بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله
الفوائد المستنبطة من سورة الفاتحة
إن سورة الفاتحة تشتمل على معان جليلة ، منها :
أولا - فيها إثبات التوحيد بأنواعه الثلاثة : فقوله : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هذا في توحيد الربوبية . وقوله : الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ هذا في توحيد الأسماء والصفات . وقوله : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ هذا في توحيد الألوهية . ففيها أقسام التوحيد الثلاثة .
ثانيًا : - فيها إثبات الرسالة ؛ لأن قوله رَبِّ الْعَالَمِينَ فيه إثبات ربوبيته لجميع خلقه .
ومقتضى ربوبيته أن لا يترك عباده بدون ما يصلحهم ، ومن أعظم ما يصلح العباد إرسال الرسل . كذلك قوله : اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ فإن الصراط المستقيم لا يتبين إلا بإرسال الرسل - عليهم الصلاة والسلام - . ففيها إثبات الرسالات .
ثالثًا : فيها الرد على الطوائف الضالة .
ففيها الرد على الملاحدة والمعطلة الذين لا يؤمنون برب ؛ فإن قوله : رَبِّ الْعَالَمِينَ رد على الملاحدة الذين يرون أن العالم ليس له رب ، وإنما هو الذي يكون نفسه ! والطبيعة هي التي تكون هذه الأشياء وتوجدها ! ! وهذا مخالف للعقول ؛ لأنه لا يمكن وجود مخلوق بدون خالق ، ولا يمكن حصول فعل بدون فاعل أبدًا . فهذا الكون كله وهذا الخلق يدل على الخالق - سبحانه وتعالى - ، وأنه هو الذي أوجده وصرفه ودبره وكونه .
وفيها رد على المشركين الذين يؤمنون بالرب لكن يشركون معه في العبادة ، وذلك في قوله : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وقوله : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ، وقوله : اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ، هذا كله فيه رد على المشركين الذين يعبدون الله ويعبدون معه غيره .
وفيها رد على الجهمية والمعتزلة ومنكري الصفات .
وفيها الرد على منكري البعث ، وذلك في قوله : مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ، والدين هنا هو الجزاء والحساب ، ففيها إثبات البعث .
وفيها الرد على اليهود والنصارى ومن سار على طريقهم ممن أخذ العلم وترك العمل ، أو أخذ العمل وترك العلم ، ففيها رد على كل عالم لا يعمل بعلمه ، ورد على كل عامل لا يعمل على علم ، ولهذا يقول العلماء : إن هذه السورة تضمنت الرد على جميع الطوائف ، فحق لها أن تسمى أم الكتاب ؛ لأن أم الشيء هي التي يرجع إليها الشيء ، والقرآن كله يرجع إلى هذه السورة ؛ لأن القرآن كله يدور على هذه المعاني التي تضمنتها هذه السورة .
وهذه السورة العظيمة كثير من الناس يقرؤها ويرددها على لسانه ، ولا يتدبرها ولا يفقه شيئًا من معانيها ، وإنما هي ألفاظ تجري على لسانه كأنه كلام أعجمي ! ! وهذا من الخطأ الجسيم والخلل الكبير ، والقرآن إنما أنزل ليُتَدَبَّرَ وتُفهم معانيه . هذا والله أعلم .
https://www.alfawzan.ws/AlFawzan/Libr... 8§ionid=1
منقول من
https://ansar.w666w.net/vb/index.php
[/SIZE]