السلام عليكم
أحمدك يارب حمدا يوافي نعمك , ياربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك , وأصلي وأسلم على المبعوث رحمة للعالمين .
أخي المسلم أختي المسلمة : كل منا يرى من حوله الفقراء والمحتاجين , وكم منا يعض الشفاه ألما على هؤلاء , ولكن هل فكرنا بتحويل هذا الألم الى فعل عملي ولو بشئ بسيط .
في هذا الموضوع أذكر نفسي وكل مسلم بموضوع زكاة الفطر ودورها في التكافل بين المسلمين , وكيف أنها تلعب دورا مهما في ادخال البسمة والفرحة على أناس قدر الله تعالى أن يكونوا أقل حظا من أصحاب الأموال والمتاع :
هل تريد أن تكون سببا في فرحة طفل يتيم ؟
هل تود أن تدخل البسمة على بيت محروم ؟
اذا تعال معي لنحي سنة زكاة الفطر .
واسمح لي أن أنشط ذاكرتك حول أجر النفقة في سبيل الله تعالى , قبل الدخول في قضية زكاة الفطر .
يقول الله تعالى :
( وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وماتنفقون الا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف اليكم وأنتم لاتظلمون ) سورة البقرة 272.
ويقول تعالى أيضا :
( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم ) سورة البقرة 261.
وفي حديث رواه الترمذي رحمه الله تعالى ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ان الصدقة تطفئ غضب الرب , وتدفع ميتة السوء ) .
وفي الحديث المتفق عليه ( عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : اتقوا النار ولو بشق تمرة ).
وفي حديث آخر متفق عليه ( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مامن يوم يصبح العباد فيه الا ملكان ينزلان , فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ,ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكا تلفا ) .
وفي حديث متفق عليه ( عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب , ولا يقبل الله الا الطيب , فان الله يقبلها بيمينه ,ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل ) .
ودعونا أيها الأحباب نتحدث بشكل مبسط وبعيدا عن الخلافات الفقهية التي أختلف حولها السلف والخلف , فنتحدث عن بعض ما يخص صدقة الفطر .
أولا - مشروعيتها وحكمتها :
شرعت زكاة الفطر في شعبان السنة الثانية للهجرة وبنفس السنة التي فرض فيها صوم رمضان , لتكون جبرا لما وقع به الصائم من اللغو والرفث وما يعكر الصوم , ولتكون تكافلا وعونا للفقراء والمحتاجين .
( روى أبو داود وابن ماجة زالدارقطني . عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصلئم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين , من أداها قبل الصلاة , فهي زكاة مقبولة , ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات ) .
ثانيا - على من تجب :
تجب زكاة الفطر على الحر المسلم , المالك لمقدار الصاع الزائد عن قوته وقوت عياله يوما وليلة , وتجب عليه , عن نفسه ,وعمن تلزمه نفقته ,كالزوجة ولأبناء , والخدم .
ثالثا - قدرها :
الواجب اخراجه صاع من القمح أو الشعير أو التمر أو الزبيب أو الأقط , والأقط هو اللبن المجفف ويعرف بين الناس بالجميد , أو الأرز أو الذرة أو نحو مما يعتبر قوتا .
ويقدر الصاع : بأربعة أمداد , والمد حفنة بكفي الرجل المعتدل الكفين ويساوي مابين قدحا وثلث أو قدحين .
ويقدر بالوزن حوالي 2751 غم .
كما يجوز اخراجها نقدا , وخاصة في مثل وقتنا فالناس بحاجة الى المال فهم أدرى بحاجتهم والأقدر على التصرف بهذا المال حسب حاجتهم , فالأصل والمقصد من زكاة الفطر هو أغناء الفقير والمحتاج , ( قال صلى الله عليه وسلم : أغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم )
ومعلوم أيها الأحباب أن النقد في وقتنا هو وسيلة البيع والشراء بين الناس .
ولنفترض أن ولدا فقيرا يريد أن يفرح كما يفرح باقي الأولاد وذهب الى قضاء بعض الوقت في اللعب فهل يعطي لصاحب المكان ربع كليو غرام من الأرز ؟ وهل سيقبل منه ذلك !!!
وعن القيمة النقدية التي يجب اخراجها فهذا أمر عائد الى تقدير أهل البلد حيث لايمكن تحديد مبلغ معين وفرضه في كل البلاد , بل لكل بلد عرفه في مثل هذه الأمور , وماعلى الانسان الا بالسؤال لمعرفة القيمة النقدية في بلده أو البلد الذي يقيم فيه .
رابعا - وقت أدائها :
ان قول جمهور الفقهاء هو تعجيل اخراجها قبل العيد .
والانسان في بحبوحة من أمره فله أن يخرجها منذ اليوم الأول من شهر رمضان وحتى قبل صلاة العيد .
والأفضل التعجيل حتى لايقع الانسان في النسيان , وحتى تصل ليد المحتاج قبل فترة معقولة ليتصرف بها حسب حاجته .
خامسا - مصارفها :
تدفع زكاة الفطر لنفس الجهات التي تدفع لها زكاة المال وهم :
الفقراء,المساكين : وهم أصحاب الحاجة الذين لايجدون كفايتهم ,وأهل كل بلد ومدينة يعرفون من هم اصحاب الحاجة والفقراء .
العاملين عليها : وهم من يعينهم الامام للعمل على جمع الزكاة ورعايتها وحفظها وادارة شؤونها .
المؤلفة قلوبهم : وهم من يمكن تأليف قلوبهم تجاه الاسلام أو تثبيتهم عليه , وهنا يراعى تقديم المسلم على غيره فهو الأولى بهذه الأموال ليستفيد منها , ويبقى الأمر محل تقدير أهل الأمر في اعطائها لغير المسلم طالما وجدوا مصلحة راجحة في اعطائهم منها .
في الرقاب : وهم المكاتبين والأرقاء لفك رقابهم وعتقها .
الغارمون : وهم أصحاب الديون التي تعذر عليهم الوفاء بها .
في سبيل الله : وهم المجاهدين والمرابطين , أو لشراء كل ما يساعد على تقوية شوكة المسلمين .
ابن السبيل : وهو من تقطعت به السبل عن بلده , ولم يجد ما يستعين به لبلوغ بلده ومقصده
وهذا لايعني أنه لايجوز صرفها كلها لأحد تلك الأصناف , بل يجوز اعطائها كلها للفقير مثلا .
سادسا - من تحرم عليهم :
يحرم اعطاء صدقة الفقطر لمن ثبت كفره بشكل بين وواضح .
الزوجة : فيحرم اعطائها من صدقة الفطر لأنه واجب عليه النفقة عليها .
يحرم دفع زكاة الفطر على كل ماهو محرم .
الأصل في انفاق المال تحقيق التكافل بين المسلمين , أما الدخول في جدل عقيم فلا أعتقد أن هذا الجدل يحقق الفائدة .
لذلك أخي المسلم أختي المسلمة سارعوا وبادروا الى اخراج صدقة الفطر فورا ودون تردد وأوصلوها ليد من يحتاجها , وليكن عطائنا برفق ولا نشعر الآخذ بأي حرج بل أن نعطيه اياها دون جرح لمشاعره , فلا يدري أحدنا فربما يأتي يوم ويكون أحدنا هو أحد هؤلاء المحتاجين , فهل يقبل من أحد أن يجرح شعوره .
كما علينا تذكير آبائنا واصدقائنا وأصحابنا والتجار وأصحاب المحلات كي يبادروا الى اخراج صدقة الفطر .
وكم هو أمر طيب أن يقوم الانسان بجمع صدقة الفطر من أصدقائه وأحبابه وغيرهم ثم يقوم بدفعها للمحتاجين .
كم ستكون فرحتنا كبيرة عندما نرى طفلا فقيرا يوم العيد وقد علت البسمة وجهه .
فساهم أخي وأختي في نشر البسمة والفرحة .
والله تعالى أعلم
والحمد لله رب العالمين .