الثمار المرّة

[العريبي]

في المدّة الأخيرة ؛ أصبحنا نُفطر على عناوين مريعة في صفحات الجرائد ، بعضها له علاقة بالمدرسة ، مثل : وَليّةُ تلميذ تعتدي على معلّمة - العنف يكتسح المدرسة الجزائريّة - تلميذ يطعن زميله في القسم - تلاميذ يسرقون عتاد ثانويّتهم -أستاذ يتعرّض للضرب أمام متوسّطة. وغيرها من العناين المشابهه ،للإخبار عن سلوكات غريبة عن مجتمعنا الأصيل.
هذه الظواهر هي الثمار المُرّة لسنوات التسعينيّات الماضيّة ، سنوات العنف ، سنوات الفوضى والإرهاب ،وضعف هيبة السلطة ، سنوات الضياع ،أفرزت جيلاً مقطوعاً عن قيّمه . يرى في التمرّد قيمة إيجابيّة ، وفي العنف أمراً عاديّاً وفي السطوِ ، والسرقة ، والنهب ، وتخريب الأملاك العامّة، ذكاء وشطارة .
وشجّع كلّ ذلك ما سمّي بالديمقراطيّة ، وسلسلة الإصلاحات التي عصفت بأسس العدالة ، ثم التربيّة ، حيث صارت السجون فنادق للراحة ،فألغيّت الأشغال الشاقّة وجمّدت أحكام الإعدام ! وأضحينا نقرأ في الجرائد أحكاماً بالسجن مضحكة ، أقصاها 20 سنة للقتلة وأخطر المجرمين . وببضع سنين للمغتصبين وكبار اللصوص والمنحرفين ، وغاب عن أولي الأمر قوله تعالى : (وَلَكُم في الْقِصَاصِ حَياةٌ يا أُولِي الألْبابِ...).
وكانت المدرسة الضحيّة الأولى جرّاء هذا الطوفان المدمّر . باعتبارها مصنع الرجال وحِصْن العقل والإيمان ، وحقل الأخلاق والجمال . فاستُهدِفَتْ بالتشويه ، وهُمّشت كفاءاتها الحقيقيّة المخلصة ، وأُبيحَت ساحتها المقدسة ، فباتت مرتعاً للمتطفّلين .
ومع ذلك لا تزال صامدة بفضل بعض فرسانها الصابرين ، آملين النصر من ربّ العالمين .
و لكن عندما أقرأ في هذا المنتدى بعض المشاركات من بعض المعلمين على أنّها من انشغالات المربّين ، أدرك أنّ الكثير منّا ما زالوا عن الوعي غائبين .