![]() |
|
الجلفة للمواضيع العامّة لجميع المواضيع التي ليس لها قسم مخصص في المنتدى |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() أزمة حليب وأزمة "تحلاب"* !! حدّثتني جدّتي قبل ثلاثين عاما عن أزمة الحليب ، قالت والكانون يبعثُ الدفئ من وسط حجرة الجلوس : .. فسحب القطّ "سيسان " جذعَهُ الجائع خِلسةً بلا ضجيج إلى منزل العجوز "ماما عيشة " وقاده أنفهُ الرّطب بلا جهد إلى مكان الجرّة المملوءة بالحليب .. وبلا تردّد أذِن للسانه بلعق الحليب بعد أن قلب الجرّة رأسا على عقب واندثر محتواها طازجا شهيّا يسيحُ على الأرضية .. ولكن سرعان ما تولّى سيسان تنظيفها إلى بطنه وقد امتلأت منه .. واستمرّ يلعق ما بقي على أطرافه وفمه .. حتى إذا تنهّد تنهيدة الشبع والإرتواء .. وتثاءب طويلا معلنا عن موعد النوم .. ولكنّه ما ان استدار حتى وجد قدمين عملاقين فرفع رأسه في خوف فإذا هي "ماما عيشة " والغضبُ يشّع من عينيها الغائرتين .. حرّك رجليه للوثوب بأقصى سرعةٍ وخفّة يستطيعها ، ولكن ثِقل الحليب في بطنه منعه ولم يترك له الفرصة للخلاص واستطاعت يدُ العجوز أن تحكم قبضتها على ذيله وهو يموء محاولا الخلاص .. انقطع ذيله . .................. ويأخذني النعاس على موجته الأرجوحية هنا .. ككلّ مرّة ، ولم ينجح التشويق الذي في القصّة على مقاومة نعاسي مع أنّ جدتي حدّثتني بها أكثر من مرّة وكلّما انقطع ذيلُ "سيسان" نمتُ ملئ جفوني ... ولم أعرف نهاية القصّة إلا بعد ان كبرت وتعلّمت الحروف .. لأقرأها في كتابِ قصّة . لربّما أغلبكم عاصر جدتّه أو قرأ الكتاب ، و لربّما أكثركم يعرفُ القصّة .. وأحداثها اللولوبية المشوّقة . وقد تذكّرتها أمس من غير صُدفة وأنا في طابور طويل في دكّانٍ لبيع الحليب .. كانت الشاحنة الثّلاجة لا تزال راكنةً على جانب الرصيف المحاذي للدكّان .. والكلّ معلِّق نظراته على أبواب الثلاجة ينتظر بشغفٍ ولهفة نزول الصناديق المعبّئة بأكياس الحليب .. والتاجرُ صاحبُ الشنب الغزير والبطن المنتفخ يأمر ويهدّد إمّا التنظيم والإصطفاف بأدبٍ وإمّا ... و كان منظره يدعو للنرفزة وهو يرتدي مئزره الأزرق اللون الطويل الكمّين ويلّوح بكلتا يديه . الساعة السابعة صباحا وعشرُ دقائق ، الدقائق تمرُّ .. والقلوب تدّق .. وبين دقّة القلوب ودقّة الساعات .. أحلامٌ وتمنيّات تجول بخاطري وتسرحُ بي بعيدا .. بعيدا .. الرجلُ الذي يليني في الطابور يربتُ على كتفي بشيئ من العُنف : "فونسي سي خونا" إذا كنت تريد الحليب .. الحمدُ لله تحرّك الطابور .. وشيءً فشيءً وجدتُ نفسي أقتربُ من باب الدكّان .. ومن حولي تصطّف الصناديق .. الفارغة على اليسار والمليئة على اليمين ، في نوع من التنظيم الأشبه بالفوضى .. وقفتُ على أصابع رجليّ وتطاولتُ بعنقي حتى لمحتها .. أكياس الحليب البيضاء المخطوطة بالأحمر.. " تاع بير خادم" لا يسبقني في الطابور غير أربعة أشخاص . وقد منّيتُ نفسي بكيسين أحتفل بهما هذا الصباح برفقة العائلة .. وستعتبرني العائلة بطلا لا محالة هذا اليوم .. فجأةً يرّنُ هاتفي .. يوسُف .. أنت مطلوب على مستوى الورشة "13b" في حالة استعجالية خطرة . انصرفتُ على مضض وودّعتُ الطابور والحليب بابتسامة حائرة وفي نفسي صرخةٌ ومُواء .. أكتمها بحلقي وأعترف في نفسي أنّ القطّ "سيسان" أكثر منّي "تحلابا" و أشجع منّي بكثير . التحلاب هو المعنى العامّيّ الدارج للوعي هناك من قال أنّي بعيد .. كيف وانا أحكي لكم يومياتي ؟
آخر تعديل يوسُف سُلطان 2010-11-13 في 21:13.
|
||||
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
أزمة, حليب |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc