1-الاتساق
ـ تعريف الاتساق ـالاتساق الدلالي والتركيبي
مثالالانطلاق:
"شاع في النقد الحديث البحث في الأصول الاجتماعية للعمل الأدبيأو تفسير الأدب بالنظر إلى أصوله الاجتماعية وتعليل نزعة الأدب بالنظر إلى موقعهالاجتماعي .وفي عملية التفسير هذه ،يوجه أنصار هذا الاتجاه اهتمامهم نحو مضمونالأثر ،لأنه أقدر على إبراز الدلالات الاجتماعية أو التاريخية أو النفسية فيه ،ومنهنا كان بحثهم في مسألة تأثير البيئة والوسط الاجتماعي في مضمون الأثر الأدبي الذيلا يعدو أن يكون تعبيرا عن موقف اجتماعي محدد،واستجابة لموقف الطبقة التي يجدالأديب نفسه فيها ،ولذا لا يمكن أن يعد الأدب حدثا فرديا ، بل هو حدث اجتماعي يرتبطفي شكله ومضمونه واتجاهاته الفنية بظروف المجتمع وتياراته المختلفة"
- ملاحظة الأمثلة:
جمل النص تخضع لعملية بناء منضمة ومترابطةتركيبيا ودلاليا، كل جملة تؤدي إلى الجملة اللاحقة وقد تحقق هذا التعالق بواسطةأدواة ووسائل لغوية ،ويعرف هذا الترابط المنظم بين الجمل بالاتساق وهو الذي يضمنتماسك النص وتمييزه عن اللانص وقد ساهمت في عملية الاتساق مجموعة من الوسائلوالأدوات النحوية والدلالية وهذا ما جعل الاتساق يكون تركيبيا ودلاليا.
فالاتساق التركيبيتم عبر عملية الوصل بين الجمل إما بالعطف (وـ أو )أو بالموصولية (الذي ـ التي )أو التعليل (لأنه ـ لذا)أو الاستدراك (بل).
والاتساق الدلاليفقد تم عبر الإحالة ووظف فيهاالكاتب الضمائر (الهاء ـ هوـ هم) وهي تحيل على ما سبق أي إحالة قبلية ،وأسماءالإشارة (هذا ـ هذه ـ هنا )وهذه الأسماء منها ما أحال على سابق (وفي عملية التفسيرهذه)أي إحالة قبلية،ومنها ما أحال على لاحق (يوجه أنصار هذا الاتجاه)أي إحالة بعدية .
فالضمائر وأسماء الإشارة حققت اتساق النص بربط السابق باللاحق واللاحقبالسابق، كما أنها تحيل على عنصر موجود داخل النص(عملية التفسير هذه ) وتسمى إحالةنصية أو مقالية ، وقد تحيل على عنصر خارج النص (يوجه أنصار هذا الاتجاه)وتسمى إحالةمقامية.
خلاصة:
الاتساق ذلك التماسك الحاصل بينالمفردات والجمل المشكلة للنصّ، وهذا التماسك يتأتّى من خلال وسائل لغويّة تصل بينالعناصر المشكلة للنص ، وهذه الوسائل اللغوية حققت الاتساق التركيبي والدلالي بينعناصر النص.
الاتساق التركيبي:ويتحقق بوسائل لغويةكالوصل الذي يكون بأدوات الربط (و ـ أو ـ ف ـ ثم...) والأسماء الموصولة(الذي ـ التيـ الذين ...) وحروف التفسير (أي ـ أعني ـ أقصد...) وتحقق الربط عبر عملية الوصل بينمتواليات النص .
الاتساق الدلالي:ويتحقق بالإحالة وهيعلاقة دلالية بين عنصر محيل وعنصر محال إليه وبهذا تكون إحالة قبلية عندما تحيل إلىما سبق ، وإحالة بعدية عندما تحيل إلى العنصر اللاحق،كما تكون الإحالة مقامية عندماتحيل إلى عنصر خارج النص وإحالة مقالية أو نصية عندما تحيل إلى عنصر داخلالنص.
ومن الوسائل اللغوية المعتمدة في الإحالة نجد الضمائر وأسماء الإشارة .
2- الانسجام
تعريفالانسجام ـ مبادئ الانسجام ـ عمليات بناء الانسجام
أمثلةالانطلاق:
"إن مؤرخي الآداب العرب ، وإن اتفقوا على القول بتأثير الوسطالاجتماعي في الأدب العربي الذي يظهر فيه ، لم يتفقوا على أي العوامل الاجتماعيةيؤثر أكثر من غيره في الآداب ،فذهب زيدان والزيات إلى أن العامل السياسي هو المؤثرالأقوى في الأدب (...) ولكن طه حسين لم ير في ذلك رأيهما ، إذ العامل السياسي عندهلا يعدو أن يكون مؤثرا من بين مؤثرات أخرى عديدة في الأدب (...) وأما الرافعي فإنالعامل السياسي عنده يؤثر في الأدب حينا ، ولا يؤثر فيه حينا آخر ."
حسين الواد " في تاريخ الأدب ـ مفاهيم ومناهج " المؤسسة العربية للدراسات والنشر ـ بيروت 1993ط3 ص 76
- ملاحظة الأمثلة:
بقراءة النص يتبين أنهتحققت فيه شروط الاتساق تركيبيا ودلاليا ومعجميا عبر روابط ووسائل لغوية.
وبتمعنمضمونه نعرف أنه نص نقدي يتناول قضية تأثير الوسط الاجتماعي في الأدب العربي،فمكونات النص تجمع بينها علاقات متينة يدركها المتلقي، ويستطيع تأويلها تأويلامناسبا ،وهو ما يحقق انسجامنا مع النص .
وهذا الانسجام تم عبر عدة مستويات أومبادئ وعلى رأسها:
مبدأ السياق :فعند قراءة النصعرفنا أنه نص نثري نقدي ويركز على قضية نقدية محددة وهي أي العوامل الاجتماعية أكثرتأثيرا في الأدب العربي.وهذا قربنا من النص وجعلنا ننسجم معه .
وهناك أيضا التأويل المحلي : ويتجلى ذلك من خلال قدرتنا علىتأويل ما جاء في النص من مفردات تجمع بينها علاقات جعلتها منسجمة مع بعضها ومعالقارئ فمؤرخي الأدب العربي نجد منهم في النص (طه حسين وأحمد الزيات وزيدان ثمالرافعي)وكلهم اهتموا بقضية تأثير الوسط الاجتماعي في الأدب العربي.
وبقراءةالنص نجده يتشابه مع نصوص نقدية أخرى تهتم بالجانب الاجتماعي في الأدب العربي،كالتي رأينا في درس النصوص ("علم اجتماع الأدب" ، لحميد لحمداني )،فتحقق الانسجام من خلال مبدأ التشابه.
وبقراءة النص نجدهيتمحور حول تيمة مركزية تتكرر عبر النص وهي الأدب العربي محور الدراسة في النص وفيهتصب كل المحاور الجزئية المطروحة في النص ،فتحقق الانسجام عبر هذا المبدأمبدأ التغريض (الكلمة المحور).
وبتتبع مبادئ الانسجامالمحصلة نجد أنها تحققت عبر مجموعة من العمليات التي قربت بين النص والمتلقي وأولهذه العمليات المعرفة الخلفية ،وهي المخزون الفكري والثقافي الذي يجعلنا نفكك ونأولالمفردات المختزلة في النص فنتعرف دلالاتها وأبعادها الفكرية (تاريخ الأدب ـ الوسطالاجتماعي ـ طه حسين ـ العامل السياسي ..).
وهذه المعرفة الخلفية تمكننا منتنظيم أفكار النص من العام إلى الخاص حسب الأهمية فالنص دراسة أدبية نقدية تهتمبتاريخ الأدب العربي ،واختلاف المؤرخين حول أي العوامل الاجتماعية يؤثر أكثر منغيره في الآداب ،وكل هذه الخطوات تمت عبر العملية التنظيمية.
خلاصة:
الانسجام في اللغة هو ضم الشيء إلى الشيء، و فيالاصطلاح هو مجموع الآليات/ العمليات الظاهرة والخفية التي تجعل قارئ خطاب ما قادراعلى فهمه وتأويله،وهناك مجموعة من المبادئ والعمليات التي تساهم في تحقيقالانسجام:
مبدأ السياق:ويتشكل من علاقة النص بالقارئمما يمكنه من تحيد ظروف القضية وزمانها ومكانها ...
مبدأالتأويل المحلي : ويرتبط بقرائن النص التي يؤول بعضها بعضا ،فنعرف موضوعالنص والعلاقات والقرائن التي تربط بين عناصره .
مبدأالتشابه: ويتم ذلك عبر تشابه النص مع نصوص أخرى في القضية التييقاربها.
مبدأ التغريض:ويقصد به الموضوع الرئيسي/ [النواة الرئيسية] الذي يتمحور حوله الخطاب المدروس.
وهذه المبادئ ساهمت فيتحققها عمليات أساسية ساهمت في بناء الانسجام منها:
ـ الخلفيةالمعرفية:وهي ما يحمله المتلقي من معلومات ومعارف تمكنه من التأويلوالتفسير والتحليل .ـ الخلفية التنظيمية :وهي مانستحضره من تمثلات حول النص مرتبة بانتظام كتحديد مجال النص وجنسه ونمطه وخلفيتهالنظرية، مما يساعد على فهم النص والانسجام مع معطياته.