إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
أما بعد:
فمن الملاحظ أنّ بعض الإخوان إذا أراد لفت الانتباه لشيء أن يسطر تحته وهذا خلاف ما كان عليه سلفنا الصالح من المحدثين فمن علم من نفسه هذا فليبادر لتعديل موضوعه اتباعا لقوله تعالى"اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَومٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ ما لَكَمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَومَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَّكِيرٍ)الشورى48 وقوله تعالى"ثُّمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الذِّينَ لا يَعْلَمُونَ)الجاثية18 وقوله تعالى"يآيُّهَا الذِّينَ آمَنُوا اسْتجِيبُوا للهِ ولِلرَّسُّولِ إذا دَعَاكُمْ لمَا يُحْييكُمْ)الأنفال24. وقوله تعالى"وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)الأحزاب36 وقوله عليه الصلاة والسّلام خَالِفُوا اليَهُودَ فَإِنَّهُمْ لا يُصَّلُّونَ في نِعَالِهِمْ ولا في خِفَافِهِمْ)رواه أبو داود كتاب الصلاة-باب الصلاة في النعل-حديث رقم(652) طبعة دار ابن حزم وقوله عليه الصلاة والسلام
جُزُوا الشَّوَارِبَ وأرْخُوا اللّحَى خاَلِفُوا المَجُوسَ)رواه مسلم كتاب الطهارة باب خصال الفطرة حديث رقم(260) تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي طبعة دار إحياء الكتب العربية توزيع دار الكتب العلمية.
قال شيخنا الشيخ المحدّث ناصر الدِّين الألباني -رحمه الله تعالى -في كتابه حجاب المرأة المسلمة في الكتاب والسنة - طبعة مكتبة المعارف للنشر والتوزيع- في الحاشية (ص7): إنّ وضع الخط الخط فوق الكلمات المراد لفت النّظر إليها هو صنيع علمائنا تبعا لطريقة المحدّثين، أمّا وضع الخطّ تحت الكلمة فهو من صنيع الأوربيين وقد أمرنا بمخالفتهم كما هو مبين في الصّفحة(68) والصواب (88) كما هو ظاهر من هذا الكتاب - لمن أراد أن يستفيد أكثر -. .
سؤال: هل الأمر يخص العلم الشرعي بكل أنواعه أم هو للعلم الشرعي و الدنيوي النافع ؟
الجواب: ظاهر كلام الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى- يدل على عموم مخالفة المشركين لأنه قال وقد أمرنا بمخالفتهم كما أن أحاديث الرسول أتت مطلقة أيضا فنحن مأمورون بمخالفة المشركين في كل صغيرة وكبيرة.
قال الألباني في حجاب المرأة المسلمة (ص98):فأمر صلى الله عليه وسلم بمخاتلفة اليهود مطلقا،فهو دليل على أنَّ جنس المخالفة أمر مقصود للشارع.
وعن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم السبت ويوم الأحد أكثر مما يصوم من الأيام ويقول:إنها عيد المشركين فأنا أحب أن أخالفهم). أخرجه أحمد(342/1)والحاكم(436/1)والهيثمي في مجمع الزوائد(198/3)وقال رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات وصححه ابن حبان.
قال شيخ الإسلام في مجموع فتاواه(331/25-332):وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في المسند والسنن أنه قال من تشبّه بقوم فهو منهم) وفي لفظ (ليس منا من تشبه بغيرنا) فإذا كان هذا التشبه بهم وإن كان من العادات فكيف التشبه بهم فيما هو أبلغ من ذلك؟!
(...) ثم إن المسلم لا يحل له أن يعينهم على شرب الخمور بعصرها، أو نحو ذلك.فكيف على ما هو من شعائر الكفر.وإذا كان لا يحل له أن يعينهم هم فكيف إذا كان هو الفاعل لذلك- ولم يحدد الفعل -؟!والله أعلم.قاله أحمد ابن تيمية.
فالأمر أجلُّ وأعظم من التسطير في العلم الشرعي أو العلم الدنيوي بل الغاية من هذا كله مخالفة المشركين وبغضهم وعدم موالاتهم بحال من الأحوال فالمؤمن حبه وبغضه ورضاه وغضبه تبع لحب الله وبغضه ورضاه وغضبه لا تبع لهواه فيحب هذا لأمر من الدنيا ويبغض هذا لحقد يجده في قلبه ويرضى بالمعصية لأن الفاعل قريب إليه ويغضب لنفسه وانتصارا لها.
هذا والله تعالى أعلى وأعلم، أسأل الله تعالى أن ينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علما وعملا، وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وومن والاه.
منقول من التصفية والتربية السلفية