التفاعل الصفي ومهارات التواصل:
تتأثر العملية التعليمية التعلمية بعمليات تواصلية وتفاعلية عديدة منها: عمليات التفاعلات الإنسانية, وعمليات التفاعلات الاجتماعية, وعمليات التفاعلات التواصلية, وعمليات التفاعلات اللفظية, وعمليات إلقاء الأسئلة.. وجميعها تؤثر على إدارة الصف وممارسة التعليم والتعلم فيه, لذا يجب أن يكون تواصل بمعنى المشاركة بين جميع الموجودين في غرفة الصف وليس اتصال من طرف واحد (24:5-30).
ويعد تفاعل المعلم مع طلبته ذو أهمية في عملية التعلم والتعليم, لذلك فإن نمط ونوعية هذا التفاعل تحدد بفعالية الموقف التعليمي والاتجاهات والاهتمامات وبعض السمات والخصائص التعليمية (348:32) كما أن للتفاعل الصفي المتمثل في أنماط التواصل بين أطراف العملية التعليمية التعلمية دوراً مهماً ومؤثراً في أداء المتعلمين التحصيلي وفي أنماط سلوكهم. فهو واسطة التعليم والتعلم, وسبيل تطور روح الفريق بين جماعة الصف, والعامل على توليد الشعور بالانتماء إلى المدرسة ونظامها, ووسيلة المعلم لتعرف حاجات المتعلمين واتجاهاتهم. وهو بالتالي الطريق إلى إنشاء علاقات يسودها التفاهم بين المعلم والمتعلمين, وبين المتعلمين أنفسهم, والميسَّر لفهم الأهداف التعليمية وإدراك استراتيجيات بلوغها (215:24-216) والتواصل في حقيقته جوهر الأنشطة الصفية وأداة إذا امتلكها المعلم ساعدته على تسهيل مهامه وكذلك تحسين مستوى تحصيل طلبته وبناء شخصيتهم, والتفاعل الصفي الإيجابي يشكل الركيزة الأساسية في العملية التعليمية التعلمية.
والمعلم الذي لا يتقن مهارات التواصل والتفاعل الصفي يصعب عليه النجاح في مهماته التعليمية, ولقد أكدت نتائج الكثير من الدراسات على ضرورة إتقان المعلم لهذه المهارات (19 :96) كما أكدت نتائج دراسات أخرى أن السلوك التدريسي للمعلم يؤثر في الأنماط السلوكية للمتعلم بصفة عامة (149:33) الأمر الذي يتطلب الاهتمام بعملية تحليل أنماط التفاعل اللفظي ورصد سلوك المعلم في أثناء تدريسه والتعرف إلى كمه ونوعه على نحو موضوعي.
2) مفهوم تحليل التفاعل الصفي:
يشير التفاعل اللفظي في غرفة الصف إلى مجمل الكلام والأقوال المتتابعة التي يتبادلها المعلم والمتعلمون فيما بينهم في غرفة الصف. وأن ما يرافق هذا الكلام من أفعال وإيحاءات وتلميحات واستجابات ترتبط بالعملية التعليمية التعلمية. ويقوم مفهوم التفاعل اللفظي على فكرة التبادل الفعال للكلام في إطار عمليتي التعليم والتعلم الذي يستهدف إحداث تغييرات دائمة مرغوب فيها في سلوك المتعلمين يتصل بالأهداف التربوية والتعليمية المتنوعة وتكون جميع هذه الأقوال وما يرافقها من أفعال قابلة للملاحظة والتقويم (391:12) لذا تعد عملية التحليل اللفظي أسلوب للتحكم في الأبعاد الكمية والنوعية (الكيفية) للسلوك اللفظي الذي يمارسه المعلم داخل غرفة الصف أي أن تحليل السلوك اللفظي يهتم ويركز بالدرجة الأولى على ما يدور من تفاعل في أثناء إجراء عملية التدريس وليس بما يجب أن يكون عليه.
لذا يعد أسلوب التفاعل اللفظي تطبيقاً عملياً لمفهوم التغذية الراجعة بطريقة موضوعية تدعم مواطن القوة وتتلافى مواطن الضعف في سلوك المعلم ثم وضع خطة تدريبية لمعالجة ما يلزم.
إذن تعد عملية تحليل التفاعل اللفظي محاولة موضوعية ودقيقة يراد بها وصف وتنظيم ما يحدث من سلوك يمكن ملاحظته وتسجيله في أثناء الدرس أو جزء منه بحيث يعطي رؤية وصورة واضحتين عن هذا السلوك ويظهر ذلك في صورة كم السلوك التدريسي ونوعه سواء حدث من المعلم والمتعلمين (37) فأسلوب تحليل التفاعل اللفظي في التدريس يستهدف دراسة السلوك وذلك عبر رصد ما يصدر عن المعلم والمتعلم من كلام؛ وذلك بغية مساعدة المعلم على مراجعة أسلوبه التدريسي وضبطه (3:47) وتنظيمه.
• وقد بدأ الباحثون التربويون يهتمون بدراسة التفاعل بين سلوك المعلم والمتعلم في الصف الدراسي منذ سنة 1900م ،وتحدث جون ديوي سنة 1904م عن أهمية التفاعل اللفظي والعقلي بين المعلم وطلابه (11) كما بذلت جهود بعد ذلك تهتم بتحليل التفاعل اللفظي الصفي فعلى سبيل المثال توجد دراسات كثيرة في السبعينات وفي مجملها تقترب من رقم المائة على أقل تقدير (14:25) وبناء على نظام فلاندرز فقد تم تطوير أكثر من 200 وسيلة أو أداة قياس لوصف والتعرف إلى سلوكيات التدريس اللفظي في الصف الدراسي (37).
فلا غرو إذن أن يعتمد أسلوب التحليل اللفظي على الملاحظة المباشرة لسلوك المعلمين وهم يقومون بالتدريس، وسلوك المتعلمين وهم يتعلمون، وهذا يظهر فعالية مصدر هذا الأسلوب ومقدرته على ملاحظة السلوك وتسجيله، بغية تفسيره، والعمل على معرفة مواطن القوة والضعف لحذف الأداء الخاطئ وتحسين الأداء الضعيف, وتدعيم الأداء السليم "وذلك يدل على زيادة إقبال الباحثين التجريبيين على استخدام منهج الملاحظة الطبيعية في دراسة سلوك المعلم في غرفة الصف والتفاعلات اللفظية التي تحدث فيه وبرامج التدريب بالاعتماد على الملاحظة المباشرة وخبرة الباحث وكفاءته (605:30) وتحديد أهداف الملاحظة وما يراد ملاحظته. ففي تحليل التفاعل اللفظي الصفي يجب التركيز على ملاحظة سلوك المعلم والمتعلم في الموقف التدريسي داخل الصف للظاهرة التي تحدث فعلاً وليس ما يظن المعلم أنه حدث أو مفروض أن يحدث.
إن ممارسة التفاعل اللفظي وتحليل أبعاده يفيد كل من المعلم والمتعلم والعملية التعليمية التعلمية. فالأسلوب الذي يتعامل به المعلم مع طلبته يقرر مواصفات مواطني المستقبل لذلك المجتمع (11:1) .
والعملية التعليمية التعلمية تتأثر بأسلوب التحليل اللفظي فقد أثبتت دراسات فعاليته في وصف السلوك التدريسي داخل الصف وفعاليته في تغيير السلوك التدريسي داخل الصف..(32: 348 ،43: 82، 14: 75 ، 5: 43-44، 30: 227-228 ، 37، 46: 196، 24: 100-101 ). لذا فإن من أهم الاتجاهات السائدة الآن في تقويم التدريس تحليل التفاعل اللفظي وتحديد أنماطه السائدة داخل الصف المدرسي, والإفادة منها في تطوير أداة المعلم في خلال التوجيه والتدريب اللازمين (16:20) كما يساعد على رصد السلوك التدريسي بطريقة موضوعية لم تكن متوافرة في السابق