطلب تدخل المشرع من خلال العديد من القوانين الخاصة بقطاعات مختلفة لتحديد الموظفين المؤهلين للبحث والتحري على الجرائم ومعاينتها في نطاق اختصاصهم نظرا لخبرتهم في المجالات التي يمارسون فيها مهامهم.ومن خلال بحثنا سنحاول فيه تحديد من هم هؤلاء الموظفين المخولين بسلطات الضبط القضائي؟ وما هي مجالات اختصاصاتهم وعلاقتهم بالنيابة العامة؟
وقد عالجنا هذا الموضوع وفقا للخطة التالية:
المبحث الأول : مـــاهية الضبطية القضائية
المطلب الأول : مفهوم الضبط القضائي
المطلب الثاني : تنظيم الضبط القضائي
المبحث الثاني : اختصـاصات ضباط الشرطة القضائية
المطلب الأول : مفهـــوم الاختصاص
المطلب الثاني : الاختصاصات العادية والاستثنائية لضباط الشرطة القضائية
البحث الثالث : الضبطية القضائية وعلاقتها بالنيابة العامة
المطلب الأول : تبعية الضبط القضائي والرقابة عليه
المطلب الثاني : إدارة ورقابة النيابة العامة على جهاز الضبط القضائي
الخـــاتمــة
المبحث الأول : مــاهية الضبطية القضائية
المطلب الأول : مفهوم الضبطية القضائية
يقصد بالضبطية القضائية تلك الإجراءات التي يتخذها ضباط الشرطة القضائية وأعوانهم في البحث والتحري عن الجرائم المرتكبة لمعرفة مرتكبها وكيفية وقوعها وإسنادها إليهم, ويخضع جهاز الضبطية القضائية من حيث هيكلة وتنظيمه لقواعد قانونية وردت في قانون الإجراءات الجزائية وبعض النصوص القانونية المتفرقة, وهو تنظيم سلمي تدرجي من حيث هيكلة الجهاز ومن حيث السلطات المخولة لكل عضو من أعضائه . فالشرطة القضائية ومن خلال المادة 12 من قانون الإجراءات الجزائية ينصرف الى معنيين الأول موضوعي ويقصد به كل المهام المنوط بأجهزة الضبط القضائي والمتمثلة أساسا في البحث والتحري عن الجرائم وجمع الأدلة والبحث عن مرتكبها قبل أن يفتح بشأنها تحقيق قضائي , أما المدلول الثاني فيعني الأجهزة والأشخاص المكلفين بتنفيذ المهام المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة 12 ق إ ج.
ومن خلال المدلولين السابقين يتبين أن أعضاء الشرطة القضائية موظفون منحهم القانون صفة الضبطية القضائية وخولهم بموجبها حقوقا وفرض عليهم واجبات في إطار البحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات, فيبدأ دورهم بعد وقوع الجريمة وينتهي عند فتح تحقيق قضائي أو إحالة المتهم إلى جهة الحكم. (1)
المطلب الثاني: تنظيم الضبطية القضائية
الفرع الأول: صفة الضبط القضائي : نص المشرع الجزائري في القانون رقم 66-155 المؤرخ في
08-جوان -1966 المعدل والمتمم المتضمن قانون الإجراءات الجزائية في بابه الاول المتعلق بالبحث والتحري عن الجرائم، وعن الضبط القضائي وافرد له الفصل الأول منه حيث ضمنه أحكاما عامة. حيث نصت المادة 14 بأنه يتصف بصفة الضبطية القضائية " ضباط الشرطة القضائية، أعوان الضبط القضائي، والأعوان والموظفين المنوط بهم قانونا بعض مهام الضبط القضائي"
أولا: ضباط الشرطة القضائية:
تنص المادة 15 من ق .إ. ج :"يتمتع بصفة ضباط الشرطة القضائية:
1 ) رؤساء المجالس الشعبية البلدية 2) ضباط الدرك الوطني 3) محافظو الشرطة 4)ضباط الشرطة
5) ذو الرتب في الدرك،ورجال الدرك الذين امضوا في سلك الدرك ثلاث سنوات على الأقل والذين تم تعيينهم بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل ووزير الدفاع الوطني بعد موافقة لجنة خاصة
6) مفتشو الأمن الوطني الذين قضوا في خدمتهم بهذه الصفة ثلاث سنوات على الأقل وعينوا بموجب قرار مشترك صادر عن وزير العدل ووزير الداخلية والجماعات المحلية، بعد موافقة لجنة خاصة .
7) ضباط وضباط الصف التابعين للمصالح العسكرية للأمن الذين تم تعيينهم خصيصا بموجب قرار مشترك صادر عن وزير الدفاع الوطني ووزير العدل وهذه المادة تتضمن 3 فئات من الضباط هي :
أ) صفة الضابط بقوة القانون: هناك فئة من جهاز الضبط القضائي تضفى عليها صفة ضابط للشرطة القضائية بقوة القانون بمجرد توافر صفة معينة في المرشح، دون الحاجة لاستصدار قرار بذلك وهي صفات حددتها المادة 15 من ق إ ج حصرا وهي صفة رئيس البلدية ، ضابط في الدرك الوطني ، محافظ الشرطة ، وضابط الشرطة.
ب) صفة الضابط بناءا على قرار: وهي فئة ثانية من جهاز الضبط القضائي لا تضفى عليها صفة الضابط شرطة قضائية بقوة القانون مباشرة وإنما ترشح لذلك، ويجب لإضفاء صفة ضابط عليها استصدار قرار مشترك من الوزيرين المعنيين وزير العدل من جهة ووزير الدفاع أو وزير الداخلية من جهة أخرى وهو قرار يعني الفئات التي حددها قانون الإجراءات الجزائية فقط، لان الصفة وحدها لا تكفي ويجب أن يتوافر في المرشح لرتبة ضابط الشروط التالية : * أن يكون المترشح لصفة ضابط شرطة قضائية من الفئات المحددة في البندين 5 ، 6 من المادة 15 ق إ ج .
* أن يكون المرشح قد أمضى في الخدمة 3 سنوات على الأقل بالنسبة لذوي الرتب في الدرك الوطني .
* أن توافق اللجنة الخاصة المذكورة أعلاه والمكونة من ثلاثة أعضاء.
كما تقرر الفقرة الأخيرة من المادة 15 ق إ ج على أن يحدد تكوين اللجنة المنصوص عليها في هذه المادة وتسييرها بموجب مرسوم (المرسوم الذي صدر حمل رقم 66 – 167 مؤرخ 08/06/1966 ينص على تشكيل اللجنة من 03 أعضاء ممثلين للوزارات المعنية العدل والدفاع والداخلية ).
ج) مستخدمو مصالح الأمن العسكري: يضفي القانون صفة الضبطية القضائية إلى بعض قطاعات الجيش الوطني الشعبي وهم صنف مستخدمي مصالح الأمن العسكري من الضباط وضباط الصف الذين تضفى عليهم صفة ضابط شرطة قضائية ويكون ذلك بناءا على قرار مشترك بين وزيري العدل والدفاع الوطني ولم يشترط القانون بشأنهم توافر مجموعة الشروط التي تطلبها في الفئة الثانية، وهي شرط الصفة والمدة ومواصفة اللجنة والقرار المشترك. وإنما اشترط بشأنهم فقط شرطا واحدا وهو أن يكون المرشح من ضباط مصالح الأمن العسكري أو ضباط الصف فيه.
ثانيا: أعوان الضبط القضائي:
ويطلق عليهم أيضا أعوان ضباط الشرطة القضائية فتنص المادة 19 ق إ ج " يعد من أعوان الضبط القضائي موظفو مصالح الشرطة وذوو الرتب في الدرك الوطني ورجال الدرك ومستخدمو مصالح الأمن العسكري الذين ليست لهم صفة ضباط الشرطة القضائية .
ومن هنا نلاحظ أن قانون الإجراءات الجزائية عدل بالأمر التشريعي 93-14 المؤرخ في 04 – 12 –1993
والذي عدلت بموجبه المادة 19 وأضيفت له المادة 26 فتنص الأولى بعد تعديلها "يعد من أعوان الشرطة القضائية موظفو مصالح الشرطة القضائية وذوو الرتب في الدرك الوطني والدركيون ومستخدمو الأمن العسكري والذين ليست لهم صفة ضباط شرطة قضائية ذوو الرتب في الشرطة البلدية.
وتنص المادة 26 المضافة " يرسل ذوو الرتب في الشرطة البلدية محاضرهم الى وكلاء الجمهورية عن طريق ضابط الشرطة القضائية الأقرب ويجب أن ترسل هذه المحاضر خلال الخمسة الموالية لتاريخ المخالفة على الأكثر . ثم عدل القانون مرة أخرى بالأمر التشريعي 95-10 فعدلت بموجبه المادة 19 وهي مادة لا تتضمن من تضفى عليهم صفة عون للضبط القضائي ذوي الرتب في الشرطة البلدية وهذا يعني أن هذه الفئة الأخيرة لم تصبح من أعوان الضبط القضائي في حين لم يطرأ تغيير بالتعديل أو الإلغاء على حكم المادة 26 السالفة الذكر وهو ما يطرح تناقضا في الوضع القانوني لهذه الفئة فمن جهة لا يعتبر ذو الرتب في الشرطة البلدية أعوانا للضبط القضائي طبقا للمادة 19 ق إ ج وفي نفس الوقت يلزم القانون هذه الفئة طبقا للمادة 26 بوجوب إرسال محاضر معايناتهم للمخالفات خلال خمسة أيام من تاريخ إثباتهم للمعاينة .
إلا انه صدر المرسوم التنفيذي 96-265 المؤرخ في 03/08/1996 المتضمن إنشاء سلك الحرس البلدي وتحديد مهامه وتنظيمه ،فينص في المادة 06 منه"يمارس أعضاء الحرس البلدي المؤهلين قانونا،
الشرطة القضائية تحت سلطة ضابط الشرطة القضائية المختص إقليميا ، ويقومون في حالة حدوث جناية أو جنحة بالمحافظة على الآثار والدلائل دون تعطيل ضابط الشرطة القضائية المختص إقليميا .
وعليه يمكن القول طبقا للنصوص السابقة الذكر أن سلك المساعدين أو الأعوان في الضبط القضائي بضم الفئات التي لا تتوافر لها صفة ضابط شرطة قضائية وهي : -موظفي مصالح الشرطة
- ذوي الرتب في الدرك الوطني – رجال الدرك الوطني – مستخدمي مصالح الأمن العسكري
بالإضافة لتلك الفئات هناك فئة أعضاء الحرس البلدي الذي أضفيت عليها صفة أعوان الضبط القضائي طبقا لأحكام المرسوم التنفيذي رقم 96-266 المؤرخ في 03 / 08 / 1996 المتعلق بالقانون الأساسي لموظفي الحرس البلدي وبالتالي يؤهل أعضاء الحرس البلدي لمباشرة اختصاصات الضبط القضائي عملا بحكم المادة 06 من المرسوم السالف الذكر.
ثالثا: الأعوان والموظفين المكلفون ببعض مهام الضبط القضائي:
لم يحصر القانون الجزائري صفة الضبطية القضائية إلى الأعوان الذي وردت بهم المادة 19 ق ا ج بل انه وسع من مجال إضفائها لفئات أخرى وهي من فئة العاملين والموظفين في الدولة فيضفي مرة على صنف صفة عون للضبط القضائي مباشرة وصنف ثان يحيل إلى قوانين خاصة لا مكان لإضفاء صفة المكلف ببعض مهام الضبط القضائي عليه.
1) صنف محدد في قانون الإجراءات الجزائية: وهو صنف يضم فئتين من الموظفين والأعوان العموميين يضفي عليهما قانون الإجراءات الجزائية صفة الضبطية القضائية وهما:
- فئة الموظفين والأعوان المختصين في الغابات وحماية الأراضي واستصلاحها
- فئة ولاة الولايات
أ) الموظفون والأعوان المختصون في الغابات : يعتبر الموظفون والأعوان المختصون في الغابات وحماية الأراضي واستصلاحها من أعوان الضبط القضائي فتنص المادة 21 ق إ ج يقوم رؤساء الأقسام والمهندسون والأعوان الفنيون المختصون في الغابات وحماية الأراضي واستصلاحها بالبحث والتحري ومعاينة جنح ومخالفات قانون الغابات وتشريع الصيد ونظام السير وجميع الأنظمة التي عينوا فيها بصفة خاصة وإثباتها في محاضر ضمن الشروط المحددة في النصوص الخاصة.وعليه فإنهم يختصون بالبحث والتحري عن الجرائم المتعلقة بالجنح والمخالفات المرتكبة انتهاكا لقانون الغابات وتشريع الصيد ،ولهم الحق في اقتياد المتلبس بجنحة إلى وكيل الجمهورية أو إلى اقرب ضابط شرطة قضائية .
وبالتالي وجوب احترام القيد العام في دخول المساكن وتفتيشها فلا يجوز لهم جميعا دخولها بغير إذن من السلطة القضائية المختصة وفي غير الميقات المحدد قانونا مع وجوب توقيع الضابط على المحضر .
ب) الـــولاة: وهم الفئة الثانية ممن يضفي عليهم قانون الإجراءات الجزائية صفة الضبطية القضائية فيضفي على ولاة الولايات الصفة في مجالات محددة بالجرائم التي ترتكب ضد امن الدولة ،فتخوله المادة 28 ق إ ج "يجوز لكل وال في حالة وقوع جناية أو جنحة ضد امن الدولة وعند الاستعجال فحسب إذا لم يكن قد وصل إلى علمه أن السلطة القضائية قد أخطرت بالحادث أن يقوم بنفسه باتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لإثبات الجنايات أو الجنح أو يكلف بذلك ضباط الشرطة القضائية المختصين " وتتميز سلطة الوالي في مجال الضبط القضائي بأنها سلطة جوازية وليس إلزاما وواجبا.
ويستخلص من المادة 28 شروط اختصاص الوالي ببعض المهام وهي:
· أن يتعلق الأمر بجناية أو جنحة ضد امن الدولة من الناحية السياسية أو الاقتصادية وهي الجرائم المنصوص عليها في المادة 61 ومايليها من قانون العقوبات كجرائم التجسس والخيانة والاعتداء على أسرار الدفاع الوطني والجنايات المتعلقة بتزوير النقود أو الأوراق المصرفية.
· أن تتوافر حالة الاستعجال ومضمون هذه الحالة يتحدد بعدم علم الوالي أن السلطة القضائية قد أخطرت بالحادث لان علمه بذلك يمنعه من مباشرة إجراءات الضبطية القضائية
· أن يبلغ الوالي وكيل الجمهورية خلال ثماني وأربعين ساعة التالية لاتخاذه تلك الإجراءات والتخلي عنها للسلطة القضائية .
· أن يقوم الوالي بإرسال الأوراق لوكيل الجمهورية ويقدم له جميع الأشخاص المضبوطين المشتبه في ارتكابهم للجرائم المحددة بالمادة 28 ق ا ج .
2) الأصناف المحددة في قوانين خاصة: وهي من موظفي وأعوان الإدارات والمصالح العمومية العاملة في أجهزة الدولة، يخولون صفة العون في الضبط القضائي بموجب نصوص خاصة حسب كل قطاع. يرى المشرع ضرورة لإضفاء هذه الصفة وهو ما تقرره المادة 27 ق إ ج "يباشر الموظفون وأعوان الإدارات والمصالح العمومية بعض سلطات الضبط القضائي التي تناط بهم بموجب قوانين خاصة وفق الأوضاع وفي الحدود المبينة بتلك القوانين ".
ومن الموظفين والأعوان الذين يتمتعون طبقا لتلك القوانين الخاصة بصفة العون في الضبطية القضائية:
مفتشو العمل ، أعوان الجمارك ، المهندسون ومهندسو الأشغال ورؤساء المقاطعة ، مفتشو الأسعار ومفتشو التجارة ، أعوان الصحة النباتية ، أعوان البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية.
المبحث الثاني : اختصاصات ضباط الشطة القضائية
المطلب الأول: مفهوم الاختصاص:
يقصد باختصاص ضابط الشرطة القضائية صلاحيته لمباشرة إجراءات جمع الأدلة و لضبط الجرائم ومرتكبها بما خول له المشرع من صلاحيات حيث أعطى قانون الإجراءات الجزائية لضباط الشرطة القضائية سلطات واسعة تمكنه من القيام بدوره في الحدود التي تضمن للمجتمع سلامته وللمتهم حقوقه. إن ضابط الشرطة القضائية هو الجهة الأولى التي تسيطر على الحادث،إذ يقوم بجمع الأدلة والتحري عن مرتكبي الجرائم،بحيث انه إذا وقعت جريمة فانه يتكلف بها ويحرر عنها محضرا يرسله إلى النيابة العامة أو يحفظ القضية. وقد حدد المشرع الاختصاص الشخصي والنوعي والمكاني لضابط الشرطة القضائية على النحو التالي:
الفرع الأول: الاختصاص الشخصي :
لكي يمارس ضابط الشرطة القضائية وظيفته لابد أن يكون مختصا من الناحية الشخصية ، فإذا كلف القانون ضابط الشرطة باختصاص معين فلا يجوز له تفويض ذلك مالم يكن القانون يجيز له ذلك وعليه فإذا فوض ضابط الشرطة القضائية شخصا من غير أعوان الضبط القضائي للقيام بعمل من أعمال الضبط القضائي فان هذا الإجراء يكون باطلا ، كما أن مباشرة ضابط الشرطة القضائية لإجراء لا يدخل في اختصاصه يعتبر اغتصابا للسلطة .
الفرع الثاني: الاختصاص النوعي :
يقصد به تخصص ضابط الشرطة القضائية بأعمال معينة كتخصص جهاز مستقل لمتابعة جرائم معينة كجرائم المخدرات وجرائم الأحداث ، فقد نصت المادة 21 ق إ ج على انه" يقوم رؤساء الأقسام والفنيون للغابات والحراس القرويون بالبحث والتحري عن الجنح والمخالفات التي فيها اعتداء على ملكية تلك الغابات والأراضي"
وتضمنت المادة 28 الاختصاص النوعي للوالي باعتباره من ضباط الشرطة القضائية وكذلك الشأن بالنسبة لرجال الجمارك ومفتشي الأسعار وموظفي الضرائب حيث أن لهؤلاء اختصاص نوعي فيما يتعلق بالجرائم التي تعد انتهاكا للقوانين المنطقة لهذه الأجهزة.
الفرع الثالث : الاختصاص المكاني(المحلي) :
ويقصد به تلك الدائرة الحدودية التي يباشر ضابط الشرطة القضائية فيها اختصاصه،وقد نصت المادة 16
" يكون لضباط الشرطة القضائية اختصاصهم المحلي في الحدود التي يباشرون فيها وظائفهم المعتادة" إلا أن هناك استثناءات تقضيها الضرورة حيث أجاز القانون لضابط الشرطة القضائية متابعة التحريات من دائرة أخرى إذا استوجبت ظروف التحري وقد نصت المادة 16 في فقرتها الثانية والثالثة حيث تقول "..ويجوز لهم في حالة الاستعجال أن يباشروا مهمتهم في كافة نطاق أراضي الجمهورية إذا طلب منهم أداء ذلك احد رجال القضاء المختصين بموجب القانون" وحددت المادة 16 من قانون الإجراءات الجزائية الاختصاص المحلي لضباط الشرطة القضائية بقولها " يمارس ضباط الشرطة القضائية اختصاصهم المحلي في الحدود التي يباشرون ضمنها وظائفهم المعتادة".
- امتداد الاختصاص المحلي لضباط الشرطة القضائية :
حيث فرقه المشرع الجزائري بين ضابط الشرطة القضائية التابع للأمن العسكري وبين ضابط الشرطة القضائية الآخر فيما يتعلق بامتداد الاختصاص على النحو التالي :
1- حيث أشارت الفقرة 7 من المادة 16 بان ضابط الشرطة للأمن العسكري يباشر اختصاصه على كافة التراب الوطني دون إخطار مسبق لوكيل الجمهورية .
2- أشارت الفقرة الثانية والثالثة من المادة 16 لضابط الشرطة القضائية
الحالة الأولى : يجوز لضابط الشرطة القضائية مباشرة مهمته في كافة دائرة اختصاص المجلس القضائي الملحق به وذلك في حالة الاستعجال .
الحالة الثانية : يجوز لضابط الشرطة القضائيةفي حالة الاستعجال مباشرة مهمته على كافة تراب الجمهورية بطلب من رجال القضاء المختصين على أن يساعدهم ضابط الشرطة القضائية الذي يمارس وظائفه في المجموعة السكنية.
الحالة الثالثة : إذا تعلق الأمر بالتحريات بخصوص جريمة إرهابية أو تخريبية فان اختصاص ضابط الشرطة القضائية يمتد إلى كافة التراب الوطني .
الفرع الرابع: الاختصاص الزمني:
لا يمارس ضابط الشرطة القضائية مهامه إلا بعد إسنادها إليه قانونا وفي أثناء المواعيد المقررة له رسميا ولا يجوز له ممارستها إذا كان في إجازة أو كان موقوفا.
وقد ألزم القانون ضابط الشرطة القضائية بمراعاة الزمن بالنسبة لبعض الإجراءات التي يتخذها مثل التفتيش إذ لا يجوز له تفتيش المساكن قبل الخامسة صباحا وبعد الثامنة ليلا.
المطلب الثاني: الاختصاصات العادية والاستثنائية لضباط الشرطة القضائية:
الفرع الأول : الاختصاصات العادية لضباط الشرطة القضائية:
يقصد بها تلك المهام المنوط به القيام بها في سبيل ضبط الجريمة وهذه المهام هي:
1- البحث والتحري: عن الجرائم وتكون بمباشرة عملية التحريات وجمع الاستدلالات مع الانتقال إلى مكان الحادث.
2- تفتيش المساكن: ويتم ذلك بناءا على رضاء صريح من الشخص المراد تفتيش بيته.
3- سؤال المتهم: فلا يجوز لضابط الشرطة القضائية استجواب المتهم وإنما يجوز له سؤاله.ويتمثل السؤال في مواجهة التهمة ومطالبته بالرد عنها دون مناقشة فيها مناقشة تفصيلية.
4- القبض على الأشخاص وإحضار الشاهد: فان القانون أجاز لضابط الشرطة القضائية استدعاء المتهم أو الشاهد للإدلاء بمعلومات عن الجريمة المرتكبة ومن ثم لا يحق له القبض عليهم.
5- الاستيقاف: فانه يجوز لضابط الشرطة القضائية إيقاف أي شخص يشتبه في أمره ولا يعد ذلك قبضا لان ضابط الشرطة القضائية في هذه الحالة يستوقف الشخص لمعرفة هويته.
6- تفتيش الأشخاص: خولت المادة 44 لضابط الشرطة القضائية صلاحية تفتيش المساكن وبالتالي يستفاد ضمنيا أنها تخول صلاحية تفتيش الأشخاص لضابط الشرطة القضائية
7- حجز الأشخاص نصت المادة 48 من الدستور على أن التوقيف لا يتجاوز 48 ساعة ولا يمدد إلا في حالات استثنائية ،ويجوز مد الأجل بتصريح كتابي من وكيل الجمهورية .
الفرع الثاني: الاختصاصات الاستثنائية لضباط الشرطة القضائية
لقدوسع المشرع الجزائري من اختصاص الشرطة القضائية في إحدى الجرائم المتعلقةبالمخدرات، تبييض الأموال، التشريع الخاص بالصرف الماسة بأنظمة المعالجةالآلية للمعطيات، الفساد والمنظمة عبر الحدود الوطنية وهذا وفقا للتعديلالجديد المؤرخ في20/12/2006المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية رقم06/22،والتي لم يتمتع بها ضباط الشرطة القضائية من قبل وهي سلطة مراقبة الأشخاصووجهة الأموال والأشياء واعتراض المراسلات وتسجيل الأصوات والصور والقيامبعملية التسرب. كذلك آجال التوقيف للنظر يمكن تمديدها لأكثر من مرة واحدة،ويبدأ من مرتين كالاعتداء على أمن الدولة إلى خمسة مرات كالجرائمالإرهابية.
فأصبح اختصاص الضبطية القضائية يمتد إلى كامل التراب الوطني تحت رقابةالنائب العام لدى المجلس القضائي المختص وبعد إخطار وكيل الجمهورية.
كذلك الأمر بإجراء عملية التفتيش للمساكن والمحلات والأماكن بصفة عامة في أي وقت ليلا أو نهارا .
وأعطى المشرع الجزائري صلاحيات في الحالات الاستثنائية تمكن ضابط الشرطة القضائية من القيام بمهامهم وتعد من إجراءات التحقيق القضائي وهذه الحالات هي :
أولا : حالة الجرائم المتلبس بها.
ثانيا : حالة الإنابة القضائية
1- اختصاصات ضباط الشرطة القضائية في حالة التلبس :
أعطى المشرع لضابط الشرطة القضائية اختصاصات واسعة في حالة الجريمة المتلبس بها من وجوب السرعة في اتخاذ الإجراءات قبل ضياع الدليل والآثار التي تؤدي إلى الكشف عن مرتكبي الجريمة.
وقد نصت المادة 41 من ق إ ج على حالات التلبس على سبيل الحصر في نوعيين وهما التلبس الحقيقي والتلبس الاعتباري.
أ) التلبس الحقيقي: تضمنت المادة 41 حالة التلبس الحقيقي بقولها"تعد الجناية أو الجنحة في حالة تلبس إذا كانت مرتكبة في الحال أو عقب ارتكابها" حيث أن الجريمة تشاهد أثناء وقوعها من طرف ضابط شرطة القضائية والشهود.
ب) التلبس الاعتباري : هناك حالتين من حالات التلبس الاعتباري نصت عليه المادة 41 في فقرتها الثانية والثالثة وفي هذه الحالات تكون آثار الجريمة قد مر عليها وقت طويل لكن لم تزل آثارها.
الحالة الأولى : حيث نصت المادة 41 الفقرة الثانية بقولها" ..كما تعتبر الجناية أو الجنحة في حالة تلبس إذا كان الشخص المشتبه في ارتكابه إياها في وقت قريب جدا من وقت وقوع الجريمة قد تبعه العامة بالصياح أو وجدت في حيازته أشياء أو آثار ودلائل تدعو إلى افتراض مساهمته في الجناية والجنحة"
الحالة الثانية: وقد نصت عليه المادة 41 الفقرة الثالثة بقولها" وتتسم بصفة التلبس كل جناية أو جنحة وقعت ولو في غير الظروف المنصوص عليها في الفقرتين السابقتين إذا كانت قد ارتكبت في منزل وكشف صاحب البيت عنها عقب وقوعها وبادر في الحال باستدعاء ضابط الشرطة القضائية لإثباتها" ولكي توصف الجريمة في هذه الحالة بأنها في حالة تلبس لابد من توافر الشروط التالية :
· أن تقع في البيت
· أن يكشف صاحب البيت عنها بعد وقوعها
· مبادرة صاحب البيت بإبلاغ ضابط الشرطة القضائية في الحال .
شروط التلبس: يوصف التلبس بأنه حالة عينية تلازم الفعل المجرم وعليه فان المشاهدة عموما لا يقصد بها رؤية المجرم يرتكب الجريمة بل المقصود بها هو مشاهدة الجريمة المادية ترتكب وحتى يقوم التلبس يجب توافر الشروط التالــية :
1- أن يكون التلبس سابقا على إجراءات التحقيق: أي يجب أن تقع حالة التلبس قبل إجراءات التحقيق في شانها، حيث انه إذا قام ضابط الشرطة القضائية بتفتيش مسكن شخص وضبط أشياء فان حالة التلبس لا تتوفر لان إجراءه باطلا يترتب عليه بطلان الدليل المستمد منه.
2- أن يكتشف ضابط الشرطة القضائية التلبس بنفسه: أي يجب عليه في حالة إبلاغه بجريمة إخطار وكيل الجمهورية والانتقال فورا إلى محل الحادثة والقيام بجميع التحريات اللازمة .
3- أن يتم اكتشاف التلبس بطريق مشروع: وتعتبر حالة التلبس قائمة إذا ما تم اكتشافها بإحدى الأساليب المشروعة التالية : - إذا تم اكتشافها عرضا أي مصادفة ضابط الشرطة القضائية لجريمة أمامه.
- إذا تم اكتشافها باستخدام حيلة مشروعة كأن يشتري ضابط الشرطة مخدرا من شخص وصل إلى علمه متاجرته المخدرات ، في هذه الحالة تعتبر الحيلة مشروعة قانون.
- إذا تم اكتشافها أثناء القيام بإجراء صحيح كان يعثر ضابط الشرطة على مخدر في درج المكتب في حين انه جاء لتفتيش بيت المتهم في جريمة تزوير أوراق بناء .
أما الوسائل الغير مشروعة :* اكتشاف التلبس أثناء مباشرة إجراء غير صحيح مثلا أن يفتح الضابط بيت احد الأشخاص في غير الأحوال المرخص بها قانونا فيضبطه متلبسا بتعاطي المخدرات .
* استعمال وسيلة غير مشروعة ومثالها تحريض ضابط الشرطة للمجرم على ارتكابه للجريمة لضبطه متلبسا بها ،ففي هذه الحالة لا تتحقق حالة التلبس لان من صلاحيات الضابط العمل على تفاديها .
* اكتشاف التلبس نتيجة إساءة استعمال السلطة كأن ينتدب ضابط الشرطة القضائية لتفتيش متهم فلا يلتزم بحدود الإنابة ويقوم بتفتيش مسكنه.
أولا:السلطات المخولة لضابط الشرطة القضائية في حالة التلبس :
اوجب المشرع على ضابط الشرطة القضائية الذي يصل إلى علمه نبأ جريمة في حالة تلبس وجوب إخطار وكيل الجمهورية والانتقال فورا إلى مسرح الحادثة للسهر على حالة الأشياء والمحافظة على آثار الجريمة وحسب نص المادة56 فان يد ضابط الشرطة القضائية ترفع عن التحقيق بوصول وكيل الجمهورية الذي يحق له إكمال الإجراءات أو تكليف احد ضباط الشرطة القضائية بمتابعة الإجراءات والتحريات اللازمة التي تفيد في كشف الحقيقة ولكي يتمكن ضابط الشرطة القضائية من القيام بهذه المهام فخول له المشرع الصلاحيات التالية:
1- بالنسبة للشهود: أعطت المادة 50 لضابط الشرطة القضائية سلطة منع أي شخص من مغادرة مكان الجريمة لحين انتهاء التحريات وأجاز له التعرف على أي شخص والتحقق من شخصيته
2- الخبراء: أعطى المشرع لضباط الشرطة القضائية السلطة في مجال ندب الخبراء في حالة تلبس وإجراء معاينات لا يمكن تأخيرها.
3- حجز المتهم: أجازت المادة 51 أن يوقف تحت النظر شخصا أو أكثر وهم الأشخاص الذين تواجدوا على مسرح الجريمة لمدة لا تتجاوز 48 ساعة وفي حالة قيام دلائل قوية تدل على اتهام الشخص المحجوز يجب اقتياده إلى وكيل الجمهورية الذي يجوز له مد الأجل لمدة 48 ساعة أخرى بتصريح كتابي.
4- ضبط المتهم: أعطت المادة 61 لكل فرد من أفراد الشعب الحق في ضبط مرتكبي الجريمة المتلبس بها اقتياده إلى اقرب ضابط الشرطة القضائية
5- التفتيش : أ) تفتيش المساكن: أجازت المادة 44 لضابط الشرطة القضائية بتفتيش الأماكن الذين يكونون قد ساهموا في الجناية ولهذا عليه مراعاة المكان المنصوص عليها في المواد 45-47 المحددة لشروط صحة التفتيش وهذه الأحكام هي:
· أن يكون ضابط الشرطة القضائية مزودا بإذن كتابي من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق مع وجوب استظهار هذا الإذن قبل الدخول.
· أن يتم التفتيش بحضور صاحب البيت وفي حالة امتناعه عن ذلك أو كونه هاربا يجب أن تتم عملية التفتيش بحضور شاهدين من غير الموظفين الخاضعين لسلطة ضباط الشرطة القضائية .
· يجب أن تتم عملية التفتيش ما بين 5 صباحا و20 ليلا .
وقد أجازت المادة 47 إجراء التفتيش في أي ساعة من ساعات النهار أو الليل بقصد التحقيق في جميع الجرائم كأصحاب الفنادق أو المحلات لبيع المشروبات أو النوادي أو المراقص.
ب) تفتيش الأشخاص : أجازت المادة 44 الانتقال إلى مساكن الأشخاص الذين يحوزون على أشياء متعلقة بالجريمة وإجراء التفتيش فإذا كان الشخص المراد تفتيشه أنثى فانه يجب على ضابط الشرطة القضائية ندب الأنثى لإجراء التفتيش وهذا ما نص عليه الفقه ونصت عليه بعض القوانين.
ثانيا:اختصاصات ضباط الشرطة القضائية في حالة الإنابة القضائية
تنص المادة 138 ق إ ج "يجوز لقاضي التحقيق أن يكلف بطريقة الإنابة القضائية أي قاضي من قضاة محكمته أو أي ضابط من ضباط الشرطة القضائية المختص بالعمل بتلك الدائرة أو أي قاضي من قضاة التحقيق بالقيام بما يراه لازما من إجراءات التحقيق في الأماكن الخاضعة للجهة القضائية التي يتبعها كل منهم ".
شروط الإنابة : - صدور الإنابة من قاضي التحقيق المختص محليا
- أن تصدر الإنابة إلى احد ضباط الشرطة القضائية المختص محليا
- يجب أن ينصب الندب على إجراء معين من إجراءات التحقيق
- أن يكون الندب صريحا وثابتا بالكتابة
- أن يتضمن قرار الندب بالبيانات اللازمة منها اسم مصدره واسم المتهم والإجراء المراد مباشرته .
فإذا توافرت هذه الشروط فان الإنابة القضائية تنتج آثار هي :
· يتمتع المندوب بالسلطات التي يتمتع بها قاضي التحقيق
· يلتزم ضابط الشرطة القضائية بحدود الإنابة القضائية
· لا يجوز لضابط الشرطة القضائية أن يفوض ضابطا آخر لتنفيذ الإنابة
بالإضافة إلى الاختصاصات والصلاحيات المخولة إلى ضباط الشرطة القضائية سواء العادية أو الاستثنائية منح لهم المشرع بموجب قرار رقم 06-22 المؤرخ في 20/12/2006 صلاحيات جديدة .
المبحث الثالث: الضبطية القضائية وعلاقتها بالنيابة العامة :
المطلب الأول : تبعــية الضبط القضائي والرقابة عليه
يخضع رجال الشرطة القضائية لتبعية مزدوجة فهم يخضعون لرؤساهم المباشرين في الشرطة والدرك و مصالح الأمن العسكري ، ويخضعون من جهة أخرى في مباشرة مهامهم في الضبطية القضائية لإدارة وإشراف النيابة العامة ورقابة غرفة الاتهام وذلك لازدواجية الصفة لأعضاء الشرطة القضائية،فتنص
المادة 12 في فقرتها الثانية "...ويتولى وكيل الجمهورية إدارة الضبط القضائي ويشرف النائب العام على الضبط القضائي بدائرة اختصاص كل مجلس قضائي وذلك تحت رقابة غرفة الاتهام" ،وتنص المادة 18 مكرر " يمسك النائب العام ملفا فرديا لكل ضابط شرطة قضائية ويمارس سلطات الضبط القضائي في دائرة اختصاص المجلس القضائية وذلك مع مراعاة أحكام المادة 208 من هذا القانون" ،"يتولى وكيل الجمهورية تحت سلطة النائب العام تنقيط ضباط الشرطة القضائية العاملين بدائرة اختصاص المحكمة "
" يؤخذ التنقيط في الحسبان عند كل ترقية" وتنص المادة 36 ق إ ج "يقوم وكيل الجمهورية بالمباشرة أو يأمر جهاز الضبطية القضائية باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للبحث والتحري عن الجرائم المتعلقة بقانون العقوبات" ،وتنص المادة 20منه" يقوم أعوان الضبط القضائي ...بمعاونة ضباط الشرطة القضائية في مباشرة وظائفهم ويثبتون الجرائم المقررة في قانون العقوبات ممتثلين في ذلك لأوامر رؤساهم مع الخضوع لنظام الهيئة التي ينتمون إليها..." ، وتنص المادة 13 " إذا ما افتتح التحقيق فان على الضبط القضائي تنفيذ تفويضات جهات التحقيق وتلبية طلباتها"، وهي نصوص تدل على مدى تبعية هذا الجهاز والإشراف المزدوج عليه مما يبرز عدم استقلاليته في مباشرة وظيفته ، وعليه سنتعرض لتبعية هذا النظام للنيابة العامة من حيث الإدارة والإشراف.
المطلب الثاني: إدارة ورقابة النيابة العامة على جهاز الضبط القضائي:
نظرا لطبيعة نظام الضبطية القضائية العسكرية وشبه العسكرية بوجه عام ونظرا لطبيعة عمله شبه القضائي وخضوعه في ممارسة اختصاصاته في هذا الجهاز للإشراف عليه من جهات مختلفة من السلطة المباشرة ومن جهاز النيابة العامة ورقابة غرفة الاتهام عليه.
الفرع الأول: من حيث الإدارة والإشراف
تنص المادة 12/02 ق إ ج " يتولى وكيل الجمهورية إدارة الضبط القضائي ويشرف النائب العام على الضبط القضائي بدائرة اختصاص كل مجلس قضائي..." وتنص المادة 36 منه " يدير – أي وكيل الجمهورية- نشاط ضباط وأعوان الشرطة القضائية في دائرة اختصاص المحكمة ويراقب تدابير التوقيف للنظر" وقد سبق أن رأينا بان عضو النيابة يعتبر من السلك القضائي إلا انه يتميز هذا السلك بعدم تطبيق مبدأ استقلالية القضاء عليه فتحكمه مبادئ التبعية وعدم التجزئة وعدم الرد ، فوكيل الجمهورية يمارس سلطة الإدارة على مستوى المحكمة في حين يتولى النائب العام على مستوى المجلس القضائي سلطة الإشراف عليه، فتنص الفقرة الأولى من المادة 18 مكرر"يمسك النائب العام ملفا فرديا لكل ضابط شرطة قضائية يمارس سلطات الضبط القضائي في دائرة اختصاص المجلس القضائي وذلك مع مراعاة أحكام المادة 208 من هذا القانون"
وتبدو مظاهر تبعية أعوان الشرطة القضائية للنيابة العامة في الواجبات التي يفرضها القانون على أعضائها من الضباط والأعوان من جهة وفيما أجازه وكيل الجمهورية من صلاحيات وسلطات عليهم.
الفرع الثاني: من حيث واجبات الضابط اتجاه وكيل الجمهورية:
يقر قانون الإجراءات الجزائية مجموعة من الواجبات تقع على عاتق ضباط الشرطة القضائية فقد سبق الإشارة لنص المادة 36 ق إ ج التي تسمح لوكيل الجمهورية بان يأمر أي عضو من جهاز الضبطية القضائية للقيام بأي إجراء يراه لازما يمكن إبراز بعضها فيما يلي:
* إن القانون يلزم ضابط الشرطة القضائية بوجوب إخطار وكيل الجمهورية فورا بما يصل إلى علمه
من جرائم ، وتحرير محاضر بشأنها وموافقة وكيل الجمهورية بأصولها موقعا عليها مصحوبة بنسخة منها يؤشر عليها الضابط بمطابقتها لأصول المحاضر طبقا للمادة 18 ق إ ج .
* إخطار وكيل الجمهورية بالجريمة المتلبس بها ، والانتقال لمكان الحادث لمعاينته واتخاذ الإجراءات والتحريات اللازمة المادة 42 ق إ ج .
* إبلاغ وكيل الجمهورية بكل توقيف للنظر يراه ضروريا ولا يجوز له تمديده في الأحوال التي يجوز فيها إلا بناءا على إذن منه
* يرفع يده عن مباشرة تحرياته بمجرد حضور وكيل الجمهورية لمكان الحادث الذي يتولى بنفسه مباشرتها ما لم يأمر تكليف الضابط بذلك م 56 ق إ ج .
* الإذن بالتفتيش الذي يصدره وكيل الجمهورية لضباط الشرطة القضائية للدخول للمساكن وتفتيشها في الجرائم التلبس بها المنصوص عليها في المادة 41 وما يليها من قانون الإجراءات الجزائية.
* وجوب تطبيق ضابط الشرطة القضائية لأمر وكيل الجمهورية بإجراء الفحص الطبي للوقف تحت النظر وإلا اعتبر مرتكبا للجريمة المنصوص عليها في المادة 110 مكرر في فقرتها الثانية من قانون العقوبات.
* لا يملك أعضاء جهاز الضبطية القضائية سلطة التصرف في نتائج بحثهم وتحرياتهم آذ بمجرد انتهائه منه يوافي وكيل الجمهورية بالمحضر والملف ليتخذ هذا الأخير ما يراه لازما بشأنه.
الفرع الثالث: من حيث سلطات النيابة العامة :
يخول وكيل الجمهورية سلطات على ضباط الشرطة القضائية وجهاز الضبطية القضائية تبدو فيها مظاهر تبعية أعضاء هذا الجهاز في الآتي:
1- تكليف طبيب لفحص الموقوف للنظر لدى الضبطية القضائية من الشرطة أو الدرك الوطني سواء تم هذا التكليف بالفحص من تلقاء نفس وكيل الجمهورية أو بناءا على طلب أفراد عائلة الموقوف م52/4
2- توقيع وكيل الجمهورية دوريا على السجل الذي يمسكه الضابط في مراكز الشرطة أو الدرك والذي تذكر فيه البيانات الخاصة بالتوقيف للنظر، كسماع أقواله أو امتناعه وتوقيفه وأسبابه م 52 ق إ ج.
3- توجيه وكيل الجمهورية ما يراه ضروريا من تعليمات لضباط الشرطة القضائية والنظر فيما يمكن اتخاذه من إجراءات بشان كل واقعة معروضة عليه.
4- تقييم وكيل الجمهورية لعمل أعوان الضبطية وتنقيطهم.
5- سلطة التصرف في نتائج البحث والتحري بحفظ الأوراق أو بتحريك الدعوى أو رفعها حسب الأحوال .المادة 36 ق إ ج .
[IMG]file:///C:%5CDOCUME%7E1%5Ccsa%5CLOCALS%7E1%5CTemp%5Cmsohtm l1%5C01%5Cclip_image001.gif[/IMG]
إن الالتزام بالشرعية والعمل الدؤوب لضمان التوازن بين هدفي حماية حقوق الموقوفين وفعالية التحريات كانت دوما من الانشغالات التي حظيت وتحظى لدى موظفي وضباط الشرطة القضائية بالاهتمام البالغ ، ويتجسد هذا الاهتمام من خلال التكوين الجيد لهم بتلقينهم الضمانات التي يجب أن يحترموها خلال تحقيقاتهم والتطبيق الفعلي والوفي لتعليمات السلطة القضائية والامتثال لها. ومواكبة التعديلات الحاصلة في تقنين الإجراءات الجزائية بإصدار تعليمات تتضمن شروحا كافية تساعد هاته الفئة من موظفي وضباط الشرطة القضائية على تطبيقها في الميدان.فإجراءات الدعوى الجزائية هي بناء متكامل يبدأ من مرحلة التحريات الأولية إلى غاية صدور حكم البراءة أو الإدانة ، وأي خلل في هذا البناء يؤثر على حسن سير العدالة وحماية المجتمع والمواطن في إطار سيادة القانون ، ويبقى الضامن الوحيد لترشيد وترقية عمل موظفي وضباط الشرطة القضائية هو التعاون المتبادل والتنسيق بين مختلف الأجهزة والامتثال المسؤول للسلطة القضائية مع إرساء علاقات تسودها الثقة المتبادلة والانشغال المشترك لبلوغ الأهداف النبيلة المتمثلة في حماية المجتمع من الإجرام وضمان أمنه واستقراره وإرساء دولة القانون التي تصان في كنفها حقوق وحريات الأفراد وهي الأهداف التي تسعى مصالح الأمن وجهاز العدالة إلى تحقيقها.
(1) بارش سليمان ، شرح قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ، الجزء الأول ، دار الهدى ، عين مليلة ، الجزائر ،ص111